عربي
Monday 6th of May 2024
0
نفر 0

احتفاء الصحابة بالحسين:

احتفاء الصحابة بالحسين:

واحتفت الصحابة بالامام الحسين احتفاء بالغا ، وقابلوه بمزيد من التكريم والتعظيم ، وأحلوه محل جده العظيم ( ص ) وقد وجدوا فيه ما يرومونه من العلم والتقوى والحريجة في الدين ، ويقول المؤرخون : إنه كان يحنو عليهم ويحدب على ضعفائهم ، ويشاركهم في البأساء والضراء ، ويصفح عن مسيئهم ويتعهد جميع شؤونهم كما كان يصنع معهم جده الاعظم صلى الله عليه وآله.

وتسابق أعلام الصحابة ووجوههم للقيام بخدمته وخدمة أخيهه الزكي الامام أبي محمد الحسن ( ع ) وكانوا يرون أن أية خدمة تسدى لهما فإنما هي شرف ومجد لمن يقوم بها ، فهذا عبد الله بن عباس حبر الامة على جلالة قدره وعظيم مكانته بين المسلمين كان اذا أراد الحسن والحسين أن يركبا بادر فامسك لهما الركاب ، وسوى عليهما الثياب معتزا بذلك ، وقد لامه على ذلك مدرك بن زياد أو ابن عمارة ، فزجره ابن عباس وقال له:

" يا لكع أو تدري من هذان ؟ هذان ابنا رسول الله ( ص ) أو ليس مما أنعم الله به علي أن أمسك لهما الركاب ، وأسوي عليهما الثياب ؟ " ( 1 ).

وبلغ من تعظيم المسلمين ، وتكريمهم لهما أنهما لما كان يفدان إلى بيت الله الحرام ماشين يترجل الركب الذي يجتازان عليه تعظيما لهما ، حتى شق المشي على كثير من الحجاج فكلموا أحد أعلام الصحابة ، وطلبوا منه أن يعرض عليهما الركوب أو التنكب عن الطريق ، فعرض عليهما ذلك


( 1 ) تاريخ ابن عساكر 13 / 212 ، مناقب ابن شهر اشوب 2 / 143 . ( * )

[107]

فقالا لا نركب ولكن نتنكب عن الطريق ، وسلكا طريقا آخر.

وكانا اذا طافا بالبيت الحرام يكاد الناس أن يحطموهما من كثرة السلام عليهما ، والتبرك بزيارتهما ( 1 ).

ومن الوان ذلك التقدير ان الامام الحسين ( ع ) اجتاز في مسجد جده على جماعة فيهم عبد الله بن عمرو بن العاص فسلم عليهم فردوا عليه السلام فانبرى إليه عبد الله فرد عليه السلام بصوت عال ، وأقبل على القوم فقال لهم:

" ألا أخبركم بأحب أهل الارض إلى أهل السماء ؟ ".

" بلى ".

" هذا الماشي - وأشار إلى الحسين - ما كلمني كلمة منذ ليالي صفين ولئن يرضى عني أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم . . . ".

وانبرى اليه أبوسعيد الخدري ، فقال : ألا تعتذر اليه ؟ فاجابه إلى ذلك:

وخفا إلى بيت الامام ، فاستأذنا منه فأذن لهما ، ولما استقر بهما المجلس أقبل الامام على عبد الله فقال له:

" أعلمت يا عبد الله أني أحب أهل الارض إلى أهل السماء ؟ ".

فأسرع عبد الله مجيبا:

" أي ورب الكعبة ".

" ما حملك على أن قاتلتني وأبي يوم صفين ، فوالله لابي كان خيرا مني ؟ ! " وألقى عبد الله معاذيره قائلا:

" أجل ولكن عمرو - يعني أباه - شكاني إلى رسول الله ( ص )


( 1 ) البداية والنهاية 8 / 37 . ( * )

[108]

قال له : إن عبد الله يقوم الليل ، ويصوم النهار ، فقال رسول الله ( ص ):

" صل ونم ، وصم ، وافطر ، واطع عمروا " فلما كان يوم صفين أقسم علي فخرجت أما والله ما اخترطت سيفا ، ولا طعنت برمح ، ولا رميت بسهم ، وما زال يتلطف بالامام حتى رضي عنه ( 1 ) ، وقد كان عذره في طاعة أبيه في محاربة الامام أمير المؤمنين ( ع ) لا يحمل طابعا من المشروعية فان طاعة الابوين لا تشرع في معصية الله حسب ما جاء في القرآن.

وعلى أي حال فقد كان الامام الحسين موضع عناية المسلمين واجلالهم ويقول المؤرخون : إنه حضر تشييع جنازة فسارع أبوهريرة فجعل ينفض بثوبه التراب والغبار عن قدمه ( 2 ) وقد أوصى المقداد بن الاسود صاحب رسول الله ( ص ) وأحد السابقين الاولين للاسلام أن تدفع للحسين ستة وثلاثون الفا من تركته بعد وفاته ( 3 ).

لقد رأت الصحابة أن الامام الحسين عليه السلام هو بقية الله في أرضه والمثل الاعلى لجده ، فأولته المزيد من حبها وتقديرها ، وراحت تتسابق للتشرف بخدمته وزيارته.


( 1 ) أسد الغابة 2 / 34 ، كنز العمال 6 / 86 ، مجمع الزوائد 9 / 186.
( 2 ) سير أعلام النبلاء 3 / 193 ، وفي كفاية الطالب ( ص 425 ) عن أبي المهزام قال : كنا في جنازة امرأة ومعنا أبوهريرة فجيئ بجنازة رجل فجعلها بين المرأة فصلى عليهما ، فلما أقبلنا أعيى الحسين فقعد في الطريق فجعل أبوهريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه فقال الحسين:
أتفعل هذا ؟ فقال أبوهريرة : دعني منك فوالله لو علم الناس منك ما اعلم لحملوك على رقابهم.
( 3 ) سير اعلام النبلاء 1 / 280 . ( * )

[109]

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) ورواة حديثه
خالد بن ولید يقتل الصحابي مالك بن نويرة طمعاً في ...
حواریو عیسى (ع) هل هم أوصیاءه؟ و لماذا جاءوا فی ...
ارتداد الصحابة
الفصل الخامس عشر : أول من رثى الحسين (عليه السلام) ...
رافضي خبيث
الخطبة الفدكية للسيدة فاطمة الزهراء (ع)
عصيان قريش للحديث النبوي في حجة الوداع سنة
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 3
المغول يزمعون غزو بغداد.

 
user comment