[فصل ] [مذهب العباسية وانقراضهم ]
مسألة : كان العباس ـ بنأ على زعمك ـ أولى بمقامه .
الجواب : قيام النسب مقام المورث (1417) لوجهين : أحـدهـما: يحرز (1418) المال ففاطمة قامت به لانها أقرب , بدليل قول النبى (ص ):الاقرب يمنع الابعد (1419) , وظاهر قوله ـ تعالى ـ: (واولو الا رحام بعضهم اولى ببعض في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين ). (1420) والـثـانـي : القيام مقامه فيما كان قائما به بحال حياته . والعباس لم يلق بذلك , لوجوه : منها:أ نه لم يدع الامـامـة , لـما علم أن عليا(ع ) كان مستحقها. (1421) ومنها: قوله تعالى : (والذين امنوا ولم يـهـاجـروا مـا لـكـم مـن ولا يتهم من شي ء حتى يهاجروا). (1422) فرفع اللّه الولاية ممن لم يهاجروا, وكان العباس من الطلقأ من حرب بدر, اسره عسكر الاسلام وفدى نفسه بمال كثير و خلص . (1423) ومنها: أ ن العباسية الذين قالوا بولايته انقرضوا. وانقراضهم دلالة على بطلان مقالتهم ,لان الحق لا يخرج عن الامة . (1424) ومنها: أ ن الاجماع حصل أن الخلافة اما لعلى واما لابي بكر. ولم يقل أحد لغيرهما. وماخرج عن الاجماع فهو ضائع .
ومـنها: أ ن الخلافة هي القيام مقام النبى (ص ), والقيام مقامه لايجوز الا باذنه , ولم يردنص للعباس .
والاخـبـار والـرواايـات لم يوجد الا لعلى أو لابي بكر. ووقع العباس مسكوتا عنه , فوجب عزله وانعزاله .
فصل [مذهب الزيدية ]
وأما (1425) الزيدية (1426) فهم أيضا باطل , لوجوه : منها: أ ن الاجماع قد انعقد زمان الصحابة بتردد الخلافة بين على وأبي بكر. ومن قال بعلى (ع ) قال بـعـصـمـتـه , والا فالخلافة باطلة . فالزيدية قالوا بعلى (1427) (ع ) ولم يقولوابعصمة زيد.
فدعواهم خارق للاجماع . (1428) ومـنـهـا: أ ن الدلائل (1429) سنقيمها ببطلان من قال بعدم العصمة , وهم بهذه المثابة والمقام .
فقولهم باطل .
ومـنـهـا: أ نـهـم أثـبـتـوا الامـامة بشرط الخروج , (1430) فربما يخرج في اليوم الواحد مـائة عـلوى (1431) , كل منهم في صقع , (1432) أو موضع (1433) واحد, وهذا هو عـيـن الـفـسـادلامـكـان (1434) وقـوع الـمـخالفة بينهما, فيجب قتلهما أوقتل أحدهما, الوجوه . (1435) ومنها: قوله تعالى : (انما جزأ الذين يحاربون اللّه ورسوله و يسعون في الا رض فسادا ان يقتلوا اويصلبوا او تقطع ايديهم و ارجلهم من خلا ف او ينفوا من الا رض ). (1436) والـخارج مفسد لانه يمكن أن لا تختاره الامة , أويختاره (1437) جمع دون آخرين , أوأنه يخرج على النبى أو وصي النبى (ص ). ويلزم منه أن يكون على (ع ) ظالما في دعواه (1438) الـخـلافة في زمان الصحابة , لانه ما خرج في ذلك الاوان . وكذلك النبى (ص ) ما خرج أوان الغار وأيام الشعب وأيام الطائف .
والامـامـة أمـر عـظيم , فلوكان الخروج شرطا لاخبر عنه النبى (ص ) وذكره . ولما سكت .قلنا: انـه (1439) باطل . وكذلك سكت عنه تعالى , وجأ في الخبر أ ن النبى قال : فاسكتواعما سكت اللّه عنه . (1440) ولـعـل الـزيـدى أخـذ تـلـك (1441) الـشـرائط مـن (1442) قـوله تعالى في طالوت : (وزاده بـسـطـة فـي الـعـلـم والـجـسم ). ولا يدري أ ن ما قبل ذلك قوله ـ تعالى ـ: (ان اللّه اصـطـفـاه عـلـيـكـم ) (1443) يـعـنـي : ان اللّه اخـتاره عليكم . ومن خرج بنفسه عن تلقأ نـفـسـه (1444) فربما لا يكون مما اصطفاه اللّه . وأيضا لايكون (1445) الاصطفأ الا مع العصمة , وزيدبن على لم يكن معصوما.
وأيـضـا مـحـمـد بـن عـلـى الـبـاقـر(ع ) كـان وصـيـا لابـيـه عـلـى , ولـجـده الـحسين (ع ). (1446) والرسول (ص ) بعث جابر بن عبداللّه الانصاري اليه رسولا وورد في حقه أخباروأحاديث قريبا من الالف مع وفور علمه وعصمته . (1447) ان قيل : خرج الحسين (ع ), و(زيد) اقتدى به .
الـجواب : لم يخرج الحسين لطلب الامامة وانما خرج لدفع المضرة , فأدى ذلك الى قتله ,دعاه الناس الـى طـاعة كافر فامتنع عن قبوله . فعلى هذا كان خروجه (1448) معصية وبدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار.
وأكثر علمأ التابعين أقروا بامامة الباقر(ع ) ولم يلتفتوا (1449) الى زيد الا أشرار من الامة , أرذال (1450) مـن الـنـاس . وأيـضا أحال اللّه تعالى الامامة الى نفسه حيث قال : (اني جاعلك للناس اماما). (1451) وأيـضـا من شرط الامامة الصبر, كما جأ في أواخر (ألم التنزيل ) حيث قال : (وجعلنامنهم ائمـة يـهدون بامرنا لم ا صبروا). (1452) والخارج ليس بصابر, فلايكون اماما.ألاترى أن أميرالمؤمنين صبر خمسا وعشرين سنة ؟ (1453) وأيـضـا أحـال اللّه تـعـالى الامامة بالعصمة , (1454) كما قال في جواب ابراهيم (ع ): (لا ينال عهدي الظالمين ). (1455) ومـن الـخـروج لايـزداد شي ء الا الفساد. والقرآن منع من ذلك حيث قال : (ولا تعثوا فى الا رض مفسدين ), (1456) ومنها أ نه تعالى قال : (ولا تفسدوا في الا رض ). (1457) وهذا هوالفساد.
ومـنـها: أنها (1458) اختار الامامة , وقال اللّه تعالى : (ما كان لهم الخيرة ). (1459) و ان لـم يـكن اختيارهم , بل اختيار (1460) نفسه يرد عليه قوله ـ تعالى ـ: (ءآللّه اذن لكم ام على اللّه تفترون ). (1461)
[من يستحق الامامة ]
مسألة : أما ان الصحابة لم يستحقوا التقديم , فذلك لوجوه :
أحدها: توبتهم عن الشرك . والتائب عن الشرك لم يكن في سنة اللّه أن يقوم مقام النبى (ص ).
ثانيها: أنهم كانوا أبدا سائلين (1462) من على (ع ) ومحتاجين اليه . وعلى (ع ) لم يكن قطسائلا مـنـهـم , (1463) فالسائل لايتقدم على المسؤول عنه , لانه قال اللّه تعالى : (والذين اوتوا العلم درجات ). (1464) ثـالـثـهـا: أن الـنـبـى (ص ) قـال (أصـحـابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ), (1465) ولـم يـفـضـل أحـدا مـنـهـم عـلـى آخـر بـالنظر الى الاقتدأ بهم . فتقديم أحدهم على آخرين ليصير (1466) مقتدى العالمين ترجيح من غير مرجح .
رابـعـهـا: أنـهـم أسـلـمـوا (1467) بعد النبوة . وأبوذر وسلمان وبحيرأ الراهب أسلموا قبل الدعوة . (1468) وقال رسول اللّه (ص ): (سلمان منا أهل البيت ), (1469) وعن على (ع ) أ نه قال في سلمان بعد وفاته : أدرك علم الاولين والاخرين . وهو (1470) بحر لا ينزح . (1471) وهو منا أهل البيت . (1472) وقـال : في حق أبي ذر: من أراد أن ينظر الى عيسى بن مريم في خلقه و خلقه فلينظر الى أبي ذر الغفارى . (1473) واللّه ما أظلت الخضرأ ولا اقلت الغبرأ على (1474) ذي لهجة أصدق من أبي ذرالغفاري .
ونزل فيهم : (والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها). (1475) وقال في عمار: خالط الايمان لحمه ودمه . (1476) وعـلـى جميع ما ذكرنا فيهم , الاجماع . وأما ما ورد في المتقدمين فأكثر أهل القبلة يمنعونه حتى طعنوا في معتقديهم .
وأيـضـا (1477) لـو جـوز قـيـام الـخـادم مقام المخدوم بعد موته فمثل هولأ (1478) بـالـقـيـام أولـى , لان حـسـن سيرتهم عنداللّه معلومة من قول الشارع , وسيرة غيرهم مشكوكة , فـعـنـدالـتـنـازع والـتـعـارض الـتمسك بالمقطوع (1479) أولى من المختلف فيه بنأ على قوله (ع ):دع ما يريبك الى مالايريبك . (1480)