العقول عن هذا، وأين يوجد مثل هذا؟.
أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد(صلى الله عليه وآله)، كذبتهم والله أنفسهم ومنتهم الاباطيل(1) فارتقوا مرتقا صعبا دحضا تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الامام بعقول حائرة بائرة ناقصة(2) وآراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا لقد رامو صعبا، وقالو إفكا، وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين.
رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخير سبحان الله وتعالى عما يشركون "(3) ويقول عزوجل: " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم - الآية "(4) وقال: " ما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيمة إن لكم لما تحكمون * سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين "(5) وقال: " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"(6) أم " طبع الله على قلوبهم فهم لايفقهون "(7) أم " قالوا سمعنا وهم لايسمعون * إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو
___________________________________
(1) أى اوقعت في أنفسهم الامانى الباطلة، أو أضعفتهم الامانى، من " من الناقة منا " أى حسرها وهزلها.
(2) الدحض - بالتحريك -: الزلق.
والحضيض: القرار من الارض عند أسفل الجبل، وعند أهل الهيئة هى النقطة المقابلة للاوج.
وفي القاموس: رجل حائر بائر أى لم يتجه لشئ ولا يأتمر رشدا ولا يطيع مرشدا.
(3) القصص: 68.
(4) الاحزاب: 36.وتتمة الاية " ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ".
(5) القلم: 36 إلى 42.
(6) محمد صلى الله عليه وآله: 24.
(7) راجع سورة التوبة: 89.
(*)
[222]
علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون "(1) أم " قالوا سمعنا وعصينا "(2) بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
فكيف لهم باختيار الامام؟ والامام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل(3) معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول(صلى الله عليه وآله) ونسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب(4)، ولا يدانيه ذو حسب، في البيت من قريش(5)، والذروة من هاشم، والعترة من الرسول(صلى الله عليه وآله) والرضى من الله عزوجل شرف الاشراف، والفرع عن عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالامامة عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر الله عزوجل، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله.
إن الانبياء والائمة [صلوات الله عليهم] يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان(6) في قوله تعالى: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدي فما لكم كيف
___________________________________
(1) الانفال: 21 إلى 23 وفى الاية الاخيرة اشكال مشهور وهو أن المقدمتين المذكورتين في الاية بصورة قياس اقترانى ينتج: " لو علم الله فيهم خيرا لتولوا " وهذا محال لانه على تقدير ان يعلم الله فيهم خيرا لا يحصل منهم التولى بل الانقياد.واجيب عنه بعدم كلية الكبرى، بان ليس المراد أنه على أى تقدير أسمعهم لتولوا، بل على التقدير الذى لا يعلم فيهم خيرا لو أسمعهم لتولوا.ولذلك لم يسمعهم اسماعا موجبا لانقيادهم.وفى الاية دلالة على ان الله سبحانه لا يمنع اللطف عن أحد وانما يمنع من يعلم أنه لا ينتفع به.
(2) البقرة: 93.
(3) أى حافظ للامة، وفى بعض النسخ بالدال: وقوله " لا ينكل " اى لا يضعف ولا يجبن.
(4) المغمز مصدر أو اسم مكان من الغمز أى الطعن وهذا احدى شرايط الامام عندنا.
(5) يدل على ان الامام لا بد أن يكون قرشيا(المرآة).وكذا لا بد أن يكون هاشميا كما يظهر من الجملة الاتية.
وأن يكون أيضا من العترة الطاهرة دون غيرهم.
(6) في بعض النسخ " أهل كل زمان ".
(*)
[223]
تحكمون "(1) وقوله " ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا "(2) وقوله في طالوت: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم "(3) وقال لنبيه(صلى الله عليه واله وسلم): " أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما "(4).
وقال في الائمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته صلوات الله عليهم أجمعين: " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا "(5).
وإن العبد إذا اختاره الله عزوجل للامور عباده، شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاما، فلهم يعي بعده بجواب، ولا يحير فيه عن صواب(6) فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار(7) يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه: وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه؟ أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه - تعدوا - وبيت الله - الحق(8)، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب الله الهدى والشفاء، فنبذوه واتبعوا أهواءهم، فذمهم الله تعالى ومقتهم وأتعسهم، فقال عزوجل: " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، إن الله
___________________________________
(1) يونس: 36.
(2) البقرة: 269.
(3) البقرة: 247.
(4) النساء: 113 وفيها " انزل الله عليك الكتاب - الاية " فالتغيير اما منه عليه السلام نقلا بالمعنى أو وقع سهوا من النساخ.
(5) النساء: 53 و 54.
(6) كذا، وفى المصدر " عن الصواب ".
(7) العثار: السقوط.
(8) يدل على جواز الحلف بحرمات الله، والمنع الوارد في الاخبار مخصوص بالدعاوى.
(*)
[224]
لا يهدى القوم الظالمين "(1) وقال: " فتعسا لهم وأضل أعمالهم "(2) وقال: " كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار "(3).
7 - وعن(4) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب، عن أبى عبدالله [جعفر بن محمد](عليهما السلام) في خطبة له يذكر فيها حال الائمة(عليهم السلام) وصفاتهم [فقال:] " إن الله تعالى أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبيه(5)(صلى الله عليه وآله وسلم) عن دينه، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه، وفتح لهم عن باطن ينابيع علمه(6)، فمن عرف من امة محمد(صلى الله عليه وآله) واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه وعلم فضل طلاوة إسلامه(7) لان الله تعالى نصب الامام علما لخلقه، وجعله حجة على أهل طاعته(8) ألبسه الله تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء(9)، لا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه، ولا يقبل الله
___________________________________
(1) القصص:50وقوله " بغير هدى " كان في موضع الحال للتوكيد أو التقييد فان هوى النفس قد يكون موافقا للحق.
(2) محمد صلى الله عليه وآله: 8.وقوله " فتعسا لهم " أى هلاكا لهم أو أتعسهم تعسا، والتعس - بالفتح وبالتحريك -: الهلاك.
(3) غافر: 35، وهذا الخبر غير موجود في بعض النسخ ولكن العلامة الملجسى قال - في المرآة: هذا الخبر مروى في الاحتجاج وغيبة النعمانى.
(4) هذا الخبر كسابقه أيضا ليس في بعض النسخ، ورواه المصنف عن الكلينى.
(5) في الكافى " من أهل بيت نبينا ".
(6) كذا، وفى بعض النسخ المصدر " وميح لهم " بشد الياء وفى بعضها " ومنح لهم " والمنهاج الطريق الواضح.
وتعدية الايضاح والابلاج والفتح بعن لتضمين معنى الكشف وما في معناه والابلاج: الايضاح.
(7) الطلاوة - مثلثة - الحسن والبهجة والقبول:.
(8) كذا، وفى المصدر " على أهل مواده وعالمه، وألبسه - الخ ".
(9) السبب: الحبل وما يتوصل به إلى الشى، أى يجعل الله تعالى بينه وبين سماء المعرفة والقرب والكمال سببا يرتفع به اليها من روح القدس والالهامات والتوفيقات.
(المرآة)(*)
[225]
الاعمال للعباد(1) إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من مشكلات الدجى(2)، ومعميات السنن، ومشتبهات الفتن(3) فلم يزل الله تعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين(عليه السلام)، من عقب كل إمام، فيصطفيهم كذلك ويجتبيهم(4)، ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم لنفسه(5) كلما مضى منهم إمام نصب عزوجل لخلقه إماما(6) علما بينا، وهاديا منيرا(7) وإماما قيما(8)، وحجة عالما، أئمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله [ودعاته] ورعاته على خلقه(9) يدين بهديهم العباد، وتستهل بنورهم البلاد، وينمو ببركتهم التلاد(10)، جعلهم الله حياة للانام، ومصابيح للظلام [ومفاتيح للكلام] ودعائم للاسلام، جرت بذلك فيهم مقادير الله على
___________________________________
(1) في الكافى " ولا يقبل الله أعمال العباد - الخ ".
(2) في المصدر " من ملتبسات الدجى " وكأنه من تصحيف النساخ، والتباس الامور اختلاطها على وجه يعسر الفرق بينها.والدجى جمع الدجية وهى الظلمة الشديدة.
(3) المعميات - بتشديد الميم المفتوحة - يقال: عميت الشئ أى أخفيته، ومنه المعمى، وفى بعض النسخ " مشتبهات الدين ".
(4) في المصدر " يصطفيهم لذلك ويجتبيهم " والاصطفاء والاجتباء بمعنى الاختيار.
(5) قوله " لنفسه " موجود في النسخ وليس في المصدر.
(6) في المصدر " نصب لخلقه من عقبه اماما " وكأنه سقط من النسخ.
(7) في المصدر " نيرا " بتشديد الياء.
(8) القيم هو المتولى على الشئ والحافظ لاموره ومصالحه والذى يقوم بحفظه.
(9) قوله " وبه يعدلون " أى بالحق، وقوله " ودعاته " ليس في بعض النسخ: والرعاة جمع الراعى وهو الحافظ الحامى.
(10) " بهديهم " اما بضم الهاء وفتح الدال من الهداية أو بفتح الهاء وسكون الدال والياء المنقوطة من تحت بمعنى السيرة والطريقة، وتستهل أى تتنور وتستضئ " بنورهم البلاد " أى أهلها، والتلاد والتليد والتالد: كل مال قديم وعكسه الطارف والطريف والتخصيص به لانه أبعد من النمو، أو لان الاعتناء به أكثر، ولا يبعد كونه كناية عن تجديد الاثار القديمة الاسلامية كالمساجد والمعابد والمدارس العلمية المندرسة.
(*)
[226]
محتومها(1).
فالامام هو المنتجب المرتضى، والهادي المجتبى(2) والقائم المرتجى، اصطفاه الله بذلك، واصطنعه على عينه(3) في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه(4) ظلا قبل خلقه نسمة عن يمين عرشه، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده(5)، اختاره بعلمه، وانتجبه لطهره(6) بقية من آدم، وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من عترة محمد(صلى الله عليه واله وسلم)، لم يزل مرعيا بعين الله(7) يحفظه بملائكته(8)، مدفوعا عنه وقوب الغواسق، ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه
___________________________________
(1) الباء للسببية، و " ذلك " اشارة إلى جميع ما تقدم فيهم، وقوله " على محتومها " اما حال عن المقادير، أو متعلق بجرت أى جرت بسبب تلك الامور المذكورة الحاصلة فيهم تقديرات الله على محتومها، أى ما لا بداء فيه ولا تغيير.
(2) في المصدر " والهادى المنتجى " من انتجى القوم اذا تساروا، أى صاحب السر المخصوص بالمناجاة وايداع الاسرار.
(3) أى خلقه ورباه أحسن تربية معتنيا بشأنه.
(4) ذرأه - بالهمز كمنعه - أى خلقه في عالم الارواح، وربما يقرء ذراه بالالف فهى منقلبة عن الواو أى فرقه وميزه.وبرأه - كمنعه - أى خلقه في عالم الاجساد، وقد تركت الهمزة وقرء براه كجفاه.
وقوله " ظلا " حال عن ذرأه أو مفعول ثان لبرأه بتضمين معنى الجعل والمراد بالظل الروح قبل تعلقه بالبدن وهو معنى " قبل خلقه نسمة " فان قلنا بتجرد الروح أولنا كونه عن يمين العرش بتعلقه بالجسد المثالى أو العرش بالعلم.
(5) الحبو: العطية ومحبوا على صيغة المفعول أى منعما عليه.
(6) " اختاره بعلمه " أى بأن أعطاه علمه، أو بسبب علمه بأنه يستحقه، " وانتجبه لطهره " أى لعصمته، أو لان يجعله مطهرا، وعلى أحد الاحتمالين الضمير ان لله، وعلى الاخر للامام.وقوله " بقية من آدم " أى انتهى اليه خلافة الله التى جعلها لادم.(المرآة).
(7) السلالة - بالضم -: الذرية.وصفوة الشئ ما صفا منه." لم يزل مرعيا " أى محروسا." بعين الله " أى بحفظه وحراسته أو بعين عنايته.
(8) كذا، وفى المصدر " يحفظه ويكلاه بستره مطرودا عنه حبائل ابليس وجنوده " والكلاءة: الحراسة.
والطرد: الدفع.
(*)
[227]
قوارف السوء، مبرءا من العاهات(1) محجوبا عن الآفات [معصوما من الزلات] مصونا من الفواحش كلها، معروفا بالحلم والبر في يفاعه(2) منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته، فإذا انقضت مدة والده وانتهت به مقادير الله إلى مشيته، وجاءت الارادة من عند الله فيه إلى محبته(3) وبلغ منتهى مدة والده(عليه السلام) فمضى، صار أمر الله إليه من بعده، وقلده الله دينه، وجعله الحجة على عباده، وقيمه في بلاده، وأيده بروحه، وأعطاه علمه، واستودعه سره، وانتدبه لعظيم أمره(4)، وأنبأه فصل بيان علمه(5) ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لاهل دينه، والقيم على عباده، رضى الله به إماما لهم، استحفظه علمه، واستخبأه حكمته [واسترعاه لدينه](6) وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل وتحيير أهل الجدل(7) بالنور الساطع، والشفاء البالغ(8)، بالحق الابلج، والبيان [اللائح]
___________________________________
(1) الوقوب: دخول الظلام، والغاسق: الليل.
والقوارف: الاتهامات والافتراءات.
والعاهات: الامراض، أو القوارف بمعنى الكواسب أى اكتسابات السوء.
(2) أى في أوائل سنه، يقال: أيفع الغلام اذا شارف الاحتلام ولم يحتلم.
(3) الضمير راجع إلى الله أى إلى ما أحب من خلافته.وفى بعض النسخ " إلى حجته " ولعل الصواب: إلى جنته ".
(4) انتدبه اى دعاه وحثه، وفى اللغة أن الندب بمعنى الطلب والانتداب الاجابة، وقال الفيومى: انتد به للامر فانتدب يستعمل لازما ومتعديا.
(5) أى البيان الفاصل بين الحق والباطل كما في قوله تعالى " انه لقول فصل وما هو بالهزل " وفى بعض النسخ بالضاد المعجمة أى زيادة بيانه.
(6) استخبأه - بالخاء المعجمة والباء الموحدة مهموزا، أو غير مهموز تخفيفا -: استكتمه، وفى بعض النسخ " استحباه " بالحاء المهملة أى طلب منه أن يحبو الناس الحكمة كما في المرآة.
وقوله " واسترعاه لدينه " ليس في بعض النسخ ولكن موجود في المصدر ومعناه على ما في المرآة طلب منه رعاية الناس وحفظهم لامور دينه، أو اللام زائدة.
(7) اى عند ما يحير أهل الجدل الناس بشبههم، وقد يقرء بالباء الموحدة، وفى اللغة تحبير الخط أو الشعر: تحسينه فالمعنى: عند ما زين أهل الجدل كلامهم للخلق.
(8) كذا، وفى المصدر " النافع ".ولعل الصواب " الناجع ".
(*)
[228]
من كل مخرج على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه [عليهم السلام] فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقى، ولا يجحده إلا غوي، ولا يدعه إلا جري على الله "](1).
[كونه عليه السلام](2) ابن سبية ابن خيرة الاماء.
8 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا محمد بن المفضل بن قيس بن رمانة الاشعري ; وسعدان بن إسحاق بن سعيد ; وأحمد بن الحسين بن عبدالملك ; ومحمد بن الحسن القطواني قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب الزراد عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسى(3) قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر(عليهما السلام) يقول: " إن صاحب هذا الامر فيه شبه من يوسف(4) ابن أمة سوداء، يصلح الله عزوجل له أمره في ليلة واحدة " - يريد بالشبه من يوسف الغيبة -.
9 - أخبرنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، قال: حدثنا أحمد بن علي الحميري، قال: حدثنا الحكم أخو مشمعل الاسدي(5) قال: حدثني عبدالرحيم القصير قال: قلت لابي جعفر(عليه السلام): قول أمير المؤمنين(عليه السلام) " بأبى ابن خيرة الاماء "(6) أهي فاطمة(عليها السلام)؟ فقال: " إن
___________________________________
(1) في المصدر " ولا يصد عنه الاجرى على الله جل وعلا " وقلنا سابقا: هذا الخبر غير موجود في بعض النسخ لكن العلامة المجلسى - رحمه الله - أشار في المرآة إلى كونه موجودا في نسخته.
(2) ما بين القوسين ليس في النسخ انما أضفناه تسهيلا للباحث.وتقدمت الاشارة في ص 216 إلى ابن ستة، وسيأتى الكلام فيه مع تفصيل ص 230.
(3) ما في بعض النسخ من " زيد الكناسى " من تصحيف النساخ.
(4) كذا وفى نسخة " سنة من يوسف " وقد تقدم.
(5) الحكم بن سعد الاسدى أخو مشمعل الاسدى الناشرى عربى قليل الحديث، شارك أخاه مشمعلا في كتاب الديات ومشمعل أكثر رواية منه(النجاشى).
(6) الخيرة - بكسر الخاء وسكون الياء وفتحها - المختارة، والافضل.
(*)
[229]
فاطمة عليها السلام خيرة الحرائر، ذاك المبدح بطنه(1)، المشرب حمرة، رحم الله فلانا ".
10 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبدالله بن جبلة، عن علي بن أبي المغيرة، عن أبي الصباح قال: " دخلت على أبي عبدالله(عليه السلام) فقال لي: ما وراءك؟ فقلت: سرور من عمك زيد خرج يزعم أنه ابن سبية وهو قائم هذه الامة وأنه ابن خيرة الاماء فقال: كذب(2) ليس هو كما قال، إن خرج قتل ".
11 - حدثنا محمد بن همام: ومحمد بن الحسن بن جمهور جميعا، عن الحسن بن محمد بن جمهور، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن أبى الجارود، عن القاسم بن الوليد الهمداني، عن الحارث الاعور الهمداني قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام)، " بأبي ابن خيرة الاماء - يعنى القائم من ولده(عليه السلام) - يسومهم خسفا، ويسقيهم بكأس مصبرة(3)، ولا يعطيهم إلا السيف هرجا(4) فعند ذلك تتمنى فجرة قريش لو أن لها مفاداة من الدنيا وما فيها ليغفر لها، لانكف عنهم حتى يرضى الله ".
12 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملى قال: حدثنا محمد وأحمد أبنا الحسن عن ابيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن يزيد بن أبي - حازم قال: " خرجت من الكوفة، فلما قدمت المدينة دخلت على أبى عبدالله(عليه السلام) فسلمت عليه، فسألني هل صاحبك أحد؟ فقلت: نعم، فقال: أكنتم تتكلمون؟
___________________________________
(1) أى واسعه وعريضه، وتقدم الكلام في المشرب حمرة، وفى رحم الله فلانا.
(2) أى وهم، والكذب هنا بمعنى التمنى والتوهم وجلت ساحة زيد عن الكذب المفترى.
(3) من الصبر - ككتف - وهو عصارة شجر مر، والجمع صبور - بضم الصاد - والواحدة " صبرة " - بفتح الصاد وكسر الباء ولا تسكن باؤه الا في ضرورة الشعر كقوله " صبرت على شئ أمر من الصبر ".
(4) أى قتلا، وفى نسخة هنا بياض.
(*)
[230]
قلت: نعم صحبني رجل من المغيرية(1)، قال: فما كان يقول؟ قلت: كان يزعم أن محمد بن عبدالله بن الحسن هو القائم، والدليل على ذلك أن أسمه اسم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) واسم أبيه اسم أبي النبي(*) فقلت له في الجواب: إن كنت تأخذ بالاسماء فهو ذا في ولد الحسين محمد بن عبدالله بن علي، فقال لي: إن هذا ابن أمة - يعنى محمد بن عبدالله ابن علي - وهذا ابن مهيرة(2) يعنى محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن -، فقال أبوعبدالله(عليه السلام): فما رددت عليه؟ فقلت: ما كان عندي شئ أرد عليه، فقال: أولم تعلمواأنه ابن سبية - يعنى القائم(عليه السلام) -(3)سيرته عليه السلام.
13- أخبرنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح، قال:
___________________________________
(1) المغيرية هم أصحاب المغيرة بن سعيد الكذاب الذى كان يكذب على أبى جعفر محمد بن على الباقر عليهما السلام، وكان يدعو إلى محمد بن عبدالله بن الحسن في أول أمره.وما في بعض النسخ من " المعتزلة " من تصحيف النساخ(*) كذا.
(2) المهيرة: الحرة الغالية المهر وجمعها مهائر.والمراد بمحمد بن عبدالله بن الحسن محمد بن عبدالله محض، راجع لاحواله الطالبيين.
(3) النسخ في ظبط كلمة " ابن سبية " مختلفة ففى بعضها " ابن ستة " وفى بعضها " ابن سبية " وفى بعضها " ابن سته " والظاهر الصواب ما في المتن بقرينة ابن خيرة الاماء، والسبية: المرأة تسبى، وقال العلامة المجلسى بعد ما ضبطها في البحار " ابن ستة ": لعل المعنى ابن ستة أعوام عند الامامة، أو ابن ستة بحسب الاسماء فان أسماء آبائه عليهم السلام محمد وعلى وحسين وجعفر وموسى وحسن ولم يحصل ذلك في أحد من الائمة عليهم السلام قبله.
مع أن بعض رواة تلك الاخبار من الواقفية ولا تقبل رواياتهم فيما يوافق مذهبهم - انتهى.
أقول: ولا يبعد احتمال كونه " ابن سته " والمراد ابن سيدة ولا ينافى كونها أمة ويؤيد ذلك أن في الاحتجاج للطبرسى في حديث مسند عن الحسن بن على المجتبى عليهما السلام: " ذلك التاسع من ولد أخى ابن سيدة الاماء " هذا، وقال زميلنا الفاضل المحقق محمد الباقر البهبودى في هامش البحار: الصواب " ابن سته " وهو عبارة اخرى عن كونه عليه السلام " أزيل " يعنى متباعدا ما بين الفخذين.
(*)
[231]
حدثنا أحمد بن علي الحميري قال: حدثني الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن عمرو قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن أبان قال: حدثنا عبدالله بن عطاء المكى، عن شيخ من الفقهاء - يعنى أبا عبدالله(عليه السلام) - قال: " سألته عن سيرة المهدي كيف سيرته؟ فقال: يصنع كما صنع رسول الله(صلى الله عليه وآله)، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله(صلى الله عليه آله) أمر الجاهلية، ويستأنف الاسلام جديدا ".
14 - أخبرنا على بن الحسين قال: حدثنى محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن حسان الرازى، عن محمد بن علي الكوفي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبدالله ابن بكير، عن أبيه، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قلت له: " صالح من الصالحين سمه لي أريد القائم(عليه السلام) فقال: اسمه اسمي قلت: أيسير بسيرة محمد(صلى الله عليه وآله)؟ قال: هيهات هيهات يازرارة مايسير بسيرته، قلت: جعلت فداك لم؟ قال " إن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) سار في امته بالمن(1) كان يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذاك امر في الكتاب الذي معه أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا(2)، ويل لمن ناواه "(3).
15 - أخبرنا علي بن الحسين بهذا الاسناد، عن محمد بن علي الكوفي، عن عبدالرحمن بن أبى هاشم، عن أبي خديجة، عن أبى عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " إن عليا(عليه السلام) قال: كان لي أن أقتل المولي واجهز على الجريح(4) ولكني تركت
___________________________________
(1) أى سيرته في حروبه مع الاسرى والسبايا من المحاربين كانت بالمن واطلاقهم بدون أخذ الفداء، وفى بعض النسخ " باللين " وما في المتن أنسب كما يأتى.
(2) أى لا يقبل التوبة من محاربيه اذا كانوا غير ضالين ولا شاكين، ولا ينافى ذلك قبول توبة من كان على ضلال فاستبصر انما يقتل من كان على كفر عن بينة.وفى بعض النسخ " ولا يستنيب أحدا " أى يتولى الامور العظام بنفسه.
ولكن لا يناسب المقام وما في الصلب أنسب.
(3) ناواه أى عاداه ونازعه.
(4) المولى - بصيغة اسم الفاعل - من يولى دبره يوم القتال من الذين حاربوا أصحابه." وأجهز على الجريح " أى أتم قتله.وروى الكلينى وكذا الشيخ في التهذيب مسندا عن الثمالى قال: " قلت لعلى بن الحسين عليهما السلام أن عليا عليه السلام سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل الشرك، قال: فغضب ثم جلس ثم قال: سار والله فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الفتح، أن عليا كتب إلى مالك وهو على مقدمته في يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل ولا يقتل مدبرا، ولا يجهز على جريح.ومن أغلق بابه فهو آمن.
فأخذ الكتاب ووضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه ثم قال اقتلوهم، فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة، ثم فتح الكتاب فقرأ، ثم أمر مناديا فنادى بما في الكتاب ".
[232]