عربي
Thursday 4th of July 2024
0
نفر 0

تصدّق علي (ع) بالخاتم

قال تعالی :« إنّما ولیّكم الله و رسوله و الذین آمنوا الذین یقیمون الصّلاة و یؤتون الزّكاة و هم راكعون *و من یتولّ الله و رسوله و الذین آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون»(مائدة 55ـ56).

هذه آیة الولایة التي نزلت في (ع) عندما تصدق علي السائل بخاتمه ، و كان ذلك في الیوم الرابع و العشرین من شهر ذي الحجة الحرام ( من السنة العاشرة ، علی ما یروی) ، قد روی الجمهور نزولها في علي (ع) و هو مذكور في الصحاح ، و الدر المنثور في الجزء الثاني ص 293 في تفسیر هذه الآیة في سورة المائدة ، و أخرجه صاحب منتخب كنز العمال الموضوع بهامش المسند ج 5 ص 38 ، و الطبري في الریاض النضرة ص 206 ج 2 و ابن الصباغ في الفصول المهمة ص 123 و ابن حجر في صواعقه ص 24 ، و الفخر الرازي في تفسیره الكبیر ج 3 ص 413 ، و ابن جریر في تفسیره ج 6 ص 165 ، البیضاوي في تفسیره ج 2 ص 165 ، و الزمخشري في تفسیره ج 1 ص 264 ، و البغوي في تفسیره بهامش الجزء الثاني من تفسیر الخازن ج 1 ص 55 ، و ابن كثیر ج 1 ص 71 ، و ابن حیان في تفسیره الكبیر ج 3 ص 513 ،و محمّد عبده في تفسیره الذي عزاه إلیه السید محمد رشید رضا صاحب المنار ج 6 ، ص 442 ، وغیر هؤلاء من فحول أعلام السنة.

و أما سبب النزول علی ما رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني (رحمة الله علیه) قال : حدثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم الفقیه الصیدلاني قال : أخبرنا أبو محمّد عبدالله ابن محمّد الشعراني قال : حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزین البیاشاني قال : حدثني المظفر بن الحسین الأنصاري قال : حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزین البیاشاني قال : حدثني المظفر بن الحسین الأنصاري قال : حدثنا السدي بن علي الوراق قال : حدثنا یحي بن عبدالحمید الحماني عن قیس بن الربیع عن الأعمش بن غیابة بن ربعي قال : بینا عبدالله بن عباس جالس علی شفیر زمزم یقول : قال رسول الله (ص) إذ أقبل رجل متعمم بعمامة فجعل ابن عباس لا یقول قال رسول الله إلا قال الرجل قال رسول الله ، فقال ابن عباس : سألتك بالله من أنت ؟ فكشف العمامة عن وجهه و قال : یا أیها الناس من عرفني قد عرفني و من لم یعرفني فأنا أعرفه بنفسي أنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله (ص) بهاتین و إلا عمیتا یقول : « علي قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، و منصور من نصره ، و مخذول من خذله» أما إنّي صلیت مع رسول الله (ص) یوماً من الأیام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم یعطه أحد شیئاً فرفع السائل یده إلی السماء و قال : اللّهم أشهد إني سألت في مسجد رسول الله فلم یعطني أحد شیئاً ، و كان علي راكعاً فأوما بخنصره الیمني إلیه و كان یتختم فیها ، فأقبل السائل حتّی أخذ الخاتم من خنصره و ذلك بعین رسول الله (ص) فلمّا فرغ النبي (ص) من صلاته رفع رأسه إلی السماء و قال « اللّهم إنّ أخي موسی سألك فقال : رب اشرح صدري ، و یسر لي أمري ، و احلل عقدة من لساني یفقهوا قولي ، واجعل لي وزیراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري و أشركه في أمري ، فأنزلت علیه قرآناً ناطقاً سنشد عضدك بأخیك و نجعل لكما سلطاناً فلا یصلون إلیكما ، اللهم و أنا محمّد نبیك و صفیك ، اللّهم فاشرح لي صدري، و یسر لي أمري ، و اجعل لي وزیراً من أهلي علیاً اشدد به ظهري» قال أبو ذر فوالله ما استتم رسول الله الكلمة حتّی نزل علیه جبرئیل من عند الله فقال : یا محمّد اقرأ قال : و ما أقرأ قال : اقرأ : « و إنّما ولیّكم الله و رسوله و الذین آمنوا الذین یقیمون الصّلاة ...» الآیة ، و روی هذا الخبر أبو إسحاق الثعلبي في تفسیره بهذا الإسناد بعینه و روی أبو بكر الرازي في كتاب أحكام القرآن علی ما حكاه المغربي عنه ، و الرماني و الطبري إنّها نزلت في علي (ع) حین تصدق بخاتمه و هو راكع و هو قول مجاهد و السدي.

و هذا الآیة من أوضح الدلائل علی إمامة علي (ع) بعد النبي (ص) بلا فصل ، و الوجه فیه إنّه إذا أثبت إنّ لفظة (ولیكم ) تفید من هو أولی بتدبیر أموركم و تجب طاعته علیكم ، و ثبت إنّ المراد بالذین آمنوا (علي علیه السلام ) ثبت النص علیه بالإمامة و وضح ، والذي یدل علیه هو الرجوع إلی اللغة ، فمن تأملها علم أنّ القوم نصوا علی ذلك ، حیث قالوا : الولي هو الذي یلي تدبیر الأمر ، یقال فلان ولي المرأة إذا كان یملك تدبیرها نكاحاً ، و ولي الدم من كان إلیه المطالبة بالقود ، و السلطان ولي أمر الرعیة ،و یقال لمن یرشحه لخلافته علیهم بعده ولي عهد المسلمین ، قال الكمیت یمدح علیا(ع).

  و نعم ولي الأمر بعد ولیه                  

   و منتجع التقوی ونعم المؤدب

و إنّما أراد ولي الأمر و القائم بتدبیره قال المبرد في كتاب العبارة عن صفات الله : أصل الولي الذي هو أولی أي أحق ، و مثله المولی.

ثمّ الذي یدل علی إنّها في الآیة تفید ذلك دون غیره إنّ لفظة (إنّما ) تقتضي التخصیص و نفي الحكم عمّن عدا المذكور كما یقولون إنّما الفصاحة الجاهلیة یعنون نفي الفصاحة عن غیرهم ، و إذا تقرر هذا لم یجز حمل لفظة الولي علی الموالاة في الدین و المحبة لأنّه لاتخصیص في هذا المعني لمؤمن دون مؤمن آخر ، و المؤمنون كلّهم مشتركون في هذا المعني كما قال سبحانه : « و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولیاء بعض» ، و إذا لم یجز حمله علی ذلك لم یبق إلا الوجه الآخر و هو التحقق بالأمور و ما یقتضي فرض الطاعة علی الجمهور لأنّه لا محتمل للفظه إلا الوجهان فإذا بطل أحدهما ثبت الآخر ، الذي یدل علی إنّ المعنی (بالذین آمنوا) هو علي (ع) للروایة الواردة من طریق العامّة الخاصّة بنزول الآیة فیه ، لمّا تصدق بخاتمه في حال الركوع ، و قد تقدم ذكرها و أیضاً فإنّ كلّ من قال أنّ المراد بلفظة وليّ ما یرجع إلی فرض الطاعة و الإمامة ذهب إلی إنّه هو المقصود بالآیة و المتفرد بمعناها ، و لا أحد من الأمة یذهب إلی إنّ هذه اللفظة تقتضي ما ذكرنا و یذهب إلی أنّ المعنی بها سواه و لیس لأحد أن یقول إنّ لفظ : « و الذین آمنوا» لفظ جمع فلا یجوز أن یتوجه إلیه علی الإنفراد و ذلك إنّ أهل اللغة قد یعبرون بلفظ الجمع عن الواحد علی سبیل التفخیم و التعظیم و ذلك أشهر في كلامهم من أن یحتاج إلی الاستدلال علیه و لیس لهم أن یقولوا إنّ المراد بقوله : « و هم راكعون» إنّ هذه شمیمتهم و عادتهم و لا یكون حالاً لإیتاء الزكاة ، و ذلك لأن قوله یقیمون الصلاة قد دخل فیه الركوع فلو لم یحمل قوله و هم راكعون علی إنّه حال من یؤتون الزكاة و حملناه علی من صنعهم الركوع كان ذلك كالتكرار غیر المفید ،و التأویل المفید أولی من البعید الذي لا یفید.

و وجه آخر في الدلالة علی إنّ الولایة في الایة مختصة إنّه سبحانه قال : « و إنّما ولیكم الله» فخاطب جمیع المؤمنین و دخل في الخطاب النبي (ص) و  غیره ثمّ قال : « و رسوله » فأخرج النبي (ص) من جملتهم لكونهم منساقین إلی ولایته ثمّ قال : « و الذین آمنوا » فوجب أن یكون الذین خوطب بالایة غیر الذي جعلت له الولایة و إلا أدی ألی أن یكون المضاف هو المضاف إلیه بعینه و إلی أن یكون كلّ واحد من المؤمنین ولي نفسه و ذلك محال و استیفاء الكلام في هذا الباب یطول فمن أراده فلیطلبه من مظانه.

و استدل أهل العلم بهذه الآیة علی إنّ العمل القلیل لا یقطع الصلاة و إن دفع الزكاة إلی السائل في الصلاة جائز مع نیة الزكاة.

و لمّا لم یكن من الأحكام الشرعیة إتیان الزكاة في حال الركوع تعین أن تكون الآیة في حادثة واقعة لا بیان حكم شرعي ، و لیست تلك الحادثة غیر إتیان علي (ع) الزكاة في الركوع بإجماع الأمة.


source : http://abna.ir/data.asp?lang=2&Id=181889
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عبرات الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف على جده ...
حال مبغضي عليّ(عليه السلام) في الآخرة
ملامح شخصية الإمام جعفر الصادق عليه السلام
الجزع على الإمام الحسين (عليه السّلام)
أمرُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمّار بن ياسر ...
مقام علي الأكبر (ع) في كلمات الأئمة (عليهم السلام)
أهل البيت النور المطلق
المعرفة المناقبية لها عليها السلام
أهل البيت (عليهم السلام) في الكتاب والسُـنّة
الرسول يسب ويلعن في صحيح أهل السنة

 
user comment