عربي
Thursday 26th of December 2024
0
نفر 0

هل العذاب في سورة المعارج دنيوي ام اخروي

المسالة الثالثة : هل العذاب في سورة المعارج دنيوي ام اخروي


الـمـتـامل في السورة نفسها بقطع النظر عن الاحاديث والتفاسير يلاحظ ان موضوعها ومحور كل آياتها هو العذاب الاخروي وليس الدنيوي .
كـمـا ان آيـاتـها لا تنص على ذم السائل عن ذلك العذاب , فقد يكون مجرد مستفهم لا ذنب له , وقد يكون السائل بالعذاب هنا بمعنى الداعي به , وقد رايت ان القرطبي ذكر قولا بان السائل بالعذاب نبي اللّه نوح (ع ) , وقولا آخر بانه نبينا(ص ) ولذلك يرد في الذهن سؤال : من اين اطبق المفسرون الشيعة والسنة على انهاتشمل العذاب الدنيوي , وان ذلك السائل بالعذاب سال متحديا ومكذبا؟ والـجـواب : ان سر ذلك يكمن في ( با ) العذاب , وان ( سال به ) تعني التساؤل عن الشيئ المدعى وطلبه , استنكارا وتحديا فـكـلـمـة : سـال بـه , تدل على ان السائل سمع بهذا العذاب , لان النبي (ص ) كان ينذرهم بالعذاب الدنيوي والاخروي معا فتسال عنه , وانكره , وتحدى ان يقع وقـد اجـابـه اللّه تـعالى بالسورة , ولم ينف سبحانه العذاب الدنيوي لاعدائه , وان كان ركز على العذاب الاخروي واوصافه , لانه الاساس والاكثر اهمية واستمرارا ,ولان صفته الجزائية اكثر وضوحا.
فكان السورة تقول : ايها المستهزؤون بالعذاب الذي ينذركم به رسولنا ان كل ماانذركم به من عذاب دنيوي او اخروي سوف يقع , ولا دافع له عن الكفار فمنواباللّه ليدفعه عنكم , بحسب قوانينه تعالى في دفع عذابه عن المؤمنين .
فـقوله تعالى ( للكافرين ليس له دافع ) ينفي امكان دفعه عن الكافرين , فهو ثابت لمن يستحقه منهم , وهو ايضا ثابت لمن يستحقه من الذين قالوا آمنا , لكن دافع هوالتوبة والاستغفار مثلا.
كـمـا ان ( الكافرين ) في الاية لا يبعد ان تكون بالمعنى اللغوي , فتشمل الكافرين ببعض آيات اللّه تعالى , او بنعمه , ولو كانوا مسلمين .
وعندما نشك في ان كلمة استعملت بمعناها اللغوي او الاصطلاحي , فلا بد ان نرجح المعنى اللغوي , لانه الاصل , والاصطلاحي يحتاج الى قرينة .
وقـد وقـع المفسرون السنيون في تهافت في تفسير السورة , لانهم جعلوا ( العذاب الواقع ) عذابا اخـرويـا او لغير المسلمين , وفي نفس الوقت فسروه بعذاب النضر بن الحارث العبدري بقتله يوم بدر , فصار بذلك شاملا للعذاب الدنيوي ويـلاحـظ الـباحث في التفاسير السنية انه يوجد منهج فيها , يحاول اصحابه دائماان يفسروا آيات الـعذاب الواردة في القرآن الكريم ـ خاصة التي نزلت في قريش ـبالعذاب الاخروي , او يرموها عـلى اهل الكتاب , ويبعدوها عن المسلمين , حتى المنافقين منهم تـبـرئة قريش , ان يتهمواالنبي (ص ) بانه دعا ربه بالعذاب على قومه , فلم يستجب له اللّه تعالى بقوله : ليس لك من الامر شي الخ .
وهـكذا ركزت الدولة القرشية مقولة اختيار اللّه لقريش , وعدم سماحه بعذابها ,وجعلتها احاديث نبوية , ولو كان فيها تحطئة واهانة للنبي (ص ) , وادخلتها في مصادر التفسير والحديث .
اما عندما يضطرون الى الاعتراف بوقوع العذاب الدنيوي لاحد فراعنة قريش ,فيقولون انه خاص بحالة معينة , مثل حالة النضر بن الحارث , وقد وقعت في بدروانتهى الامر ـ فقد اختار الفخر الرازي في تفسيره : 30 / 122.
ان الـعـذاب الـمذكور في مطلع السورة هو العذاب الاخروي , وان الدنيوي مخصوص بالنضر بن الـحارث , قال : ( لان العذاب نازل للكافرين في الاخرة لا يدفعه عنهم احد , وقد وقع بالنضر لانه قـتـل يـوم بدر ) ثم وصف هذا الراي بانه سديد وهوبذلك يتبع جمهور المفسرين السنيين , مع ان السورة لا تشير الى انتها اي نوع من العذاب الموعود على ان منهج المفسرين في ابعاد العذاب عن قريش , اقل تشددا من منهج المحدثين الرسميين , فهولا لايـقـبـلون ( العذاب الواقع ) لاحد من قريش , حتى للنضر بن الحارث , وحتى لابي جهل الذين فتحوا باب تهمة النبي (ص )بانه دعا على قومه , فخطاه اللّه تعالى ووبخه ـ فقد روى البخاري في صحيحه : 5 / 199.
عـن انـس بـن مالك قال : قال ابو جهل : اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطرعلينا حجارة من الـسـمـا او ائتـنـا بـعذاب اليم , فنزلت : وما كان اللّه ليعذبهم وانت فيهم وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون ورواه البخاري في عدة اماكن اخرى , ورواه مسلم في : 8 / 129.
واذا اردت ان تقرا مالا تكاد تصدقه عيناك , فاقرا مارووه في تفسير قوله تعالى ( ليس لك من الامر شي ) فهي آية تنفي عن النبي (ص ) كل انواع الالوهية والشراكة للّه تعالى , ولكنها في نفس الوقت لا تـسلب عنه شيئا من مقامه النبوي وخلقه العظيم وحكمته , وحرصه على هداية قومه ولكن انظر كـيـف صـور المحدثون النبي (ص )في تفسيرها بانه ضيق الصدر , مبغض لقريش , يريد الاعتدا عليها وظلمها ولا يـتـسـع الـمـجال للافاضة في هذا الموضوع , ولكن القارئ السني يجد نفسه متحيرا بين ولا الـمـفـسـرين لقريش كمجاهد الذي يسمح بكون قتل بعض فراعنتهاكالنضر عذابا لها , وبين ولا المحدثين لقريش كالبخاري الذي يقول ان قتل النضروابي جهل ليس هو العذاب الالهي , فهؤلا قوم برزوا الى مضاجعهم , فقد رفع اللّه عذابه عن قريش , ووبخ رسوله , لانه دعا عليها واخـيـرا يـمـكـن للباحث ان يستدل لنصرة راي المفسرين القائل بان العذاب السورة يشمل العذاب الـدنـيـوي , بـما رواه ابن سعد في الطبقات , من قصة اختلاف طلحة والزبير وابنيهما على امامة الصلاة في معسكر عائشة في حرب الجمل ,قال :.
ولـمـا قـدموا البصرة اخذوا بيت المال , وختماه جميعا طلحة والزبير , وحضرت الصلاة فتدافع طـلـحـة والـزبير حتى كادت الصلاة تفوت , ثم اصطلحا على ان يصلي عبد اللّه بن الزبير صلاة ومـحمد بن طلحة صلاة , فذهب ابن الزبير يتقدم فاخره محمد بن طلحة , وذهب محمد بن طلحة يـتـقدم فاخره عبد اللّه بن الزبير عن اول صلاة سال سائل بعذاب واقع دنـيـوي ولـذلـك هـدد بها ابن الزبير وهو دليل على ان الارتكاز الذهني عند الصحابة المعاصرين للنزول , ان العذاب في السورة يشمل العذاب الدنيوي ايضا.

 

المسالة الرابعة : موقف السنيين من الحديث


ولـكن الذين ذكروا الحديث من السنيين ليس موقفهم منه واحدا , فمنهم من قبله ورجحه على غيره كـابي عبيد والثعلبي والحمويني , ومنهم من نقله بصيغة : روي اوقيل ومنهم من رجح غيره عليه , ولـكـن احدا منهم لم يطعن فيه واقل موقفهم منه انه حديث موجود , قد يكون سنده صحيحا , ولكن غيره ارجح منه , كماسترى .
ان العالم السني يرى نفسه ملزما باحترام هذا الحديث , بل يرى انه بامكانه ان يطمئن اليه وياخذ به , لان الـذيـن قبلوه من ائمة العلم والدين قد يكتفي العلمابمجرد نقل احدهم للحديث وقبوله له , كابي عبيد وسفيان بن عيينة .
وقد راينا المحدث الالباني الذي يعتبره الكثيرون المجتهد الاول في التصحيح والتضعيف في عصرنا , ربما يكتفي في سلسلته احاديثه الصحيحة للحكم بصحة الحديث بتصحيح عالمين او ثلاثة من قبيل : ابن تيمية والذهبي وابن قيم .
مضافا الى ان المحدثين السنة ذكروا له طرقا اخرى , عن حذيفة , وعن ابي هريرة وغيرهما.
وتـجـد تـرجـمات هؤلا الائمة مفصلة في مصادر الجرح والتعديل السنية , وفي عبقات الانوار , والغدير , ونفحات الازهار , من مصادرنا.

 

نماذج من تفسيرات السنيين لاية : سال سائل


ـ قال الشوكاني في فتح القدير : 5 / 352:.

وهـذا الـسـائل هـو النضر بن الحارث حين قال : اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجار من السما او ائتنا بعذاب اليم وهو ممن قتل يوم بدرصبرا.
وقيل : هو ابو جهل وقيل : هو الحارث بن النعمان الفهري والاول اولى لماسياتي انتهى .
وقـصده بما ياتي ما ذكره في ص 356 , من رواياتهم التي تثبت ان السورة مكية وان صاحب العذاب الواقع هو النضر , وليس ابنه جابرا , ولا الحارث الفهري قال : وقداخرج الفريابي وعبد بن حميد والنسائي وابن ابي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : سال سائل , قال : هو النضر بن الحارث قال : اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجار من السما انتهى .
ولـم يـذكر الشوكاني الحديث المروي في جابر والحارث , ومن رووه , ولماذارجح عليه حديث النضر ؟ هل بسبب السند او الدلالة الخ .
ولـو انـه اقـتـصر على ذكر ما اختاره في سبب نزولها لكان له وجه , ولكنه ذكرالقولين , وذكر رواية احدهما دون الاخر , وبذلك ابتعد عن انصاف العالم الباحث لكن شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي المتوفى سنة 977 , صاحب التفسير المعروف , كان اكثر انصافا من الشوكاني , فقد ذكر السببين معا , فقال كمانقل عنه صاحب عبقات الانوار : 7 / 398:.
سـال سائل بعذاب واقع : اختلف في هذا الداعي , فقال ابن عباس : هو النضر بن الحارث وقيل : هو الـحارث بن النعمان , وذلك انه لما بلغه قول النبي (ص ) من كنت مولاه فعلي مولاه , ركب ناقته فجا حتى اناخ راحلته في الابطح ثم قال : يامحمد امرتنا عن اللّه ان نشهد ان لا اله الا اللّه وانك رسول اللّه فقبلناه منك الخ انتهى .
امـا ابـو عـبيد المتوفى سنة 223 , فقد جعل الحديث سببا لنزول الاية على نحوالجزم , لانه ثبت عنده , ولعله لم يثبت عنده غيره حتى يذكره , فقال كما في نفحات الازهار : 7 / 291.
لـمـا بـلـغ رسـول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غدير خم ما بلغ , وشاع ذلك في البلاد ,اتى جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري فقال :.
يـا مـحمد والـزكـاة , فـقـبلنا منك ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه فقال رسول اللّه : واللّه الذي لا اله الا هو ان هذا من اللّه .
فولى جابر يريد راحلته وهو يقول : اللهم ان كان ما يقول محمد حقا فامطر عليناحجارة من السما او ائتـنـا بعذاب اليم , فما وصل اليها حتى رماه اللّه بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله , وانزل اللّه تعالى : سال سائل بعذاب واقع الاية انتهى .
ـ وقال القرطبي في تفسيره : 18 / 278.
اي سـال سـائل عذابا واقعا للكافرين : اي على الكافرين وهو النضر بن الحارث حيث قال : اللهم ان كـان هـذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السما اوائتنا بعذاب اليم , فنزل سؤاله وقتل يوم بدر صبرا هو وعقبة بن ابي معيط , لم يقتل صبرا غيرهما , قاله ابن عباس ومجاهد.
وقـيـل : ان السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري , وذلك انه لما بلغه قول النبي صلى اللّه عليه وسـلم في علي (رض ) ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ركب ناقته فجا حتى اناخ راحلته بالابطح الى آخره , بنحو رواية ابي عبيد ثم قال :.
وقيل : ان السائل هنا ابو جهل , وهو القائل لذلك , قاله الربيع .
وقيل : انه قول جماعة من كفار قريش .
وقيل : هو نوح (ع ) سال العذاب على الكافرين .
وقـيـل : هو رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم اي دعا (ع ) بالعقاب , وطلب ان يوقعه اللّه بالكفار , وهـو واقـع بهم لا محالة , وامتد الكلام الى قوله تعالى : فاصبر صبراجميلا اي : لا تستعجل فانه قريب انتهى .
وبذلك نلاحظ ان المفسرين السنيين وان كانوا يرجحون تفسير الاية بالنضر بن الحارث العبدري , ويـرحـجـون ان الـعذاب الموعود فيها هو قتله في بدر ولكنهم في نفس الوقت يذكرون تفسيرها بوقوع العذاب على من اعترض على النبي (ص )لاعلانه ولاية علي (ع ) من بعده في غدير خم .
ومـجرد ورود هذا التفسير في مصادرهم بصفته قولا محترما في تفسير الاية , ولورجحوا عليه غيره , يدل على وجود اعلان نبوي رسمي بحق علي , ووجود اعتراض عليه الـى اكـثر من اعتراف المفسرين بذلك , سوا وقعت الصاعقة على المعترض ام لم تقع , وسوا نزلت سورة المعارج عند هذه الحادثة اولم تنزل الـوجه الاخر الذي رجحوه واهم االاشكالات التي ترد عليه : ان روايته ليست مرفوعة الى النبي (ص ), بينما تفسير الشيعة مرفوع .
وروايـة تـفـسـيـرهم عن ابن عباس ومجاهد لا تحل المشكلة , خاصة اذا كانت من راويه عكرمة المجروح عندنا وعندهم .
ويـرد عـلـى تـفـسيرهم ايضا : ان من المتفق عليه عندهم تقريبا ان السؤال في الاية حقيقي وليس مـجـازيـا , فقد حدث ان سال النضر بن الحارث بالعذاب , وطلب نزوله فقال : اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السما او ائتنابعذاب اليم فعذبه اللّه في بدر بالقتل .
مع ان آية مطر الحجارة من سورة الانفال التي نزلت مع احكام الانفال , بعد بدروبعد قتل النضر ومن الـبـعـيـد ان يكون جواب قول النضر نزل في سورة مكية قبل الهجرة , ونفس قوله نزل في سورة مدنية , بعد هلاكه .
ويـرد عـلـيه ايضا : ان قولهم ( اللهم ان كان هذا هوالحق من عندك فانزل عليناحجارة من السما ) اكـثر تناسبا وانطباقا على تفسيرنا , واصعب انطباقا على تفسيرهم لان معناه على تفسيرهم : اللهم ان كـان هـذا الـديـن منزلا من عندك فامطرعلينا حجارة ومعناه على تفسيرنا : اللهم ان الحكم لال مـحمد (ص ) من بعده منزلامن عندك , فامطر علينا حجارة وهذا اكثر تناسبا , لان الدعا بحجارة مـن السما لايقوله قائله الا في حالة الياس من التعايش مع وضع سياسي جديد , يتحدى وضعه القبلي المتجذر في صميمه ويرد عليه ايضا : انه لو صح , فهو لا يمنع من تفسيرنا , فلا وجه لافتراضهم التعارض بينهما فاي تـعـارض بين ان يكون العذاب الواقع هوالعذاب الذي وقع على النضر بن الحارث في بدر , ثم وقع على ولده جابر بن النضر , كما في رواية ابي عبيد , ثم وقع ويقع لى آخرين من مستحقيه وينبغي ان نشير هنا الى قاعدة مهمة في تفسير القرآن والنصوص عامة , وهي :ضرورة المحافظة عـلـى اطلاقات النص ما امكن وعدم تضييقها وتقييدها فالاية الكريمة تقول ان احدهم تحدى وتسال عـن الـعذاب الموعود , الذي انذر به النبي (ص ) , فاجابه اللّه تعالى انه واقع بالكفار لا محالة كما انـذركـم بـه رسولنا (ص )حرفيا , في الدنيا والاخرة , وانه جار في الكفار وفي من آمن , حسب القوانين الخاصة التي وضعها له اللّه تعالى .

وعـليه فيكون عذاب اللّه تعالى لقريش في بدر والخندق من ذلك العذاب الواقع الموعود , وعذابهم بـالجوع والقحط منه ايضا , وعذابهم بفتح مكة وتسليمهم وخلعهم سلاحهم منه ايضا ويكون عذاب المعترضين على النبي (ص ) لاعلانه ولاية عترته من بعده منه ايضا فـلا مـوجب لحصر الاية بالنضر وحده , ولا لتضييق العذاب المنذر به بقتل شخص , ولو كان من الفراعنة , ولا حصره في عصر دون العصور الاتية , الى ان يرث اللّه الارض ومن عليها.

وكـم تـجـد عـند المفسرين السنيين من هذه التضييقات في آيات العذاب والرحمة حيث يحصرون انفسهم فيها بلا موجب , ويحصرون فيها كلام اللّه المطلق , بلا دليل

المسالة الخامسة : موقف النواصب من حديث حجر السجيل

اما النواصب المبعضون لاهل بيت النبي (ص ) فلم نعثر على احد منهم رد هذاالحديث وكذبه قبل ابن تيمية , فقد هاجمه بعنف وتخبط في رده كـتـابـه تـفـسير المنار ومن الملاحظ ان هذاالشخص متاثر بابن تيمية وتلميذه ابن قيم المدرسة الـجـوزيـة , بـل مقلد لهما في كثيرمن افكارهما , وقد ادخلها في تفسيره , واستفاد لذلك من اسم استاذه الشيخ محمدعبده (ره ) وادعى انه ميز بين افكاره وافكار استاذه ومن يقرا تفسير المنار يلمس الفرق بين الجزين الاولين اللذين كتبهما في حياة الشيخ محمد عبده , واسـتـفاد مما سجله من دروسه , وفيهما من عقلانيته (ره )واعتقاده بولاية اهل البيت (ع ) وبين الاجزا التي اخرجها الشيخ رشيد رضا بعدوفاة الشيخ محمد عبده , او اعاد طباعتها , وفيها الكثير من الافكار الجامدة والناصبة لاهل البيت (ع ).

وقد نقل صاحب تفسير المنار في 6 /464 وما بعدها عن تفسير الثعلبي :.

ان هذا القول من النبي (ص ) في موالاة علي شاع وطار فى البلاد , فبلغ الحارث بن النعمان الفهري فـاتـى الـنـبـي (ص ) على ناقة وكان بالابطح فنزل وعقل ناقته وقال للنبي (ص ) وهو في ملا من اصحابه : يا محمد امرتنا من اللّه ان نشهد ان لا اله الا اللّه وانك رسول اللّه فقبلنا منك ثم ذكر سائر اركـان الاسـلام ثم لم ترض بهذا حتى مددت بضبعي ابن عمك وفضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول : اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطرعلينا حجاره من السما او ائتنا بعذاب اليم دبره وانزل اللّه تعالى : سال سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع الحديث .

وهـذه الـروايـة موضوعة , وسورة المعارج هذه مكية , وما حكاه اللّه من قول بعض كفار قريش : الـلـهـم ان كان هذا هو الحق من عندك كان تذكيرا بقول قالوه قبل الهجره وهذا التذكير في سورة الانـفـال , وقد نزلت بعد غزوة بدر قبل نزول المائدة ببضع سنين , وظاهر الرواية ان الحارث بن الـنـعمان هذا كان مسلما فارتد , ولم يعرف في الصحابة , والابطح بمكة والنبي (ص ) لم يرجع من غدير خم الى مكة , بل نزل فيه منصرفه من حجة الوداع الى المدينة انتهى .

وكـان رشـيد رضا اغتاظ من هذا الحديث , وحاول تكذيبه من ناحية سنده فلم يجد ما يشفي غليله , ولما وجد تكذيب ابن تيمية له بنقد متنه فرح به وتبناه , ولكنه لم ينسبه اليه وعـمـدة مـاقـاله ابن تيمية وصاحب المنار : ان مكان الرواية الابطح , وهو مكان في مكة , والنبي (ص ) لم يرجع بعد الغدير الى مكة وقد جهلا او تجاهلا ابطح المدينة المشهور ثم قالا : ان الرواية تدعي ان الاية نزلت في المدينة , مع ان سورة المعارج مكية وقد تجاهلا ان جو السورة الى الاية 36 على الاقل مدني , وان هذا الحديث دليل على مدنيتها.

ثـم لو صح كونها مكية , فقد يتكرر نزول الاية لبيان تفسيرها او تاويلها , فتكون الحادثة تاويلا لها وقد روى المفسرون نزول آية ( انا اعطيناك الكوثر ) في عدة مواضع تسلية لقلب الرسول (ص ).

فما المانع ان يكون تاويلها قد تحقق في ( عشيرة العذاب الواقع ) فتحقق في الاب النضز بن الحارث عندما قتله النبي (ص ) في بدر , ثم تحقق في الابن جابرعندما قتله اللّه بحجر من السما في ابطح المدينة , وان يكون جبرئيل (ع ) اكد الاية كلما تحقق تاويلها.

ثـم من حق الباحث ان يقول لهما : لو سلمنا ان ذكر نزول الاية في الحادثة خطا ,او زيادة , فما ذنب بقية الحديث ـ وقد ناقش صاحب تفسير الميزان 6 / 54 تضعيف صاحب المنار للحديث فقال :.

وانت ترى ما في كلامه من التحكم اما قوله ان الرواية موضوعة وسورة المعارج هذه مكية , فيعول فـي ذلك على ما في بعض الروايات عن ابن عباس وابن الزبير ان سورة المعارج نزلت بمكة , وليت شعري ما هو المرجح لهذه الرواية على تلك الرواية ,والجميع آحاد.

سـلـمـنـا ان سورة المعارج مكية كما ربما تؤيده مضامين معظم آياتها , فما هوالدليل على ان جميع آيـاتـهـا مـكـية ؟ فلتكن السورة مكية والايتان خاصة غير مكيتين كما ان سورتنا هذه اعني سورة الـمـائدة مدنية نازلة في آخر عهد رسول اللّه (ص )وقد وضعت فيها الاية المبحوث عنها , اعني قوله تعالى : ياايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك , الاية , وهو كغيره من المفسرين مصرون على انها نزلت بمكة في اول البعثة وامـا قـولـه وما حكاه اللّه من قول بعض كفار قريش الى آخره , فهو في التحكم كسابقه , فهب ان سورة الانفال نزلت قبل المائدة ببضع سنين , فهل يمنع ذلك ان يوضع عند التاليف بعض الايات النازلة بعدها فيها , كما وضعت آيات الربا وآية :واتقوا يوما ترجعون فيه الى اللّه : البقرة ـ 281 , وهي آخـر ما نزل على النبي (ص )عندهم , في سورة البقرة النازلة في اوائل الهجره , وقد نزلت قبلها ببضع سنين ؟.

ثـم قوله ان آية : واذا قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق , الاية , تذكير لما قالوه قبل الهجره , تحكم آخـر مـن غير حجة , لو لم يكن سياق الايه حجة على خلافه , فان العارف باساليب الكلام لا يكاد يرتاب في ان هذا اعني قوله : اللهم ان كان هذا هوالحق من عندك فامطر علينا حجارة من السما او ائتـنـا بـعـذاب الـيم , لاشتماله على قوله : ان كان هذا هو الحق من عندك بما فيه من اسم الاشاره وضـمـيـر الفصل والحق المحلى باللام , وقوله من عندك , ليس كلام وثني مشرك يستهزئ بالحق ويـسـخـرمـنـه , انـمـا هو كلام من اذعن بمقام الربوبية , ويرى ان الامور الحقة تتعين من لدنه وان الشرائع مثلا تنزل من عنده , ثم انه يتوقف في امر منسوب الى اللّه تعالى يدعي مدع انه الحق لا غيره , وهو لا يتحمل ذلك ويتحرج منه , فيدعو على نفسه دعا منزجرملول سئم الحياة .

وامـا قوله : وظاهر الرواية ان الحارث بن النعمان هذا كان مسلما فارتد , ولم يعرف في الصحابة , تحكم آخر , فهل يسع احدا ان يدعي انهم ضبطوا اسما كل من راى النبي (ص ) , وآمن به , او آمن به فارتد وان يكن شي من ذلك فليكن هذا الخبر من ذلك القبيل .

واما قوله والابطح بمكة والنبي (ص ) لم يرجع من غدير خم الى مكة , فهو يشهدعلى انه اخذ لفظ الابـطح اسما للمكان الخاص بمكة , ولم يحمله على معناه العام وهو كل مكان ذي رمل ولا دليل على ماحمله عليه , بل الدليل على خلافه وهوالقصة المسرودة فى الرواية وغيرها.

قـال فـي مـراصد الاطلاع : ابطح بالفتح ثم السكون وفتح الطا والحا المهملة : كل مسيل فيه رقاق الحصى فهو ابطح .

عـلـى ان الـروايـة بعينها رواها غير الثعلبي , وليس فيه ذكر من الابطح , وهي ما ياتي من رواية المجمع من طريق الجمهور وغيرها.

وبعد هذا كله , فالرواية من الاحاد وليست من المتواترات , ولا مما قامت على صحتها قرينة قطعية , وقـد عـرفـت مـن ابـحاثنا المتقدمه انا لا نعول على الاحاد في غيرالاحكام الفرعية , على طبق الـمـيزان العام العقلائي , الذي عليه بنا الانسان في حياته , وانما المراد بالبحث الانف بيان فساد ما استظهر به من الوجوه التي استنتج منها انها موضوعة انتهى .

وكـلام صـاحب الميزان في رد تضعيف رشيد رضا للحديث كلام قوي , لكن ليته بدل ان يضعفه هو بدعوى انه من اخبار الاحاد , اطلع على مصادره ورواته وعلى بحث الاميني حوله في المجلد الاول من الغدير , وبحث السيد النقوي الهندي في عبقات الانوار : 7 و 8 , وغيرهما.

ـ ونورد فيما يلي خلاصة لما كتبه صاحب الغدير (ره ) في : 1 / 239 , قال :.

ومـن الايـات الـنـازلـة بـعد نص الغدير , قوله تعالى من سورة المعارج : سال سائل بعذاب واقع , للكافرين ليس له دافع من اللّه ذي المعارج .

وقـد اذعنت به الشيعة وجا مثبتا في كتب التفسير والحديث لمن لا يستهان بهم من علما اهل السنة , ودونك نصوصها.

ثـم اورد صـاحـب الـغدير نصوص ثلاثين مؤلفا رووا الحديث بعدة طرق , وفيهم محدثان اقدم من الـثـعـلبي كما تقدم ثم افاض في رد الوجوه التي ذكرها ابن تيمية في كتابه منهاج السنة : 4 / 13 , واجاب عنها , ونورد فيما يلي خلاصتها , قال :.

الوجه الاول : ان قصة الغدير كانت في مرتجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حجة الوداع , وقد اجـمـع الناس على هذا , وفي الحديث : انها لما شاعت في البلادجاه الحارث , وهو بالابطح بمكة , وطبع الحال يقتضي ان يكون ذلك بالمدينة ,فالمفتعل للرواية كان يجهل تاريخ قصة الغدير.

الـجـواب : اولا مـا سلف في رواية الحلبي في السيرة , وسبط ابن الجوزي في التذكرة , والشيخ محمد صدر العالم في معارج العلى , من ان مجئ السائل كان في المسجد ـ ان اريد منه مسجد المدينة ـ ونـص الـحـلبي على انه كان بالمدينة , لكن ابن تيمية عزب عن ذلك كله , فطفق يهملج في تفنيد الـروايـة بـصـورة جـزمية فحسب اختصاص الابطح بحوالي مكة , ولو كان يراجع كتب الحديث ومـعـاجـم اللغة والبلدان والادب لوجد فيها نصوص اربابها بان الابطح كل مسيل فيه دقاق الحصى ـروى البخاري في صحيحه : 1 / 181 , ومسلم في صحيحه : 1 / 382.

عن عبد اللّه ابن عمر : ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اناخ بالبطحا بذي الحليفة فصلى بها.

الوجه الثاني : ان سورة المعارج مكية باتفاق اهل العلم , فيكون نزولها قبل واقعة الغدير بعشر سنين او اكثر من ذلك .

الـجـواب : ان المتيقن من معقد الاجماع المذكور هو نزول مجموع السورة مكيا ,لا جميع آياتها , فيمكن ان يكون خصوص هذه الاية مدنيا , كما في كثير من السور.

ولا يـرد عـلـيـه ان المتيقن من كون السورة مكية او مدنية , هو كون مفاتيحها كذلك او الاية التي انـتـزع منها اسم السورة , لما قدمناه من ان هذا الترتيب هو ما اقتضاه التوقيف , لا ترتيب النزول , فـمـن الممكن نزول هذه الاية اخيرا , وتقدمهاعلى النازلات قبلها بالتوقيف , وان كنا جهلنا الحكمة في ذلك , كما جهلناها في اكثرموارد الترتيب في الذكر الحكيم , وكم لها من نظير ومن ذلك :.

1 ـ سورة العنكبوت , فانها مكية الا من اولها عشرة آيات , كما رواه الطبري في تفسيره في الجز العشرين / 86 , والقرطبي في تفسيره 13 / 323.

2 ـ سورة الكهف , فانها مكية الا من اولها سبع آيات , فهي مدنية كما في تفسيرالقرطبي 10 / 346 , واتقان السيوطي 1 / 16.

ثم عدد الاميني سبع عشرة سورة مكية فيها آيات مدنية , وسورا مدنية فيها آيات مكية .

الوجه الثالث : ان قوله تعالى : واذ قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السما , نزلت عقيب بدر بالاتفاق قبل يوم الغديربسنين .

الجواب : كان هذا الرجل يحسب ان من يروي تلك الاحاديث المتعاضدة يرى نزول مالهج به الحارث بن النعمان الكافر من الاية الكريمة في اليوم المذكور.

والـقـارئ لـهاتيك الاخبار جد عليم بمينه في هذا الحسبان , او انه يرى حجرا على الايات السابق نـزولـها ان ينطق بها احد , فهل في هذه الرواية غير ان الرجل المرتدالحارث او جابر تفوه بهذه الكلمات ؟ واين هو من وقت نزولها , فدعها يكن نزولهافي بدر او احد , فالرجل ابدى كفره بها كما ابدى الكفار قبله الحادهم بها الوجه الرابع : انها نزلت بسبب ما قاله المشركون بمكة , ولم ينزل عليهم العذاب هناك لوجود النبي (ص ) , لقوله تعالى : وما كان اللّه ليعذبهم وانت فيهم , وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون .

الـجـواب : لا ملازمة بين عدم نزول العذاب في مكة على المشركين , وبين عدم نزوله هاهنا على الرجل , فان افعال المولى سبحانه تختلف باختلاف وجوه الحكمة .

ثـم اورد الاميني عددا من الذين دعا عليهم النبي (ص ) فعذبهم اللّه تعالى , ثم قال : ولو كان وجود الـرسول (ص ) مانعا عن جميع اقسام العذاب بالجملة , لما صح ذلك التهديد , ولما اصيب النفر الذين ذكـرناهم بدعوته , ولما قتل احد في مغازيه بعضبه الرهيف , فان كل هذه من اقسام العذاب , اعاذنا اللّه منها.

الـوجـه الـخامس : انه لو صح ذلك لكان آية كية اصحاب الفيل , ومثلها تتوفرالدواعي لنقله , ولما وجـدنـا المصنفين في العلم من ارباب المسانيد والصحاح والفضايل والتفسير والسير ونحوها , قد اهملوه راسا فلا يروى الا بهذا الاسنادالمنكر , فعلم انه كذب باطل .

الـجـواب : ان قـيـاس هـذه التي هي حادثة فردية , لا تحدث في المجتمع فراغا كبيرايؤبه له , وورائهـا اغـراض مـستهدفة تحاول اسدال ستور الانسا عليها كما اسدلوهاعلى نص الغدير نفسه مجازفة ظاهرة , فان من حكم الضرورة ان الدواعي في الاولى دونها في الثانية .

وامـا مـا ادعاه ابن تيمية من اهمال طبقات المصنفين لها , فهو مجازفة اخرى , لمااسلفناه من رواية المصنفين لها من ائمة العلم , وحملة التفسير , وحفاظ الحديث ,ونقلة التاريخ .

لم نعرف المشار اليه في قوله : بهذا الاسناد المنكر العظيم , وسفيان بن عيينة المعروف بامامته في العلم والحديث والتفسير , وثقته في الرواية .

وامـا الاسناد اليهما , فقد عرفه الحفاظ والمحدثون والمفسرون المنقبون في هذاالشان , فوجدوه حريا بالذكر والاعتماد , وفسروا به آيات من الذكر الحكيم , من دون اي نكير , ولم يكونوا بالذين يفسرون الكتاب بالتافهات .

نـعم : هكذا سبق العلما وفعلوا , لكن ابن تيمية استنكر السند , وناقش في المتن لان شيئا من ذلك لا يلائم دعارة خطته .

الوجه السادس : ان المعلوم من هذا الحديث ان حارثا المذكور كان مسلماباعترافه بالمبادئ الخمسة الاسلامية , ومن المعلوم بالضرورة ان احدا من المسلمين لم يصبه عذاب على العهد النبوي .

الـجواب : ان الحديث كما اثبت اسلام الحارث , فكذلك اثبت ردته برده قول النبي (ص ) وتشكيكه فـيما اخبر به عن اللّه تعالى , والعذاب لم ياته حين اسلامه ,وانما جاه بعد الكفر والارتداد على ان فـي الـمـسلمين من شملته العقوبة لماتجرؤوا على قدس صاحب الرسالة ثم ذكر الاميني عددا من الـذين دعا عليهم النبي (ص ) من المسلمين , منهم من ذكره مسلم في صحيحه عن سلمة بن الاكوع :ان رجلا اكل عند النبي (ص ) بشماله , فقال : كل بيمينك قال : لا استطيع , قال : لااستطعت : فما رفعها الى فيه بعد الخ الـوجـه الـسـابـع : ان الحارث بن النعمان غير معروف في الصحابة , ولم يذكره ابن عبد البر في الاستيعاب وابن مندة وابو نعيم الاصبهاني وابو موسى في تليف الفوهافي اسما الصحابة , فلم نتحقق وجوده .

الـجـواب : ان مـعـاجم الصحابة غير كافلة لاستيفا اسمائهم , فكل مؤلف من اربابهاجمع ما وسعته حيطته واحاط به اطلاعه , ثم جا المتاخر عنه فاستدرك على من قبله بما اوقفه السير في غضون الـكـتـب وتـضـاعيف الاثار , واوفى ما وجدناه من ذلك كتاب الاصابة بتمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني , ومع ذلك فهو يقول في مستهل كتابه : ومع ذلك فلم يحصل لنا من ذلك جميعا الوقوف على الـعـشـر مـن اسـامي الصحابة بالنسبة الى ما جا عن ابي زرعة الرازي قال : توفي النبي صلى اللّه عـلـيـه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة الف انسان , من رجل وامراة , كلهم قدروى عنه سماعا او رؤية .

وبـعد هذا كله فالنافي لشخص لم يجد اسمه في كتب هذا شانها خارج عن ميزان النصفة , ومتحايد عـن نـوامـيـس الـبـحث , على ان من المحتمل قريبا ان مؤلفي معاجم الصحابة اهملوا ذكره لردته الاخيرة انتهى .

ونضيف الى ماذكره صاحب الغدير (ره ) وما تقدم :.

اولا : ان من الادلة القوية على صحة هذا الحديث انه لايمكن ان ينشا من فراغ ,وان احتمال وضعه مـن قـبل رواة الخلافة القرشية غير معقول , لانهم لا يقدمون على وضع حديث يثبت ان ولاية علي (ع ) نزلت من السما قبل بيعة ابي بكر في السقيفة وان اللّه تعالى عاقب من اعترض عليها بحجر من السما , كما عاقب اصحاب الفيل الكفار كما ان القول بتسرب الحديث من مصادر الشيعة الى مصادر السنة باب خطيرعليهم فلو قبلوا بفتحه لانـهار بنا صحاحهم كلها , ثم انهارت الخلافة القرشية وسقيفتها الشيعية ) هم رواة اصول عقيدة الخلافة القرشية وبناة قواعدها فهم مجبورون على توثيقهم وقبول رواياتهم , ومنها هذه الروايات التي تضر اصول مبانيهم ثـانـيا : ان المتفق عليه في مصادر الشيعة والسنة اقوى من المختلف فيه لانك عندما ترى ان مذاهب الـمـسلمين كلها تروي حديثا , يقوى عندك احتمال ان يكون صدر عن النبي (ص ) , وعندما يرويه بـعـضـها ويرده بعضها تنزل عندك درجة الاحتمال ومما يزيد في درجة احتمال الصحة : ان يكون الطرف الراوي للحديث متضررا منه ضررا مؤكدا , ومتحيرا في كيفية التخلص منه وحديثنا من هذا النوع , فهو حديث يتضرر منه اتباع خلافة قريش من المسلمين .

ويبغضه عبدة قبيلة قريش من النواصب .

اما اتباع اهل بيت النبي (ص ) فيحتجون به , وتخبت له قلوبهم .

ثالثا : ان الاختلاف في اسم الشخص الذي نزل عليه حجر السجيل , لا يضر في صحة الحديث , اذا تمت بقية شروطه خاصة ان اسمه صار سواة على اقاربه وعشيرته , ولا بد انهم عملوا على اخفائه ونسيان امره , حتى لا يعيرهم به المسلمون , كما قال الاميني .

عـلـى ان لـلـباحث ان يرجح ان اسم المعترض هو : جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري , وليس الحارث بن النعمان الفهري بدليل ان الحافظ ابي عبيد الهروي المتوفى سنة 223 , ضبطه في تـفـسـيـره بـهذا الاسم , وكل العلما السنيين يحترمون علم ابي عبيد , وخبرته بالاحاديث , وقدم عصره .

وجـابـر بن النضر شخصية قرشية معروفة , لانه ابن زعيم بني عبد الدار , حامل لوا قريش يوم بدر فلا يبقى لابن تيمية والنواصب حجة في ردالحديث عـلـى ان الباقين الذين وردت اسماؤهم في روايات الحديث , كالحارث الفهري وغيره , ترجم لهم المترجمون للصحابة ايضا , او ترجموا لمن يصلحوا ان يكونوااقارب لهم .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الحتمية التاريخية والحتمية الكونية
حقائق مجهولة في كتب المسلمين
في قول النبي لأهل بيته: (أنا حرب لمن حاربكم) ...
أثر الشفاعة فی المصالح الدنیویة
المُناظرة الثالثة/مناظرة الاِمام الكاظم عليه ...
الموت أفضل من الحياة
المعاد و التقية
ثقافة (التسخيت)
أنّه تعالى مريدٌ ومن صفات كماله إرادته
وأما الصفات السلبية -2

 
user comment