منذ ميلاد الإنسان على سطح الأرض أخذ يتأمل ويفكر ويستبصر في كل ما يحيط به من سماء وأرض , وما يحدث له من كوارث طبيعية , وما يقع عليه بصره من ظواهر غريبة . وانشغل الفكر الإنساني منذ ذلك الحين وحتى اليوم بكيفية نشوء الكون ومعرفة أسراره وخباياه التي يقف علمه المحدود أمامها عاجزاً مقهوراً وحائراً مبهوراً . وكلما ازداد الإنسان معرفة وعلما , سرعان ما تنكشف له بعض الظواهر والشواهد التي لم يكن يعرفها من قبل ,والتي لا يجد لها تفسيراً يقينياً يبدد الغيوم والغموض حول قضية نشوئها ونظام عملها .
وحتى إلاف السنين بعد ظهور الإنسان على سطح الأرض ظل يعتقد أن الكون يتألف من الأرض الفسيحة الأرجاء التي يعيش عليها , ومن الشمس والقمر والنجوم التي تسطع وتتلألأ في السماء . ومع تقدم علم الفلك واختراع آلات الرصد المطورة , واكتشاف المراقب الحديثة ذات المرايا العاكسة للضوء وتلك اللاسلكية ( الرادية ) , أدرك الأنسان أن كوكب الأرض ماهو إلا كوكب صغير جداً بالنسبة للمجموعة الشمسية الأخرى في الكون . وأصبحت المشكلة التي يواجهها علماء الفلك اليوم تتمثل في وفرة المعلومات التي تحتاج إلى دراسة وتحليل وتفسير وتعليل وليست في ندرتها كما كان عليه الحال من قبل .
وأسهم تقدم علوم أخرى مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء واختراع الأدوات التقنية الحديثة المستخدمة في الدراسات الفلكية في معرفة بعض خبايا الكون ونظامة وعناصره التي يتألف منها . ومع ذلك ظلت القضايا الجوهرية التي تتعلق بكيفية نشوء الكون وأصل مادته الأولية التي تكون منها موضع جدل وخلاف بين العلماء . ولم يستطع العلم أن يقدم في هذا الشأن حتى الآن سوى اقتراحات وافتراضات ونظريات ظنية قابلة للتغيير والتعديل من أن إلى آخر.