القيادة... أولا!
منطقة الخليج تمر بمرحلة جديدة في ظل ظروف صعبة وحساسة أجبرت أنظمتها على تبني سياسة جديدة تتصف بشئ من الانفتاح والاعتراف بالتيارات الموجودة...فرضته الأحداث الدولية والتغيرات الثقافية والاجتماعية لأبناء المجتمع الخليجي. هذه المرحلة تتطلب المزيد من الوعي والحكمة والشفافية في التعامل من الجميع - حكومات وشعوب - حسب ما تقتضيه الظروف الحالية للمشاركة الحقيقية لبناء الأوطان واثبات الوجود من خلال مظلة المواطنة.
• هل يوجد للشارع الخليجي ومنهم الشيعة قراءة معاصرة للمشهد السياسي للمنطقة؟ وهل لديهم القدرة على المشاركة في بناء التاريخ الحديث؟
• هل ستبادر حكومات المنطقة لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع جميع المواطنين قائمة على المواطنة الحقيقية؟
• ألا يوجد بين الشيعة طاقات تستحق أن تأخذ مواقعها المناسبة لخدمة أوطانها بشكل أفضل؟
• هل يوجد لشيعة الخليج في كل بلد قيادة تحظى بتأييد الأكثرية؟
إصلاحات واقعية:
الوطن ملك لجميع المواطنين من ذكور وإناث ومن جميع العروق والقبائل والأديان والمذاهب والتيارات السياسية والفكرية والثقافية. وان إصلاح وتقدم وتطور الوطن مسؤولية جميع المواطنين.... ولهذا على الأنظمة العربية ومنها الخليجية المبادرة بطرح برامج إصلاحية سياسية جوهرية واقعية صحيحة على ارض الواقع وليس للاستهلاك الإعلامي والدعاية للغرب.
وذلك عبر إنشاء المؤسسات الدستورية المنبثقة من الشعب وتحديد الصلاحيات وفصل السلطات, والعدالة والمساواة بين أبناء الوطن. والاعتراف بجميع أطياف المواطنين ومنهم الشيعة الذين هم بحاجة إلى الشعور بالأمان والثقة عبر الاعتراف بهم كما هم, ورفع الظلم والتهميش عنهم, والدفاع عنهم, وفتح المجالات للطاقات والكفاءات بالمشاركة في بناء الوطن, ومعاقبة كل من يسئ التصرف ويثير النعرات الطائفية. وعدم اعتبار من يطالب بالإصلاح والتغيير والتطوير نحو الديمقراطية وممارسة الحرية وإعطاء الأقليات حقوقها بأنه يدعو للفتنة وشق صف اللحمة الوطنية!.
وحان الوقت لتبادر الحكومات لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع جميع المواطنين علاقة قائمة على المواطنة الحقيقية.. لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع جميع المواطنين علاقة قائمة على المواطنة الحقيقية..
فالمواطن عندما يشعر بان له رأي وقيمة وكرامة واحترام في وطنه, ولديه حكومة عادلة تدافع عنه- عندما يتعرض للظلم من داخل أو خارج الوطن-, وله حق من الثروة الاقتصادية فانه يزداد حبا وإخلاصا لوطنه وقيادته.
قراءة معاصرة:
أبناء الشارع الخليجي ومنهم الشيعة الذين ظهروا قوة مؤثرة ضمن النسيج الوطني بعد تهميش من الأنظمة.. مطالبون كبقية مكونات المجتمع الخليجي بأن تكون لهم قراءة جديدة وصحيحة للواقع المعاصر برؤية جديدة وأفكار واعية.. تختلف عن السابق تناسب هذه المرحلة... فالعالم يتغير ويتطور وفي ظل ذلك تتاح فرص.. لمن يحسن استغلاها ويتعامل معها بوعي وبصيرة.
والعالم أصبح كالقرية الصغيرة وكل ما يحدث فيها يشاهد ويسمع ويكتب عنه, وليس هناك موقع للاختباء والانعزال وادعاء الخصوصية فالكل تحت الأضواء. والظروف والواقع الإقليمي والعالمي يحتم على الجميع بالعمل بحكمة وبوسائل ذكية وبخطابات تناسب المرحلة. واستغلال الإعلام ذلك السلاح المهم والمؤثر.
• فهل أبناء الخليج وبالذات الشيعة يدركون حجمهم الحقيقي في ظل سياسة المصالح والمتغيرات؟
نعم أن الشيعة رقم مؤثر يؤثر ويتأثر بما يقع في المنطقة وهو جزء مهم من نسيج الشعب الخليجي. والكل أخذ يضع لهم قيمة وأهمية في المعادلة من قبل صناع القرار والفكر والسياسة والاجتماع داخل المنطقة وخارجها.
ولهذا ينبغي على الشيعة إدراك حجمهم وقوتهم, ومراجعة واقعهم وتفكيرهم في التعاطي مع الأنظمة الحاكمة والقوى والتيارات في البلد حسب الأحداث الداخلية والخارجية, مستفيدين من التجارب السابقة..., والتصرف حسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية والمرحلة الحالية والمستقبلية, للحصول على حقوقهم الكاملة ومنها حق المشاركة في البناء وصناعة القرار في الوطن الذي ينتمون إليه وللأرض التي يرتبطون بها قبل تأسيس الدويلات الجديدة في التاريخ الحديث, ولكي يسدوا أفواه من يحاولوا أن يشككوا في ولائهم وحبهم وإخلاصهم للوطن- الذين يستغلون تهميش وتغييب المواطنين الشيعة عن الواجهة وعن دوائر صناعة القرار والمسؤوليات في الوطن- والتغيير يبدأ أولا من صناع القرار في الدولة, وكذلك من داخل الكيان الشيعي إذ إنهم مطالبون بالتغيير على صعيد الشخص والأسرة والحارة والمجتمع.. ﴿ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾[1] .
• هل صحيح أن اغلب شيعة المنطقة لديهم عقدة وتشنج وتحسس من التعامل مع الأنظمة, ولديهم تردد من التفاعل مع نداءات التغيير والاندماج مع سياسة حكوماتهم, ويغلب عليهم كما يغلب على الشارع الخليجي الركون والاستسلام للأفكار السابقة التي أصبحت لدى البعض من المسلمات, بالرغم من أن المدرسة الشيعية قائمة على العقل والاجتهاد؟
تفعيل المجتمع:
من الضروري ومن باب الأولوية على من يطالب بالديمقراطية والحرية والتعددية والعدالة والمساواة والانفتاح واحترام الطاقات. أن يبادر بتطبيقها وممارستها على نفسه ومجتمعه, ولهذا فالشيعة مطالبون بممارسة الديمقراطية واحترام الطاقات والكفاءات والآراء من جميع التيارات, والانفتاح على جميع المدارس والرموز التي تشكل المجتمع الشيعي في ذلك البلد.
والشيعة في دول الخليج مطالبون بالوحدة والاتفاق بين أفراد الكيان في كل دولة على رؤية وبرامج ومواقف محددة وبالذات التي تتعلق بالشأن الوطني, وان اختلفت الأدوار وتعددت الشخصيات ما دام الهدف واحد. وتنظيم الأعمال والبرامج والمشاريع وتحويلها إلى أعمال مؤسساتية منظمة حسب تخطيط مستقبلي منهجي بعيد المدى, وضرورة تفعيل دور جميع المدارس فالتنوع في المدارس والتيارات داخل المجتمع الشيعي له ايجابيات كبيرة إذا تم التعامل معها بطريقة مناسبة وواعية, وكذلك ممارسة النقد للواقع المعاش وبالذات للأمور الحساسة فهناك العديد من الملفات داخل الكيان الشيعي تحتاج إلى فتح ومناقشة واتفاق.., والتي لازال عليها تحفظ وخطوط حمراء...
فالسكوت والصمت والتوقف عند الخطوط الحمراء لا يخدم المجتمع, وان استعمال البعض الهيمنة واحترام الشارع لتحقيق أهداف تخدم تيار أو مدرسة أو شريحة محددة من الكيان الشيعي سيؤدي إلى استمرار الخطأ والى خسائر كبيرة في المستقبل.
• هل شيعة الخليج قادرون على ممارسة الديمقراطية بشكلها الحقيقي داخل الكيان الشيعي المتعدد المدارس والمرجعيات الدينية والفكرية؟
القيادة المؤثرة:
القيادة حاجة ضرورية ومطلب طبيعي وحضاري وعقلي وديني..في كل عمل ومجتمع.. فلا ينجح أي عمل بلا قيادة واعية مهما كان حجمه من الأسرة الصغيرة إلى إدارة الدولة مرورا بالمؤسسات والشركات والديانات والمذاهب والقبائل..
ففي الفترة الأخيرة نشرت الصحف خبرا بان بعض قيادات القبائل في المنطقة بدأت بتعيين مسؤولين لمتابعة شؤون أفراد القبيلة في كل منطقة يمثلون القائد الأعلى للقبيلة الذي يتم اختياره عبر عدة طرق منها تزكية كبار القبيلة أو بالتصويت عبر صناديق الانتخاب كما حدث في بعض القبائل في جنوب وغرب السعودية. كما قامت العوائل الحاكمة في الخليج بإنشاء مجلس للعائلة يكون الحاكم رئيسا للمجلس.
• لماذا لا يوجد للشيعة مجلس وقيادة تمثلهم. هل هناك أسباب لماذا تمنع؟
المجتمع الخليجي يمر بمرحلة انتقالية وتغييرات كبرى خاصة في فكر وعقلية وثقافة الشباب «ذكور وإناث» الشريحة الأكبر في المجتمع.. حيث إن الجيل الجديد له رؤية وتطلعات يبحث عن النموذج والقيادة المؤثرة. و من البديهيات في المجتمع الناجح المتحضر الذي يسعى للمطالبة بحقوقه والمشاركة في بناء الوطن مثل الشيعة..
أن تكون لديه قيادة كفوء قادرة على تحمل المسؤولية والتصدي.. تحظى بالاحترام والتقدير من قبل الأكثرية في الشارع وليس الكل, وعلى الآخرين احترام إرادة الأكثرية, وعلى الأكثرية احترام رأي الأقلية التي ينبغي أن تعمل بأسلوب حضاري وليس الانعزال والعمل من خلف الكواليس والظلام.
• هل الزعيم والقائد يجب أن يكون عالما في جميع العلوم أم يكفي أن يكون واعيا حكيما, يحظى بالتأييد من جميع الشرائح ؟ أم لابد من تقسيم القيادة إلى دينية وسياسية واجتماعية؟
• هل القائد الوعي مسؤول عن بناء مجتمع ناجح. أم الأمة الناضجة هي التي تصنع قيادات ناجحة؟
أي مجتمع وأي منشاة لا تستطع البناء والنمو والنجاح إلا بوجود قائد حكيم متمكن, والقائد ومهما بلغ من دراية ومعرفة وقوة ورشد لا يستطع بناء مجتمع ناجح إلا بتعاون وتفاعل أبناء المجتمع.
بلا شك من الأمور المهمة في قوة أي امة أو فئة أو شريحة ما تعتمد أولا على وجود القيادة القوية المؤثرة وعلى كوادرها وأفرادها وتميزها على المستوى العلمي والثقافي والفكري والاقتصادي. القادرة على فرض احترامها ومكانتها في عالم لا يعترف إلا بالقوة العلمية والاقتصادية والتخصصات النادرة. ولهذا من المهم أن يكون لدى الشيعة اهتماما كبيرا بذلك على صعيد الرجال والنساء.
والقيادة الواعية المنفتحة المتحضرة التي تؤمن بأهمية العلم والمعرفة والعمل المنظم والمؤسساتي والاستفادة من جميع الطاقات في جميع العلوم...تستطيع صناعة كوادر ومجتمع واعي قادر على خدمة الوطن, وان يكون نموذجا وطنيا راقيا يخدم نفسه ومجتمعه ووطنه.
فعندما تساهم القيادة وكوادرها في بث حب العلم والمعرفة ونيل الشهادات العليا وتنمية الروح الوطنية والتشجيع المعنوي والدعم المادي لأفرادها.. تصنع جيلا من المفكرين والأطباء والمهندسين والأدباء والفنانين والرياضيين والموظفين والعاملين.. المميزين والمخلصين في عملهم...ويكونوا رسل قومهم وصورة ايجابية لمن ينتمون.
وهناك عد كبير من أبناء الشيعة أبدعوا وتميزوا في جميع المجالات على مستوى الوطن..وهم بالتالي محل فخر واعتزاز .. يسجل باسم الوطن, وهولاء يبحثون عن مواقع مناسبة في وسط كيانهم..وكذلك لدى قيادة وطنهم.
فالمجتمع الناجح هو من يملك قيادة ناجحة.
• هل يوجد للشيعة في كل بلد شخصية قيادية تدعي أنها تمثل أفراد ذلك البلد أو المجتمع؟
• هل لابد أن تكون الشخصية القيادية الممثلة للشيعة دينية؟
--------------------------
(*) شبكة راصد الاخبار
source : مسؤولية شيعة الخليج في صناعة التاريخ المعاصر