عربي
Saturday 27th of July 2024
0
نفر 0

في إثبات ذلك من الكتاب

وذلك من وجوه دلت على وجوده وإمامته وثبوت عصمته الأول (ومِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وبِهِ يَعْدِلُونَ) روى صاحب الكشاف في كتابه أن بني إسرائيل لما عبدوا العجل تبرأ سبط منهم ولم يدخل فيما صنعوا وسأل الله أن يفرق بينهم وبين قومهم ففتح الله لهم نقبا في الأرض فساروا فيه وفارقوا قومهم فلما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعرج به إلى السماء أقدمه جبرئيل عليه السلام عليهم فأسلموا على يده وعلمهم الحدود والأحكام وعرفهم شرائع الإسلام وهم باقون يعبدون الله تعالى على الملة الإسلامية والشريعة المحمدية.

و لا شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تحذو أمتي حذو بني إسرائيل النعل بالنعل والقذة بالقذة فلا بد أن يكون في هذه الأمة من هو كذلك. ولم ينقل أحد خاف من الظالمين ففتح له نفق في الأرض فسار فيه وفارق الطاغين غير الإمام الحجة عليه السلام وهو كما وردت الأخبار في قطر من الأقطار بين ولده وأصحابه وخواصه يعبد الله إلى حين ظهوره والإذن في حضوره فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. الثاني (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وعده سبحانه حق وصدق وقد وعد المؤمنين الصالحين الخائفين في كتابه المبين بالاستخلاف على المكلفين ووصفهم بحصول الخوف بعد كونهم مؤمنين وأن يجعلهم بعد ذلك آمنين. وهذه خاصة لم تحصل لأحد ممن تولى أمور المسلمين وإنما هو صفة للقائم خاتم الأئمة المعصومين ولذا وصفهم بأنهم عن الشرك منزهين وهذا لا يكون إلا للأئمة الطاهرين أليس قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال دبيب الشرك في أمتي كدبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء والعصمة تمنع من ذلك ولا معصوم سواهم فلا يراد بهذا الوصف إلا هم ثم وصفهم بأنه إذا استخلفهم في أرضه لا يكون فيها من يشرك بعبادته وهذا لا يتأتى إلا مع وجود الإمام الحجة عليه السلام إذا ملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما فتكون هو المراد بهذه الأحكام وهو المطلوب. الثالث (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وعد الله في كتابه المكنون أن يظهر دين الإسلام على أديان الأنام ووعده حق لا بد من حصوله وصدق لا بد من حلوله وهذا أمر لا تحصل في عهد خاتم النبيين ولا أحد ممن تولى أمور المسلمين. وقد ثبت أن قائم آل محمد يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ولا عدل أعظم من إظهار الشريعة المحمدية والملة الإسلامية فيكون الإمام الحجة عليه السلام هو الموعود به في الكتاب وهو نص في الباب. الرابع (ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) مما صح لي روايته عن محمد بن أحمد الأيادي رحمه الله يرفعه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الذين يجعلهم الله أئمة نحن أهل البيت يبعث الله مهديهم فيعزهم ويذل عدوهم الخامس (وفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وما تُوعَدُونَ) بالطريق المذكور يرفعه إلى ابن عباس الرزق الموعود في السماء هو خروج المهدي عليه السلام السادس (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) بالطريق المذكور يرفعه إلى ابن عباس أيضا قال يصلح الله الأرض بقائم آل محمد بعد موتها يعني بعد جور أهل مملكتها (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) بالحجة من آل محمد (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). السابع (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً) بالطريق المذكور والذين وعد الله بالإتيان بهم جميعا في الكتاب هم أصحاب الإمام القائم عليه السلام يجمعهم الله في يوم واحد بعد التشتت والذهاب فإذا قام صلى الله عليه وصلوا في ذلك اليوم إليه الثامن (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) بالطريق المذكور يرفعه إلى الحسن بن زياد الصيقل قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن القائم منا لا يقوم حتى ينادي مناد من السماء تخشع له الرقاب تسمع الفتاة في خدرها ويسمع به أهل المشرق والمغرب (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) تموج أعداؤه عند ذلك كما يموج السمك في قليل الماء حتى يأتيهم النداء (لا تَرْكُضُوا وارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ ومَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) فإذا حلت بهم الندامة على ما أسلفوا ونظروا ما خلفوا (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) عند الكشف وظهور صاحب الأمر بالسيف لا ينفعهم الإيمان ولا يغني عنهم الإذعان (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) وكيف ينفع إيمان المنافقين عند حلول العذاب المهين. وأنى لهم بالإيمان المنجي من العذاب وسوء الانقلاب عند ظهور اليأس وحلول البأس بل يحل بهم الويل والثبور والحسرة والندامة مع ما يعجل لهم من العذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون وفي الآخرة يصلون الجحيم والعذاب المقيم. التاسع (قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) كنى سبحانه عن الإمام القائم عليه السلام في كتابه المبين بالماء المعين لأنه يحيي به النفوس في هذه الدنيا وفي تلك الدار كما يحيي بالماء الحيوان والنبات والثمار. ويعضده ما صح لي روايته بالطريق المذكور يرفعه إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال معنى الآية (إِنْ أَصْبَحَ ماءكم غَوْراً) غائبا عنكم (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ) بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض وبحلال الله وحرامه العاشر (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) بالطريق المذكور يرفعه إلى أبي جعفر عليه السلام قال الراوي سألته عن معنى الخنس الذي ذكره الله في كتابه فقال إمام يختنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس سنة ستين ومائتين ثم يبدو كالشهاب الوقاد في ظلمة الليل فإن أدركت ذلك قرت عينك الحادي عشر (وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً) كنى سبحانه عن الإمام الحجة عليه السلام في الكتاب بالنعمة الباطنة وهو نص في الباب. ويعضده ما جاز لي روايته عن السيد هبة الله الراوندي رحمه الله يرفعه إلى الإمام موسى بن جعفر عليه السلام فإنه سئل عن نعم الله الظاهرة والباطنة التي أسبغها الله على عباده وذكر ذلك في كتابه فقال النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب يغيب عن أبصار الناس شخصه ويظهر له كنوز الأرض ويقرب عليه كل بعيد الثاني عشر (ولا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) نهى الله عباده المؤمنين أن يكونوا لطول غيبة إمامهم قانطين ولتعميره بهذه المدة المتطاولة مستبعدين فيكونوا كالقوم المتقدمين فينحطوا عن درجة المتقين.

و يعضده ما صح لي روايته عن الشيخ محمد بن بابويه رحمه الله يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام أن النهي عن كون المسلمين مثل الذين قست قلوبهم من أهل الكتاب المتقدمين إنما هو في أمر الإمام القائم عليه السلام فيجب أن لا يتعجل المؤمن أمرا لم يحصل أوانه ولم يحضر زمانه بل يكون على يقين من حصوله ويجزم بحلوله فيكون حينئذ كامل الإيمان بالله ورسوله والأئمة وصاحب الزمان وهذا هو الإيمان المنجي من العذاب إذ بدونه يموت الإنسان ميتة جاهلية فيحصل سوء الانقلاب نعوذ بالله من النار وغضب الجبار وبالله العصمة والتوفيق.


source : تأليف: السيد على بن عبد الكريم نيلي النجفي
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الرومان والماسونية
الثوابت‌ الاربعة‌ في‌ ثورة‌ الإمام‌ الحسيـن‌ ...
اجعلوا انفسكم ميزاناً بينكم وبين غيركم‏
بكاء الأئمة على الحسين (عليه السلام)
في زيارة ائمّة سرّ من رأى (عليهم السلام) وأعمال ...
مولود الكعبة
الإمام الحسين في ظلال السنة(الطائفة الثانية)
ما هو اسم الحسين عليه السلام
طَلبُ الناصرمن الجيش المعادي
دلالة آية المباهلة على إمامة عليّ (عليه السلام)

 
user comment