عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

بكاء الأئمة على الحسين (عليه السلام)

قال السيد محسن الأمين العاملي في الصفحة (93) من تأليفه (إقناع اللائم) عند بحثه عن نياحة الأئمة (عليهم السلام) على جدهم الشهيد ما نصه:

(أما أنهم - أي الأئمة - بكوا على الحسين، وعادوا مصيبته أعظم المصائب وأمروا شيعتهم ومواليهم وأتباعهم بذلك، وحثوا عليه، واستنشدوا الشعر في رثائه، وبكوا عند سماعه، وجعلوا يوم قتله يوم حزن وبكاء. وذموا من اتخذه عيداً وأمروا ترك السعي فيه في الحوائج، وعدم ادخار شيء فيه. فالأخبار مستفيضة عنهم، تكاد تبلغ حد التواتر رواها عنهم ثقات شيعتهم ومحبيهم بأسانيدها المتصلة إليهم...).

- الإمام السادس جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فأنه كان من أكثر الأئمة (عليهم السلام) حزناً وبكاء

ونياحة على جده الإمام الشهيد (عليه السلام)، والروايات في وصف بكاءه ونحيبه كثيرة ومتواترة. وقد ملأت

بطون كتب التاريخ وأسفار الحديث والمرويات. وأنقل تالياً بعض هذه الروايات:

روى كتاب (إقناع اللائم) صفحة (97) عن ابن قولويه في (الكامل) بسنده عن ابن بصير قال: ( كنت عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فدخل عليه ابنه، فقال: مرحباً وضمه وقبله. وقال حقر الله من حقركم، وأنتقم ممن وتركم، وخذل الله من خذلكم، ولعن الله من قتلكم وكان الله لكم ولياً وحافظاً وناصراً. فقد طال بكاء السماء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء، ثم بكى، وقال: يا أبا بصير،إذا نظرت إلى ولد الحسين آتاني ما لا أملكه بما أوتي إلى أبيهم وإليهم. يا أبا بصير إن فاطمة لتبكي... )

ثم يستطرد الإمام فيقول:

(أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة فبكيت حين قالها فما قدرت على النطق من البكاء).

 

- وفي (إقناع اللائم) أيضاً ما نصفه: (عن معاوية بن وهب قال: دخلت يوم عاشوراء إلى دار مولاي جعفر الصادق (عليه السلام) فرأيته ساجداً في محرابه فجلست من ورائه حتى فرغ، فأطال في سجوده وبكاءه، فسمعته وهو ساجد يناجي ربه ويدعوا بالغفران لنفسه ولاخوته ولزوار أبي عبد الله الحسين ويكرر ذلك ...).

ثم يستطرد معاوية فيقول: (فلما رفع مولاي رأسه أتيت إليه وسلمت عليه وتأملت وجهه، فإذا هو كاسف اللون، متغير الحال، ظاهر الحزن، ودموعه تنحدر على خديه كاللؤلؤ الرطب. فقلت: يا سيدي مم بكاؤك لاأبكي الله لك عيناً؟ وما الذي حل بك؟ فقال لي: أوفي غفلة أنت عن هذه اليوم؟ فبكيت لبكائه، وحزنت لحزنه. فقلت يا سيدي فما الذي فُعل في مثل هذا اليوم؟ فقال: ياإبن وهب، زر الحسين (عليه السلام) من بعيد أقصى، ومن قريب أدنى وجدد الحزن عليه، وأكثر البكاء عليه والشجو له..).

ثم يواصل معاوية الكلام ويقول: (فقلت جعلت فداك: لم أدر أن الأجر يبلغ هذا كله حتى سمعت دعاءك لزواره فقال لي:يا ابن وهب أن الذي يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعون لهم في الأرض، فإياك أن تدع زيارته لخوف من أحد. فمن تركها لخوف أحد. رأى الحسرة والندم. يا ابن وهب، أما تحب أن يرى الله شخصك؟ أما تحب أن تكون غداً ممن يصافحه رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة؟ قلت: يا سيدي فما قولك في صومه من غير تبييت؟ فقال لي: لا تجعله صوم يوم كامل، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة، على شربة من ماء، فإنه في ذلك الوقت انجلت الهيجاء عن آل الرسول وانكشفت الغمة عنهم، ومنهم في الأرض ثلاثون قتيلاً، يعز على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مصرعهم، ولو كان حياً لكان هو المعزى بهم. ثم بكى الصادق (عليه السلام) حتى اخضلت لحيته بدموعه، ولم يزل حزيناً كئيباً طول يومه ذلك، وأنا أبكي لبكائه وأحزن لحزنه..).

 

- روى الصدوق في (الأمالي)، وابن قولويه في (الكامل) بسنديهما عن أبي عمارة المنشد، عن أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) قال لي: يا أبا عمارة، أنشدني في الحسين بن علي، فأنشدته فبكى، ثم أنشدته فبكى قال: فو الله مازلت أنشده فيبكي حتى سمعت بكاء من في الدار. فقال: يا أبا عمارة من أنشد في الحسين بن علي شعراً فأبكى خمسين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى ثلاثين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى عشرة فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى واحداً فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فتباكى فله الجنة...).

 

- روى (الكشي) في كتاب (الرجال) عن زيد الشحام قال: كنا عند أبي عبد الله جعفر الصادق، ونحن جماعة من الكوفيين، فدخل جعفر بن عفان على أبي عبد الله، فقربه وأدناه، ثم قال: يا جعفر، قال: لبيك، جعلني الله فداك، قال: بلغني أنك تقول الشعر في الحسين (عليه السلام) وتجيد فقال له نعم، جعلني الله فداك، قال: قل، فأنشده، فبكى ومن حوله حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته، ثم قال: يا جعفر، والله لقد شهدت ملائكة الله المقربين هاهنا يسمعون قولك في الحسين، لقد بكوا كما بكينا أو أكثر، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها، وغفر الله لك فقال: يا جعفر،أولا أزيدك!! قال: نعم يا سيدي، قال: ما من أحداً في الحسين شعراً فبكى وأبكى به ألا أوجب الله له الجنة وغفر له).

5- وروى أبو الفرج الأصفهاني في أغانيه، بسنده عن علي بن إسماعيل التميمي، عن أبيه، (قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد، فأستأذن آذنه للسيد الحميري، فأمر بإيصاله، وأقعد خلف ستر، ودخل فسلم وجلس، فأستنشده فأنشد قوله:

أمــــــرر عــــــلــــى جــــدث الـحـسين          فــــــقــــــل لا عــظــمـــه الـــزكـيـــــة

آ أعــــظـــمـــاً لا زلـــــــــــــت مــــــن          ‍وطـــــفــــــاء ســــــاكــــبــــة رويـــــه

وإذا مـــــــررت بــــــــقـــــبــــــــــــــره          فـــــــأطـــــــــــل بـــه وقـــف الـمطيه

وأبـــــــك الـمـــطـــهـــر لـلــمـــطـــهـر          الــــــمــــطـــــهــــرة الـــتـــقــيـــــــــه

كـــبـــــكـــــاء مـــعــــولـــــة أتــــــــت          يــــومـــــــــــاً لـــواحـــــدهـــا الـمـنـية

قال: فرأيت دموع جعفر بن محمد تنحدر على خديه، وأرتفع الصراخ من داره حتى أمره بالإمساك فأمسك..).

وروى أبو الفرج في أغانيه، عن التميمي، عن أبيه، عن فضيل الرسان، قال: أنشد جعفر بن محمد قصيدة السيد:

لأم عـمـــــــرو بــــاللــــوى مـــــربـــع          طـــــامـــســــة أعـــلامــــه بــــرقـــــع

فسمعت النحيب من داره فسألني لمن هي؟ فأخبرته أنها للسيد، وسألني عنه فعرفته وفاته، فقال: رحمه الله...).

- وفي (إقناع اللائم) عن خالد بن سدير عن الصادق (عليه السلام) قال:

( لقد شققن الجيوب، ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي (عليه السلام)، وعلى مثله تلطم الخدود، وتشق الجيوب..).

8- وفي بعض الروايات:

(إن الصادق (عليه السلام) قال: من قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى غفر الله له، ووجبت له الجنة..).

- نقل عن الإمام الثامن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) المدفون في مشهد طوس بخراسان في إيران أنه قال: (كان أبي إذا دخل محرم لا يرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي منه عشرة أيام، فإذا كان اليوم العاشر منه كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه جدي الحسين...).

 

-جاء في كتاب (إقناع اللائم) أنه:

(روى الصدوق في الأمالي بسنده عن الرضا (عليه السلام) قال: إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النار في مضاربنا، وانتبهت ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله (صلى الله عليه وآله) حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا بأرض كرب والبلاء، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فلبيك الباكون، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام).

- حكى عن الشاعر الشهير دعبل الخزاعى انه قال:

(دخلت على سيدي ومولاي على بن موسى (عليه السلام) بمرو في أيام عشرة المحرم، فرأيته جالسا جلسة الحزين الكئيب وأصحابه جلوس حوله، فلما رآني مقبلا قال لي: مرحباً بك يا دعبل، مرحبا بناصرنا بيده ولسانه، ثم انه وسع لي في مجلسه، وأجلسني إلى جانبه، ثم قال، يا دعبل: أحب أن تنشدني شعراً، فان هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت، وأيام سرور كانت على أعدائنا، خصوصا بنى أمية، ثم انه نهض وضرب سترا بيننا وبين حرمه وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدهم الحسين، ثم التفت إلي وقال: يا دعبل، ارث الحسين، فأنت ناصرنا ومادحنا مادمت حياً، قال دعبل: فاستعبرت، وسالت دموعي وأنشأت:

أفـــاطــم لــو خـلـت الـحـسـيـن مـجدلا          وقــد مــات عـطـشـــانــاً بـشـط فــرات

إذاً لـلـطــمـــت الـــخــد فـاطــم عـــنده          وأجـــريـــت دمـــع اـلعين في الوجنات

إلى آخر القصيدة التائية التي تناقتلها جميع كتب التاريخ وأسفار الحديث، واعتبرتها من ابلغ القصائد رثاء وفجيعة وحزناً.

------


source : اهل بیت
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

من معاجز الإمام الجواد عليه السّلام
العباس بن علي بن ابي طالب بن عبد المطلب عليهم ...
آفّات التفسير الروائي
المهدي المنتظر في القرآن الكريم
آيات بحق أهل البيت عليهم السلام
القرآن وأَسماؤه
استشهاد النبي الرسول محمد(ص) اغتيالا بالسم
معنى التحريف وانواعه
الإمام الحسن العسكري (ع) والتمهيد لولادة وغيبة ...
درجات الادب

 
user comment