السيّد داود بن القاسم من أحفاد جعفر الطيار ( عليه السلام )
( 180 هـ ـ 261 هـ )
اسمه وكنيته ونسبه :
السيّد أبو هاشم الجعفري ، داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر الطيّار بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .
ولادته :
ولد السيّد داود عام 180 هـ .
أبوه :
السيّد قاسم بن إسحاق ، كان أمير اليمن رجلاً جليلاً ، وهو ابن خالة الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، لأنّ أُمّ حكيم بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر أُخت أُمّ فروة أُمّ الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وروى القاسم عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) .
صفاته :
كان السيّد داود من أهل بغداد ، عالماً أديباً شاعراً ، مقدّماً عند السلطان ، ثقة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة عند الإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري ( عليهم السلام ) ، وتشرّف بزيارة الإمام المهدي ( عليه السلام ) .
وروى عنهم ( عليهم السلام ) ، وله منهم أخبار ورسائل ، وروايات من دلائل أبي الحسن الهادي ( عليه السلام ) ، وقال : ما دخلت على أبي الحسن وأبي محمّد ( عليهما السلام ) إلاّ رأيت منهما دلالة وبرهاناً .
مع الإمام العسكري ( عليه السلام ) في سجن العباسيين :
كان السيّد داود معارضاً للحكم العباسي ، موالياً لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وفي سنة 252 هـ نقل من بغداد إلى سامراء وسجن هناك .
قال السيّد داود : كنت في الحبس المعروف بحبس حسيس في الجوسق الأحمر ، وأنا والحسن بن محمّد العقيقي ، ومحمّد بن إبراهيم العمري ، وفلان وفلان .
إذ دخل علينا أبو محمّد الحسن ( عليه السلام ) وأخوه جعفر فحففنا به ، وكان المتولّي لحبسه صالح بن وصيف ، وكان معنا في الحبس رجل جمحي يقول إنّه علوي .
قال : فالتفت أبو محمّد ( عليه السلام ) فقال : ( لولا أنّ فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متى يفرج عنكم ) ، وأومأ إلى الجمحي أن يخرج فخرج .
فقال أبو محّمد ( عليه السلام ) : ( هذا الرجل ليس منكم فاحذروه ، فإنّ في ثيابه قصّة قد كتبها إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه ) .
فقام بعضهم ففتّش ثيابه فوجد فيها القصّة ، يذكرنا فيها بكلّ عظيمة ، وقد كان الحسن ( عليه السلام ) يصوم ، فإذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه إليه في جونة مختومة .
وكنت أصوم معه ، فلمّا كان ذات يوم ضعفت فأفطرت في بيت آخر على كعكة ، وما شعر بي والله أحد ، ثمّ جئت فجلست معه .
فقال لغلامه : ( أطعم أبا هاشم شيئاً فإنّه مفطر ) ، فتبسّمت ، فقال : ( ما يضحكك يا أبا هاشم ؟ إذا أردت القوّة فكلّ اللحم فإنّ الكعك لا قوّة فيه ) .
فقلت : صدق الله ورسوله وأنتم ، فأكلت ، فقال لي : ( أفطر ثلاثاً فإنّ المنّة لا ترجع إذا نهكها الصوم في أقلّ من ثلاث ) .
شعره في أهل البيت ( عليهم السلام ) :
للسيّد داود شعر جيّد ، ومن شعره ما نظمه في الإمام الهادي ( عليه السلام ) عندما كان مريضاً :
مادت الأرض بي وادت فؤادي ** واعترتني موارد العرواء
حين قيل الإمام نضو عليل ** قلت نفسي فدته كلّ الفداء
مرض الدين لاعتلالك واعتل ** وغارت له نجوم السماء
عجباً أن منيت بالداء والسقم ** وأنت الإمام حسم الداء
أنت آسي الا دواء في الدين ** والدنيا ومحيي الأموات والأحياء
دعاء الإمام الهادي ( عليه السلام ) له :
شكا أبو هاشم إلى الإمام الهادي ( عليه السلام ) ما يلقى من الشوق إليه إذا انحدر من عنده إلى بغداد .
وقال له : يا سيّدي ادع الله لي فربما لم أستطيع ركوب الماء ، فسرت إليك على الظهر ، فما لي مركوب سوى برذوني ، أي الدابة ، هذا على ضعفه .
فقال الإمام الهادي ( عليه السلام ) : ( قوّاك الله يا أبا هاشم وقوىّ برذونك ) .
قال : فكان أبو هاشم يصلّي الفجر ببغداد ، ويسير على البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك عسكر سر من رأى ، ويعود من يومه إلى بغداد إذا شاء على ذلك
البرذون بعينه .
أقوال العلماء فيه : نذكر منهم ما يلي :
1ـ قال الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه : كان من أهل بغداد ، ثقة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة عند أبي جعفر الجواد ، وأبي الحسن الهادي ، وأبي محمّد العسكري ( عليهم السلام ) .
2ـ قال السيّد ابن طاووس : إنّه من وكلاء الناحية الذين لا تختلف الشيعة فيهم ، كان أبو هاشم عالماً عاملاً أديباً ورعاً زاهداً ناسكاً ، ولم يكن في آل أبي طالب مثله في زمانه في علوّ النسب ، وكان مقدّماً عند السلطان .
3ـ قال النجاشي : كان عظيم المنزلة عند الأئمّة ( عليهم السلام ) ، شريف القدر ، ثقة .
وفاته :
توفّي السيّد داود ( رضوان الله عليه ) عام 261 هـ .