عربي
Saturday 4th of May 2024
0
نفر 0

الاعتقاد بالإمام المهدي ( عليه السلام ) فكرة عالمية

الاعتقاد بالإمام المهدي ( عليه السلام ) فكرة عالمية

إن فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل و الرخاء بظهوره في آخر الزمان ، و يقضي على الظلم و الاضطهاد في أرجاء العالم ، و يحقق العدل و المساواة في دولته ، هي فكرة آمن بها أهل الأديان الثلاثة ، و اعتنقها معظم الشعوب .

فقد آمن اليهود بها ، كما آمن النصارى بعودة عيسى ( عليه السلام ) ، و إلى جانب هذا نجد التصريح من عباقرة الغرب و فلاسفته ، بأن العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الأمور ، و يوحِّد الجميع تحت راية واحدة و شعار واحد .

فمن أولئك العباقرة هو الفيلسوف الإنجليزي ( برتراند راسل ) ، حيث يقول : ( إن العالم في انتظار مصلح يوحِّد العالم تحت علم واحد و شعار واحد ) .

و منهم العالم (آينشتاين ) ، حيث يقول : ( إن اليوم الذي يَسُود العالم كله الصلح و الصفاء ، و يكون الناس مُتَحَابِّينَ مُتَآخِينَ ليس ببعيد) .

فقد آمن اليهود بها ، كما آمن النصارى بعودة عيسى ( عليه السلام ) ، و إلى جانب هذا نجد التصريح من عباقرة الغرب و فلاسفته ، بأن العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الأمور ، و يوحِّد الجميع تحت راية واحدة و شعار واحد .

و الأكثر من هذا كله هو ما جاء به الفيلسوف الإنجليزي ( برناردشو ) ، حيث بشَّر بمجيء المصلح في كتابه ( الإنسان و السوبر مان ) .

أما عن المسلمين ، فَهُم على اختلاف مذاهبهم و فِرَقِهِم يعتقدون بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) في آخر الزمان على طِبق ما بشَّر به النبي الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) .

و لا يختص هذا الاعتقاد بمذهب دون آخر ، و لا فِرقة دون أخرى . و ما أكثر المصرِّحين من علماء العامَّة ابتداءً من القرن الثالث الهجري و إلى اليوم بأن فكرة الظهور محلُّ اتفاقهم ، وبل و من عقيدتهم أجمع .

و يقول ابن خلدون في تاريخه معبِّراً عن عقيدة المسلمين بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) : ( إعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرِّ الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، يؤيد الدين ، و يُظهر العدل ، و يتبعه المسلمون ، وي ستولي على الممالك الإسلامية ، وي ُسمَّى بـ ( المهدي ) ) .

وقد وافقه على ذلك الأستاذ أحمد أمين الأزهري المصري – على الرغم مما عُرف عنهما من تطرُّف إزاء هذه العقيدة – إذ قال في كتابه ( المهدي و المهدوية ) معبِّراً عن رأي العامَّة بها : ( فأما أهل السُّنة فقد آمنوا بها أيضاً ) .

ثم ذكر نصَّ ما ذكره ابن خلدون ، ثم قال : ( و قد أحصى ابن حجر الأحاديث المروية في المهدي ( عليه السلام ) ، فوجدها نحو الخمسين ) .

فإذن لا فرق بين الشيعة و العامَّة من حيث الإيمان بظهور المنقذ ، ما دام العامَّة قد وجدوا خمسين حديثاً من طرقهم ، و عدُّوا المهدي ( عليه السلام ) من أشراط الساعة ، و أنهم ألَّفوا في الردِّ أو القول بالتواتر كتباً و رسائل .

بل لا فرق بين جميع المسلمين و بين غيرهم من أهل الأديان و الشعوب الأخرى من حيث الإيمان بأصل الفكرة ، و إن اختلفوا في مصداقها .

يقول ابن خلدون في تاريخه معبِّراً عن عقيدة المسلمين بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) : ( إعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرِّ الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، يؤيد الدين ، و يُظهر العدل ، و يتبعه المسلمون ، وي ستولي على الممالك الإسلامية ، وي ُسمَّى بـ ( المهدي ) ) .

و قد اتفق المسلمون على أن اسمه ( مُحَمَّد ) كاسم النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، ولقبه عندهم هو ( المهدي ) .

كما أن اعتقاد أهل الكتاب بظهور المنقذ في آخر الزمان ، لا يبعد أن يكون من تبشير أديانهم بمهدي أهل البيت ( عليهم السلام ) كتبشيرها بنبوَّة نبيِّنا الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، إلا أنهم أخفوا ذلك عِناداً و تكبُّراً ، إلا من آمن منهم بالله و اتَّقى .

و يدل على ذلك وجود ما يشير في أسفار التوراة كـ ( سفر أرميا ) ، و إليكم نصُّه :

( إصعدي أيتها الخيل و هيِّجي المركبات ، و لتخرج الأبطال : كوش و قوط القابضان المجنّ ، و اللوديُّون القابضون القوس ، فهذا اليوم للسيد ربِّ الجنود ، يوم نقمة للانتقام من مبغضيه ، فيأكل السيف و يشبع .. لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات ) .

وقد تتبَّع أهل الكتاب أخبار الإمام المهدي ( عليه السلام ) كما تتبَّعوا أخبار جدِّه المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) . فدلَّت أخبار ( سفر الرؤيا ) إلى امرأة يخرج من صُلبها إثنا عشر رجلاً ، ثم أشار إلى امرأة أخرى [ أي التي تلد الرجل الأخير الذي هو من صُلب جدته ] .

و قد اتفق المسلمون على أن اسمه ( مُحَمَّد ) كاسم النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، ولقبه عندهم هو ( المهدي ) .

فقال السفر : ( إن هذه المرأة الأخيرة ستحيط بها المخاطر ) . ورَمَزَ للمخاطر باسم ( التنين ) ، و قال : ( و التنين وقف أما المرأة العتيدة حتى تلد ليبتلع ولدها ثم ولدت ) . [ سفر الرؤيا : 12 : 3 ] . أي أن السلطة كانت تريد قتل هذا الغلام ، ولكن بعد ولادة الطفل . و يقول ( باركلي ) في تفسيره : ( عندما هجمت عليها المخاطر اختطف الله ولده و حفظه ) . والنص هو : ( و اختطف الله ولدها ) . [ سفر الرؤيا 12 : 5 ] . أي أن الله غيَّب هذا الطفل كما يقول ( باركلي ) .

و ذكر السفر أن غيبة الغلام ستكون ألفاً و مئتين و ستين يوماً ، و هي مدَّة لها رموزها عند أهل الكتاب . هذا و إن لم يصحُّ لمسلم الاحتجاج به ، لِمَا مُنيت به كتب العهدين من تحريف و تبديل . إلا أنه يدل بوضوح على معرفة أهل الكتاب بالإمام المهدي ( عليه السلام ) ، ثم اختلافهم فيما بعد في تشخيصه ، إذ ليس كل ما جاء به الإسلام قد تفرَّد به عن الأديان السابقة . فكثير من الأمور الكلِّية التي جاء بها الإسلام كانت في الشرائع السابقة قبله .

فقال الشاطبي المالكي في كتابه ( الموافقات ) : ( و كثير من الآيات أُخبر فيها بأحكام كلِّية كانت في الشرائع المتقدمة و هي في شريعتنا ، و لا فرق بينهما ) .

و إذا تقرَّر هذا فلا يضرُّ اعتقاد المسلم بصحة ما بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) من ظهور رجل من أهل بيته ( عليهم السلام ) في آخر الزمان ، بأن يكون هذا المعتقد موجوداً عند أهل الكتاب من اليهود و النصارى ، أو عند غيرهم ممَّن سبق الإسلام .

و لا يخرج هذا المعتقد عن إطاره الإسلامي ، بعد أن بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، و بعد الإيمان بأنه ( صلى الله عليه وآله ) : ( وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى ) ، ( النجم : 3 – 4 ) .

و أما عن اعتقادات الشعوب المختلفة بأصل هذه الفكرة ، كما مرَّ فيمكن تفسيرها على أساس أن فكرة ظهور المنقذ لا تتعارض مع فطرة الإنسان ، و طموحاته و تطلُّعاته . ولو فكَّر الإنسان قليلاً في اشتراك معظم الشعوب بأصل الفكرة لأدرك أن وراء هذا الكون حكمة بالغة في التدبير . و يستمدُّ عندئذٍ من خلالها قوَّته في الصمود إزاء ما يرى من انحراف و ظلم و طغيان ، و لا يُترك فريسة يأسه دون أن يُزوَّد بخيوط الأمل و الرجاء بأن العدل لابد له أن يسود .

وأما عن اختلاف أهل الأديان السابقة و الشعوب في تشخيص اسم المنقذ المنتظر ، فلا علاقة له في إنكار ما بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وليس هناك ما يدعو إلى بيان فساد تشخيصهم لاسم المنقذ ، ما دام الإسلام قد تصدَّى بنفسه لهذه المهمَّة ، فبيَّن اسمه ، حسبه ، و نسبه ، و أوصافه ، و سيرته ، و علامات ظهوره ، و طريقة حُكمه ، حتى تواترت بذلك الأخبار ، و استفاضت بكثرة رواتها من طرق الشيعة و العامَّة أيضاً ، كما صرَّح بذلك أعلامهم وحُفَّاظهم و فقهاؤهم و محدِّثوهم .

وقد رُوي من تلك الأخبار عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما يزيد على خمسين صحابياً . و أما عن اختلاف المسلمين فيما بينهم من حيث تشخيص اسم ( المهدي ) كما هو معلوم بين الشيعة و العامَّة .فليس فيه أدنى حجة للمستشرقين و أذنابهم ، بل هو من الأدلة القاطعة عليه ، و ذلك لأنه من قبيل الاختلاف في تفاصيل شيء متحقق الوجود . فإنه كاختلافهم في القرآن الكريم بين القول بِقِدَمِهِ و حُدُوثِهِ من الله تعالى ، مع اتفاقهم على تَكفِير مُنكره . و قِسْ عليه سائر اختلافاتهم الأخرى في تفاصيل بعض العقائد دون أصولها .


source : تبیان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

دور العقل في فهم وتفسير القرآن
الفرق بين الخير والسعادة
لماذا إثنا عشر إماماً فقط
المجتمع الإسلامي في كلمة القائد
لماذا اعرض الصحابة عن مدلول حديث الغدير
هل كل كافر يدخل النار؟
ضيافة الله
تحكم بغرائزك.. تقوى إرادتك
مصير الحجّة بعد الرسول ( ص ) في القرآن
النهي عن التفكر في ذات الله تعالى‏

 
user comment