عربي
Thursday 21st of November 2024
0
نفر 0

حقوق الإنسان الأساسية بين العالمية والخصوصيات الثقافية

السؤال الحاسم الذي يتصدّر موضوعنا هو الآتي: هل لكافة البشر أن يطالبوا بحقوق الإنسان الأساسية، من حيث أن تلك الحقوق هي بالضرورة من علائق ذات الإنسان كإنسان، أم هل الحقوق الأساسية، مجرد عوامل ظرفية تتغير حسب التاريخ والسياسة، لا يجوز حينئذ تعميمها على كافة البشر ولا المطالبة بتحقيقها من قبل الجميع؟ هذا السؤال الجوهري في غاية من التشعّب، لأنه يتفرّع بدوره إلى عدّة أسئلة جزئية وهي الآتية:
1- هل يسعنا أن نقدّم برهانا على وجود ذات إنسانية ثابتة أو صفة مجردة للإنسان؟
2- وإذا أجبنا "بنعم" على السؤال الأول، هل يترتّب بالضّرورة على هذه الذات أو الصفة، حق أو حقوق موثوقة بها، لا مناص منها؟
3- وما هو مصير هذه الحقوق في النظام التشريعي المدني؟
- ما الإنسان؟
يبدو غريبا أن نسأل: "ما الإنسان"؟. وذلك لأنّنا لسنا متعوّدين التساؤل عن البديهيات التي لا يرتاب في شأنها إلا العنّيد. لكن النظر يؤدي بنا إلى أن الإنسان ليس من البديهيات، بل هو بمثابة التكهّن أو الافتراض، كما سنبّين في الاجابة عن السؤال الذي طرحناه في البداية. وهذه الإجابة لها وجهان ممكنان.
1- الأول، أننا لا ندرك الإنسان أبداً منفصلا عن المحيط المتمثّل في المجموعة السياسية، أي في ثقافة معيّنة. لا توجد الإنسانية دون البشرية، أي خارج النّسق الثقافي. أما الإنسانية في حدّ ذاتها، وجوهرها، فليست من المدركات. بإمكاننا أن نفترضها افتراضاً أو نضعها وضعاً، ولا أن نأتي في أمرها ببرهان. ولعلّ المقولة اليونانيّة المشهورة: "الإنسان حيوان سياسي"، التي قنّنها العرب قائلين: "الإنسان مدنيّ بالطبع"، نفي غير شعوري لفكرة إنيّة الإنسان كذات مجرّدة، منقطعة عن محيطها المدني. وإذا اقتُحم الإنسان من أصله في المدينة، فذلك يعني أنّه حيوان ثقافي أو ثقافي بالطبع، أي أنّه موجود أو معدوم، متغيّر أو متطوّر، حسب ظروفه الحضارية، فلا يشترك في شيء، الإنسان المتوحّش والإنسان المتمدّن، سوى اشتراكهما من جانب تركيبهما الجسدي.
ولكن، حتى من هذا الجانب الجسدي، من حق المتأمل أن يفترض أن طبيعة الإنسان الجسدية التي نعرفها، لا تعدو أن تكون شكلا من أشكال الإنسانية، أو مرحلة من مراحلها، لعلّها الأخيرة من تاريخها القديم. فالإنسان "آدم" فترة معيّنة من تاريخ الإنسان، والنّظرة التوراتية التي ترى أنه مخلوق من عدم، خلقة إلهية حينية مؤبّدة لا تبديل فيها، تمزج صورة الإنسان بجوهره، وتوقف تاريخه بصفة غير مشروعة، لتستخرج منه إنّية أزلية، وماهية قارة لها بداية دون نهاية. فترى هذه النّظرة التّوراتية أن الحياة الدنيا حديث مؤقت في الأزلية، هبوط مأسوي يستدرك ويراجع.
والذي قيل في الطبيعة الجسدية للإنسان، يقال أيضاً في طبيعته العقلية والمتكلمة. فالإنسان، دائماً حسب هذا الرأي، لم يكن في جوهره وخلقه عاقلاً متكلّماً، لكنه صار كذلك، بنفس التحرّك التاريخي الذي جعل منه كائناً مدنّيا في علاقة تبادلية مع غيره. فلا يحقّ لنا أن نحوّل هذا المصير إلى طبيعة، إلا إذا اتفقنا على أنها طبيعة ثانية ونسبيّة، حلت محل طبائع سبقتها، ولعلها تستعد بدورها إلى الإضمحلال والذوبان في طبائع أخرى جديدة لا نعرفها. وإذا قلنا إن للإنسان طبائع مختلفة ومرحلية مرّ بها، فكأننا نفينا في آن واحد فكرة الجوهر وفكرة الطبيعة وحتى فكرة الإنسان المطلقة. ومع الطبيعة يسقط كل مطلق، كالعقل، أو الشعور، أو حتى الغريزة، ويفقد الإنسان ثباته المنحدر من الخالق، فيصبح عبارة عن سلسلة أوضاع متتابعة، نَهِمُ في الأمر إذا اعتبرنا آخر وضع لنجعله وحده هو الطبع الإنساني الثابت.
هذه النظرية لا تعترف حينئذ بالتعارض بين الطبيعي والثقافي، ولم يبق قائماً عندها سوى حركة التاريخ وخدمته المأسوية، التي هي في آن واحد عرضيّة وضرورية، بناءة وهدّامة، عقلانية وواقعية، وهي تتمثّل في:
- صراع الكائن الذي أصبح إنساناً، مع محيطه المعادي الذي يمثّل رغم ذلك المناخ الضروري لحياته الحيوانية والإنسانية.
- صراع مع اشباهه الذي يرمي إلى إفنائهم، مع أن حياته لا تتيسّر دونهم، وهنالك تبرز المسألة السياسة، باعتبار أن السياسة في جوهرها تسعى إلى الحفاظ على الموازنة بين ميلنا إلى إفناء غيرنا لنستأثر بالكون كله، وميلنا إلى إبقائه بغية إبقائنا.
- حفاظه وتثبيته لاختراعاته العظمى وهي الكلام، واللغة، والرمز، والعدد، والرّقم وما يترتب عليها.
من هذا المنطلق يتبيّن أنّ إنيّة الإنسان لا توجد إلا في الوجود، أي أن الإنسان لا يكون إلا بالأعمال والأيام، وبالخدمة والاكتشاف، بالنجاح والإخفاق، كلها تعبّر عن حريته التي اكتسبها رويدا رويدا من عمله الدّؤوب نحو تكوين إنسانيته واستعباده، إذ الإنسان بفضل اختراعاته الكبرى يسطّر في الحقيقة برنامج استعباد نفسه باكتشافاته العلمية، والأخلاقية، والفنية، التي تحرّره، لأنها ترفع من قدرته الإبداعية، وتأسّره، لأنها تجعله عبدا لها.
إذا قبلنا هذا المنطلق، فإنه يصبح من المستحيل أن نؤسّس حقا مطلقاً متصلاً بصفة الإنسان كإنسان، لا نقاش فيه. وقد حاولت الفلسفة الوجودية، أن تجد ضمن هذه الوضعية المأسوية بعض السبل للحرية، الا أن هذه الحرية، كما بيّن جان بول سارتر ليس لها جوهر، بل هي حرية عملية وتجريبية، ضابطها الوحيد هو الوجود.
إلا أنّ من شأن هذا المنطلق أن يؤول إلى نتائج أخرى مثل العدمية، أو الفوضوية، أو العنصرية، أو إلى حق الأقوى والأفضل، سواء كان فرداً أو شعباً، وذلك لأنه ينفي كلّ معيار تأسيسي ثابت، ويردّ الحقوق إلى أصولها الظرفية المتغيّرة السياسية والثقافية. كل حق رؤية خاصة أو تشريع خاص لثقافة معيّنة، ولا يجوز لايّة رؤية أن ترفع مشعل الإنسانية، أو أن تزعم. أنها تتكلم بإسم الإنسانية، باعتبار الإنسانية غير مبرهن عليها من قبل أي كان. فكل من ادعى أو تبنّى العالمية في هذا المجال يعبّر في الحقيقة عن نزعته الخفّية نحو التسلط على غيره، وإخضاعهم لحكمه، بدون مبرّر فلسفي، ولا أساس خلقي، ولا تأسيس علمي.
إن هذه الفلسفة حول الإنسان لهي نتيجة مشتركة لعدّة عوامل، منها الاكتشافات العلمية المنحدرة من بحوث لامارك وداروين، ومنها الثورات الفلسفية الكبرى التي روّجها أعلام أمثال هيغل، وماركس، ونيتشه، وشوبنهاور، ومنها أيضاً تكوين العلوم الاجتماعية والإنسانية على إثر أوغست كونت، وماكس فيبر، ودوركايم. ومن هنا تكوّنت عقلية جديدة وهي العقلية المشرفة اليوم على منظمة اليونسكو، وقد تدعّمت بعد الحرب العالمية الثانية، باقترانها بفلسفات التخلّص من الاستعمار والرّفع من شأن البشرية اللابيضاء، كما جاء في أعمال إيماي سازار، أو كواماي نكروما، أو فرانتز فانون، أو ليبولد سدار سنغور. وهذه العقلية الجديدة تجسّدت أيضاً في الحركات الأصولية المنادية بالتخلص من الهيمنة المسيحية الغربية، وإرجاع حقوقها إلى الحضارات أو الديانات المهيمن عليها، ورفض المعايير والتّصورات الغربية وخاصة منها فلسفة حقوق الإنسان في ثوبها الغربي. إنّ هذا الاتفاق الشامل هو طبعاً اتفاق حول النتائج، وليس إتفاقاً حول المسبّقات الفلسفية، وكأنّ قائلاً منهم يقول: "إن حقوق الإنسان الأساسية التي تنادون بها، هي رؤية خاصة لثقافة خاصة، وهي الثقافة اليونانية الرومانية المسيحية التي جرّدها عهد الأنوار من ثوبها الإيماني في القرن الثامن عشر. خلّوا علينا، واتركونا أحراراً وكفّوا عن تشغيبنا بحقوق الإنسان. لكم إنسانكم ولنا إنساننا"!. فرانتز فانون، كواماي نكروما، حسن الترابي، أو خميني، متّفقون، من هذه الناحية. وكل مستبد سياسي على وجه الأرض راغب في التسلط أو في التلّذذ، يعتمد الخطاب نفسه.
لاشكّ أن هذه الرؤية والعقليّة التي تتبعها لهي وسيلة للدّفاع عن الثقافات المهدّدة أو الضّعيفة، مثل الأقليات العرقية، أو اللّغوية أو غيرها من الأقليات القبلية، أو المهاجرة، أو الأجناس والشعوب صاحبة التراب الأصيلة. فبإسم التراث الثقافي، وبإسم العوائد والتقاليد، والإحساسات الخاصة، تتردّد الحجة نفسها: ليست كرامة الإنسان من المفاهيم المجرّدة، ولكنّها مغروسة في الأشياء والعوامل التي تجعل من الإنسان إنساناً، وهي لغته، ودينه، ومواريسه، وضميره الجماعي، وقيمه الخلقية والذوقية. لا حرية ولا سعادة، بدون جذور. ولكن في نفس الوقت الذي نقوم فيه بإرقاء كرامة الثقافات، والأجناس، والأقليّات المقهورة، نقوم ضمنياً وعن غير وعي بجحد حقوق الإنسان الأساسية كمطلب صالح للعالمين، حتى أن نفي حقوق الإنسان العالمية بإسم الخصوصية الثقافية أو الدينية أصبحت تعلّة سهلة في خدمة أقبح النظم الاستبدادية.
2- هنالك افتراض ثان للإجابة عن السؤال المطروح. رغم الترحّل والتحول والانتقال من فترة إلى فترة، يبقى أن الإنسان والإنسانية حقيقتان ثابتتان لا مناص منهما، تتجاوزان التجربة والتاريخ. هنالك حقيقة شاملة، فوقية، قارة خالدة، منها ينحدر التاريخ، وهي معيار الأشياء. وهذه الحقيقة الأبدية هي التي عبّر عنها الفلاسفة أمثال أفلاطون، وأفلوطين، وأرسطوطاليس، ولا يبنيز، وديكارات، بمفاهيمهم الخاصة ومصطلحهم الفلسفي الذاتي. هذه الحقيقة هي التي تشكل المبدأ الاتحادي الأول والأخير لكل أشكال الحياة. والحياة ليست إلا تجارب وجودية متفرّعة عن تلك الحقيقة. قبل الجمال الحسي، هناك فكرة الجمال، والجمال في الكون هو في الحقيقة بداية القبح. وقبل الحقوق، هناك فكرة الحق، والحقوق في الوجود هي كذلك انحطاط الحق الماورائي، وقبل الإنسان البشري الفاني، هنالك الإنسان الأبدي. وفي هذه المسألة لم تأت فلسفة بمعطيات أدقّ وأكمل من تلك التي قدّمتها الأديان السماوية. فلنستفسرها.
إن مواقف الأديان السماوية في هذا المجال بسيطة وقويّة. محاورها الأساسية هي الآتية:
- هنالك خالق بلا بداية ولا نهاية ولا مكان، نصدّق به ولا ندركه، لأنه يعلو الإدراك الإنساني المنحصر في حدود الزمان والمكان. إنه موجود بدون وجود موصوف بدون صفات، مريد بدون إرادة، فعّال دون أفعال، كائن دون كون، إنه "هو"، مبتدأ كامل لا يفتقر إلى خبر.
- وهنالك الكون المخلوق وهو غزير، كثير، متشعّب، ولكنه منظّم وله غايات، لم يخلق عبثا.
- وفي هذا الكون هنالك كائن مميّز وهو الإنسان "آدم"، خلقه الله وركبه في صورته الحالية، كي يكون حيّا، أزليا، بريئا، سعيدا. ولكن هذا الإنسان رغم أزليته فإنه ناقص.
- ومن جرّاء هذا النّقصان، أمر بالهبوط وأصبح بشراً معيباً، معرّضا للألم، والموت، والعمل، والكدح.
إلا أن إنزاله في التاريخ، لا ينفي جوهره الأزالي الذي سيعود إليه، بعد فناء مستقرّه الدّنيوي، ولا ينفي طبيعته المتمثّلة في كونه جسداً حيّا وصورة نهائية تحيا بعد موتها، وفي كونه عاقلاً، متكلماً، متعبّدا.
- فهنالك طبيعة إنسانية، مادية من حيث الجسد، روحية من حيث التمييز، متفقهة من حيث العقل.
في هذه الحياة الدنيا لم يُترك الإنسان سُدى، ولكن الله يوجّهه نحو الفوز الأعظم الأخروي، ببعث رسله، وتبليغ شريعته. فالإنسان في الحياة الدنيا هو في حالة إبتلاء وإمتحان، والحياة انتقال من السعادة التي ابتدأ بها الخلق إلى السعادة التي يرجع إليها الخلق، ومن عمل خيرا يجازى عليه بخيره ومن عمل شرّا يجازى بشرّه.
إن التعاليم السماوية كان لها آثار ملحوظة في كبريات الرؤى الفلسفية التي، وإن قطعت مع الرموز الدينية الأساسية مثل الملائكة، والشيطان، والجنّ والجنّة وجهنّم، فإنها تتفلسف دائماً حول نفس المبادئ، مثل الذي يؤسس الإنسانية على حقيقة عليا ما ورائية، ومثل الذي يؤكّد عالميّة الإنسانية. ذلك هو شأن فلسفة باركلاي ولا يبنيز وديكارت، وجلّ فلاسفة الأنوار.
في هذا السياق، لم تعد القاعدة التشريعية مجرد ضمان للحياة الاجتماعية، قادر على أن تكون هذه الحياة نافعة للبشر أو مطابقة للإرادة الإلهية فحسب، بل يرمي التشريع إلى مواكبة طبيعة الإنسان والتماشي معها، بالصّورة التي دبرها لها البارئ من الأول، حين أسكن آدم وحوّاء الجنّة. وأهم نواميس هذه الطبيعة تنحصر في الوفاء لله، والحرية، والمساواة، والسعي إلى السعادة.
3- يتجلّى من التّحاليل التي قدّمناها أن حقوق الإنسان الأساسية لم يكن لها حظّ ولا منزلة إلا في إطار الافتراض الثاني، لأنه الوحيد الذي يؤسسها على سند ثابت بعيد عن النقاش، بينما ينكرها الأول أو يبقيها في شيء من النسبية، والنّسبية مجادلة من أصلها، أما الافتراض الثاني، فإنه ينقلنا مباشرة من إنّية الإنسان الجوهر إلى حقوق الإنسان الأساسية، كما يلي عرضه.
حقوق الإنسان
في تصورات الأديان السماوية والفلسفات التي تدور حول نفس المركز يرجع حق الكائن الإنساني إلى التصوير الإلهي الأول للإنسان. يكفينا في هذا المضمار أن نذكّر أن مدرسة الحق الطبيعي التي سادت الفكر التشريعي الغربي منذ القرن السادس عشر تنبع من الدّين. ويكفينا أيضاً أن نلاحظ أن الفلاسفة الوحدانيين عندما يتأملون في الإنسان، فإنهم ينظرون في الحقيقة إلى منوال آدم وحواء، كصورة وطبيعة أبدية للإنسان. فهذه الصورة وهذه الطبيعة، هما اللذان يعيّنان حق الكائن الإنساني، والحياة هي أول تعبير عن هذا الحق، مع المساواة والسّعي إلى السّعادة.
- إن الديانات السماوية والفلسفات الوحدانية تعتبر أن الحياة هبة من الله، وأنّ الإنسان محمول بجبلته على الحفاظ والمثابرة على حياته، فلا يجوز أن يحرم أحد منها ولا يجوز أن يُنتهك في شيء حاملُ الحياة وحاويها وهو الجسم، لأن كل انتهاك، أو تأليم، أو تعذيب، أو إفناء للجسم يعدّ حرمانا من الحياة أو تنقيص من قداستها. وباعتبار الآدميين من أب واحد، خلقوا لنفس المصير، فإنّهم متساوون، ما فيهم مالك ولا مملوك، وخضوعهم لنفس الخالق هو أقوى ضمان للتّساوي بينهم، كما ذهب إليه لاس كازاس رائد مدرسة الحق الطبيعي. في محيط الدين السماوي، بعضهم يقول: (لا فرق بين إغريقي ويهودي"، والبعض يجيب: "لا فضل لعربي على أعجمي...." والتقوى هي الفارق الوحيد عند الله. وسوف يتحوّل هذا الخضوع الصانع، إلى خضوع للإرادة العامة (روسو)، أو للقانون (هوبز)، أو للدّولة، في النظريات اللائيمانية. ولكن في الأصل هنالك فكرة الخضوع المشترك والمتساوي لنفس الإله.
- خُلق الناس عاقلين، مميزين، مخيّرين: فهم بفضل ذلك أحرار. والحرية، هي التي تعطي معنى للخير والشّر، وتعطي معنى حتى لله نفسه. وقد تعمّق المعتزلة في هذه الأفكار، ليكون الله مقبولاً إزاء العقل والأخلاق البشرية. إنهم انتبهوا إلى أنّ إنعدام الحرية، أو الاستطاعة والقدرة كما يقولون، يجعل من الخالق عبثا لا يعقل ولا يقبل. وفي الغرب صار الضمير هو مقرّ الحرية الأساسي، ومقرّ الحرية الإيمانية عند لوثو في القرن السادس عشر، ومقر الحرية الفكرية عند لوك وسبينوزا فيما بعد في القرن السابع عشر. حرية المعتقد وحرية الفكر، هما أولى الحريات، كما بيّنه كانط في إجابته عن "ما هي الأنوار"؟
- أما السعي إلى تحقيق السعادة فهي نزعة طبيعية عند الإنسان، ولذلك يعتبر حقا من حقوق الإنسان الأساسية. وتحقيق هذا السعي عند البشر يتم بفضل النظم الآتية: النظام الأسري لتكاثر الأجيال، والكسب لتكاثر الأموال، كلها ترمي إلى التوارث والإبقاء. والمؤسسات التشريعية التي تعبّر عن ذلك السعي هما الملكية والعقد بالنسبة للكسب، والزواج بالنسبة للتّناسل والإبقاء.
هذا التراث الديني، وهوامشه الفلسفية، تجلى في النصوص السياسة الكبرى التي أصبحت أساساً قانونيا لفلسفة حقوق الإنسان. ينصّ إعلان استقلال الولايات المتحدة:
"نعتبر من البديهيات في ذاتها، الحقائق الآتية: جميع الناس متساوون، وقد منحهم الخالق بعض الحقوق التي لا تساوم، منها الحياة والحرية والسعي إلى السعادة. وما وضعت الحكومات بين الناس إلا لضمان هذه الحقوق". فالخالق، وبعده الإنسان، وبعده الحق، يجدون أنفسهم في ترابط منطقي وتسلسل زمني. أما الإعلان الفرنسي لسنة 1789، فإنه ينسج على نفس المنوال فيصرّح: "بحضور الكائن الأعلى وتحت رعايته على حقوق الإنسان الآتية:
الفصل الأول: خلق الناس أحرارا سواسية وهم على ذلك باقون.
الفصل الثاني: غاية كل اجتماع سياسي المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية التي لا يأتي عليها التقادم. وهذه الحقوق هي الحياة، والملكية، والأمان، والصمود ضدّ الطغيان...
الفصل العاشر: لا يشاغب أحد من جرّاء آرائه حتى الدّينية...".
في كل هذه الأمور، لا توجد فوارق بين مختلف الديانات، ولا بين التيّارات والفرق داخل الدين الواحد. إذا اطّلعنا مثلاً على البحوث التي خصّصت للمسألة في التراث الإسلامي، نجدها تتبنّى دون قيد أسس مدرسة الحق الطبيعي المسيحية، التي ستكون فيما بعد أهم مبادئ الثوريين الأميركيين أو الفرنسيين. العلاقة بين الرحمان والإنسان وحقوق الإنسان هي نفس العلاقة هنا وهناك، كما هو شأن محتوى الحقوق: الحرية، المساواة، السّعي إلى السعادة.
كذلك، فلا توجد فوارق بين الأديان والفلسفة من هذه الناحية، بما فيها فلسفة الأنوار. إن الأنوار تنتقد السلطة الدينية، والنبوّات، والمعجزات، والرموز الدينية، والعبادات ونزعتها إلى الشكلية، والشرعية، ولكنّها تنساق غالباً إلى التراكيب الأساسية للفلسفة الدينية (الصانع، المصنوع، الطبيعة، حق الإنسان...).
وهكذا، أصبحت فلسفة حقوق الإنسان اليوم محلّ إجماع عالمي، خصوصاً بعد سقوط الشيوعية السوفياتية. نراها مرفوعة على أعناق المؤسسات العالمية والأممية، مدعّمة من قبلها، ومكتوبة في كبريات المواثيق، والمعاهدات أو الإعلانات أو الإتفاقيات المتعلقة بإزالة كل أشكال الميز العنصري، وبالحقوق المدنية والسياسية، وبالحقوق الاقتصادية الاجتماعية، وبإزالة التعصّب الديني، والتعذيب والمعاملات المهينة، وغيرها كثير. أما مقاومة حقوق الإنسان بإسم الخصوصية الثقافية فلم يبق لها مجال الا كتغطية للنظم البوليسية أو الاستبدادية، وإمّا كرفض، لا لمبادئ حقوق الإنسان، بل لتشريعها.
- حقوق الإنسان الأساسية بين المبادىء والتشريعات
لا يجادل أحد في مبادئ حقوق الإنسان، جميعنا ينضمّ إليها، وكل الثقافات والأديان والحضارات مطالبة اليوم بتوضيح موقفها إزاء المسألة، حتى أن بعض الإعلانات الإسلامية تكتفي أحياناً بذكر بنود الإعلام العالمي شارحة إياها بالرجوع إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. لكن المبادئ تتعرض إلى نوع من الحيود والتهشيم عندما تنزل من المبادئ إلى القانون الوضعي. على هذا المستوى، تلوح الحواجز، بعضها يرجع إلى الصعوبات الكثيرة، السياسية، والاجتماعية والاقتصادية للأمم التي استقلت حديثاً، حيث أن حماية الحقوق الأساسية تستوجب بعض السواق المادية والمعنوية التي ليس لها مثيل في البلدان النامية. وأما البعض الآخر، فأصله ثقافي وديني، كما سنبيّن. إن التقاليد والعادات القديمة، والهيكليات الأسرية، والتصوّرات القبلية والعشيرية. كلها تحول دون استيعاب واستبطان حقوق الإنسان والنظام السياسي العالق بها بالضرورة وهو النظام الديمقراطي والتناوبي. وأهم نقط التناقض هي الآتية:
- العلاقات القانونية وعلاقة السلطة بين الجنسين الذكر والأنثى داخل الأسرة وخارجها.
- العلاقات الدستورية بين الدين والسياسة.
* علاقة الجنسين
مرة أخرى لا يجادل أحد اليوم في المساواة المبدئية بين الناس، ولا بين الجنسين إنطلاقاً من التعاليم الدينية أو الخلقية، مثل "وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى..." (سورة النجم 45). أو "ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة..." (سورة غافر 40) وكثير من أمثالها.
إلا أن المستوى التشريعي لا يخلو من صعوبات خطيرة، لأن مسألة المرأة تثير عدّة مشاكل مترتّبة على وضعها لجهة العادات والأخلاق الاجتماعية، ولجهة الأحكام الدينية العملية مثل: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" (سورة النساء 11). من جميع هذه النواحي (الأخلاق الاجتماعية، والأحكام الدينية العملية)، يوجد التمييز والتّفضيل، كالجبر والولاية والتطليق والتّعصيب وأحكام الإشهاد، علاوة على "العنصرية" المتفشية في المجتمع. إن كان هنالك مساواة، فإنها من باب المبادئ والماورائيات. الأرواح متساوية، والضمائر مسؤولة على حدّ سواء، أما الأبدان والعلاقات فإنها تخضع للتشريع، ومن هذه الناحية هنالك أسباب ودوافع كثيرة في سبيل اللامساواة.
هل تعني المساواة المبدئية اختلاط الجنسين الواقعية؟ وهل تعني أن للذكر والأنثى نفس الوظائف؟ ألم يكن من الضروري بل من الطبيعي، أن يحتكر الرجل الوظائف العمومية وأن تقتصر المرأة على الوظائف المنزلية وواجبات التناسل والتربية؟ ثمّ يزيد هذا المنطق فيقول: ألم يجعل الغرب من المرأة وحريّتها، إلا أداة إثارة ورغبة، وجذب جنسي وحيوانية، بل وفي آخر الأمر مباضعة واستعباد؟ بقدر ما تكون عارية، بقدر ما تسود، ولكن بقدر ما تفقد إنسانيتها. فعلينا إذا أن نمتثل لطبيعة الأشياء التي تملي علينا، حفاظاً للنظام والأمن الجماعي، التمييز والتفريق بين المرأة والرجل في مجال الوظائف، والمسؤوليات، والحقوق، والواجبات. والتشريع موضوع لتحقيق ذلك الهدف. فالولاية، والزواج، والاحتشام، هي كبريات الأحكام التشريعية الخاصة بالمرأة. وقد تعرّضنا لهذا الإشكال في الملف الأوّل.
- علاقة الأخوين العدوّين: الدين والدولة
الدين والدولة: توأمان لا ينفصلان، وغريبان يتنافران. إن حرية الضمير والمعتقد، وإحداث دولة قانون لشعب حرّ في مجتمع حرّ، يقتضيان الفصل العضوي ومن حيث الأحكام، بين الدولة والدين. فإن اختلطا وقعنا في الاستبداد، سواء اقتدينا بمنوال دين الدولة (أوروبا في القرن السابع عشر) أو بمنوال دولة الدين (الخلافة الإسلامية).
ولكن الفصل بين الدين والدولة لا يقبل ولا يمكن قبوله بتاتا من قبل الذين يرون أن عالم الدنيا لا يمثّل غاية في حدّ ذاته، وإنما هو ممّر ومستقر مؤقت، في إنتظار الآخرة. ومن هنا، يتحتّم أن يكون التشريع الدنيوي خاضعاً لكليّات الشّرع، وللأخلاق والأحكام المبيّنة في التنزيل. فلا يمكن حينئذ فصل الدين عن الدولة والمجتمع، وإن فرضت الوقائع والأحداث بعض الإخلال في هذا النسق، أو أظهرت عجزه لمواكبة الظروف، فلا ينبغي أن يعترف أحد بذلك صراحة بل تفتح أبواب التأويل، وتبسط أدوات الاجتهاد، وتنصب حبائل الحيل، كل ذلك والضّمائر مطمئنّة، ووجه الشرع مكرّم مشرق. هذه الفرضيات الإيمانية لها أثرها في ميادين حسّاسة من التشريع، مثل الأحكام العائلية، والجرائم، والأخلاق. وما يعتبره الفكر الحديث تراجعاً، أو باليات، أو ضيق أفق، وما يحكم عليه بأنه انتهاك للحريات، وللمساواة، أو بأنه ناطق عن أهواس تعنيفية أو سادو- مازوشية أو لا إنسانية، يعتبره الفكر الديني تعبيراً عن حقائق الإنسانية الأساسية وهي:
- أن الدّار البشرية ليست غاية، وأن الاهتمام بالبشرية لذات البشرية زيغ لا معنى له، ولا يمكن الاتفاق عليه بين اثنين. فمعايير الإنسانية فوقية لا ذاتية.
- وأنه لا يجوز أن يكون للمدينة السياسية تعاليم أو أحكام مستقلة، أو أن تنغمس في الهديونية والإباحية، بل عليها أن تبقى نواميسها في ظل النص المنزل أو في ما بينه رجال الدين والمجتهدون. السلطة السياسية تبع للسلطة الروحية، وحقوق العباد بعد حقوق الله، والدفاع عن حقوق الإنسان بدون إلتفات إلى الشريعة الإلهية، مروق مكابر، وتشويه للإنسانية ذاته. فالدولة وسيلة هداية وإرشاد وهي حماية لمصالح الناس لا من حيث أنهم ناس، بل من حيث أنهم عباد الله، كما أشرنا إليه في الملف الأوّل.
هنا تتحد مواقف رجال الدين في حكمهم المشترك على الحداثة وعلى أزماتها في مجالات عديدة مثل الإجهاض، والحرية الجنسية، واللائيكية، والإباحية وغيرها، وجمعيهم ينادي بالرّجوع إلى الأحكام الخُلُقية والتشريعية الدينية، ضد الثائر الحديث الذي صوّره ألبير كامو، وضدّ المستبدّ اللائيكي، وضدّ الفيلسوف النيتشي، والبطل الدستويافسكي، والمجتمع الديمقراطي، والثورة الفرنسية. جميعهم ينادي بإقامة ثورة مضادّة ثقافية خلقية سياسية، وتشريعية.
كل هذه التصورات سيكون لها أثر حتمي على علاقة الفرد بالمجموعة، والدولة بالمجتمع. نعلم أن الفكر الحديث يحمل في عمقه انفصامين، الأول بين الفرد والمجموعة والثاني بين الدولة والمجتمع، كما وضحناه سابقاً. الأول يبيح للفرد أن يفكر ويرى ما لا تراه وتفكره المجموعة، والثاني يسمح للدولة بأن تشرّع لصالح المجتمع بقطع النظر عن طلبات الدين ورجاله. ولا يتسنّى للعقلية الدينية الوحدانية أن تقبل وتفهم مبدأ الانفصامين، لأنه يخالف فلسفتها الإيمانية أصلاً، وذلك رغما من أن الفلسفة الإيمانية الوحدانية منبع فكرة الإنسان وفكرة الحق. ليس بإمكان الفلسفة الإيمانية أن تبلغ إلى منتهى منطق إنساني محض. إنّها تقطع معه مسافة قصيرة، وهي مسافة المبادئ، ثم عند الوصول إلى الأحكام التشريعية التحريرية، يرهقها الأمر، فتتوقّف.
ذلك ما يفسّر في اعتباري انقسام الفلسفة الإيمانية، وقابلية الدين الإنجيلي (لم أقل المسيحية) أكثر من أخويه التوراتي والقرآني لأن يستوعب فلسفة حقوق الإنسان.
إن التراث التوراتي القرآني في نصه كما في نشأته التاريخية، لا يفصل بين الأحكام والإيمان، ولا بين الرئاسة السياسية والإمامة الروحية. ومن هذه الناحية، هنالك فارق عظيم بين المسيحية الأولى الإنجيلية التي زادت في القطيعة باختراعها الأقانيم والتأنس، والمنوال التوراتي القرآني. فما دام الأمر قائماً، والانفصام لم يتحقق، سيبقى التفاهم مستحيلاً بين النظرة الحديثة لحقوق الإنسان والنظرة الدينية، لأن هيكلتهما الفكرية متباينة، وإن اتفقا يوما ما، فلا يكون ذلك عن قناعة وتصديق، بل بفعل سياسة فنّ التصالح المفروض على ألدّ الأعداء حتى يتعوّدون التعايش. هذا هو الوضع اليوم في العالم الإسلامي. والحركات الإسلامية الثائرة، أو حتى الحكومات الدينية المنتصبة، ليست دليلاً على تأسلم المجتمعات والسلط السياسية، بل، خلافاً لذلك، هي دليل على أن الدين يعيش أزمة قويّة، لم يتعرض لها من ذي قبل، فرضت عليه إخلاء مجالات هامة وواسعة من الحياة الاجتماعية، وأن الدولة المشرّعة قد حلّت محلّه كلّياً أو جزئياً، حتى في النظم التي تدعي أنها تمثل حكومات دينية.
ومن جهة أخرى فإننا نلاحظ أنّ متدّينا جديداً بدأ يظهر، وهذا المتدين هو مؤمن الإيمان الداخلي، الذي جعل من ضميره ولا من جسده المركز المميّز والأساس لتعبده، تاركا مجال السياسة والتشريع للدولة ولمقتضيات الصالح العام الدنيوي المحض ومعتبراً أن الدين مسؤولية شخصية، أكثر منها عمومية.
وبعد ذلك، هل توافق بين إحترام الثقافات المختلفة وعالمية حقوق الإنسان الأساسية؟
من البديهي أن للثقافات المختلفة حقّ ثابت في نموّها الذاتي وإحترامها من قبل الآخرين. ولكن كيف نحقّق تعايش متناقضين، خصوصية الثقافات، وعالمية حقوق الإنسان؟ هل بالرجوع إلى إنّية الإنسان؟ ولكنّنا نعلم أن إنّية الإنسان فكرة دينية، لا تقنع غير المؤمنين بالخلق والخالق والمخلوق. فعلى أي أساس موضوعي، كلي وشامل، نبني حقوق الإنسان الأساسية حتى مع إفتراض أن الإنسان قد مرّ بمراحل وطبائع وأعمار، كما أسلفنا؟
للإجابة عن هذا السؤال، لابدّ أن نتخلص من البحث عن ذات إنسانية أزلية مطلقة ننطلق منها لتأسيس حقوق الإنسان على أرضية ثابتة. فلنقبل الإنسان كما نعرفه تاريخياً على حاله وصورته المشهودة. ثم لنضع كمبدأ تأسيسي، أن هذا الإنسان، كائن، موجود، مدفوع بموجب وجوده إلى أن يميل بالضرورة إلى الحياة، وأن يحيد بالضرورة عن كل نقيض ينقضها كالموت أو كل تنقيص ينقصها كالألم والمرض، والعذاب، والإهانة. فلنبن حقوق الإنسان على هذا المبدإ: "الحياة بأقلّ الأضرار الممكنة"، ثم لنستخرج منه الحق في العيش، والحرية، والسعي إلى السعادة والمساواة لا على مستوى المبادئ فحسب، بل أيضاً على مستوى التّشريع.
بمعية التطوّر العلمي وإختراعاته وبراهينه القطعية، يمكن لهذا المبدأ أن يقيم الثقافات والحضارات، وأن يحكم لها أو عليها، من وجهة حقوق الإنسان. فمن حق أخلاق الحداثة، ومن شأن التقدّم العلمي أن يحكما على بعض العقوبات بأنها لا إنسانية، وعلى بعض الأحكام الزوجية أو الوراثية المتعلقة بالمرأة بأنها مخالفة للمساواة، وعلى بعض العادات مثل ختان النساء، أو العلاج بالسحر والرُقى أو المعاملات التقليدية العنيفة، المهينة أو الشيّنة، بأنها مخالفة للحرمة الجسدية، أو للكرامة. وليس لاي ثقافة أو حضارة أن ترفع، في هذه الصورة، صوت الخصوصية، أو نداء الهُوية. لا هوية ولا خصوصية لدى محكمة العلم والأخلاق الحديثة، لا هوية ولا خصوصية أمام مبدأ "الحياة بأقلّ الأضرار". بهذه الطريقة يمكن تضمين عالمية حقوق الإنسان الأساسية.
المصدر: كتاب الضمير والتشريع والعقلية المدنية والحقوق الحديثة

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

حقوق الإنسان.. في شريعة حمورابي
حقوق الانسان بين الكونية والخصوصيات
حقوق المجتمع العامة
تعريف حقوق الانسان
الديمقراطية وحقوق الانسان بين المبدئية وتصفية ...
الديمقراطية وحقوق الانسان بين المبدئية وتصفية ...
خصائص ومميزات حقوق الإنسان في الإسلام
شبهات حول العدالة
رسالة الحقوق
حقوق الإنسان في الإسلام

 
user comment