عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

سیرة الامام الهادي(علیه السلام)

رسول الله (ص): «أنّ اللّه ركّب في صلبه ـ إشارة إلي الإمام الجواد (عليه السلام) ـ نطفة لا باغية ولا طاغية ، بارّة مباركة ، طيبة طاهرة ، سماها عنده عليّ بن محمّد فألبسها السكينة والوقار ، وأودعها العلوم ، وكل سرّ مكتوم ، من لقيه ، وفي صدره شيء أنبأه به ، وحذره من عدوه...»

سیرة الامام الهادي(علیه السلام)

ولد (عليه السلام) للنصف من ذي الحجّة أو ثاني رجب سنة اثنتي عشرة أو أربع عشرة ومائتين1.

وكانت ولادته (عليه السلام) في قرية (صريا) التي تبعد عن المدينة ثلاثة أميال2.

نسبه الشريف

هو أبو الحسن عليّ بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين السبط بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) وهو العاشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) .

اُمّه أُمّ ولد يقال لها سمانة المغربية3 وعرفت باُمّ الفضل4.


بشارة الرسول(ص)

وبشرّ الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) بولادته في حديث طويل حول الأئمة (عليهم السلام) بقوله:« ... 5.

کنيته و ألقابه

يكنّي الإمام (عليه السلام) بأبي الحسن ، وتمييزاً له عن الإمامين الكاظم والرضا (عليهما السلام) يقال له أبو الحسن الثالث .

أمّا ألقابه فهي : الهادي ، والنقيّ وهما أشهر ألقابه، والمرتضي ، والفتّاح والناصح ، والمتوكل، وقد منع شيعته من أن ينادوه به لأنّ الخليفة العبّاسي كان يُلقّب به6.

الشيعة و إمامة الجواد (ع)

بعد التحاق الإمام الرضا (عليه السلام) بالرفيق الأعلي ، كان عمر الإمام الجواد (عليه السلام) سبع سنوات، وهذه الإمامة المبكرة كانت أوّل ظاهرة ملفتة للنظر عند الشيعة أنفسهم فضلاً عن غيرهم . واحتار بعض رموز الشيعة فضلاً عن غيرهم، بالرغم من التمهيد لهذه الظاهرة من قبل الإمام الرضا (عليه السلام) قبل إشخاصه إلي خراسان وبعده .

من هنا اجتمع جملة من كبار الشيعة في بيت عبدالرحمن بن الحجاج يتداولون في أمر الإمامة ، وكان من بين هؤلاء المجتمعين ، الريّان بن الصلت ، وصفوان بن يحيي ، ومحمّد بن حكيم ، وعبد الرحمن بن الحجاج ويونس بن عبدالرحمن ، فجعلوا يبكون... ، فقال لهم يونس : دعوا البكاء من لهذا الأمر يفتي بالمسائل إلي أن يكبر هذا الصبي ـ يعني أبا جعفر (عليه السلام) ـ ، وكان له ست سنين وشهوراً.... فقال الريان بن الصلت:

إن كان أمر من اللّه جلّ وعلا ، فابن يومين مثل ابن مائة سنة، وإن لم يكن من عند اللّه فلو عمَّر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة (عليهم السلام) أو بعضه ، وهذا مما ينبغي أن ينظر فيه ...»7 .

ويتّضح من النصّ السابق تأكيد الريّان علي مفهوم الإمامة باعتبارها منصباً إلهياً كالنبوة من حيث الاختيار والانتخاب لهذا المنصب . فإنّه بيد اللّه سبحانه ، قال تعالي : (اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ )8 وليس للناس فيها أمر واختيار .

 

مظاهر من شخصية الامام علي بن الهادي (ع):

لقد تحلّي الإمام الهادي (عليه السلام) بمكارم الأخلاق التي بُعث جدّه الرسول الأعظم لتتميمها9، واجتمعت في شخصيته كل عناصر الفضل والكمال التي لا يسعنا الإحاطة بها ولا تصويرها، ولكن هذا لا يمنع أن نشير الي جملة من مكارم أخلاقه التي تجلّت في صور من سلوكه. وإليك بعض هذه المكارم التي نصّت عليها كتب السيرة والتاريخ.

الکرم

كان (عليه السلام) من أبسط الناس كفاً ، وأنداهم يداً ، وكان علي غرار آبائه الذين أطعموا الطعام علي حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً10 ، وكانوا يطعمون الطعام حتي لا يبقي لأهلهم طعام، ويكسونهم حتي لا يبقي لهم كسوة11.

وقد روي المؤرّخون بوادر كثيرة من برّ الإمام الهادي (عليه السلام) وإحسانه إلي الفقراء وإكرامه البائسين ، نقتصر منها علي ما يلي :

1 ـ دخل أبو عمرو عثمان بن سعيد ، وأحمد بن إسحاق الأشعري ، وعليّ بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري ، فشكا إليه أحمد بن إسحاق ديناً عليه ، فقال: يا أبا عمرو ـ وكان وكيله ـ ادفع إليه ثلاثين ألف دينار ، وإلي عليّ بن جعفر ثلاثين ألف دينار ، وخذ أنت ثلاثين ألف دينار.

وعلّق ابن شهرآشوب علي هذه المكرمة العلوية بقوله : « فهذه معجزة لا يقدر عليها إلاّ الملوك ، وما سمعنا بمثل هذا العطاء »12.

2 ـ وقال إسحاق الجلاب: اشتريت لأبي الحسن (عليه السلام) غنماً كثيرة يوم التروية ، فقسمها في أقاربه13.

الزهد

لقد عزف الإمام الهادي (عليه السلام) عن جميع مباهج الحياة ومتعها، وعاش عيشة زاهدة إلي أقصي حدّ ، لقد واظب علي العبادة والورع والزهد ، فلم يحفل بأي مظهر من مظاهر الحياة ، وآثر طاعة اللّه علي كل شيء ، وقد كان منزله في المدينة وسرّ من رأي خالياً من كل أثاث ، فقد داهمت منزله شرطة المتوكل ففتّشوه تفتيشاً دقيقاً فلم يجدوا فيه شيئاً من رغائب الحياة ، وكذلك لما فتّشت الشرطة داره في سرّ من رأي، فقد وجدوا الإمام في بيت مغلق ، وعليه مدرعة من صوف وهو جالس علي الرمل والحصي ، ليس بينه وبين الأرض فراش14 .

ارشاد الظالين

واهتمّ الإمام الهادي (عليه السلام) اهتماماً بالغاً بإرشاد الضالين والمنحرفين عن الحقّ وهدايتهم إلي سواء السبيل ، وكان من بين من أرشدهم الإمام وهداهم، أبو الحسن البصري المعروف بالملاح ، قال: دلني أبو الحسن ـ وكنت واقفياً ـ فقال لي: إلي كم هذه النومة أما آن لك أن تنتبه منها؟!» ـ فقدح في قلبي شيئاً وغشي عليّ وتبعت الحقّ15.

العبادة

إنّ الإقبال علي اللّه والإنابة إليه وإحياء الليالي بالعبادة، ومناجاة اللّه وتلاوة كتابه هي السّمة البارزة عند أهل البيت (عليهم السلام).

أما الإمام الهادي (عليه السلام) فلم يرَ الناس في عصره مثله في عبادته وتقواه وشدّة تحرّجه في الدين ، فلم يترك نافلة من النوافل إلاّ أتي بها ، وكان يقرأ في الركعة الثالثة من نافلة المغرب سورة الحمد وأوّل سورة الحديد إلي قوله تعالي : (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )16 وفي الركعة الرابعة سورة الحمد وآخر سورة الحجرات 17 .

 

زيارة الغدير

من أهم زيارات الأئمة الطاهرين ـ عند الشيعة الإمامية ـ زيارة الغدير فقد اهتموا بها اهتماماً بالغاً ، لأنها رمز لذلك اليوم الخالد في دنيا الإسلام ، ذلك اليوم الذي قرّر فيه الرسول (صلي اللّه عليه وآله وسلم) المصير الحاسم لأمته ، فنصب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة علي المسلمين .

وقد زار الإمام أبو الحسن الهادي (عليه السلام) جدّه أمير المؤمنين في السنة التي أشخصه فيها المعتصم من المدينة إلي سر من رأي18.

نعم زاره بهذه الزيارة التي هي من أروع وأجل الزيارات ، فقد تحدّث فيها عن فضائل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وما عاناه في عصره من المشاكل السياسية والاجتماعية.

وإليك بعض ما حفلت به هذه الزيارة، التي هي من ملاحم أهل البيت (عليهم السلام) :

1 ـ تحدّث الإمام أبو الحسن الهادي (عليه السلام) في زيارته (الغديرية) عن أنّ جده الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) هو أوّل من أسلم وآمن باللّه واستجاب لدعوة نبيه ، قال (عليه السلام) مخاطباً جدّه : « وأنت أوّل من آمن باللّه وصلي له ، وجاهد ، وأبدي صفحته في دار الشرك ، والأرض مشحونة ضلالة، والشيطان يعبد جهرة...»19 .

لقد تظافرت الأخبار بأنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) هو أوّل من أذعن لرسالة خاتم النبيّين ، واستجاب لنداء اللّه ودعا الي دين اللّه بعد رسول اللّه ، فقد روي ابن إسحاق، قال : كان أوّل ذكر آمن برسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) وصلي معه ، وصدق بما جاءه من عند اللّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يومئذٍ ابن عشر سنين20.

وروي الطبراني بسنده عن أبي ذرّ قال : أخذ رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) بيد عليّ (عليه السلام) فقال : «هذا أوّل من آمن بي وأوّل من يصافحني يوم القيامة...» 21 .

وقال رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) لعائشة : «هذا عليّ بن أبي طالب أوّل الناس إيماناً » 22 .

وكثير من أمثال هذه الأخبار قد أعلنت ذلك .

2 ـ وتحدث الإمام (عليه السلام) في زيارته عن جهاد الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) وبسالته وشجاعته وصموده في الحروب قائلاً : « ولك المواقف المشهودة ، والمقامات المشهورة ، والأيام المذكورة يوم بدر ، ويوم الأحزاب (... وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا* هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً* وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً* وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً )23.

وقال اللّه تعالي : ( وَلَمَّا رَأَي الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً)24.

فقتلت عمرهم وهزمت جمعهم ، ( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَي اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً)25 ، ويوم أحد (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَي أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ)26، وأنت تذود بهم المشركين عن النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) ذات اليمين وذات الشمال حتي ردّهم اللّه تعالي عنكما خائفين ونصر بك الخاذلين.

ويوم حنين علي ما نطق به التنزيل ( إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدْبِرِينَ* ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَي رَسُولِهِ وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ )27 . والمؤمنون أنت ومن يليك ، وعمك العبّاس ينادي المنهزمين يا أصحاب سورة البقرة ، يا أهل بيعة الشجرة ، حتي استجاب له قوم قد كفيتهم المؤونة وتكلفت دونهم المعونة ، فعادوا آيسين من المثوبة ، راجين وعد اللّه تعالي بالتوبة ، وذلك قول اللّه جل ذكره : ( ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذلِكَ عَلَي مَن يَشَاءُ)28. وأنت حائز درجة الصبر ، فائز بعظيم الأجر .

ويوم خيبر إذ أظهر اللّه خور المنافقين ، وقطع دابر الكافرين ـ والحمدللّه رب العالمين ـ (وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً)29.

 

وأضاف الإمام قائلاً : ... وشهدت مع النبيّ (صلي اللّه عليه وآله وسلم) جميع حروبه ومغازيه ، تحمل الراية أمامه ، وتضرب بالسيف قدامه ، ثم لحزمك المشهور وبصيرتك في الأُمور أمّرك في المواطن ، ولم يكن عليك أمير...» .


الامام الهادي (ع) في سامراء في فترة المتوکل العباسي

إنّ حجب المتوكل للإمام الهادي (عليه السلام) لدي وروده والأمر بإنزاله في خان الصعاليك، لو لاحظناه مع ما جاء في رسالة المتوكل للإمام الهادي (عليه السلام) يحمل بين طيّاته صورة واضحة من نظرة المتوكل إلي الإمام (عليه السلام). فهو لا يأبي من تحقير الإمام وإذلاله كلما سنحت له الفرصة. ولكنّه كان يحاول التعتيم علي ما يدور في قرارة نفسه، ولهذا أمر بعد ذلك بإفراد دار له، فانتقل إليها. مع العلم بأنّ المتوكل هو الذي كان قد استدعي الإمام (عليه السلام) وكان يعلم بقدومه عليه، ولابدّ أن يكون قد استعد لذلك.

وعلي أية حال فالذي يبدو من سير الأحداث أن المتوكل حاول بكل جهده ليكسب ودّ الإمام، ويورّطه فيما يشتهي من القبائح التي كان يرتكبها المتوكل.

وحاول المتوكل غير مرّة إفحام الإمام (عليه السلام) بالرغم من أنّه كان يضطر الي الإلتجاء إليه حين كان يعجز علماء البلاط، أو وعّاظ السلاطين عن تقديم الأجوبة الشافية في الموارد الحرجة.


استشهاد الامام الهادي(ع)

ظلّ الإمام الهادي (عليه السلام) يعاني من ظلم الحكّام وجورهم حتّي دُسّ إليه السمّ، كما حدث لآبائه الطّاهرين، وقد قال الإمام الحسن (عليه السلام) : ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم33.

قال الطبرسي وابن الصباغ المالكي : في آخر ملكه 34، استشهد وليّ اللّه عليّ بن محمّد (عليهما السلام)35.

وقال ابن بابويه: وسمّه المعتمد36.

وقال المسعودي: وقيل: إنّه مات مسموماً37؛ ويؤيد ذلك ما جاء في الدّعاء الوارد في شهر رمضان: وضاعف العذاب علي من شرك في دمه38.

وقال سراج الدين الرفاعي في صحاح الأخبار: «وتوفي شهيداً بالسم في خلافة المعتز العبّاسي...»39.

وقال محمّد عبدالغفار الحنفي في كتابه أئمة الهدي: «فلما ذاعت شهرته (عليه السلام) استدعاه الملك المتوكل من المدينة المنوّرة حيث خاف علي ملكه وزوال دولته .. وأخيراً دسّ إليه السمّ...»40.

والصحيح أنّ المعتز هو الذي دسّ إليه السمّ وقتله به .

ويظهر أنّه اعتلّ من أثر السمّ الذي سُقي، كما جاء في رواية محمّد بن الفرج، عن أبي دعامة، حيث قال: أتيت عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي عائداً في علّته التي كانت وفاته منها في هذه السنة، فلمّا هممت بالانصراف قال لي: «يا أبا دعامة، قد وجب حقّك، ألا اُحدّثك بحديث تسرّ به؟ قال: فقلت له: ما أحوجني الي ذلك يابن رسول اللّه .

قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدثّني أبي عليّ بن موسي، قال: حدثّني أبي موسي بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ، قال: حدّثني أبي علي ابن أبي طالب (عليهم السلام) ، قال: قال لي رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) : اكتب يا عليّ: فقلت: «وما أكتب؟ فقال: اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم، الإيمان ما وقرته القلوب وصدّقته الأعمال، و الإسلام ما جري علي اللّسان، وحلّت به المناكحة».

قال أبو دعامة: فقلت: يا بن رسول اللّه ، ما أدري أيّهما أحسن الحديث أم الإسناد؟! فقال: إنّها لصحيفة بخطّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بإملاء رسول اللّه (صلي اللّه عليه وآله وسلم) نتوارثها صاغراً عن كابر»41.

قال المسعودي: واعتلّ أبو الحسن (عليه السلام) علّته التي مضي فيها فأحضر أبا محمّد ابنه (عليه السلام) فسلّم إليه النّور والحكمة ومواريث الأنبياء والسّلاح42.

ونصّ عليه وأوصي إليه بمشهدٍ من ثقات أصحابه ومضي (عليه السلام) وله أربعون سنة43.


من تراثه التربوي و الاخلاقي

وأثرت عن الإمام أبي الحسن الهادي (عليه السلام) مجموعة من الكلمات الذهبية، التي عالج فيها مختلف القضايا التربوية والأخلاقية ، والنفسية ، وهذه بعضها :

1 ـ قال (عليه السلام) : « خير من الخير فاعله ، وأجمل من الجميل قائله ، وأرجح من العلم عامله»44.

2 ـ قال (عليه السلام) : « من سأل فوق قدر حقّه فهو أولي بالحرمان» .

3 ـ قال (عليه السلام) : « صلاح من جهل الكرامة هوانه » .

4 ـ قال (عليه السلام) : «الحلم أن تملك نفسك، وتكظم غيظك مع القدرة عليه».

5 ـ قال (عليه السلام) : « الناس في الدنيا بالأموال ، وفي الآخرة بالأعمال» .

6 ـ قال (عليه السلام) : « من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه» .

7 ـ قال (عليه السلام) : « تريك المقادير ما لا يخطر ببالك» .

8 ـ قال (عليه السلام) : « شر الرزية سوء الخلق» .

9 ـ قال (عليه السلام) : « الغني قلة تمنيك ، والرضي بما يكفيك ، والفقر شره النفس وشدة القنوط ، والمذلة اتباع اليسير ، والنظر في الحقير» .

10 ـ سئل الإمام (عليه السلام) عن الحزم فقال (عليه السلام) : « هو أن تنظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك» .

11 ـ قال (عليه السلام) : « راكب الحرون45 أسير نفسه والجاهل أسير لسانه ».

12 ـ قال (عليه السلام) : « المراء يفسد الصداقة القديمة ، ويحلل العقد الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون [فيه]المغالبة ، والمغالبة أس أسباب القطيعة» .

13 ـ قال (عليه السلام) : « العتاب مفتاح المقال ، والعتاب خير من الحقد» .

14 ـ أثني بعض أصحاب الإمام علي الإمام ، وأكثر من تقريظه والثناء عليه ، فقال (عليه السلام) له : « إن كثرة الملق يهجم علي الفطنة ، فإذا حللت من أخيك محل الثقة فاعدل عن الملق إلي حسن النية» .

15 ـ قال (عليه السلام) : « المصيبة للصابر واحدة ، وللجازع اثنتان » .

16 ـ قال (عليه السلام) : « الحسد ماحق الحسنات ، والزهو جالب المقت».

17 ـ قال (عليه السلام) : «العجب صارف عن طلب العلم ، داع إلي الغمط في الجهل».

18 ـ قال (عليه السلام) : «البخل أذم الأخلاق ، والطمع سجية سيئة».

19 ـ قال (عليه السلام) : « مخالطة الأشرار تدل علي شر من يخالطهم».

20 ـ قال (عليه السلام) : «والكفر للنعم امارة البطر ، وسبب للتغيير».

21 ـ قال (عليه السلام) : « اللجاجة مسلبة للسلامة ، ومؤدية للندامة » .

22 ـ قال (عليه السلام) : « الهزء فكاهة السفهاء وصناعة الجهال» .

23 ـ قال (عليه السلام) : « العقوق يعقب القلة ، ويؤدي إلي الذلة» .

24 ـ قال (عليه السلام) : « السهر ألذ للمنام ، والجوع يزيد في طيب الطعام» .

-----------------------------------------

1. اُصول الكافي : 1 / 497، والإرشاد : 368، والمصباح: 523 .

2. مناقب آل أبي طالب : 4 / 433 ، وثلاثة أميال تعادل خمسة كيلومترات .

3. اُصول الكافي : 1 / 298 .

4. مناقب آل أبي طالب : 4 / 433، وعنه في بحار الأنوار : 50 / 114 .

5. عيون أخبار الرضا عليه السلام : 1 / 62 ، ح 29 .

6. كشف الغمّة : 2 / 374 .

7. دلائل الإمامة : 388 .

8. الأنعام 6: 124.

9. إشارة لقوله صلي اللّه عليه وآله وسلم: «إنّما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق».

10. إشارة الي حادثة إطعام الطعام التي قام بها أميرالمؤمنين وفاطمة والحسن والحسين، حيث نزل قوله تعالي: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً .

11. صفة الصفوة: 2/98 .

12. المناقب 3: 512، أعيان الشيعة 2: 37.

13. مناقب آل أبي طالب 3 : 514.

14. اُصول الكافي:1/499 وعنه في الإرشاد: 2/302، 303 وعن الكليني في إعلام الوري: 2/119. والفصول المهمة: 377.

15. مناقب آل أبي طالب 3: 511، إعلام الوري بأعلام الهدي 2: 123، وفيه: «وكان يلقب بالملاح، قال: كان يقول بالوقف جعفر بن القاسم الهاشمي البصري، وكنت معه بسر مَن رأي، إذ رآه أبو الحسن عليه السلام في بعض الطرق فقال له: إلي كم هذه النومة...».

16. الأنفال 8: 43.

17. وسائل الشيعة الإسلامية 4: 750 .

18. مفاتيح الجنان : 363 .

19. المزار: 64.

20. السيرة النبوية، ابن إسحاق ة : 1/262 وعنه في الطبري : 2/312، تفسير الثعلبي 5: 83، البداية والنهاية 3: 35.

21. فيض القدير : 4 / 358، المعجم الكبير 6: 269.

22. الاستيعاب : 2 / 759، تاريخ مدينة دمشق 42: 44، أُسد الغابة 5: 543.

23. الأحزاب 33: 10 ـ 13 .

24. الأحزاب 33: 22 .

25. الأحزاب 33: 25.

26. آل عمران 3: 153.

27. التوبة 9: 25 ـ 26.

28. التوبة 9: 27.

29. الأحزاب 33: 15.

30. الصافات 37: 102.

31. سورة البقرة 2: 207.

32. راجع حياة الإمام عليّ الهادي عليه السلام: 140 ـ 147، المزار: 64 ـ 88 .

33. بحار الأنوار : 27/216 ، ح 18، كفاية الأثر: 160.

34. أي المعتز.

35. إعلام الوري 2: 110، الفصول المهمة 2: 1075.

36. بحار الأنوار 50: 113، مناقب آل أبي طالب 3: 506.

37. مروج الذهب 4: 185.

38. بحار الأنوار: 50/206 ح 19، إقبال الأعمال 1: 215.

39. إلزام الناصب: 302.

40. راجع : الإمام الهادي من المهد الي اللحد: 509 ـ 510.

41. بحار الأنوار: 50/208 ، مروج الذهب: 4/184.

42. إثبات الوصيّة: 257، عيون المعجزات: 122.

43. بحار الأنوار: 50/210، عيون المعجزات: 122.

44. بحار الأنوار 75: 370.

45. وهو الفرس الذي لا ينقاد

 


source : www.abna.ir
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أخبار الإمام الهادي ( عليه السلام ) مع المتوكِّل ...
أدعية الإمام الهادي ( عليه السلام )
تاريخ حياة الإمام الهادي (عليه السلام)(القسم ...
الإمام الهادي عليه السلام وقضية حفيده المهدي ...
مكانة الإمام الهادي ( عليه السلام ) العلمية
في ذکری استشهاد الإمام علي بن محمد الهادي (عليه ...
في ذكری‌ ميلاد الإمام علي بن محمد الهادي عليه ...
سیرة الامام علي الهادي(علیهم السلام)
سيرة الامام الهادي (عليه السلام)
شهادة الإمام الهادي ( عليه السلام )

 
user comment