إن القول بأن الامام المهدي لا یزال حیا یرزق منذ ولادته عام 255 هجریة إلی الان و أنه غائب سوف یظطهر بأمر من الله سبحانه ، أثار أسئلة حول حیاته وإمامته ، نذکر رووسها:
1- کیف یکون إمام و هو غائب ، و ما الفائدة المرتقبة منه في غیبته ؟
2- لماذا غاب؟
3- کیف یمکن أن یعیش إنسان هذه المدة الطویلة؟
4- ما هي اشراط و علائم ظورة ؟
هذه الاسئلة أثیرت حول الامام المهدي منذ أن غاب ، و کلما طالت غیبته اشتد الترکیز علیها ، و قد قام المحققون من علماء الامامیة بالاجابة علیها في مولفات مستقلة لا مجال لنقل معشار ما جاء فیها ، غیر أن الاحالة لما کانت عن المحذور غیر خالیة ، نبحث عنها علی وجه الاجمال ، و نحیل من أراد التبسط إلی المصادر المولفة في هذا المجال.
السوال الاول :
کیف یکون إماما و هو غائب ؟ و ما فائدته؟
أن القیادة و الهدایة و القیام بوظائف الامامة ، و هو الغایة من تنصیب الامام ، أو اختیاره ، و هو یتوقف علی کونه ظاهرا بین أبناء الامة ، مشاهدا لهم ، فکیف یکون إماما و قائدا ، و هو غائب عنهم؟!
و الجواب : علی وجهین نقضا وحلا.
أما النقض : فأن الترکیز علی هذا السوال یعرب عن عدم التعرف علی أولیاء الله و أنهم بین ظاهر قائم بالامور و مختف قائم بها من دون أن یعرفه الناس.
أن کتاب الله العزیز یعرفنا علی وجود نوعین من الائمة و الاولیاء للامة ، وليّ غائب مستور ، لا یعرفه حتی نبي زمانه ، کما یخبر سبحانه عن مصاحب موسی (ع) بقولة (( فوجدا عبدا من عبادنا آتیناه رحمة من عندنا و علمناه من لدنّا علما * قال له موسی هل أتّبعک علی أن تعلّمن مما علّمت رشدا)) الکهف /65-82
و وليّ ظاهر باسط الید ، تعرفه الامة و تقتدي به.
فالقرآن إذن یدلّ علی أن الولي ربّما یکون غائبا ، و لکنّه مع ذلک لا یعیش في غفلة عن أمته ، بل یتصرّف في مصالحها و یرعي شوونها ، من دون أن یعرفه أبناء الامة.
فعلی ضوء الکتاب الکریم ، یصح لنا أن نقول بأن الولي إما ولي حاضر مشاهد ، أو غائب محجوب.
و إلی ذلک یشیر الامام علي بن أبی طالب في کلامه لکمیل بن زیاد النخعي یقول کمیل : أخذ بیدي أمیر المومنین علي بن أبي طالب (ع) فأخرجني إلی الجبّان ، فلمّا أصحر ، تنفّس الصعداأ و کان مما قاله :« اللهم بلی ، لا تخلو الارض من قائم لله بحجّة ، إمام ظاهرا مشهورا ، أو خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج الله و بیّناته».
و لیست غیبة الامام المهدي ، بدعا في تاریخ الاولیاء ، فهذا موسی بن عمران ، قد غاب عن قومه قرابة أربعین یوما ، و کان نبیا ولیّا ، یقول سبحانه : (( و واعدنا موسی ثلاثین لیلة و أتممناها بعشر قتم میقات ربه أربعین لیلة * و قال موسی لأخیه هارون اخلفني في قومي و أصلح و لا تتبع سبیل المفسدین ))
و هذاا یونس کان من أنبیاء الله سبحانه ، و مع ذلک فقد غاب في الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانک إنّي کنت من الظالمین * فاستجبنا له و نجیناه من الغم و کلذلک ننجي المومنین ))
أو لم یکن موسی و یونس نبیّین من أنبیاء الله سبحانه ؟ و ما فائدة نبي یغیب عن الابصار ، و یعیش بعیدا عن قومه ؟
فالجواب في هذا المقام ، هو الجواب في الامام المهدي (ع) و سیوافیک ما یفیدک من الانتفاع بوجود الامام الغائب في زمان غیبته في جواب السوال التالي .
و إلی هذه الاجوبة أشار الامام المهدي (ع) في آخر توقیع له إلی بعض نوّابه ، بقوله : « و أما وجه الانتفاع بالشمس إذا غیّبها عن الابصار ، السحاب».
السوال الثاني:
لماذا غاب المهدي (ع) ؟
إن ظهور الامام بین الناس ، یترتّب علیه من الفائدة ما لا یترتب علیه في زمن الغیبة ، فلماذا غاب عن الناس ، حتی حرموا من الاستفادة من وجوده ، و ما هي المصلحة التي أخفته عن أعین الناس ؟
الجواب :
إن هذا السوال یجاب علیه بالنقض و الحل:
أمّآ النقض : فبما ذکرناه في الاجابة عن السوال الاول ، فإن قصور عقولنا عن إدراک أساب غیبته ، لا یجرّنا إلی إنکار المتضافرات من الروایات ، فالاعتراف بقصور أفهامنا أولی من ردّ الروایات المتواترة ، بل هو المتعیّن.
و أما الحل : فإن أسباب غیبته ، واضحة لمن أمعن فیما ورد حولها من الروایات ، فانّ الامام المهدي (ع) هو آخر الائمة الاثنی عشر الذین وعد بهم الرسول ، و أناط عزة الاسلام بهم ، و من المعلوم أن الحکومات الاسلامیة لم تقدّرهم بل کانت لهم بالمرصاد، تلقیهم في السجون ، و تریق دماءهم الطاهرة ، بالسیف أو السمّ، فلو کان ظاهرا ، لإقدموا علی قتله ، إطفاء لنوره ، فلاجل ذلک اقتضت المصلحة أن یکن مستورا عن أعین الناس ، یراهم و یرونه و لکن لا یعرفونه ، إلی أن تقتضي مشیئة الله سبحانه ظهورة ، بعد حصول استعداد خاص في العالم لقبوله ، و الانضواء تحت لواء طاعته ، حتی یحقق الله تعالی به ما وعد به الامم جمعاء من توریث الارض للمستضعفین .
و قد ورد في بعض الروایات إشارة إلی هذه النکتة ، روی زرارة قال : سمعت أبا جعفر (الباقر(ع)) یقول : إنّ للقائم غیبة قبل أن یقوم ، قال : قلت : و لم ؟قال : یخاف .قال زرارة : یعني القتل.
و في روایة أخری : نخاف علی نفسه الذبح .
السوال الثالث :
الامام المهدي و طول عمره ؟
أن من الاسئلة المطروحة حول الامام المهدي ، طول عمره في فترة غیبته ، فإنه ولد عام 255 ه ، فیکن عمره إلی الاعصار الحاضرة أکثر من ألف و مائة و خمسین عاما ، فهل یمکن في منطق العلم أن یعیش إنسانا هذا العمر الطویل ؟
و الجواب:
من وجهین ، نقصا و حلّا
أما النقض : فقد دلّ الذکر الحکیم علی أن شیخ الانبیاء عاش قرابة ألف سنة ، قال تعالی : فلبث فیهم ألف سنة إلا خمسین عاما))
و قد تضمّنت التوراة أسماء جماعة کثیرة من المعمرین ، و ذکرت أحوالهم في سفر التکوین.
و قد قام المسلمون بتألیف کتب حول المعمّرین ، ککتب « المعمرین» لإبي حاتم السجستاني ، کما ذکر الصدوق أسماء عدة منهم في کتاب « کمال الدین » ، والعلامة الکراجکي في رسالته الخاصة ، باسم « البرهان علی صحة طول عمر الامام صاحب الزمان » ، والعلامة المجلسي في البحار و غیرهم.
و أما الحل : فإن السوال عن إمکان طول العمر ، یعرب عن عدم التعرّف علی سعة قدرة الله سبحانه : ((و ماقدروا الله حق قدره)) ، فإنه إذا کانت حیاته و غیبته و سائر شوونه ، برعایة الله سبحانه ، فأي مشکلة في أن یمدّ الله سبحانه في عمره ما شاء ، و یدفع عنه عوادي المرش و یرزقه عیش الهناء.
و بعبارة أخری : إن الحیاة الطویلة إما ممکنة في حد ذاتها أو ممتنعة ، و الثاني لم یقل به أخد ، فتعیّن الاول ، فلا مانع من أن یقوم سبحانة بمدّ عمره ولیّه ، لتحقیق غرض من أغراض التشریع.
أضف إلی ذلک ما ثبت في علم الحیاة ، من إمکان طول عمر الانسان إذا کان مراعیا لقواعد حفظ الصحة ، و أن موت الانسان في فترة متدنیة ، لیس لقصور الاقتضاء ، بل لعوارض تمنع عن استمرار الحیاة ، ولو أمکن تحصین الانسان منها بالادویة و المعالجات الخاصة لطال عمره ما شاء.
و هناک کلمات ضافیة من مهره علم الطب في إمکان إطالة العمر، و تمدید حیاة البشر ،نشرت في الکتب و المجلات العلمیة الختلفة.
و بالجملة ، اتفقت کلمة الاطباء علی أنّ رعایة أصول حفظ الصحة ، توجب طول العمر ، فکلما کثرت العنایة برعایة تلک الاصول ّ طال العمر ، و لاجل ذلک نری أنّ الوفیات في هذا الزمان ، في بعض الممالک ، أقل من السابق ، والمعمّرین فیها أکثر من ذي قبل ، و ما هو الا لرعایة أصول الصحة ، و من هنا أسست شرکات تضمن حیاة الانسان إلی أمد معلوم تحت مقررات خاصة و حدود معیّنة ، جاریة علی قوانین حفظ الصحة من کل وجه ، طال عمره إلی ما شاء الله.
و إذا قرأت ما تدوّنه أقلام الاطباء في هذا المجال ، یتضح لک معنی قوله سبحانه : (( فلو لا أنه کان من المسبّحین * للبث في بطنه إلی یوم یبعثون))
فإذا کان عیش الانسان في بطن الحیتان ، في أ,ماق المحیطات ، ممکنا إلی یوم البعث ، فکیف لا یعیش إنسان ، علی الیابسة ، في إجواء طبیعیة تحت رعایة الله و عنایته ، إلی ما شاء الله؟
السوال الرابع:
علائم ظهوره (ع) ماهي؟
إذا کان للامام الغائب ، ظهورا بعد غیبة طویلة ، فلا بد من أن یکون لظهوره علائم و أشراط تخبر عن ظهوره ، فما هي هذه العلائم؟
الجواب:
إنّ ما جاء في کتب الاحادیث من الحوادث و الفتن الواقعة في آخر الزمان علی قسمین :
قسم هو من أشراط الساعة و علامات دنو القیامة .
و قسم هو مایقع قبل ظهور المهدي المنتظر.
و ربما وقع الخلط بینهما في الکتب،ونحن نذکر القسم الثاني منهما ، و هو عبارة عن دمور عدة ،منها:
1-النداء في السماء
2-الخسوف و الخسوف في غیر مواقعهما.
3-الشقاق و النفقاق في المجتمع
4-ذیوع الجور و الظلم و الهرج و المرج في الامة
5- ابتلاء الانسان بالموت الاحمر و الابیظ
6-قتل النفس الزکیة
7- خروج الدجال
8-خروج السفیاني.
و غیر ذلک مما جاء في الاحادیث الاسلامیة.
هذه هي علامات ظهورة ، و لکن هناک أمورا تمهد لظهوره و تسهل تحقیق أهدافه نشیر إلی أبرزها :
1-الاستعداد العالمي: و المراد منه أن المجتع الانساني _و بسبب شیوع الفساد_ یصل إلی حدّ، یقنط معه من تحقق الاصلاح بید البشر ،و عن طریق المنظمات العالمیة التي تحمل عناوین مختلفة ،و أ« ضغط الظلم و الجور علی الانسان یحمله علی أن یذعن و یقرّ بأن الاصلاح لا یتحقق إلا بظهور إعجاز إلهي ، وحضور قوّة غیبیة ، تدمّر کل تلک التکتلات البشریة الفاسدة ، التي قیدت بأسلاکها أعناق البشر.
2- تکامل العقول : إن الحکومة العالمیة للامام المهدةي (ع) لا تتحقق بالحروب و النیران و التدمیر الشامل للاعداء ، و إنما تتحقق برغبة الناس إلیها ،وتأییدهم لها ، لتکامل عقولهم و معرفتهم.
یقول الامام الباقر(ع) في حدیث له یرشد فیه إلی أنه إذا کان ذلک الظرف ، تجتمع عقول البشر و تکتمل أحلامهم :« إذا قام قائمنا ،وضع الله یده علی رووس العباد،فیجمع عقولهم ، تکتمل به أحلامهم ».
فقوله (ع) : فیجمع بها عقولهم ، بمعنی أن التکامل الاجتماعي یبلغ بالبشر إلی الحد الذي یقبل فیه تلک الموهبة الالهیة ،و لن یترصد للثورة علی الامام و الانقلاب علیه ،وقتله أو سجنه.
3-تکامل الصناعات : إن الحکومة العالمیة الموحّدة لا تتحقق إلا بتکامل الصناعات البشریة ، بحیث یسمع العالم کلّه صوته و نداءه، وتعالیمه وقوانینه في یوم واحد ،و زمن واحد.
قال الامام الصادق (ع) : « إن المومن في زمان القائم ،و هو بالمشرق یری أخاه الذي في المغرب ،و کذا الذي في المغرب یری أخاه الذي بالمشرق ».
4-الجیش الثوري العالمي: إن حکومة الامام المهدي (ع) و إن کانت قادمة علی تکامل العقول ، ولکن الحکومة لا تستغني عن جیش فدائي ثائر و فعّال ، یمهّد الطریق للامام (ع) و یواکبه بعد الظهور إلی تحقق إهدافه و غایاته المتوخاة.
source : www.abna.ir