لا شك إن مقامات أئمة أهل البيت(عليهم السلام) ومزاراتهم المباركة المنتشرة في ربوع الوطن كانت وما تزال تعني لعموم المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها ولمحبين والموالين خاصة ؛منطلقات نفسية نحو أسمى المعنويات الروحية..بما مثلته وتمثله شخصياتهم الإلهية ووقائع سيرتهم الإيمانية من دفق معنوي خالص لوجه الله تعالى.. وأدلة واضحة للجهاد تشير إلى عظمة المبادئ الإسلامية التي ساروا على هديها وضحوا بأرواحهم وأهليهم من اجل قيامها والتي بشربها جدهم المصطفى(صلّى الله عليه وآله) - لاسيما وهم الإحياء عند ربهم يرزقون- وقد تساموا بعيدا عن شوائب أدران الدنيا في المال والجاه والسلطان.. ليكونوا الأدلاء إلى الله والأسوة الحسنة في سبيله.. والدروس العملية لكي يرتقي الإنسان فيكون أهلا لحمل الأمانة الكبرى وهي الخلافة على الأرض وحياته متماشية مع الأطر الهادفة التي حددتها رسالات السماء وتأكيد الجدوى من خلقه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56]).
مقام الإمام جعفرالصادق (عليه السَّلام) رمز شامخ في كربلاء
وقال الإمام الباقر (عليه السَّلام): (إن من زار قبور شهداء آل محمد (صلّى الله عليه وآله) يريد بذلك صلة نبيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمه) وقال الإمام الصادق (عليه السَّلام): (إن من زار أحد الأئمة فهو كمن زار رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، له مثل ما لمن زار رسول الله (صلّى الله عليه وآله))
ومن هذه المزارات والمقامات في كربلاء المقدسة هو مقام الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ، ففي سنة 144 هجرية قدم الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) لزيارة جده أمير المؤمنين (عليه السلام) وبعد أن أدى مراسيم الزيارة توجه إلى كربلاء المقدسة وعند وصوله إليها اغتسل في ماء الفرات ولبس ثياب الطهر وتوجه ماشيا نحو قبر جده الحسين بن علي (عليهما السلام) ،ثم رجع إلى الغاضرية وبقي فيها بعض الأيام فسميت تلك الأراضي بالجعفريات وتقع شمالي كربلاء على مسافة (30) مترا تقريبا عن نهر الفرات خلف مقام الإمام المهدي (عج)، حيث نجد الآن مقاما مشيدا للأمام جعفر الصادق (عليه السلام) يقصده الزائرون من العراق والبلدان الإسلامية المختلفة وخاصة الهنود والباكستانيون والإيرانيون، طلبا للتقرب إلى الله بواسطة الإمام (عليه السلام) في قضاء حوائجهم وكشف كربهم وإزاحة همومهم ونال المقام الشهرة والقداسة وأصبح مزارا شامخاً.
وبعد ألانتفاضه الشعبانية عام 1991م تعرض المقام هو الآخر إلى حملة التهديم والتخريب التي طالت الأماكن المقدسة من قبل النظام المقبور، وكانت مساحته صغيرة ويحتوي على محراب مساحته (20) مترا، وفي عام 1994م قام صاحب البستان التي يقع المقام ضمن حدودها بإنشاء أسس للعمارة الحالية وبقي حتى سقوط النظام، وكانت أجهزة النظام المقبور تمنع الزائرين من الوصول إليه ، حيث إن المقام يقع خلف دائرتي الأمن والمخابرات.
أما ألان فقد شهد المقام توسع في العمران وشيّد على مساحة (600 م) مربع تقريبا، وله مدخل على شكل قوس إسلامي ارتفاعه (6م) يتوسطه باب من الخشب الصاج، والداخل يجد ساحة مكشوفة لاستراحة الزائرين مساحتها (250م) تقريبا وعلى يسار الداخل تم إنشاء مجموعة صحيات للرجال والنساء ومحالات للوضوء، ثم يوجد ممر يؤدي إلى ساحة المصلى الكبيرة وكذلك هنالك مكان لتعليم قراءة القران مسقفة بالصفائح والألمنيوم ومقسمة إلى قسمين رجال ونساء وفي وسطها محراب مساحته (5م) تقريبا واجهته الأمامية مغلفه بالكاشي الكربلائي تعلوه كتيبة موشحه بآية التطهير بسم الله الرحمن الرحيم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) صدق الله العلي العظيم، وفي الجانبين كتبت أسماء الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وبعض أسماء الله الحسنى، يتوسط هذه الواجهة شباك مصنوع من البرونز نقش في وسطه لفظ الجلالة بشكل دائري وحوله أسماء الأئمة (عليهم السلام)، ويحتوي أيضا على ثلاثة مولدات وخزانات ماء كبيرة وبرادات للماء وكذلك كرفانات لخزن السجاد والبطانيات، ويتولى إدارة المقام حاليا السيد( محمد جعفر بحر العلوم) كونه متولي على البستان المشيد عليه المقام - علما انه لا يوجد أي جهة مسؤولة عن المقام الشريف غيره-.
وفي أثناء زيارتنا إلى المقام الشريف التقىنا بالسيد (مرتضى الموسوي) نائب مسؤول المقام الشريف حيث قال: يعتبر السيد( محمد بحر العلوم) المسؤول الأول عن إدارة شؤون المقام وتعيين المنتسبين لتقديم الخدمات للزائرين وإخضاعهم إلى فترة اختبار، وان مقدار الأجر الشهري للمنتسب هو (250الف دينار) يأخذها من شباك المقام الذي يقوم السيد بفتحه أخر كل شهر ، وان عدد منتسبي المقام حاليا (14منتسب من الرجال) و(7 منتسبات من النساء) مقسمين إلى وجبتين (صباحية ومسائية) وفي أكثر الأحيان لا يكفي وارد الشباك لسد الاحتياجات ورواتب المنتسبين فيضطر السيد محمد إلى سد النقص من ماله الخاص. وفي أيام المناسبات الدينية نقوم بإيواء الزوار في المقام وتجهيزهم بالفراش اللازم وتقديم الطعام والشراب لهم،وتقديم أفضل ما عندنا من خدمات من اجل راحتهم ، وان شاء الله هناك نية لتوسيع المقام الشريف حسب الإمكانيات المتاحة لدينا.
وتابع الموسوي : نقيم محفل قراني طيلة أيام السنة وخصوصا في شهر رمضان المبارك، وكذلك تقديم الطعام في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) لمدة سبعة أيام ، ومن خلال زيارتنا إلى المقام الشريف لاحظنا وجود سوق كبير غير نظامي بين المقامين (مقام الإمام المهدي (عج) ومقام جعفر الصادق (عليه السلام) ) عند سؤالنا عن مدى تأثير هذا السوق على المقام؟ فأجاب: لا يوجد أي تأثير سلبي على المقام الشريف كون اغلب الباعة يسترزقون معيشة عوائلهم ببركة الإمام الحسين (عليه السلام) وانه من الأفضل لو يكون سوق نظامي بما يتلاءم مع مكانة المقامين الشريفين .
ثم أضاف: لدينا احتياجات ونقص في الخدمات ونعاني منها حاليا ومنها انقطاع التيار الكهربائي بصورة متكررة وكذلك شحة في المياه الصالحة للشرب وأيضا المنطقة الموجود فيها المقام الشريف خالية من شبكة تصريف المياه الثقيلة.
ثم التقينا بعدد من منتسبي المقام منهم الأخ جاسم عبيد حمزة فقال: لقد تم تعيني في المقام الشريف من قبل السيد ( محمد بحر العلوم) في يوم 162008والحمد لله على توفيقه لي في خدمة الزائرين في مختلف المجالات.
وأضاف المنتسب علي حسن منذ تعيني في 17 2008ولحد ألان وأنا مرتاح جدا في عملي من خلال تقديم الخدمات للزائرين في الأمانات والتفتيش ونسال الله قبول أعمالنا.
source : www.islamquest.net