29 ـ
نـعـتـقـد: ان الامـامـة كـالنبوة , لا تكون الا بالنص من اللّه تعالى على لسان رسوله , او لسان الامام المنصوب بالنص اذا اراد ان ينص على الامام من بعده .
وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق , فليس للناس ان يتحكموا فيمن يعينه اللّه هاديا ومرشدا لعامة الـبـشر, كما ليس لهم حق تعيينه , او ترشيحه , اوانتخابه , لان الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمل اعباء الامامة العامة وهداية البشر قاطبة يجب الا يعرف الا بتعريف اللّه ولا يعين الا بتعيينه ((137)) .
ونـعـتقد: ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نص على خليفته والامام في البرية من بعده , فعين ابن عـمه علي بن ابي طالب اميرا للمؤمنين , وامينا للوحي ,واماما للخلق في عدة مواطن , ونصبه , واخذ الـبيعة له بامرة المؤمنين يوم الغديرفقال : ((الا من كنت مولاه فهذا علي مولاه , اللهم وال من والاه , وعاد من عاداه ,وانصر من نصره , واخذل من خذله , وادر الحق معه كيفما دار)) ((138)) .
ومن اول مواطن النص على امامته قوله حينما دعا اقرباءه الادنين وعشيرته الاقربين فقال : ((هذا اخـي , ووصـيـي , وخـليفتي من بعدي , فاسمعوا له واطعيوا)) ((139)) وهو يومئذ صبي لم يبلغ الحلم .
وكـرر قـولـه لـه فـي عـدة مـرات : ((انـت مـنـي بـمـنـزلـة هارون من موسى , الا انه لانبي بعدي )) ((140)) .
الـى غـيـر ذلـك من روايات وآيات كريمة دلت على ثبوت الولاية العامة له ,كية : (انما وليكم اللّه ورسـولـه والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون ) ((141)) , وقد نزلت فيه عندما تصدق بالخاتم وهوراكع ((142)) .
ولا يـسـاعد وضع هذه الرسالة على استقصاء كل ما ورد في امامته من الايات والروايات , ولا بيان وجه دلالتها ((143)) .
ثم انه عليه السلام نص على امامة الحسن والحسين ((144)) , والحسين نص على امامة ولده علي زين العابدين , وهكذا اماما بعد امام , ينص المتقدم منهم على المتاخر الى آخرهم وهو اخيرهم على ما سياتي .
30 ـ عقيدتنا في عدد الائمة
ونعتقد: ان الائمة الذين لهم صفة الامامة الحقة , هم مرجعنا في الاحكام الشرعية , المنصوص عليهم بـالامـامة اثنا عشر اماما, نص عليهم النبي صلى اللّه عليه وآله جميعا باسمائهم ((145)) , ثم نص المتقدم منهم على من بعده , على النحوالاتي : 1 ـ ابو الحسن علي بن ابي طالب المرتضى23 .ق .هـ40هـ 2 ـ ابو محمدالحسن بن علي الزكي2 ـ 50 هـ 3 ـ ابو عبداللّه الحسين بن علي سيد الشهداء3 ـ 61 هـ 4 ـ ابو محمدعلي بن الحسين زين العابدين38 ـ 95هـ 5 ـ ابو جعفرمحمد بن علي الباقر 57 ـ 114 هـ 6 ـ ابو عبداللّه جعفر بن محمدالصادق 83 ـ 148هـ 7 ـ ابو ابراهيم موسى بن جعفر الكاظم 128 ـ 183 هـ 8 ـ ابو الحسن علي بن موسى الرضا 148 ـ 203 هـ 9 ـ ابو جعفر محمد بن علي الجواد195 ـ 220 هـ 10 ـ ابو الحسن علي بن محمد الهادي 212 ـ 254هـ 11 ـ ابو محمدالحسن بن علي العسكري 232 ـ 260 هـ 12 ـ ابو القاسم محمد بن الحسن المهدي256 هـ وهـو الـحجة في عصرنا, الغائب المنتظر, عجل اللّه فرجه , وسهل مخرجه ,ليملا الارض عدلا وقسطا بعد ما ملئت ضلما وجورا.
31 ـ عقيدتنا في المهدي
ان الـبشارة بظهور المهدي من ولد فاطمة في آخر الزمان ـ ليملا الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظـلما وجورا ـ ثابتة عن النبي صلى اللّه عليه وآله بالتواتر, وسجلها المسلمون جميعا فيما رووه مـن الحديث عنه على اختلاف مشاربهم ((146)) . وليست هي بالفكرة المستحدثة عند الشيعة دفع اليها انتشار الظلم والجور, فحلموا بظهور من يطهر الارض من رجس الظلم , كما يريد ان يصورها بعض المغالطين غير المنصفين ((147)) .
ولـولا ثـبـوت فـكـرة الـمهدي عن النبي على وجه عرفها جميع المسلمين ,وتشبعت في نفوسهم واعـتـقـدوها لما كان يتمكن مدعو المهدية في القرون الاولى ـ كالكيسانية ((148)) والعباسيين , وجـملة من العلويين وغيرهم ـ من خدعة الناس , واستغلال هذه العقيدة فيهم طلبا للملك والسلطان , فجعلوا ادعاءهم المهدية الكاذبة طريقا للتاثير على العامة , وبسط نفوذهم عليهم .
ونحن مع ايماننا بصحة الدين الاسلامي , وانه خاتمة الاديان الالهية , ولانترقب دينا آخر لاصلاح البشر, ومع ما نشاهد من انتشار الظلم , واستشراءالفساد في العالم على وجه لا تجد للعدل والصلاح موضع قدم في الممالك المعمورة , ومع ما نرى من انكفاء المسلمين انفسهم عن دينهم , وتعطيل احكامه وقـوانينه في جميع الممالك الاسلامية , وعدم التزامهم بواحد من الالف من احكام الاسلام , نحن مع كـل ذلـك لا بـد ان نـنـتـظر الفرج بعودة الدين الاسلامي الى قوته وتمكينه من اصلاح هذا العالم المنغمس بغطرسة الظلم والفساد.
ثـم لا يمكن ان يعود الدين الاسلامي الى قوته وسيطرته على البشرعامة ((149)) , وهو على ما هـو عليه اليوم وقبل اليوم من اختلاف معتنقيه في قوانينه واحكامه وفي افكارهم عنه , وهم على ما هم عليه اليوم وقبل اليوم من البدع والتحريفات في قوانينه والضلالات في ادعاءاتهم .
نـعم , لا يمكن ان يعود الدين الى قوته الا اذا ظهر على راسه مصلح عظيم ,يجمع الكلمة , ويرد عن الدين تحريف المبطلين , ويبطل ما اءلصق به من البدع والضلالات بعناية ربانية وبلطف الهي , ليجعل مـنـه شخصا هاديا مهديا, له هذه المنزلة العظمى , والرئاسة العامة , والقدرة الخارقة , ليملا الارض قسطاوعدلابعد ما ملئت ظلما وجورا.
والـخـلاصة , ان طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفسادوالظلم ـ مع الايمان بصحة هذا الدين , وانه الخاتمة للاديان ـ يقتضي انتظار هذاالمصلح المهدي لانقاذ العالم مما هو فيه .
ولاجـل ذلـك آمنت بهذا الانتظار جميع الفرق المسلمة , بل الامم من غيرالمسلمين , غير ان الفرق بين الامامية وغيرها هو ان الامامية تعتقد ان هذاالمصلح المهدي هو شخص معين معروف ولد سنة 256 هـجـريـة ولا يزال حيا,هو ابن الحسن العسكري واسمه (محمد), وذلك بما ثبت عن النبي وآل البيت من الوعد به ((150)) , وما تواتر عندنا من ولادته واحتجاجه .
ولا يجوز ان تنقطع الامامة وتحول في عصر من العصور ((151)) وان كان الامام مخفيا, ليظهر في اليوم الموعود به من اللّه تعالى , الذي هو من الاسرارالالهية التي لا يعلم بها الا هو تعالى .