عربي
Sunday 1st of September 2024
0
نفر 0

الخدمات المتبادلة بين دعاة الاسلاموفوبيا والتكفيريين

الخدمات المتبادلة بين دعاة الاسلاموفوبيا والتكفيريين

 

الخدمات المتبادلة بين دعاة الاسلاموفوبيا والتكفيريين:

التكفير في خدمة الاسلاموفوبيا

 

شكل مشروع الاسلاموفوبيا خلال العقود الأخيرة عاملاً مهماً في تشكيل حالة التواصل بين العالم الاسلامي والغرب، وتمثل من الناحية التاريخية ظاهرة قديمة في الغرب، لكنها تعتبر مسارا جديدا من حيث التمظهر الخطابي والمفهومي والاصطلاحي.

تعود الجذور التاريخية لهذه الظاهرة الى القرون الماضية ساهم التاريخ الطويل من توتر العلاقات بين الغرب والاسلام في ترسيخها في اذهان الغربيين، الذين استغلوها للحفاظ على هويتهم الجامعة في ظل تهديدات الغير الافتراضية.

ينبغي التعامل مع الاسلاموفوبيا كتلاعب لفظي وخطاب مصطنع يستغله الغربيون لتبرير مجابهتهم للمجتمعات الاسلامية، وتعزيز هيمنتهم في شتى المجالات، ساعدهم في ذلك بعض الاتجاهات المتطرفة في العالم الاسلامي وعلى راسها الوهابية التكفيرية. اتخذت الحكومات الغربية ذلك المشروع الموجه مطية لمواجهة تنامي النزوع للاسلام في الغرب لا سيما في اوربا، مستفيدة من امبراطوريتها الاعلامية الحديثة لوصم الاسلام بالارهاب والعنف وتقديمه كتهديد جدي للغرب والاديان الاخرى، متذرعة بجرائم التكفيريين.

 

امواج الاسلاموفوبيا في التاريخ الحديث

عند دراسة التاريخ المعاصر، يمكن الاشارة الى عدة امواج لتلك الظاهرة:

الموجة الاولى. وتعود بجذورها الى عقد الثمانينات بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وما رافقها من تداعيات واسعة في العالم الاسلامي دفعت الغرب الى محاربة الاسلام، وقد ساهم انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الخطر الشيوعي في ملء الفراغ بمحاربة الاسلام في مختلف الابعاد العلمية والثقافية.

الموجة الثانية. وترتبط باحداث الحاديعشر من ايلول، من خلال سعي الغرب باعلامه للتاكيد على بروز خطوط التماس بينه والاسلام، ما عرض كثيرا من المسلمين بعد يومين من الحادثة لاعمال عنصرية وعنف، بل ان هذه الموجة سادت في اوساط النخب الغربية في اوربا من خلال تشويه صورة الاسلام.

الموجة الثالثة. تزامنت مع تشديد الخوف من التيارات التكفيرية في الغرب والتوقعات بانتشار الاسلام في تلك المناطق حتى تصبح الغالبية فيها للمسلمين مع نهاية القرن الحادي والعشرين. بدات الموجة منذ العام 2005 عبر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول من قبل بعض الصحف الدنماركية وانتشارها في سائر وسائل الاعلام الغربية الاخرى وانتاج فيلم الفتنة من قبل جاريت ويلدرز عضو البرلمان الهولندي وتصريحات القس الامريكي رود بارسلي المهينة فضلا عن كلمة البابا في جامعة رجنسبرغ واعادة نشر الكاريكاتورات المسيئة. وقد كانت هذه الموجة اكثر تعقيدا من حيث التخطيط والتنفيذ متذرعة بجرائم التكفيريين، ما جعل افق العلاقة بين الطرفين قاتما. اذ سيجعل من تلك الممارسات وسيلة لاعتراض الجاليات الاسلامية في الغرب والتي تتعرض للتمييز، ما يزيد من شعبية الجماعات المتطرفة في تلك الاوساط.

وقد اشتدت تلك الموجة خلال الاعوام الاخيرة في الغرب بسبب سوء استغلال الحكومات الغربية لوسائل الاعلام ودعاياتها المخطئة عن الاسلام واتباعه وتقديم صورة مشوهة عنه بالاستناد الى بعض النزعات المتطرفة في العالم الاسلامي كطالبان والقاعدة، كدين عنف وتخلف ودام للارهاب ومنتهك لحقوق المراة والاقليات.

 

تعزيز نفوذ التيارات التكفيرية في الغرب

سعت المجموعات المتطرفة منذ عدة عقود لتعزيز نفوذها في اوساط الجاليات الاسلامية في الغرب، فلا تكاد مدينة تخلو من مسجد او مركز لهم. ومع انهم لا يشكلون اكثر من 10% من عدد المسلمين هناك الا انهم يسيطرون على اكثر المؤسسات الاسلامية والمساجد في اوربا الغربية مدعين تمثيلهم لكافة الجاليات الاسلامية.

ساهمت الطفرة النفطية في دعم تلك الحركات من قبل بعض الدول العربية، فتنفق تلك الاموال في بناء وادارة المساجد والمدارس وغيرها، واظهرت بعض التقارير الحكومية الغربية في اوربا بان عشرات ائمة الجماعة او معتنقي الاسلام يوفدون الى بعض الدول العربية للتاهيل في جامعاتها ومراكزها او المراكز التابعة لها في اوربا. وقد توصل اخيرا باحث باسم فريدوم هوز الى ان عملية بث الكراهية تجاه الاخر من اتباع الديانات والمذاهب الاخرى واتهامه بالكفر لا يزال متواصلا.

بالرغم من نمط التفكير التكفيري يتناقض مع القيم الغربية ويتعارض مع كثير من مبادئ الحركات الاصولية الاسلامية، وانكشاف منابع تلك الافكار ومواطنها الا ان الغرب يتحاشى مواجهتاه لاسباب سياسية واقتصادية للاسف. ولعل من ابرز الشواهد ما انفقته الولايات المتحدة في العراق من مليارات بهدف تحقيق اهدافها في الشرق الاوسط لا رفاه الشعب العراقي. في المقابل نلاحظ سعي الغرب لسد افق الحل السياسي في المنطقة في تناقض مع تطلعات شعوبها في الاستقلال من خلال خلق الفوضى وضرب معادلات التوازن فيها، ووجدت في المجموعات التكفيرية خير وسيلة لذلك.

ان الدول التي تقف خلف التوترات والاضطرابات الاجتماعية والامنية مكشوفة للجميع من خلال دعمها للمجموعات الارهابية، وحالة العنف المذهبي طارئة على دول طالما تعايش ابناؤها من كافة المذاهب طوال التاريخ، ما يشير الى ان الاوضاع المتازمة في المنطقة من صنع الغرب بدعم من التكفيريين.

 

 

ان التيارات التكفيرية التي يطلق عليها الغرب مسميات مختلفة تخدم المشروع الغربي من حيث تدري ولا تدري، من خلال ممارساتها العنيفة والجاهلة، مستمدة افكارها من الوهابية والسلفية المتطرفة في شكلها السياسي وشبكات القاعدة، فشوهت صورة الاسلام في العالم وزادت من حالة الخوف من الاسلام التي راح ضحيتها الابرياء.

 

علاقة التكفير بمشروع الاسلاموفوبيا

من الحقائق المؤسفة انتشار التيارات التكفيرية في العالم الاسلامي، ما دفع الغرب لوصف كل حركة اسلام سياسي بالفاشية التي لا تصدق الا على التكفيريين، وتقديم وسال اعلامه صورا سلبية للاسلام من خلال بعض المظاهر المتطرفة المنادية بالقضاء على الغرب، وقد ساهمت العمليات الانتحارية لدعم تلك الفكرة.

ان الالة الاعلامية الغربية كاداة لما يزعم بنشر الحقيقة ساهمت في ترسيخ الصورة السلبية للاسلام لدى اذهان الملايين على الرغم من بعدها عن الحقيقة، ما نفر الكثيرين عن الاسلام.

وقد ذكر ادوارد سعيد في مقدمة كتابه عن الاسلام ووسائل الاعلام في العام 1996 ان صورة العالم الاسلامي قدم في الاعلام الغربي بعد الحرب الباردة باسوء النعوت، كما دلت احدث الدراسات حول الاسلام في وسائل الاعلام الالمانية من خلال شبكتي ARDوZDF خلال عامي 2005 و2006 ان 81 بالماة من برامجهما تقدم انطباعا سلبيا عن الاسلام، فعلى سبيل المثال حوالي 24 بالمائة من البرامج يربط الاسلام بالارهاب والتطرف.

وغيرها من الاحصاءات السلبية التي تخلص الى ان القيام بالعمليات الانتحارية في اوربا من قبل المتطرفين الاسلاميين تمثل تهديدا جديا لاوربا، ويمثل ربطها بالمسلمين سببا لخلق حالة احتقان بينهم والغرب، كما ان مسؤولي مكافحة الارهاب يقدرون بان حوالي واحد الى اثنين بالمائة من مسلمي القارة العجوز (يمثلون 250 الى 500 الف شخص) شاركوا مرة واحدة على الاقل في نشاطات متطرفة. ولا يعلم عدد من شارك في اعمال ارهابية.

ان مقاربة خصاص وتداعيات ظاهرة التكفير في العالم الاسلامي والغرب ترسم علاقة عضوية بين مشروع الاسلاموفوبيا وممارسات التكفيريين التي تهيئ المادة اللازمة للاعلام الغربي للدفع بمشروعه الذي يمثل نوعا من ادارة الوعي كما يقول نيل بستمان: نحن لا ننظر الى الوقائع كما هي، بل ننظر اليها كما تنطق بها السنتنا وهي وسائل الاعلام. ويمكن ادراج تلك الانطباعات فيما يلي:

 الحضارة الاسلامية متخلفة ورجعية وغير قادرة على مواكبة العصر.

 الحضارة الاسلامية ادنى من الحضارة الغربية، لانها بدائية وجنسية وغير عقلانية.

 الحضارة الاسلامية خالية من القيم المشتركة مع باقي الثقافات وغير متفاعلة معها.

 الحضارة الاسلامية تتينى العنف والقتال والتهديد وتدعم الارهاب وسبب صراع الحضارات. 7

 

تظهر المجتمعات الغربية قلقا من النشاطات الاسلامية سواء في الدول الاسلامية او اوربا، وساهمت احداث الحاديعشر من سبتمبر في رسم صورة مشوهة عن الاسلام لديها وجمع كل التوجهات الاسلاميت في سلة الاصولية. وقد ساهمت ممارسات التكفيريين الارهابية وقراءتهم المغلوطة عن الاسلام في اعطاء الذريعة للنخب الغربية لتضخيمها وتعزيز الاسلاموفوبيا.

ان ظاهرة التكفير ليست جديدة الا ان تبنيها من قبل بعض السلفيين المتحجرين وتحولها الى ذريعة لتدخل المستعمرين زاد من خطرها. ولعل من ابرز تداعيات التكفير الكارثية تشويه الاسلام من خلال ممارسات عنيفة تمنح وسائل الاعلام الغربية مادة للهجوم على الاسلام، ما تشكل كارثة على المجتمع الاسلامي.

ان الخطوة الاولى لكسر امواج الافتراءات على الاسلام وفضح الاكاذيب عليه تتمثل في حل تلك الازمة، وعد التهاون في علاجه جذريا لان من شانه تشديدها.

 

الهوامش:

.............................................................................................

۱.
۲.
۳. شير غلامي، خليل، جايگاه اجتماعي و سياسي مسلمانان دراروپا (المكانة الاجتماعية والسياسية للمسلمين في اوربا)، فصلية السياسة الخارجية، ع 90، ص 412.
۴. پور اسماعيلي، نجمه، بررسي دلايل هراس ازاسلام دراروپا (دراسة اسباب الخوف من الاسلام)، موقع المرکز الدولي لدراسات السلام-IPSC.
۵. Image Management.
۶. Neil Postman, sing Ourselves to Death: Publc Discourse in the Age of Show Busimess. Published in Amu 1984.
۷. تحليلي برگفتمان اسلام هراسي غرب وبيداري جهان اسلام درمقابل آن/گفتمان بيم وبيداري (نقد وتحليل لخطاب الاسلاموفوبيا في الغرب والصحوة الاسلامية في مواجهتها/ خطاب الخوف والصحوة)، سيد حميد هاشمي.

 

 


source : www.makhateraltakfir.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

العبادي يعلن انتهاء "دويلة الباطل الداعشية"
تنظیم ندوة "الإسلام هو دین السلام" في ...
إقامة الموتمر الخاص بالعلامة عبده و العلامة ...
السيد نصر الله يروي سيرته
عبد الباسط أشهر قارئ للقرآن...من القرية إلى ...
مسلم بن عقيل أول مظلوم وأول شهيد في طريق الطف ...
داعش تتلبس بزي الشرطة العراقية لقتل المدنيين
الخدمات المتبادلة بين دعاة الاسلاموفوبيا ...
تظاهرات واسعة تتواصل احتجاجاً على استمرار ...
منظمة إسلامية تزين شوارع فيينا بأحاديث الرسول(ص)

 
user comment