سمت الوهابية العقائد الى قسمين :
الاول : ما ورد فيه نص في الكتاب او السنة .. فزعموا ان هذا يأخذونه من الكتاب والسنة مباشرة ، دون الرجوع الى اجتهاد المجتهدين في معناه ، سواء كانوا من الصحابة او التابعين او غيرهم من ائمة الاجتهاد.
والقسم الثاني : ما لم يرد فيه نص .. وزعموا انهم يرجعون فيه الى فقه الامام احمد بن حنبل وابن تيمية.
لكنهم اخفقوا في الامرين معا ، ووقعوا في التناقض وارتكبوا المحذور ، فمن ذلك :
ا ـ انهم جمدوا على معان فهمومها من ظواهر بعض النصوص ، فخالفوا الاصول والاجماع. ومن هنا وصفهم الشيخ محمد عبده بأنهم : ( اضيق عطنا واحرج صدرا من المقلدين ، فهم يرون وجوب الأخذ بما يفهم من اللفظ الوارد والتقيد به بدون إلتفات الى ما تقتضيه الاصول التي قام عليها الدين ).
ب ـ خالفوا الامام احمد صراحة في تكفيرهم من خالفهم من المسلمين ، في حين لم يجدوا في فتاوى الامام احمد ما يشهد لعقيدتهم هذه ، بل على العكس ، كانت سيرته وفتاواه كلها بخلاف ذلك ، فهو لا يكفر احدا من اهل القبلة بذنب كبيرا كان او صغيرا ، الا بترك الصلاة.
وايضا : لم يجدوا عند ابن تيميه ما يشهد لعقيدتهم هذه ، بل الذى ورد عن ابن تيميه هو العكس من ذلك تماما ..
قال ابن تيمية : ان من والى موافقيه وعادى مخالفيه ، وفرق جماعة المسلمين ، وكفر وفسق مخالفيه في مسائل الاراء والاجتهادات ، واستحل قتالهم ، فهو من اهل التفرق والاختلاف.
فالوهابية اذن وفقا لعقيدة ابن تيمية هم من اهل التفرق والاختلاف !!
ج ـ ان عقيدة الوهابية في زيارة المشاهد تقضي بان الامام احمد نفسه ومن وافقه من السلف هم من المشركين الذين تجب البراءة منهم ويجب هدر دمائهم واموالهم..
فقد نقل ابن تيمية ان الامام احمد قد كتب جزءا في زيارة مشهد الامام الحسين (ع) في كربلاء ، وما ينبغي ان يفعله الزائر هناك ، وقال ابن تيمية : ان الناس في زمن الامام احمد كانوا ينتابونه ، اي يقصدون زيارته.
اما في عقيدة الوهابية فإن شد الرحال الى المشاهد وقصد زيارتها من الشرك الذي تهدر معه الدماء والاموال..
وبهذا فقد حكموا بالشرك وهدر الدماء والاموال على الامام احمد ومن عاصره ومن كان قبلهم من السلف الذين كانوا يفعلون ذلك ويستحبونه.
بل لازم قولهم : ان الامة منذ ذلك العصر كلهم مشركون وكفار !! وهذا يتعدى حتى الى الصحابة ايضا.
فبأي شيء اذن ينسبون انفسهم الى الامام احمد والى السلف ؟!
د ـ مثل ذلك يقال ايضا عن عقيدتهم بالاستشفاع بالنبي (ص) ، فعندهم ان من طلب الشفاعة من النبي (ص) بعد موته بينما ثبت في الصحيح ان كثيرا من اجلاء الصحابة والتابعين كانوا يفعلون ذلك ويستجاب لهم عاجلا ، وقد صحح ذلك ابن تيمية ايضا في كتابه ( الزيارة 7 : 101 ـ 106 ) من طرق عديدة نقلها بطولها عن البيهقي والطبراني وابن ابي الدنيا واحمد بن حنبل وابن السني ، رغم انه اصر على خلافها اصرارا على الرأى رغم اعترافه بوجود البرهان على خلافه ، الا ان ابن تيمية لا يرى ذلك من الشرك الاكبر كما فعلت الوهابية.
فيكون اولئك الصحابة والتابعون ـ وفقا لعقيدة الوهابية ـ من المشركين الذين يجب قتلهم !!
وليس هولاء وحدهم مشركين في عقيدة الوهابية ، بل الاخرون ممن كان يبلغه فعلهم هذا في استشفاعهم بالنبي (ص) ولا ينكر عليهم ولا يكفرهم ، هولاء ايضا محكوم عليهم بهدر الدماء والاموال..
فمن ابقوا يا ترى من هذه الامة على الاسلام ؟! ومن هو اذن سلفهم الذي يقتدون به ؟!
اعداد : تبيان
صائب عبد الحميد
source : www.tebyan.net