عربي
Tuesday 23rd of July 2024
0
نفر 0

الاسلام 4

عملها  المنزلي

وبينما تتردّد الكثير من النساء لجمالهنّ ونسبهن وأموالهن عن المهام المنزلية وتغفل عن الأعمال العائلية وتهتمّ بأهواء الدنيا وشهواتها وزينتها .

اعتنت فاطمة الصدّيقة بالعبادة اهتماماً خاصّاً ولم تترك هذه الناحية لجمالها وزينتها .

فقد ولّت عبادتها اهتماماً خاصّاً حتّى سمّيت بالعابدة .

قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : إنّ فاطمة كانت تدقّ الدرمك بين حجرين حتّى مجلت يداها([471]).

قال أمير المؤمنين(عليه السلام) عنها(عليها السلام): إنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرّ شديد، فطلبت من أباها خادماً .

فقال النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لها : أفلا أُعلّمك ما هو خير لك من الخادم إذا أخذت منامك فكبّري أربعاً وثلاثين تكبيرة، وسبّحي ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، واحمدي ثلاثاً وثلاثين تحميدة([472]).فأصبحت الزهراء قدوة لكلّ النساء في عملها وعبادتها وأخلاقها الفاضلة .وأضحت فاطمة (عليها السلام) قائدة لبنات حواء في الدنيا والآخرة، والنساء تحتاج إلى أُسوة في حياتهنّ .

اذ نفّذت سيّدة النساء (عليها السلام) الأعمال المنزلية بالكامل فكانت تعجن وإنّ بطنها لتكاد تضرب الجفنة([473]).وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ فاطمة كانت حاملا فكانت إذا خبزت أصاب حرف التنور بطنها (عليها السلام)([474]).

في حين كانت بنات السلاطين والرؤساء مشغولات بالأهواء الدنيوية لا يتعبن أنفسهن ولا تغبر ثيابهن ولا تتوسّخ أيديهن.

وكانت بنات زعماء القبائل بعيدات عن الأعمال المنزلية .

قالوا: ان السلطان الفاطمي المقيم في المهدية في الجزائر تريث في فتح مصر لقوة سلطانها، ولما أخبروه بقيام ابنة السلطان المصري بالتجوال في الاسواق لشراء جارية مغنية لها قال لجنوده : توكلوا على الله تعالى .

فغزا جنده مصر بقيادة جوهر الصقلي وفتحوها !

فانتصرت الشدة والخشونة الحربية على الترف والبطر والرخاء .

وقد طلبت فاطمة (عليها السلام) من رسول الله خادمة فقال لها : هل أُخبرك بشيء خير لكِ من خادم ؟

قالت : نعم .

قال (صلى الله عليه وآله) : تكبّرين الله عقيب كلّ صلاة أربعة وثلاثين وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين وتسبّحينه ثلاثاً وثلاثين .

فرضيت به .

فسمّي هذا التسبيح بتسبيح الزهراء (عليها السلام)([475]).

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لابن اعبد :

ألا أُخبرك عنّي وعن فاطمة :كانت ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أكرم أهله عليه وكانت زوجتي، فجرت بالرحى حتّى أثّر الرحى بيدها، واستقت بالقربة حتّى أثّرت القربة بنحرها، وقمّت([476]) البيت حتّى أغبرت ثيابها، وأوقدت القدر حتّى دنست ثياها فأصابها من ذلك ضرّ([477]).

وتحمّلت فاطمة (عليها السلام) هذه المصاعب شأنها شأن أي امرأة فقيرة في المدينة المنورة ولم تمتاز عليهن بأثاث ولا لباس ولا طعام .

ولمّا دخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجدها تطحن بالرحى وتبكي وعليها كساء من أجلة الإبل، فلمّا رآها بكى وقال لها :

يافاطمة تجرّعي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غداً .

فأنزل الله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)([478]).

فرسول الله (صلى الله عليه وآله) رغم بكائه لمصاعبها لم يتبرّع لها بخادمة ولم ينحرف عن منهجه النبوي أبداً، بل واساها بالآخرة ونعيمها .

ولم تحصل فاطمة على جارية الا بعد انتشار الجوارى في المدينة .

وكان علي (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) قد طلبا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحديد وظائف الزوجين البيتية .

فقضى على فاطمة (عليها السلام) بخدمة ما دون الباب وقضى على علي (عليه السلام) بما خلفه .

قالت فاطمة (عليها السلام) : فلا يعلم ما داخلني من السرور إلاّ الله باكفائي رسول الله (صلى الله عليه وآله)لحمل رقاب الرجال([479]).

ففرح فاطمة (عليها السلام) بالأعمال المنزلية فرح حقيقي رغم المصاعب والآلام التى تعانيها .

وعندما سألوا فاطمة (عليها السلام) عن المرأة متى تكون أدنى وأقرب من ربّها ؟

قالت فاطمة الصدّيقة : أدنى ما تكون من ربّها أن تلزم قعر بيتها .

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ فاطمة بضعة منّي([480]).

المرأة الجاهلية والمرأة المسلمة

عاشت جزيرة العرب حياة جاهلية بائسة الثقافة ورثّة التراث ومنحرفة الدين وضعيفة الحضارة .

فعاشت المرأة أسوأ أدوار حياتها هناك دون مدنيّة ولا منزلة محترمة ولا اعتراف بوجودها .

فهبط دور المرأة مع اشتداد حدّة الغزوات وكثرة الأعمال البربرية فشكّك الجاهليون في أهميّة حضورها .

فكانت الغزوات تنتهي بغنيمة مجاميع كبيرة من النساء يجري توزيعهنّ على الغزاة أو بيعهنّ في أسواق النخّاسة .

فأصبحت المرأة تقسَّم على المقاتلين مع الغنائم المنقولة كالذهب والفضّة والماشية !!

ومع تعوّد القبائل على الغزو والسطو للحصول على لقمة العيش فُقِد الأمن المكلّف بحفظ وتطوير الزراعة والتجارة .

ومع افتقاد المجتمع للزراعة والتجارة حلّ القحط والجوع وتفشَّت الأمراض السارية فانتشرت الأوباء وزادت المشاكل الاجتماعية ... .

وفي ظلّ هذه الأوضاع المزرية فكَّر الجاهليون في حلّ قضية المرأة المهدّدة دائماً بالاختطاف والاعتداء من قبل القبائل القريبة والبعيدة .

ولقصر نظر رجال الجاهلية والثقافة البائدة المرتكزة في أذهانهم ودينهم الكافر فقد صوّبوا أُطروحة وأد البنات .

فكان مشروع وأد البنات مشروعاً بربرياً يتماشى مع الانحطاط الجاهلي والوحشية المتسلّطة تحت عنوان خوف العار والفقر .

فشرع رجال شبه جزيرة العرب في وأد بناتهم في حفر يحفرونها بأيديهم،

فكانت أقبح عمليات ظالمة تحصل هناك تتمثّل في دفن البنات الأحياء دون ذنب .

وذكر الله تعالى هذا العمل القبيح قائلا :

(وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَىِّ ذَنْب قُتِلَتْ)([481]).

وتسبّب هذا الفعل الشنيع في تقليص نفوس شبه جزيرة العرب وإلقاء الخوف والرهبة في نفوس نسائهم .

فعمليات دفن البنات الأحياء ليست عملية بسيطة ولا بريئة ولا ممدوحة .

وأدّت هذه العمليات القاتلة إلى تسهيل عمليات القتل في هذه المنطقة .

فأصبحت المرأة الجاهلية مصيرها مجهول وبناؤها العائلي متزلزل كيف لا والغزاة يخطّطون لاختطافها وتداولها تداول الذهب والفضّة وبيعها في سوق النخّاسة .

بينما تعيش المرأة المسلمة حياة الأمن والاستقرار وتربية الأُسرة الصالحة في ظلّ رعاية زوجية وضمانات اجتماعية .

فأين هذه المرأة المطمئنة من تلك المرأة الخائفة الوجلة، والمرأة أس أساس العائلة إن استقرّت استقرّ أطفالها وإن طُوردت طورد أولادها .

ولضخامة دورها في المجتمع قيل في الأُمّ : إنّها تهزّ المهد في يد وتهزّ العالم في اليد الأُخرى .

والمرأة أُمّة، بها تتربى الأجيال وتتثقف الناشئة .

مقتل فاطمة(عليها السلام) وسكوت أهالي المدينة ،الأسباب والعلل؟

تمكّن رجال السقيفة من تشكيل تنظيم قوي مؤلف من طلقاء مكّة وقبائل الأعراب ومنافقي المدينة.

وكانت قدرة الطلقاء مازالت قوية من الناحية التنظيمية والمالية والقبلية ومن هؤلاء : أبو سفيان وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل ومعاوية بن أبي سفيان وعبد اللّه بن أبي ربيعة ويزيد بن أبي سفيان وعتبة بن أبي سفيان وعبد اللّه بن أبي سرح والوليد بن عقبة وسعيد بن العاص وقبائل الأعراب المشتركة في الهجوم على بيت الزهراء(عليها السلام) هي:قبيلة أسلم، وقبيلة أسد، وقبيلة غطفان، وقبيلة تميم.

والمنافقون المشتركون في الحملة على دار الزهراء(عليها السلام) من أهل المدينة : أسيد بن حضير وبشير بن سعد ومعاذ بن جبل ومحمّد بن مسلمة وزيد بن ثابت .

والمهاجرون والطلقاء المهاجمون لبيت الزهراء(عليها السلام) أبرزهم :

عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وأبو عبيد بن الجراح والمغيرة بن شعبة وأبو هريرة وأنس بن مالك وأبو موسى الأشعري وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد التيمي ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص.

مؤامرة قتل الإمام الحسن(عليه السلام)

قال النبي (صلى الله عليه وآله) في الإمام الحسن : « من آذى هذا فقد آذاني »([482]).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « الحسن منّي وأنا منه »([483]).

وقد عرف الحسن (عليه السلام) بالسخاء والعلم والحلم والشجاعة وحبّ العبيد والفقراء([484]).وقد شدّد معاوية الهجمة على الحسن لمنافسته إيّاه في السلطة إذ كان معاوية عاهد الحسن (عليه السلام) على إرجاع الحكم إليه بعد وفاته، وهذا النص حرّك معاوية لتجنيد كلّ قواه للحطّ من منزلة الحسن (عليه السلام) في أنظار الناس فظهر زيف كثير في هذا المجال، فكانت الهجمة الحكومية على الإمام الحسن (عليه السلام) اجتماعية وسياسية وثقافية بينما كانت الهجمة على الإمام الحسين (عليه السلام) عسكرية .

وحاول الأمويون بشتّى الوسائل الجاهليّة من الكذب والإفتراء الحطّ من منزلته في قلوب الناس مثلما فعلوا بجدّه من قبل . فوصموه بالجبن ومخالفته لأبيه (عليه السلام) وكثرة زيجاته وأنّه رجل مطلاق وغير ذلك . وانتشر هذا الزيف في كتب المخالفين لأهل البيت (عليه السلام)([485]).ولمّا فشلت أعمالهم تلك توسّل معاوية بالإغتيال اذ وعد جعدة بنت الأشعث بن قيس إن هي قتلت زوجها الإمام الحسن بن علي(عليه السلام)يعطيها مائة ألف درهم ويزوجها من ولي عهده يزيد بن معاوية.

فسقت جعدة زوجها الإمام الحسن(عليه السلام) سماً مؤثراً فقتلته .

فطلبت جعدة من معاوية جائزتها، فوفى لها بالمال، وغدر بها في الزواج، معلناً خوفه من قتلها لابنه يزيد، كما قتلت سبط النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)([486]).

وكان معاوية قد أعلن عن نظريته في أن للّه جنوداً من عسل .

وبهذه النظرية الجاهلية قتل مالك الأشتر وقتل سعد بن أبي وقاص وقتل العشرات من الصحابة([487]).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قبول الخلافة
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 2
أقوال علماء السنة في المذهب الشيعي
الثورة الحسينية اسبابها ومخططاتها القسم الاول
الكمالات المحمدية تصنيف مبتكر في الإعجاز الخلقي
صور التقية في كتب العامة
غزوة بدر تكسر شوكة الكفر والشرك
ما المقصود بليلة الهرير؟
يوم عاشوراء في اللغة والتاريخ والحديث
الشيعة في ألبانيا

 
user comment