د. محمد. مورو
مقولة إن الفقر ينشأ من قلة الموارد مرفوضة إسلاميا بسبب كثرة الموارد التى أتاحها الله سبحانه وتعالى للبشر، والفقر ينشأ إما عن عدم الاهتمام بالتنمية أو عن سوء التوزيع وبالنسبة للأمر الاول فالاسلام يحث على التنمية كما تقدم وعلى هذا يتبقى امر واحد هواستئثار قلة بالموارد وحرمان الاغلبية الساحقة او ما يعبرعنه رجال الاقتصاد بالاستغلال الاقتصادى والذى ينشئه:
1ـ ممارسة البعض لأمور غير منتجة مما يشكل عبئا على المجتمع كممارسة "الدعارة والقمار" وغيرهما مما حرمه الاسلام.
2ـ ممارسة البعض لعمليات التهريب والرشوة والاتجار بقوت الشعب واحتكار المواد الطبيعية الضرورية وهى امور يعاقب عليها الاسلام ويتوعد من يفعلها.
3ـ اثراء البعض عن طريق ربا وهو محرم اسلاميا.
4ـ احتكار البعض للثروات الطبيعية وهو محرم شرعا فإن هذه الثروات الطبيعية اما مملوكة ملكية عامة او مملوكة للدولة او مباحة اباحة عامة للجماهير ولا يصح فيها اخذ الفرد لأكثر من حاجته الشخصية فقط وان للامام صلاحيات ضخمة بشأن اتباع الاسلوب الامثل لاستغلال تلك الثروات بما يحقق مصالح الامة "عن طريق القطاع العام مثلاً".
5ـ ممارسة البعض لأساليب الانتاج الرأسمالى وبالتالى امتصاص فائض قيمة العمل المأجور لمصالحهم. والسلام يرفض تملك الثروات الطبيعية عن طريق العمل المأجور ويرفض الوكالة والاستثمار فى استغلال الغابات مثلاً، ويرفض الوكالة والاستثمار فى استغلال المعادن.
ومن هنا لم يترك الاسلام امام الفرد الا العمل المباشر كشرط للتملك وبالتالى فإن الامة الاسلامية ليس امامها لاستغلال الثروات الطبيعية الا اسلوب القطاع العام طالما ان القطاع الخاص يقوم على العمل المأجور المرفوض كما سبق ان اوضحنا.
5ـ لم يبق امام الفرد لممارسة الملكية الخاصة الا العمل المباشر الذى يقوم به بنفسه وهذا بالطبع محدود بالنسبة لأثره على التوازن الاجتماعى ومع هذا رتب الاسلام على ذلك ظروفا وشروطا تمنع من خروجه عن الحدود المرسومة له بل وخول الامام حق تأميم اى ملكية اذا بدأت تمارس اخلالا بالثروات الاجتماعية. ومن هذا يتضح ان الاسلام قطع الطريق تماما على الاستغلال وبالتالى لن يوجد فقر لكثرة الموارد وعدم وجود استغلال، اضف الى ذلك تشريعات العدالة الاجتماعية تحصل على منهج فذ فى تحقيقه الحقوق المشار اليها سابقا وخروج المجتمع السعيد الى عالم الوجود. الحديث عن العدالة الاجتماعية فى الاسلام يعنى أساسا ممارسة الدولة الاسلامية لدورها فى تحقيق الرخاء لكل مواطن واعطائه الحق كما سبق فى التعليم المجانى والعلاج المجانى وان تكفل له الدولة المأكل والملبس والمسكن والمواصلات كما سبق توضيحه هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ممارسة صلاحيتها بشأن منع الاستغلال وتحقيق التوازن الاجتماعي، وعلى هذا فانه بالاضافة الى ما تقدم فاننا بصدد بحث التوازن الاجتماعى والضمان الاجتماعي.
1ـ التوازن الاجتماعي
فى مفهوم الاسلام "الا يكون المال دولة بين الاغنياء" وهو عدالة توزيع الثروة وهو تضييق الفوارق بين طبقات الناس وهو ان تجعل الفرق بين اكثر الناس غنى واقلهم غنى "وليس افقرهم فليس فى المجتمع المسلم فقير" فرقا فى الدرجة وليس تفاوتا رهيبا كما نرى ونلمس فى سائر الانظمة الاقتصادية المعاصرة والدولة تحقق ذلك عن طريق:
أـ فرض ضرائب ثابتة ينفق منها لتحقيق ورعاية التوازن العام.
ب ـ ايجاد قطاع لملكية الدولة وتوجيه الدولة للاستثمار لاغراض التوازن.
ج ـ طبيعة التشريع الاسلامى الذى ينظم الحياة الاقتصادية فى مختلف الاحوال. والحكومة الاسلامية ملتزمة فى هذا الاطار بضغط مستوى المعيشة من اعلى بتحريم الاسراف وبضغط مستوى المعيشة من اسفل بالارتفاع بمستوى الافراد فتعميم الغنى هو الهدف الذى تضعه النصوص امام اولى الامر، على ان مفهوم الاسلام للغنى ليس تلبية للحاجات الضرورية فقط بل ان يملك الانسان ما يأكل ويلبس ويتزوج ويحج ويتصدق ايضا فالفقير فى نظر الاسلام هو من لم يظفر بمستوى من المعيشة يمكنه من اشباع حاجاته الضرورية والكمالية بالقدر الذى تسمح به حدود الثروة فى البلاد. فاذا اعتاد الناس مثلاً استقلال كل عائلة بدار اصبح حرمان عائلة من دار مستقلة مملوكة لهم لونا من الفقر اى ان الاسلام لم يعط مفهوما ثابتا للفقر وعلى هذا فالتوازن يعنى اغناء كل فرد مسلما وذميا بالقدر الذى يتناسب وامكانيات المجتمع فى ذلك الوقت.
2ـ الضمان الاجتماعي
هو ضمان الامة لتلبية حاجات جميع افرادها حتى تشيع الطمأنينة بينهم فيندفعوا الى الانتاج غير عابئين بالنتائج مادامت حاجاتهم مكفولة اصلا من قبل المجتمع ويعتمد ذلك الضمان علي:
أـ التعامل العام فالمسلم اخو المسلم وكفالته واجبة عليه وعلى الامام اجبار المسلمين على ذلك اذا لم يحققوها بأنفسهم، ومن هنا فإن على المسلمين الا يظهر بينهم محتاج وإلا اثموا جميعا واصبح على الامام ارغامهم على دفع غائلة الحاجة عن ذلك المحتاج.
ب ـ حق الجماعة فى موارد الثروة وحيث ان الثروة اصلاً استخلاف حق الله للجماعة فإن حق كل فرد فى الجماعة فى كفالة حاجته مصونة اسلاميا على الامام.
ج ـ ان يوفر العمل لكل قادر.
د ـ ان يكفل المحتاج بالشكل الذى يعينه.
source : www.tebyan.net