بعد التحیة و السلام. یوجد في محلتنا في الأسواق کتاب تحت عنوان " تقدیم الأخلاق علی الفقة" و فیه تأکید کبیر علی تقدیم المسائل الأخلاقیة علی المسائل الفقهیة. هل یوجد - حقاً- تعارض أو تزاحم بین الأخلاق و الفقة؟ و علی فرض التعارض، أیّهما المقدّم؟ و ما هي النسبة المنطقیة بین الأخلاق و الفقة؟ (نظراً للنسب المنطقیة الأربعة). مع الشکر الجزیل.
الجواب الإجمالي
تستعمل کلمة "الفقه" في معنیین عام و خاص و هما "الفقه الأکبر" و "الفقه الأصغر". أما النسبة المنطقیة بین "الأخلاق الإسلامیة" و "الفقه الأکبر " فهي من قبيل العام و الخاص مطلقا"؛ و نسبتها "للفقه الأصغر" عام و خاص من وجه. و في المجموع لا یوجد تعارض بین الأخلاق و الفقه. و التوضیح الأکثر موکول للجواب التفصیلي.
الجواب التفصيلي
تجدر الإشارة أولاً إلی أن الفقه بصورة عامة هو بمعنی مجمل العلوم الدینیة و یشمل جمیع العلوم المتعلقة بالدین. و علی أساس هذا المعنی للفقه الذي یسمی أیضاً "الفقه الأکبر" تکون النسبة بین الفقه و الأخلاق من نوع "العام و الخاص المطلق"؛ أي کل ما یرتبط بالأخلاق الإسلامیة یرتبط "بالفقه الإسلامي"، لکن لیس کل ما یرتبط بموضوع "الفقه الإسلامي" من الضروري أن یکون "أخلاقاً".
و من جهة أخری، هناک معنیً متداول آخر عن الفقه و هو ما ینحصر بتشخیص الوجوب و الحرمة و الاستحباب و الکراهة و الاستحباب في الموضوعات المختلفة. و الفقه الأصغر هو عنوان لهذا الحاصل المحدود من الفقه.
أما عن النسبة المنطقیة بین الأخلاق الإسلامیة و الفقه الأصغر فیمکن تصورها نسبة "عام و خاص من وجه"؛ لأن کثیراً من المواضیع الفقهیة، کشرائط الشراء و البیع و الإجارة و ... لا یمکن عدّها من المواضیع الأخلاقیة.
و من جهة أخری، أیضاً لا یمکن عد بعض المواضیع الأخلاقیة التي اهتمت بتعیین المصادیق و بیان الثمرة العملیة ضمن المواضیع الفقهیة؛ کالتواضع و التکبّر و الإخلاص و الریاء و ... و في نفس الوقت توجد بعض المواضیع؛ کأصل حرمة و ممنوعیة الکذب،و استحباب الصلاة علی وقتها و ... التي تُبحث في الفقه و في الأخلاق.
إذن، و بناء علی ما تقدّم لا یوجد تعارض بین الفقه و الأخلاق، حتی نقدّم أحدهما علی الآخر. نعم! یوجد في الأحکام الإسلامیة - سواءً في الفقه أو في الأخلاق- تزاحم بین الأهم و المهم فلابد عندئذٍ من تشخیص الأهم و تقدیمه من الناحیة العملیة علی المهم.
source : www.islamquest.net