عربي
Friday 22nd of November 2024
0
نفر 0

وجهة التاريخ والإنسان نحو الخلاص الكوني

مقدمه لم يكن بالإمكان أن تظل الإنسانية الحقة مشوهة في صميمها القدسي، أو في صميمها التاريخي، أو في صميمها الثقافي، ولكن حتمية التنازلات التي توجهها تلك الصراعات العنفوية، وارتباطها الدائم باعدوان والتدمير والخوف والتستر ضمن شعارات موهومة كان الغرض منها هو بناء وتصميم خارطة ثقافوية ومركزية جيوبوليتيكية يتحدد بموجبها إلغاء الآخر أو إخضاعه لفلسفات وسياسات هذا المركز الذي سعی دوما في تملك جميع العوامل وذلك
وجهة التاريخ والإنسان نحو الخلاص الكوني

مقدمه

لم يكن بالإمكان أن تظل الإنسانية الحقة مشوهة في صميمها القدسي، أو في صميمها التاريخي، أو في صميمها الثقافي، ولكن حتمية التنازلات التي توجهها تلك الصراعات العنفوية، وارتباطها الدائم باعدوان والتدمير والخوف والتستر ضمن شعارات موهومة كان الغرض منها هو بناء وتصميم خارطة ثقافوية ومركزية جيوبوليتيكية يتحدد بموجبها إلغاء الآخر أو إخضاعه لفلسفات وسياسات هذا المركز الذي سعی دوما في تملك جميع العوامل وذلك بخرق قوانين وتعطيل الإرادات وتكوين صور نمطية وتعكس ما يراد تحقيقه، في مبدأ التحقق الذي يكيفه عبر مصلحته البراغماتية مستندا إلی دواعي التاريخ وهرمنيوطيقاه الخاصة المشحونة بأساطير غيبية دافعة إلی تحقيق الحلم بامتلاك كل العالم، وطبعا كل العالم مهما تعددت أعراقه وألوانه.

ليس الغرض من كل هذا هو تجميع المسكونية في وحدة من السلام والأمان والسعادة والتعايش وإنما الغرض التجميع هو سحقها وإلغائها من خارطة الإنسانية عبر منافذ مختلفة من وسائل الإعلام إلی كتابات المنظرين والمفكرين، إلی حقول الثقافة وتطبيقات رجال الساسة، وتكتيكات جنرالات الجيش والقادة.

هنا يحتوي يحضر التاريخ المضاد تاريخ المقاومة والمنازلة، تاريخ خلاص شعوب العالم القديم التي حققت مبدأ التمركز في عهدها الأول، الغرض من هذا الاستحضار والاسترجاع هو إعادة التجربة بكل حذافيرها ولكن بشرط مراعاة عوامل العصر وتطوراته قصد وجدان الخلاص في رؤيته الكونية التامة والثاقبة التي تجنح إلی وضع محددات تحسم الجدل في منح كل الإنسانية إمكانات التقدم والديمقراطية والحرية، ومن هذا المنطلق يطرح التساؤل: ما طبيعة المحددات الخلاصية في الرؤية الكونية الخاصة للثقافة المهدوية؟

إنسانية الصراع حول مبدأ التحكم

إن الإنسانية اليوم قد ظلت سواء السبيل وقيمتها أن تصحح مسارات توجهها عبر مختلف النظريات التي استجلبتها من ماضيها القدسي كي تعتزم في هذه اللحظات الآنية إصطباغ نموذج جديد في المواجهة والتصدي لكل الأصنام السلطاوية المصدرة عبر سياسات وفلسفات قاتلة لاغية لوجودها، هذا الصراع يجعل مفهوم الإنسانية ينشطر إلی شطرين:

إنسانية انتهازية إرهابية لاغية لوجود الآخرين وبالتالي فهي انتهازية وحشية غضة وفضة. إنسانية إنسانية تبحث عن الصمود وتأكيد الذات والبحث في هذا العالم عن مكانتها ومحور كينونته.

وإذا أردنا البحث عن مستقبل جمع شتات العالم علينا أن نبحث عن ذلك المعنی السام للوجود والزمان والإنسان وأن نرتفع بالحياة إلی أعلی درجات سموها، لأن إرادة القوة والثبات والتحول ستجمع فيما بعد ويستحضر خطابا خاصا يكمن في استقطاب بمسارات تاريخية ونفسية مرتبطة أشد الارتباط بمبدأ التحقق الذي يحمل فكرا واعيا يراد منه أن يتمخض بنتائج أكثر واقعية يدرجها ضمن مشروع خاص، حيث يحول ماضيه القدسي إلی إنيات حاضرة، ومستقبلا ينطوي ضمن دلالات تقابلية بين الآنا والغير، اللذان يدخلان في علاقة تضايف لإعادة لحظات جدلية تتركب علی مقاومة الذات لتجارب وصراعات مختلفة بحيث تستفيد منه فيما بعد لتصدير فلسفة خاصة جديدة في المواجهة والمقاومة.

إن الاعتبارات السابقة هي في حد ذاتها واقع أمر يؤكد لنا دائما أن مغادرة الحاضر أو الرجوع إلی الماضي يستدعي أن نأخذه في حد ذاته لأن العمل الماضوي يتحدد بضوء الأسئلة التي توجه إليه من الماضي نفسه كما أن هاته الأسئلة، ستنتظم في طريقة خاصة، تسترشد بها أنفسنا عبر فهمنا لهذا المستقبل وبالتالي يجب الإجابة عن السؤال الذي يكسف عن مستوی التجربة الإنسانية الذي لا يمكنها سوی تأييد وتأكيد الجملة التي تصفها باعتبارها سؤالا يقتضي منها الاستدعاء والطلبية، كما أنه يكشف عن شيء يعطی لنفسه التمتع بحركية الإعطاء والتقديمية في الحدوث الذي يبرهن أن هذه البشرية قادرة علی إحداث وحدة مجتمعية تنضوي ضمن محددات خاصة لنوعية الخلاص الذي ستتبناه فيما بعد، ويمهد بدوره إلی فلسفة تنجيم لمستقبل مشرق يتعين بالاستقلالية عن التبعية كما يتعين بمعايير العلم والتكنولوجيا، لأن القوة معرفة، والمعرفة قوة وسلطة وهاته المعرفة القوة، والسلطة، ستخضع السياسة المستقبلية إلی لغة سيادة خاصة، هي لغة السياسة الحديثة التي تلتزم بجملتها علی أساليب في التوجيه والإقرار بمطالب الإصلاح والقضاء علی الإرهاب المفتعل مهما كان نوعه وشكله.

في ضوء هذا الأمر، فإن عالمية الأفكار الخاصة والتي تريد الأطراف تحقيقها لإعادة مجدها الإنساني والتاريخي والمركزي ينبني علی تفتيت خطط القوی العظمی، لكي تصبح دول الأطراف عظمی في الآن ذاته وهذا لا يتأثر إلا بالاستفادة من تجارب ودروس التاريخي أولا هذا ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية اليوم في فرض سيطرتها علی العالم وذلك وفقا لنظريات خاصة نظر كل من ألفريد ماهان، وهالفررد ماكيندر، ونيكولاس سبيكمان، ولكن ذكاءها اليوم جعلها تتخطی الخطأ التي وقعت فيه كل من بريطانيا باعتمادها علی نظرية مهان التي تتعلق بدور القوی البحرية في السيطرة كما تجاوزت الخطأ الذي وقعت فيه النازية الهتليرية حينما اعتمدت علی نظرية ماكيندر عن قلب العالم ومحوره، ولكن الطابع الانتقائي في الفلسفة الأمريكية جعلها تأخذ بطابع الانتفاء في السياسة والسيطرة أيضا، فأخذت من نظرية ماهان ونظرية ماكيندر ونظرية سبيكان وهذا ما نلاحظه في محاولتها المتكررة لبسط نفوذها كاملا علی الخليج الفارسي بعد ما استحوذ مشرعها البحري علی كامل الخليج الفارسي ومضايقه، متبعة نهج الاستراتيجية المتحركة، بحيث تتحرك في كل مرة بصفة مختلفة، واستفادت من نظرية سبيكمان في إعطائها أهمية قسوة لمنطقة الرملاند التي تشتمل علی مناطق شبه الجزيرة وإيران والعراق، وأفغانستان والهند وجنوب شرق آسيا والصين وكوريا، وشرقي سيبيريا وحجتها في ذلك أن هاته المناطق كانت أكبر دول العالم، وقوی العالم في فترات زمنية ماضية كان لها النجاح أن تطوق العالم بإديولوجيتها وسيطرتها حيث وصلت إلی تولوز علی الحدود الفرنسية غربا، التي كانت تحت لواء الفتوحات الإسلامية، والفتوحات العثمانية التي وصلت إلی شرق ووسط أوروبا، هذا ما دفع بسبيكمان إلی ضرورة منع هذه التجارب من التكرار داخل المناطق المذكورة أنفا كي لا تقوم أي قوة وأي سيطرة في مراكز العالم القديم ومن هاته الملاحظة ندخل في الموضوع من بابه الواسع علی أن إشارة التخطيط للمستقبل يجب أن تفهم علی أساس دقة التحكم في مصير شعب من الشعوب وهذا لا يتأتی لدول الأطراف إلا إذا استدعت تاريخ الماضي، لأنه هو الذي يمكنها من إدراك كنه الحاضر وتوجهاته المستقبلية كما لا يتحقق هذا الأمر إلا إذا أخضع إلی مقاييس خاصة تتحدد وفقا لمبادئ لفنون القيادة والتوجيه التي يستجليها علم النفس الاجتماعي لينقل مدارات توجه التاريخ والزمن ومختلف التشكيلات الثقافية من القوة إلی الفعل.

هرمينيوطيقا التاريخ والإنسان في مدار الفعل الكوني

ينبني هذا العنوان علی نظريتين حددتها تلك المقاربات النفسية والثقافية والإنسانية لا نجد صداها إلا في تحليل عمقها من زوال الزوايا البينية وهي:

النظرية الوظيفية: (Functional Theory) التي تهتم بدراسة خصائص الجماعة وأهم المواقف التي تحتويها فلسفة القيادة من حيث تحريك الأهداف ودفع الجماعات نحو تحقيقها.

النظرية التفاعلية: (Interational Theory) وهي التي تعتمد علی مبدأ التكامل في متغيرات القيادة كأن تراعي تنفيذ برامجها من خلال شخصية القائد والأتباع والجماعة من حيث بناء العلاقات الفردية وتنويعهات واختلافها، ومراعاة لكل المواقف، وما يجدر من تغيرات مجتمعية ومحلية وعالمية ومدی التأثر والتأثير التي تقدمه هاته النظرية لتنفيذ برامجها وخطط الجماعة.

هذا ما يتوجب إعادة قراءة في الذاكرة الجامعية لتاريخ الأمم عبر توظيف كل قنوات الاتصال ومنافذ الثقافة لدی جميع شرائح المجتمع بكل طوائفه الدينية والإثنية، ومن ثم سنكون نحن استدفاع لمنهج ديمقراطي خالص يوقف مصلحة الفرد عند الحد الذي يتفق مع الصالح العام للمجتمع.

لأن الأمر يجرنا إلی الحديث عن اجتناب الخلافات في المجتمع الذي يتعدد فيه الدين واللغة والعنصر البشري إذا ما أريد تحقيق الخلاص بمعناه الاستراتيجي المستقبلي وهذا ما يحفز الدولة الباحثة عن السيادة والمركزية في التقليل من حجم الصراعات الناتجة عن تصادم الأفكار والأطروحات، وأن تأخذ هذا الصراع علی أساس التعدد والاختلاف باعتباره سنة كونية داخل أي مجتمع، لا علی أساس تصادم صراع دموي مسلح انتقاء عنصري (لأن استبعاد الآخر عقائديا ليس مجرد موقف معرفي نظري إنما هو موقف له وظيفته السلطوية، وهي الحفاظ علی وحدانية المرجعية باحتكار المشروعية، النموذج العقائدي يقر للغير بأي مصداقية أو مشروعية لأن من شأن هذا الإقرار زعزعة سلطته العقائدية أو التشكيك بيقينية معتقده وأحقيته الأمر الذي يفقد مبرر دعواه ودفاعه).

وإذا ما طلعنا حركة الإصلاح في أوروبا فإننا نجد الإخفاق الكبير في عدم امتزاج الأجناس فيما بينها وكذلك إذا ما إستقرأنا الحوادث التاريخية تذكرنا بالأعمال الشنيعة للولايات المتحدة في جنوب إفريقيا، وما فعله الجيش الصربي في البوسنة والهرسك ومناطق الجبل الأسود ودول البلقان الإسلامية، وما أحرزته لبنان في الثمانينات من تصدع في بنية مجتمعها لو لم يقضی التدارك لهذا الأمر، ونفس الأمر يستحق الحديث عنه في هذه الورقة عما يجري في إيران اليوم من محاولة تفكيك قهرية لكل أنظمتها وأجهزتها التشريعية والتنفيذية ليس الغرض من هذا هو إعادة مفهوم الديمقراطية لهذا البلد، وإنما هو تفكيك جميع بنياتها واستغلال اختلاف طبقاتها السياسية والدينية لتفتيت شمل هذه الدولة قصد السيطرة علی منطقة حساسة في الخليج الفارس، هذا الأمر سيقود حتما إلی إعاقة وشلل في جميع مؤسسات الدولة كما يعيق الائتلاف الفردي التعددي والامتزاج الديني الطائفي.

إن استفحال هذا التناقض داخل الدولة يجعل البنية الرئيسية لجميع تنظيماتها الإستراتيجية إلی الانهيار، وفلسفة القيادة تقتضي تحقيق الديمقراطية لجميع طبقات المجتمع وكيفية التحكم في زمام الأمور الداخلية لدولة ما، كفيل بتحقيق المركزية والخروج من قوقعة الطرف، ومن ثم بناء شعار الدولة الديمقراطية واستكماله في حضارة وثقافة، لأن طريق التعصب سيؤول إلی انشقاق ما، وتداركا لهذا الأمر، علی الدولة أن توجه إدراكاتها إلی النظر والتمعن لتلك الأديان الحية التي تنبه


source : abna
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الامام موسی بن جعفر عليه السلام
الاستماتة‌ و الجزع‌ من‌ الموت في ساحة‌ عاشوراء
الرسول القائد
الأخلاق الحسينيّة
الإلهام عند الامام الباقر عليه السلام
مرقد الامام الجواد عليه السلام
السيدة زينب(ع) و الشعائر الحسينية
الاصل الكريم والمولد المبارك
علي عليه السلام علی لسان الرسول
كيف نكون مهاجرين مع الحسين(ع)؟

 
user comment