من محاضرات: سماحة آیة الله الشیخ مجتبی الطهراني ترجمة: الأستاذ علي فاضل السعدي
الحق الرابع
قبول النصيحة والإرشاد
إنّ المعصومين على علم بالحقائق ومبرئون من الذنب وبعيدون عن الخطأ، فإذا نصحوا انتفع المخاطب بما يقولون وإن غفلوا عن كلامهم كان ذلك مضراً بهم.
ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
أيها الناس إن لي عليكم حقا ولكم عليّ حق. فأما حقكم عليّ فالنصيحة لكم... وأما حقّي عليكم... النصيحة في المشهد والمغيب...( 18)
الحق الخامس
الخمس
إنّ الأئمة المعصومين ولاة أمر الأمة. وتنبع من هذه الولاية والزعامة حقوق لهم (عليهم السلام) حيث يتوجب على الناس أدائها. ومن تلك الحقوق التي تجب للأئمة (عليهم السلام) على الناس بذل نسبة من فائض نتاجهم المالي إلى ولي أمر المسلمين. وهذا السهم من أموال الناس والذي يحدد بمقدار خمس فائض الأموال وبعض الأمور الأخرى، يطلق عليه في المصطلح الإسلامي عنوان الخمس. وقد صرح القرآن الكريم بذلك في كتابه حيث قال:
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين...( 19)
وقد ورد في رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسيره لكلمة "وذوي القربى" أنه قال:
هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والخمس لله وللرسول ولنا.( 20)
كما ورد في حديث آخر للإمام (عليه السلام) أشار فيه الإمام إلى أن الخمس هو قرار من الله إلى الأئمة المعصومين (عليهم السلام):
قال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم): إني اصطفيتك وانتجبت عليا، وجعلت منكما ذرية طيبة جعلت لهم الخمس.( 21)
وقد صرح الإمام الصادق على وجوب الخمس حيث قال:
إن الله لا إله إلّا هو لما حرّم علينا الصدقة أبدلنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال.( 22)
كما وصرح الإمام الباقر بشكل بين على أنّ الخمس حق للائمة المعصومين (عليهم السلام) وذلك في ما روي عنه أنه قال:
يا أبا الفضل لنا حق هي في كتاب الله في الخمس فلو محوه فقالوا ليس من الله أولم يعلموا به لكان سواء.( 23)
فجزء من الخمس كما ورد في الكتب الفقهية يتعلق بذوي المعصومين (عليهم السلام) (السادات) حيث عُنون هذا الحق بـ "حقّ السادات" وهو يذكر عادة إلى جانب "حقّ الإمام" وهو دليل على خصوصية لأقرباء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
الحق السادس
مراعاة الاحترام والآداب
إنّ للمعصومين (عليهم السلام) مقام في منتهى الرفعة ومكانة في منتهى الشموخ. ولذلك على المسلم أن يتعامل الإنسان معهم بشكل يتناسب وشأنهم وأن تراعى معهم أعلى مراتب الأدب؛ رغم أنّه لا أحد يعلم شأنهم إلّا الله تعالى. لذلك فمن الأجدى أن نتعلم من كلامه سبحانه وكلام المعصومين (عليهم السلام) بالذات والذي يمثل البيان والتفسير للوحي كيفية التعامل معهم (عليهم السلام). فرعاية الآداب عند أولياء الله هو من يفتح للإنسان أبواب عديدة من الفلاح والنجاح كما يساهم سوء الأدب في الحرمان من الألطاف الإلهية.
إنّ عبودية الله تعالى تقتضي أن يراعى حريم خلفائه وحججه، هذا إضافة إلى أن هذه المراعاة في التعامل معهم (عليهم السلام) تكون سببا لنمو وكمال الإنسان ومن تلك الآداب ما يلي:
أ- الاستئذان عند الدخول والخروج
ينبغي على من يهمّ بالدخول عند محضر المعصوم (عليه السلام) أن يستأذن منه وأن يلحظ رضاه وأن لا يؤذيه عند الدخول عليه. قال الله تعالى في كتابه المبين:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ" ( 24)
فرغم أنّ شأن النزول لهذه الآية هو مورد خاص (حجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع إحدى نسائه)؛ لكن واستنادا لتصاريح عديدة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّ بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) هو أيضا مصداق لبيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا المعنى يشمل جميع بيوت المعصومين (عليهم السلام).
وقد روى أنس بن مالك وبريدة وهما من أصحاب رسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال " فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ وأشار إلى بيت علي وفاطمة (عليها السلام)، قال: نعم من أفضلها.( 25)
وقد أجاب الإمام الصادق (عليه السلام) عن هذا الأمر في جوابه لأحد أصحابه وهو جميل بن درّاج. يقول جميل بن درّاج سمعت الإمام الصادق (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما بين منبري وبيوتي روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة وصلاة في مسجدي تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلّا المسجد الحرام، قال جميل: قلت له: بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيت علي منها؟ قال: نعم وأفضل.( 26)
ويقتضي أدب الزيارة للمعصوم (عليه السلام) أن لا يكون الاستئذان في الدخول عليه وحسب بل ينبغي أن يلاحظ هذا الأمر حتى في الانصراف من الموضع الذي هو فيه مع المعصوم فأهل الإيمان لا يتركون مجالس أئمتهم (عليهم السلام) إلّا بعد استئذانهم.
قال تعالى في كتابه المبين:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإ
source : abna