عربي
Saturday 18th of May 2024
0
نفر 0

شهادة الإمام الكاظم ( عليه السلام )

عاصر الإمام الكاظم ( عليه السلام ) خلال فترة إمامته أربعة من الخلفاء العباسيين ، و هم : المنصور ، المهدي ، الهادي ، الرشيد . و قد زخرت هذه الفترة بالأحداث و الوقائع التاريخية الخطيرة ، و كان من أبرز تلك الوقائع ، هي الثورات و السجن و الملاحقات و القتل الفردي و الجماعي لآل علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، و بني عمومتهم من الطالبِيّين . فالولاة يحكمون ، و يعبثون ، و يتصرفون كيف شاءوا ، ما زالوا محافظين على طاعة الخليفة . لأن المطلوب هو الولاء للخليفة العباسي لابَسط العدل و إقامة أحكام الإسلام ،
شهادة الإمام الكاظم ( عليه السلام )

عاصر الإمام الكاظم ( عليه السلام ) خلال فترة إمامته أربعة من الخلفاء العباسيين ، و هم : المنصور ، المهدي ، الهادي ، الرشيد . و قد زخرت هذه الفترة بالأحداث و الوقائع التاريخية الخطيرة ، و كان من أبرز تلك الوقائع ، هي الثورات و السجن و الملاحقات و القتل الفردي و الجماعي لآل علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، و بني عمومتهم من الطالبِيّين . فالولاة يحكمون ، و يعبثون ، و يتصرفون كيف شاءوا ، ما زالوا محافظين على طاعة الخليفة . لأن المطلوب هو الولاء للخليفة العباسي لابَسط العدل و إقامة أحكام الإسلام ، و في مثل هذه الأوضاع كان طبيعياً ، أن ينال الإمام ( عليه السلام ) الظلم و السجن و الاضطهاد .

فأمر الرشيد بنقل الإمام من سجن الفضل إلى سجن السندي بن شاهك ، و الأخير كان شريراً لم تدخل الرحمة إلى قلبه ، و قد تَنكّر لجميع القِيَم . فكان لا يؤمن بالآخرة و لايرجو لله و قاراً ، فقابل الإمام ( عليه السلام ) بكل قسوة و جفاء ، فَضَيّق عليه في مأكله و مشربه ، و كَبّله بالقيود . و يقول الرواة : ( إنه قَيّده ( عليه السلام ) بثلاثين رطلاً من الحديد ) . و أقبل الإمام ( عليه السلام ) على عادته على العبادة ، فكان في أغلب أوقاته يصلي لربه ، و يقرأ كتاب الله ، و يُمجّده و يَحمُده على أنْ فَرّغه لعبادته .

كتابه إلى هارون :

و أرسل الإمام ( عليه السلام ) رسالة إلى هارون الرشيد ، أعرب فيها عن نقمته عليه ، و هذا هو نَصّها : ( إِنّه لن يَنقضي عَنّي يوم من البلاء ، حَتى ينقضي عَنك يوم من الرّخَاء ، حتى نَفنَى جميعاً إلى يومٍ ليس فيه انقضاء ، و هُناك يَخسرُ المُبطلون ) . و حكت هذه الرسالة ما أَلمّ بالإمام ( عليه السلام ) من الأسى في السجن ، و أنه سيحاكم الطاغية هارون الرشيد أمام الله تعالى في يوم يخسر فيه المبطلون .

شهادته ( عليه السلام ) :

عهد هارون إلى السندي باغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، فَدُسّ له سُمّاً فاتكاً في رطب ، و أجبره السندي على تناوله . فأكل ( عليه السلام ) مِنهُ رطبات يسيرة ، فقال له السندي : زِد على ذلك . فَرَمَقَهُ الإمام ( عليه السلام ) بَطَرْفِه ، و قال له : ( حَسبُكَ ، قد بَلغتُ ما تحتاجُ إليه ) . و تفاعل السم في بدنه ( عليه السلام ) ، و أخذ يعاني الآلام القاسية ، و قد حفت به الشرطة القُساة . و لازَمه السندي ، و كان يُسمِعُه مُرَّ الكلام و أقساه ، و مَنعَ عنه جميع الإسعافات لِيُعَجّل له النهاية المَحتومة . و لما ثقل حاله ( عليه السلام ) ، و أشرف على النهاية ، استدعى المُسيّب بن زهرة ، و قال له : ( إني على ما عَرّفتُك من الرحيل إلى الله عزَّ و جلَّ ، فإذا دَعوتُ بِشُربة من ماءٍ فَشربتُها ، و رأيتني قد انتَفَختُ ، و اصفَرَّ لوني و احمَرَّ و اخضَرَّ ، وَ أتَلَوَّنُ ألواناً ، فأخبر الطاغية بوفاتي ) .

فقال المُسيَّب : فلم أزلْ أراقب وَعده ، حتى دعا ( عليه السلام ) بشربة فَشربَها ، ثم استدعاني فقال : ( يا مُسيَّب ، إن هذا الرِّجس السِّندي بن شَاهك سَيزعم أنه يتولَّى غسلي و دفني ، و هيهات هيهات أن يكون ذلك أبداً ، فإذا حُمِلت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فَألحِدُوني بها ) .

قال المُسيَّب : ثم رأيتُ شخصاً أشبه الأشخاص به جالساً إلى جانبه ، و كان عهدي بسيِّدي الرضا ( عليه السلام ) ، و هو غلام ، فأردت أن أسأله ، فصاح بي سيدي الكاظم ( عليه السلام ) ، و قال : ( أَليسَ قَد نَهَيتُك ؟! ) . ثم إنه غاب ذلك الشخص ، و جئتُ إلى الإمام ( عليه السلام ) ، فإذا به جثة هامدة قد فارق الحياة ، فانتهيت بالخبر إلى الرشيد . و كانت شهادته ( عليه السلام ) في ( 25 ) رجب من سنة ( 183 هـ ) .

فخرج الناس على اختلاف طبقاتهم لتشييع جثمان إمام المسلمين و سيد المتقين و العابدين ، و خرجَت الشيعة ، و هي تلطم الصدور ، و تذرف الدموع ، و خرجت السيدات من نسائهم ، وَ هُنَّ يَندبْنَ الإمام ( عليه السلام ) ، و يرفَعْنَ أصواتَهُنَّ بالنياحَة عليه ( عليه السلام ) . و سارت مواكب التشييع في شوارع بغداد ، و هي تردد أهازيج اللوعة و الحزن . و سارت المواكب متجهة إلى محلة باب التبن و قد ساد عليها الحزن ، حتى انتهت إلى مقابر قريش في بغداد . فَحُفِر للجثمان العظيم قبر ، فواروه فيه ، و انصرف المشيعون ، و هم يعددون فضائله ( عليه السلام ) ، و يَذكُرون بمزيد من اللَّوعة الخسارةَ التي مُني بها المسلمون . فَتَحيَّات من الله على تلك الروح العظيمة ، التي ملأت الدنيا بفضائلها و آثارها و مآثرها


source : tebyan
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الشيعة في عهد علي عليه السلام
أول مسلسل من أنتاج عراقي عن سيرة حياة ...
وقفة مع الزيارة الجامعة الكبيرة
متحف الإمام الحسين (ع) يشارك في معرض مدينة كولن ...
قصيدة "وجه الصباح علـي ليل مظلم"
كيف نصر الله أنبيائه؟
مرقد الإمام عليّ بن موسى الرضا (ع)
الامام الجواد في ظلِّ أبيه عليهما السلام
معاجز الإمام الصادق (عليه السلام) ومناقبه
الإمام الحسن والقرآن

 
user comment