المقابلة هي: توجيه أسئلة خاصة الى الامام (عليه السلام)، فيما يجيب عنها بكلام يلحظ (الاقتصاد اللغوي) فيه بنحو لافت أيضاً، بخاصة فيما يرتبط بظواهر أخلاقية او عبادية او نفسية،... وهذا من نحو ما ورد عنه (عليه السلام):
قيل له: ما الزهد؟
قال: «الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا».
قيل: فما الحلم:
قال: «كظم الغيظ وملك النفس».
قيل: ما السداد؟
قال: «دفع المنكر بالمعروف».
قيل: فما الشرف؟
قال: «اصطناع العشيرة وحمل الجريرة».
قيل: فما النجدة؟
قال: «الذب عن الجار والصبر في المواطن والاقدام عند الكريهة».
قيل: فما المجد؟
قال: «ان تعطي في الغرم وان تعفو عن الجرم».
قيل: فما المروءة؟
قال: «حفظ الدين واعزاز النفس ولين الكنف وتعهد الصنيعة وأداء الحقوق والتحبب الى الناس».
قيل: فما الدنيئة؟
قال: «النظر في اليسير ومنع الحقير».
قيل: فما اللؤم؟
قال: «قلة الندى وان ينطق بالخنى».
قيل: فما السماح؟
قال: «البذل في السراء والضراء».
قيل: فما الشح؟
قال: «ان ترى ما في يديك شرفاً وما انفقته تلفاً».
قيل: فما الاخاء؟
قال: «الاخاء في الشدة والرخاء».
قيل: فما الجبن؟
قال: «الجرأة على الصديق والنكول عن العدو.. الخ».(۱۱)
الملاحظ، أن كل واحدة من هذه السمات تتطلب تعريفاً في سطور الا انه (عليه السلام) قد استخدم (الاقتصاد اللغوي) في التعريف بها بحيث يمكن أن يكلم بها القارىء اجمالاً موشحاً بشيء من التوضيح، وهذا هو معطى (الاقتصاد اللغوي) نظراً لأن الاجمال بدون توضيح لا يحقق الهدف العلمي، كما أن التوضيح مفصلاً لا يتناسب مع طابع التركيز والاقتصاد، وحينئذ يتعين الاجمال المقترن بشيء من الوضوح.
كلما لحظنا في النموذج المتقدم، وهو نموذج يأخذ قضية التفصيل أو الاجمال بحسب متطلبات السياق، فحين يتحدث عن الجبن أو الحلم مثلاً، نجده يقتصر في ذلك على مفردتين لكل منهما، مثل: ان ترى ما في يديك شرفاً، وما انفقته تلفاً-بالنسبة الى الشح، لكن عندما يتحدث عن المروءة، يقدم ست مفردات عنها: حفظ الدين، اعزاز النفس، اجراء الحقوق...الخ، وهذا يعني أن السياق هو الذي يحدد نسبة الاقتصاد اللغوي في التعبير...
طبيعياً، ينبغي الا نغفل ان النموذج المتقدم بالرغم من كونه (مقابلة) تقتصر على الجواب العلمي، الا انه (عليه السلام) وشح اجاباته بعناصر ايقاعية وصورية ايضاً حتى يهب الاجابة طابعها الجمالي الذي يحملنا على جعل كلامه (عليه السلام) ضمن لغة الادب، وهو أمر يمكن للقارىء ملاحظته ايقاعياً في فقرات من نحو (شرفاً، تلفاً) (السراء، الضراء) (الغرم، الجرم) (الاخاء، الرخاء) (اليسير، الحقير)... الخ.
اخيراً: ثمة شكلان فنيان قد توفر الامام (عليه السلام) عليهما ايضاً، مما ينبغي الوقوف عندهما، أولهما هو:
(۱۱) نفس المصدر: ص ۲۲۷، ۲۲۸.
source : irib