عربي
Monday 3rd of June 2024
0
نفر 0

لزوم عصمة الإمام ع

 لزوم عصمة الإمام ع

الآيات البقرة:


 قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ تفسير قال الطبرسي رحمه الله قال مجاهد العهد الإمامة و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أي لا يكون الظالم إماما للناس فهذا يدل على أنه يجوز أن يعطى ذلك بعض ولده إذا لم يكن ظالما لأنه لو لم يرد أن يجعل أحدا منهم إماما للناس لوجب أن يقول في الجواب لا أو لا ينال عهدي ذريتك. و قال الحسن إن معناه أن الظالمين ليس لهم عند الله عهد يعطيهم به خيرا و إن كانوا قد يعاهدون في الدنيا فيوفى لهم و قد كان يجوز في العربية أن يقال لا ينال عهدي الظالمون لأن ما نالك فقد نلته و قد روي ذلك في قراءة ابن مسعود و استدل أصحابنا بهذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوما عن القبائح لأن الله سبحانه نفى أن ينال عهده الذي هو الإمامة ظالم و من ليس بمعصوم فقد يكون ظالما إما لنفسه و إما لغيره. فإن قيل إنما نفى أن ينال ظالم في حال ظلمه فإذا تاب فلا يسمى ظالما فيصح أن يناله. و الجواب أن الظالم و إن تاب فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالما فإذا نفى أن يناله فقد حكم عليه بأنها لا ينالها و الآية مطلقة غير مقيدة بوقت دون وقت فيجب أن تكون محمولة على الأوقات كلها فلا ينالها الظالم و إن تاب فيما بعد انتهى كلامه رفع الله مقامه.

                         بحارالأنوار ج : 25 ص : 192
فإن قلت على القول باشتراط بقاء المشتق منه في صدق المشتق كيف يستقيم الاستدلال قلت لا ريب أن الظالم في الآية لا يحتمل الماضي و الحال لأن إبراهيم ع إنما سأل ذلك لذريته من بعده فأجاب تعالى بعدم نيل العهد لمن يصدق عليه أنه ظالم بعده فكل من صدق عليه بعد مخاطبة الله لإبراهيم بهذا الخطاب أنه ظالم و صدر عنه الظلم في أي زمان من أزمنة المستقبل يشمله هذا الحكم أنه لا ينال العهد فإن قلت تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية. قلت العلية لا تدل على المقارنة إذ ليس مفاد الحكم إلا أن عدم نيل العهد إنما هو للاتصاف بالظلم في أحد الأزمنة المستقبلة بالنسبة إلى صدور الحكم فتأمل
 1-  ل، [الخصال‌] ع، [علل الشرائع‌] مع، [معاني الأخبار] لي، [الأمالي للصدوق‌] مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ قَالَ مَا سَمِعْتُ وَ لَا اسْتَفَدْتُ مِنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِي طُولِ صُحْبَتِي إِيَّاهُ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ فِي صِفَةِ عِصْمَةِ الْإِمَامِ فَإِنِّي سَأَلْتُهُ يَوْماً عَنِ الْإِمَامِ أَ هُوَ مَعْصُومٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لَهُ فَمَا صِفَةُ الْعِصْمَةِ فِيهِ وَ بِأَيِّ شَيْ‌ءٍ تُعْرَفُ قَالَ إِنَّ جَمِيعَ الذُّنُوبِ لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ لَا خَامِسَ لَهَا الْحِرْصُ وَ الْحَسَدُ وَ الْغَضَبُ وَ الشَّهْوَةُ فَهَذِهِ مُنْتَفِيَةٌ عَنْهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَرِيصاً عَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا وَ هِيَ تَحْتَ خَاتَمِهِ لِأَنَّهُ خَازِنُ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَى مَا ذَا يَحْرِصُ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونُ حَسُوداً لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَحْسُدُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَ لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ فَكَيْفَ يَحْسُدُ مَنْ هُوَ دُونَهُ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَغْضَبَ لِشَيْ‌ءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَضَبُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِ إِقَامَةَ الْحُدُودِ وَ أَنْ لَا تَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ وَ لَا رَأْفَةٌ فِي دِينِهِ حَتَّى يُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّبِعَ الشَّهَوَاتِ وَ يُؤْثِرَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَبَّبَ إِلَيْهِ الْآخِرَةَ كَمَا حَبَّبَ إِلَيْنَا الدُّنْيَا فَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى الْآخِرَةِ كَمَا نَنْظُرُ إِلَى الدُّنْيَا فَهَلْ رَأَيْتَ أَحَداً تَرَكَ وَجْهاً حَسَناً لِوَجْهٍ قَبِيحٍ وَ طَعَاماً طَيِّباً لِطَعَامٍ مُرٍّ وَ ثَوْباً لَيِّناً

                         بحارالأنوار ج : 25 ص : 193
لِثَوْبٍ خَشِنٍ وَ نِعْمَةً دَائِمَةً بَاقِيَةً لِدُنْيَا زَائِلَةٍ فَانِيَةٍ
 2-  ن، [عيون أخبار الرضا عليه السلام‌] مَاجِيلَوَيْهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَ ابْنُ تَاتَانَةَ جَمِيعاً عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ التَّمِيمِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَيِّدِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ع عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْقَضِيبِ الْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ الَّذِي غَرَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِيَدِهِ وَ يَكُونَ مُتَمَسِّكاً بِهِ فَلْيَتَوَلَّ عَلِيّاً وَ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ فَإِنَّهُمْ خِيَرَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ صَفْوَتُهُ وَ هُمُ الْمَعْصُومُونَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَ خَطِيئَةٍ
 لي، [الأمالي للصدوق‌] أحمد بن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبيه مثله
 3-  كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِيِّ، حَدَّثَنِي الْقَاضِي أُسَيْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السُّلَمِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَتَكِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمْزَةَ النَّوْفَلِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ عَنْهُ ص قَالَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ عَنْ كَاتِبَي عَلِيٍّ أَنَّهُمَا لَمْ يَكْتُبَا عَلَى عَلِيٍّ ذَنْباً مُذْ صَحِبَاهُ

                         بحارالأنوار ج : 25 ص : 194
 4-  وَ حَدَّثَنِي السُّلَمِيُّ عَنِ الْعَتَكِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّدَفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَكَمِ الْبَرَاجِمِيِّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الْوَفَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ص يَقُولُ إِنَّ حَافِظَيْ عَلِيٍّ لَيَفْخَرَانِ عَلَى سَائِرِ الْحَفَظَةِ بِكَوْنِهِمَا مَعَ عَلِيٍّ ع وَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا لَمْ يَصْعَدَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِشَيْ‌ءٍ مِنْهُ فَيُسْخِطَهُ
 5-  مع، [معاني الأخبار] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِنْقَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُقْرِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ الطَّرِيفِيِّ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْحَسَنِ الْكَحَّالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ الْإِمَامُ مِنَّا لَا يَكُونُ إِلَّا مَعْصُوماً وَ لَيْسَتِ الْعِصْمَةُ فِي ظَاهِرِ الْخِلْقَةِ فَيُعْرَفَ بِهَا فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَنْصُوصاً فَقِيلَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا مَعْنَى الْمَعْصُومِ فَقَالَ هُوَ الْمُعْتَصِمُ بِحَبْلِ اللَّهِ وَ حَبْلُ اللَّهِ هُوَ الْقُرْآنُ لَا يَفْتَرِقَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ الْإِمَامُ يَهْدِي إِلَى الْقُرْآنِ وَ الْقُرْآنُ يَهْدِي إِلَى الْإِمَامِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ‌
 
 بيان قوله ع هو المعتصم كأن المعنى أن معصوميته بسبب اعتصامه بحبل الله و لذا خص بالعصمة لا مجازفة أو معنى المعصومية أنه جعله الله معتصما بالقرآن لا يفارقه
 6-  مع، [معاني الأخبار] عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ عَنِ الْحُسَيْنِ الْأَشْقَرِ قَالَ قُلْتُ لِهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ مَا مَعْنَى قَوْلِكُمْ إِنَّ الْإِمَامَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعْصُوماً قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْمَعْصُومُ هُوَ الْمُمْتَنِعُ بِاللَّهِ مِنْ‌

                         بحارالأنوار ج : 25 ص : 195
جَمِيعِ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ قَدْ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى‌ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‌
 
 بيان الممتنع بالله أي بتوفيق الله. قال الصدوق في المعاني بعد خبر هشام الدليل على عصمة الإمام أنه لما كان كل كلام ينقل عن قائله يحتمل وجوها من التأويل و كان أكثر القرآن و السنة مما أجمعت الفرق على أنه صحيح لم يغير و لم يبدل و لم يزد فيه و لم ينقص منه محتملا لوجوه كثيرة من التأويل وجب أن يكون مع ذلك مخبر صادق معصوم من تعمد الكذب و الغلط منبئ عما عنى الله عز و جل و رسوله في الكتاب و السنة على حق ذلك و صدقه لأن الخلق مختلفون في التأويل كل فرقة تميل مع القرآن و السنة إلى مذهبها. فلو كان الله تبارك و تعالى تركهم بهذه الصفة من غير مخبر عن كتابه صادق فيه لكان قد سوغهم الاختلاف في الدين و دعاهم إليه إذ أنزل كتابا يحتمل التأويل و سن نبيه ص سنة يحتمل التأويل و أمرهم بالعمل بهما فكأنه قال تأولوا و اعملوا و في ذلك إباحة العمل بالمتناقضات و الاعتماد للحق و خلافه. فلما استحال ذلك على الله عز و جل وجب أن يكون مع القرآن و السنة في كل عصر من يبين عن المعاني التي عناها الله عز و جل في القرآن بكلامه دون ما يحتمله ألفاظ القرآن من التأويل و يعبر عن المعاني التي عناها رسول الله ص في سننه و أخباره دون التأويل الذي يحتمله ألفاظ الأخبار المروية عنه ع المجمع على صحة نقلها.

                         بحارالأنوار ج : 25 ص : 196
و إذا وجب أنه لا بد من مخبر صادق وجب أن لا يجوز عليه الكذب و تعمدا و لا الغلط فيما يخبر به عن مراد الله عز و جل في كتابه و عن مراد رسول الله ص في أخباره و سنته و إذا وجب ذلك وجب أنه معصوم. و مما يؤكد هذا الدليل أنه لا يجوز عند مخالفينا أن يكون الله عز و جل أنزل القرآن على أهل عصر النبي ص و لا نبي فيهم و يتعبدهم بالعمل بما فيه على حقه و صدقه فإذا لم يجز أن ينزل القرآن على قوم و لا ناطق به و لا معبر عنه و لا مفسر لما استعجم منه و لا مبين لوجوهه فكذلك لا يجوز أن نتعبد نحن به إلا و معه من يقوم فينا مقام النبي ص في قومه و أهل عصره في التبيين لناسخه و منسوخه و خاصه و عامه و المعاني التي عناها الله جل عز بكلامه دون ما يحتمله التأويل كما كان النبي ص مبينا لذلك كله لأهل عصره و لا بد من ذلك ما لزموا المعقول و الدين. فإن قال قائل إن المؤدي إلينا ما نحتاج إلى عمله من متشابه القرآن و من معانيه التي عناها الله دون ما يحتمله ألفاظه هو الأمة أكذبه اختلاف الأمة و شهادتها بأجمعها على أنفسها في كثير من آي القرآن لجهلهم بمعناه الذي عناه الله عز و جل و في ذلك بيان أن الأمة ليست هي المؤدية عن الله عز و جل ببيان القرآن و إنها ليست تقوم في ذلك مقام النبي ص. فإن تجاسر متجاسر فقال قد كان يجوز أن ينزل القرآن على أهل عصر النبي ص و لا يكون معه نبي و يتعبدهم بما فيه مع احتماله للتأويل. قيل له هب ذلك كله و قد وقع من الخلاف في معانيه ما قد وقع في هذا الوقت ما الذي كانوا يصنعون. فإن قال ما قد صنعوا الساعة. قيل الذي فعلوه الساعة أخذ كل فرقة من الأمة جانبا من التأويل و عمله

                         بحارالأنوار ج : 25 ص : 197
 عليه و تضليل الفرقة المخالفة لها في ذلك و شهادتها عليها بأنها ليست على الحق. فإن قال إنه كان يجوز أن يكون في أول الإسلام كذلك و إن ذلك حكمة من الله و عدل فيهم ركب خطأ عظيما و ما لا أرى أحدا من الخلق يقدم عليه فيقال له عند ذلك فحدثنا إذا تهيأ للعرب الفصحاء أهل اللغة أن يتأولوا القرآن و يعمل كل واحد منهم بما يتأوله على اللغة العربية فكيف يصنع من لا يعرف اللغة من الناس و كيف يصنع العجم من الترك و الفرس و إلى أي شي‌ء يرجعون في علم ما فرض الله عليهم في كتابه و من أي الفرق يقبلون مع اختلاف الفرق في التأويل و إباحتك كل فرقة أن تعمل بتأويلها. و لا بد لك من أن يجري العجم و من لا يفهم اللغة مجرى أصحاب اللغة من أن لهم أن يتبعوا أي الفرق شاءوا و إلا إن ألزمت من لا يفهم اللغة اتباع بعض الفرق دون بعض لزمك أن تجعل الحق كله في تلك الفرقة دون غيرها فإن جعلت الحق في فرقة دون فرقة نقضت ما بنيت عليه كلامك و احتجت إلى أن يكون مع تلك الفرقة علم و حجة تبين بها من غيرها و ليس هذا من قولك. و لو جعلت الفرق كلها متساوية في الحق مع تناقض تأويلاتها فيلزمك أيضا أن تجعل للعجم و من لا يفهم اللغة أن يتبعوا أي الفرق شاءوا و إذا فعلت ذلك لزمك في هذا الوقت أن لا يلزم أحدا من مخالفيك من الشيعة و الخوارج و أصحاب التأويلات و جميع من خالفك ممن له فرقة و من مبتدع لا فرقة له على مخالفتك ذما. و هذا نقص الإسلام و الخروج من الإجماع و يقال لك و ما ينكر على هذا الإعطاء أن يتعبد الله عز و جل الخلق بما في كتاب مطبق لا يمكن أحدا أن‌

                         بحارالأنوار ج : 25 ص : 198
يقرأ ما فيه و يأمر أن يبحثوا و يرتادوا و يعمل كل فرقة بما ترى أنه في الكتاب فإن أجزت ذلك أجزت على الله عز و جل العبث لأن ذلك صفة العابث. و يلزمك أن تجيز على كل من نظر بعقله في شي‌ء و استحسن أمرا من الدين أن يعتقده لأنه سواء أباحهم أن يعملوا في أصول الحلال و الحرام و فروعهما بآرائهم و أباحهم أن ينظروا بعقولهم في أصول الدين كله و فروعه من توحيد و غيره و أن يعملوا أيضا بما استحسنوه و كان عندهم حقا فإن أجزت ذلك أجزت على الله عز و جل أن يبيح الخلق أن يشهدوا عليه أنه ثاني اثنين و أن يعتقدوا الدهر و جحدوا البارئ جل و عز. و هذا آخر ما في هذا الكلام لأن من أجاز أن يتعبدنا الله عز و جل بالكتاب على احتمال التأويل و لا مخبر صادق لنا عن معانيه لزمه أن يجيز على أهل عصر النبي ص مثل ذلك. فإذا أجاز مثل ذلك لزمه أن يبيح الله عز و جل كل فرقة العمل بما رأت و تأولت لأنه لا يكون لهم غير ذلك إذا لم يكن معهم حجة في أن هذا التأويل أصح من هذا التأويل و إذا أباح ذلك أباح متبعيهم ممن لا يعرف اللغة فإذا أباح أولئك أيضا لزمه أن يبيحنا في هذا العصر و إذا أباحنا ذلك في الكتاب لزمه أن يبيحنا ذلك في أصول الحلال و الحرام و مقاييس العقول و ذلك خروج من الدين كله. و إذا وجب بما قدمنا ذكره أنه لا بد من مترجم عن القرآن و أخبار النبي ص وجب أن يكون معصوما ليجب القبول منه. و إذا وجب أن يكون معصوما بطل أن يكون هو الأمة لما بينا من اختلافها في تأويل القرآن و الأخبار و تنازعها في ذلك و من إكفار بعضها بعضا و إذا ثبت ذلك وجب أن يكون المعصوم هو الواحد الذي ذكرناه و هو الإمام و قد دللنا على أن الإمام لا يكون إلا معصوما و أدينا أنه إذا وجبت العصمة في الإمام لم يكن بد من أن ينص‌

                         بحارالأنوار ج : 25 ص : 199
النبي ص عليه لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فيعرفها الخلق بالمشاهدة فواجب أن ينص عليها علام الغيوب تبارك و تعالى على لسان نبيه ص و ذلك لأن الإمام لا يكون إلا منصوصا عليه و قد صح لنا النص بما بيناه من الحجج و ما رويناه من الأخبار الصحيحة

 بحارالأنوار ج : 25 ص : 199

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

هل المهديّ المنتظر هو المسيح عليهما السلام
من أين تبدأ العبادة بصورة عامة؟
صفة المحشر
باب من مس لحيته، ومن نتف ابطه
المنهج الصوفي أو الباطني للتفسير
ولاده الامام الرضا ( علیه السلام )
الركن‌ الرابع‌، العاطفة‌
الموالي في عصر الأمويين
مــحبّة الحســـين (عليه السلام)
الحُضور في مواضع التهم

 
user comment