عربي
Saturday 18th of May 2024
0
نفر 0

سورة آل عمران‏

سورة آل عمران‏

 [مدنيّة، و هي مائتا آية] «1»
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم. قد سبق تأويله «2».
اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ: القرآن نجوما بِالْحَقِّ: بالعدل و الصّدق مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتب وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ جملة على موسى و عيسى.
مِنْ قَبْلُ: من قبل تنزيل القرآن هُدىً لِلنَّاسِ عامّة، و قومهما خاصّة وَ أَنْزَلَ الْفُرْقانَ: ما يفرّق به بين الحقّ و الباطل.
قال: «القرآن: جملة الكتاب، و الفرقان: المحكم الواجب العمل به»
 «3». و
في رواية: «الفرقان كلّ آية محكمة في الكتاب»
 «4». و
في أخرى: «سمّي الفرقان فرقانا لأنّه متفرّق الآيات و السّور
__________________________________________________
 (1) ما بين المعقوفتين من «ب».
 (2) في ابتداء سورة البقرة.
 (3) الكافي 2: 630، الحديث: 11 و معاني الأخبار: 189، الحديث: 1، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
 (4) جوامع الجامع 1: 159، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.


                        الأصفى في تفسيرالقرآن، ج‌1، ص: 138


أنزلت في غير الألواح و غير الصّحف «1»، و التّوراة و الإنجيل و الزّبور أنزلت كلّها جملة في الألواح و الورق»
 «2». إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ:
غالب ذُو انْتِقامٍ شديد.
إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى‌ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ.
هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ من صبيح «3» أو قبيح، ذكر أو أنثى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ في جلاله الْحَكِيمُ في أفعاله.
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ: أحكمت عباراتها، بأن حفظت من الإجمال هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ: أصله، يردّ إليها غيرها وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ:
محتملات لا يتّضح مقصودها إلّا بالفحص و النّظر، ليظهر فيها فضل العلماء الرّبّانييّن في استنباط معانيها و ردّها إلى المحكمات، و ليتوصّلوا بها إلى معرفة اللّه تعالى و توحيده.
قال: «المحكم ما يعمل به، و المتشابه ما اشتبه على جاهله»
 «4». و
في رواية: «ما يشبه بعضه بعضا،»
 «5». و
ورد في تأويله: «إنّ المحكمات أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام، و المتشابهات فلان و فلان»
 «6». فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ: ميل عن الحقّ كالمبتدعة فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ: فيتعلّقون بظاهره أو بتأويل باطل ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ: طلب أن يفتنوا النّاس عن دينهم بالتّشكيك و التّلبيس و مناقضة المحكم بالمتشابه.
ورد: «إنّ الفتنة هنا الكفر»
 «7». وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ: و طلب أن يؤوّلوه على ما يشتهونه.
__________________________________________________
 (1) كذا في جميع النّسخ، و لعلّ الصّواب: «و غيره من الصحف» كما في المصدر.
 (2) علل الشّرايع 2: 470، الحديث: 33، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
 (3) الصّباحة: الجمال، فهو صبيح. القاموس المحيط 1: 241 (صبح).
 (4) العيّاشي 1: 162، الحديث: 3، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
 (5) المصدر: 10، الحديث: 1، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
 (6) الكافي 1: 415، الحديث: 14، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
 (7) مجمع البيان 1- 2: 410، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.



                        الأصفى في تفسيرالقرآن، ج‌1، ص: 139


وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ الّذي يجب أن يحمل عليه.
قال: «يعني تأويل القرآن كلّه»
 «1».
إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ الّذين تثبّتوا و تمكّنوا فيه.
قال: «نحن الرّاسخون في العلم و نحن نعلم تأويله»
 «2». و
في رواية: «إنّ الرّاسخون في العلم من لا يختلف في علمه»
 «3». و
في أخرى: «إنّ اللّه جلّ ذكره بسعة رحمته و رأفته بخلقه، و علمه بما يحدثه المبدّلون من تغيير كلامه، قسّم كلامه ثلاثة أقسام، فجعل قسما منه يعرفه العالم و الجاهل، و قسما لا يعرفه الّا من صفى ذهنه و لطف حسّه و صحّ تمييزه، ممّن شرح اللّه صدره للإسلام، و قسما لا يعرفه إلّا اللّه و أنبياؤه و الرّاسخون في العلم و إنّما فعل ذلك لئلّا يدّعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من علم الكتاب ما لم يجعله لهم، و ليقودهم الاضطرار إلى الايتمار «4» بمن ولّاه أمرهم»
 «5».
يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ: هؤلاء الرّاسخون العالمون بالتّأويل يقولون: آمنّا بالمتشابه. كُلٌّ من المحكم و المتشابه مِنْ عِنْدِ رَبِّنا: من عند اللّه الحكيم الّذي لا يتناقض كلامه وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ. مدح للرّاسخين بجودة الذّهن و حسن التّدبّر، و إشارة إلى ما استعدّوا به للاهتداء إلى تأويله و هو تجرّد العقل عن غواشي الحسّ.
قال: «اعلم أنّ الرّاسخين في العلم هم الّذين أغناهم اللّه عن الاقتحام «6» في السّدد «7» المضروبة دون الغيوب، فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب،
__________________________________________________
 (1) العيّاشي 1: 164، الحديث: 6، عن أبي جعفر عليه السّلام.
 (2) المصدر، الحديث: 8، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و
فيه «فنحن نعلم تأويله».
 [.....] (3) الكافي 1: 245، الحديث: 1، عن أبي جعفر الثاني، عن أبي عبد اللّه عليهما السّلام.
 (4) ائتمر الأمر: امتثله. مجمع البحرين 3: 211 (أمر).
 (5) الاحتجاج 1: 376، عن أمير المؤمنين عليه السّلام، مع تفاوت.
 (6) اقتحم الرّجل في الأمر: رمى بنفسه فيه من غير رويّة. لسان العرب 12: 462 (قحم).
 (7) السّدّة: فوق باب الدار ليقيها من المطر، و قيل: هي الباب نفسه، و قيل: هي الساحة بين يديه.
مجمع البحرين 3: 67 (سدد).


                        الأصفى في تفسيرالقرآن، ج‌1، ص: 140


فقالوا: «آمنّا به كلّ من عند ربّنا». فمدح اللّه عزّ و جلّ اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، و سمّى تركهم التّعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عنه منهم رسوخا فاقتصر على ذلك، و لا تقدّر عظمة اللّه على قدر عقلك فتكون من الهالكين» «1».
و
ورد:
 «من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم. ثمّ قال: إنّ في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، و محكما كمحكم القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها.
و تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا»
 «2».
رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا عن نهج الحقّ إلى اتّباع المتشابه بتأويل لا ترتضيه و إنّما أضيف الزّيغ إلى اللّه لأنّه مسبّب عن امتحانه و خذلانه. بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا إلى الحقّ وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً بالتّوفيق و المعونة إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ لكلّ سؤل.
قال: «إنّهم قالوا ذلك حين علموا أنّ القلوب تزيغ و تعود إلى عماها و رداها»
 «3».
رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ: لحساب يوم و جزائه لا رَيْبَ فِيهِ: في وقوعه إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ.
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ: كشأنهم، و أصل الدّأب: الكدح. وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ.
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ إِلى‌ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهادُ.
ورد: «إنّها
__________________________________________________
 (1) التّوحيد: 55، الباب: 2، ذيل الحديث: 13 و العيّاشي 1: 163، الحديث: 5، عن أبي عبد اللّه، عن أمير المؤمنين عليهما السّلام.
 (2) عيون أخبار الرّضا عليه السّلام 1: 290، الباب: 28، الحديث: 39
 (3) الكافي 1: 18، الحديث: 12، عن موسى بن جعفر عليهما السّلام. و الرّدى: الهلاك. لسان العرب 14: 316 (ردى).


نزلت حين حذّرهم النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمثل ما أصيبوا به يوم بدر، فقالوا: يا محمّد لا يغرّنّك أنّك لقيت قوما أغمارا «1» لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، أما و اللّه لو قاتلتنا «2» لعرفت أنّا نحن النّاس»
 «3». و قد صدق اللّه وعده و غلب المشركون.



                        الأصفى في تفسيرالقرآن، ج‌1، ص: 141










source : دارالعرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

شهادته عليه السلام
آداب رسول الله ( صلى الله علیه و آله ) فی الماکل ...
هل كان لبيوت المدينة أبواب
معالم الحجّ في مدرسة أهل البيت(عليهم السلام
ولادة الإمام السجاد ( عليه السلام )
معنويات الصلاة
الملل والنحل
في مدح الخمول و الاعتزال
زيارة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الفرق بین الرسول و النبی و المُحدِّث

 
user comment