عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

معنى فطرة الله

معنى فطرة الله

معنى فطرة الله

قال أبو جعفر رحمه الله في معنى الفطرة إن الله تعالى فطر جميع الخلق على التوحيد. قال الشيخ المفيد رحمه الله ذكر أبو جعفر رحمه الله الفطرة و لم يبين معناها و أورد الحديث على وجهه و لم يذكر فائدته و المعنى في قوله ع فطر الله الخلق أي ابتدأهم بالحدوث و الفطرة هي الخلق. قال الله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يريد به خالق السماوات و الأرض على الابتداء و الاستقبال و قال فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها يعني خلقته التي خلق الناس عليها و هو معنى
 قول الصادق ع فطر الله الخلق على التوحيد
أي خلقهم للتوحيد و على أن يوحدوه و ليس‌

                         تصحيح‌ الاعتقاد ص : 61
المراد به أنه أراد منهم التوحيد و لو كان الأمر كذلك ما كان مخلوق إلا موحدا و في وجودنا من المخلوقين من لا يوحد الله تعالى دليل على أنه لم يخلق التوحيد في الخلق بل خلقهم ليكتسبوا التوحيد. و قد قال تعالى في شاهد ما ذكرناه وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فبين أنه إنما خلقهم لعبادته. و قد روي عن النبي ص رواية تلقاها العامة و الخاصة بالقبول
 قال كل مولود يولد فهو على الفطرة و إنما أبواه يهودانه أو ينصرانه
و هذا أيضا مبين عن صحة ما قدمناه من أن الله تعالى خلق الخلق ليعبدوه و فطرهم ليوحدوه و إنما أتى الضالون من قبل أنفسهم و من أضلهم من الجن و الإنس دون الله‌

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 62
تعالى و الذي أورده أبو جعفر في بيان الله الخلق و هدايتهم إلى الرشد على ما ذكر و قد أصاب في ذلك و سلك الطريقة المثلى فيه و قال ما يقتضيه العدل و يدل عليه العقل و هو خلاف مذهب المجبرة الرادين على الله فيما قال و المخالفين في أقوالهم دلائل العقول

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 63
فصل في معنى الاستطاعة

قال أبو جعفر رحمه الله في الاستطاعة اعتقادنا في ذلك
 ما روي عن موسى بن جعفر ع من أن العبد لا يكون مستطيعا إلا بأربع خصال إلى آخره
قال أبو عبد الله الذي رواه أبو جعفر عن أبي الحسن موسى ع في الاستطاعة حديث شاذ و الاستطاعة في الحقيقة هي الصحة و السلامة فكل صحيح فهو مستطيع و إنما يعجز الإنسان و يخرج عن الاستطاعة بخروجه عن الصحة و قد يكون مستطيعا للفعل من لا يجد آلة له و يكون مستطيعا ممنوعا من الفعل و المنع لا يضاد الاستطاعة و إنما يضاد الفعل و لذلك يكون الإنسان مستطيعا للنكاح و هو لا يجد امرأة ينكحها. و قد قال الله تعالى وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فبين أن الإنسان يكون مستطيعا للنكاح و هو غير ناكح و يكون مستطيعا للحج قبل أن يحج و مستطيعا للخروج قبل أن يخرج.

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 64
قال الله تعالى وَ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ فخبر أنهم كانوا مستطيعين للخروج فلم يخرجوا. و قال سبحانه وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فأوجب الحج على الناس و الاستطاعة قبل الحج فكيف ظن أبو جعفر أن من شرط الاستطاعة للزنا وجود المزني بها و قد بينا أن الإنسان يستطيع ذلك مع فقد المرأة و تعذر وجودها و إن ثبت الخبر الذي رواه أبو جعفر رحمه الله فالمراد بالاستطاعة فيه التيسير للفعل و تسهيل سبيله و ليس عدم السبيل موجبا لعدم الاستطاعة لما قدمناه من وجود الاستطاعة مع المنع و هذا باب إن بسطناه طال القول فيه و فيما أثبتناه من معناه كفاية لمن اعتبره

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 65
فصل في معنى البداء

قال أبو جعفر رحمه الله اعتقادنا في البداء إلى آخره قال أبو عبد الله قول الإمامية في البداء طريقه السمع دون العقل و قد جاءت الأخبار به عن أئمة الهدى ع و الأصل في البداء هو الظهور. قال الله تعالى وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ يعني به ظهر لهم من أفعال الله تعالى بهم ما لم يكن في حسبانهم و تقديرهم و قال وَ بَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ حاقَ بِهِمْ يعني ظهر لهم جزاء كسبهم و بان لهم ذلك و تقول العرب قد بدا لفلان عمل حسن و بدا له كلام فصيح كما يقولون بدا من فلان كذا فيجعلون اللام قائمة مقامه فالمعنى في قول الإمامية بدا لله في كذا أي ظهر له فيه و معنى ظهر فيه أي ظهر منه و ليس المراد منه تعقب الرأي و وضوح أمر كان قد خفي عنه و جميع أفعاله تعالى الظاهرة في خلقه‌

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 66
بعد أن لم تكن فهي معلومة له فيما لم يزل و إنما يوصف منها بالبداء ما لم يكن في الاحتساب ظهوره و لا في غالب الظن وقوعه فأما ما علم كونه و غلب في الظن حصوله فلا يستعمل فيه لفظ البداء.
 و قول أبي عبد الله ع ما بدا لله في شي‌ء كما بدا له في إسماعيل
فإنما أراد به ما ظهر من الله تعالى فيه من دفاع القتل عنه و قد كان مخوفا عليه من ذلك مظنونا به فلطف له في دفعه عنه.
 و قد جاء الخبر بذلك عن الصادق ع فروي عنه أنه قال كان القتل قد كتب على إسماعيل مرتين فسألت الله في دفعه عنه فدفعه
و قد يكون الشي‌ء مكتوبا بشرط فيتغير الحال فيه. قال الله تعالى ثُمَّ قَضى‌ أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ. فتبين أن الآجال على ضربين ضرب منها مشترط يصح فيه الزيادة و النقصان أ لا ترى إلى قوله تعالى وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ و قوله تعالى وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‌ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ فبين أن آجالهم كانت مشترطة في الامتداد بالبر و الانقطاع بالفسوق. و قال تعالى فيما خبر به عن نوح في خطابه لقومه اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ‌

                         تصحيح ‌الاعتقاد ص : 67
إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً إلى آخر الآيات. فاشترط لهم في مد الأجل و سبوغ النعم الاستغفار فلما لم يفعلوه قطع آجالهم و بتر أعمارهم و استأصلهم بالعذاب فالبداء من الله تعالى يختص ما كان مشترطا في التقدير و ليس هو الانتقال من عزيمة إلى عزيمة و لا من تعقب الرأي تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا. و قد قال بعض أصحابنا إن لفظ البداء أطلق في أصل اللغة على تعقب الرأي و الانتقال من عزيمة إلى عزيمة و إنما أطلق على الله تعالى على وجه الاستعارة كما يطلق عليه الغضب و الرضا مجازا غير حقيقة و إن هذا القول لم يضر بالمذهب إذ المجاز من القول يطلق على الله تعالى فيما ورد به السمع و قد ورد السمع بالبداء على ما بينا و الذي اعتمدناه في معنى البداء أنه الظهور على ما قدمت القول في معناه فهو خاص فيما يظهر من الفعل الذي كان وقوعه يبعد في النظر دون المعتاد إذ لو كان في كل واقع من أفعال الله تعالى لكان الله تعالى موصوفا بالبداء في كل أفعاله و ذلك باطل بالاتفاق

                         تصحيح‌ الاعتقاد ص : 68


source : دارالعرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أسباب النزول بين العموم والخصوص
الصفات الذاتية الثبوتية
المراد من الاثني عشر عند أهل السنة
التسليم
رجاء الله وخشيته
لماذا نحن بحاجة الي تكوين الذات المعلوماتية ؟
التجسيم عند ابن تيمية وأتباعه ق (8)
أعمــــال ماقبــل النـــوم
المُناظرة الثانية والسبعون /مناظرة أبي جعفر ...
تصوّر الموجود المطلق

 
user comment