عربي
Thursday 21st of November 2024
0
نفر 0

قم المقدسة

تتميّز مدينة قم المقدسة اليوم عن سائر المدن الإيرانيّة بأنّها الحاضرة العلمية الكبرى للشّيعة، وقد ازدهرت الحركة العلميّة فيها بعد هجرة أكثر العلماء إليها من النجف الأشرف خلال الثلاثين عاماً الماضية. وعلى الرغم من أن لمدينة مشهد قدسيّة خاصّة في نفوس الشيعة تتجاوز ما لمدينة قم من القداسة والمكانة لأنّها تتضمّن المرقد الشريف للإمام الثامن من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلا أن الحركة العلميّة في مدينة قم أكثر نشاطاً وازدهاراً. فإنّها تضمّ عشرات الآلاف
قم المقدسة

تتميّز مدينة قم المقدسة اليوم عن سائر المدن الإيرانيّة بأنّها الحاضرة العلمية الكبرى للشّيعة، وقد ازدهرت الحركة العلميّة فيها بعد هجرة أكثر العلماء إليها من النجف الأشرف خلال الثلاثين عاماً الماضية.
وعلى الرغم من أن لمدينة مشهد قدسيّة خاصّة في نفوس الشيعة تتجاوز ما لمدينة قم من القداسة والمكانة لأنّها تتضمّن المرقد الشريف للإمام الثامن من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلا أن الحركة العلميّة في مدينة قم أكثر نشاطاً وازدهاراً. فإنّها تضمّ عشرات الآلاف من طلاب العلوم الدينية في مختلف المراحل العلميّة، ومن مختلف أنحاء العالم، كما استوطنها كثير من الإيرانيين وانتقلوا إليها من مدنهم وقراهم المختلفة.
ويعود تأسيس الحوزة العلمية إلى أكثر من سبعين عاماً على يد المرحوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري المتوفى عام 1355هـ، وكانت الحوزات العلمية آنذاك تتوزّع بين طهران و أصفهان و شيراز و مشهد وبعض مدن المنطقة الجنوبية وبعض المدن الأخرى.
ومنذ تأسيس الحوزة في قم أخذت الحركة العلميّة تضعف في غيرها حتى أصبحت هي الكبرى، واتجه إليها الأنظار وصارت تالية للحوزة الأم النّجف الأشرف.
أمّا اليوم فهي المهجر العلمي الكبير للدراسات الدينية العليا لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ولا سيّما بعد أن انحسر أكثر العلماء عن النجف الأشرف واضطرتهم الظروف للرّحيل عنها، وغادرها أكثرهم إلى قم.
ولكن تبقى للنجف الأشرف خصوصيّاتها وآثارها فهي الحوزة الأم حتى أن الكوفة الكبيرة أصبحت إحدى نواحيها، وأمّا قم فهي الكوفة الصغيرة.
وتعود شهرة النجف الأشرف العلميّة إلى اليوم الذي استوطنها شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره)، وأسّس فيها حوزته العلميّة الكبرى فأصبحت منطلق الفكر الشيعي، ومركز المرجعية الشيعية عبر القرون، وقد تخرّج منها مئات الآلاف من العلماء، وإلى يوم الناس هذا، فإنّ القائمين على الدروس العليا في حوزة قم إنّما هو خرّيجوا مدرسة النجف الأشرف، حتى أنّ مؤسس الحوزة في قم هو أحد خريجي مدينة النجف الأشرف.
ولو أن النجف الأشرف تعود إلى سالف عهدها لما بقي في قم وغيرها من المدن الأخرى من أهل العلم وطلاّبه إلا القليل ممّن يقعده العجز، أو ينقصه العزم، أو لا يجد في نفسه الطموح.
وكم سمعنا آهات الحسرة والاشتياق إلى النجف ومرابعها ممّن قهرته الظّروف وأرغمته على مغادرتها.
وحسبك أنّ في النجف باب مدينة العلم، ومنبع الفيض والعطاء، وإمام المتقين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وإنّ في جوار المرتضى معنى لا يحوم حوله البيان.
وأمّا اختصاص مدينة قم عمّا عداها من سائر المدن باحتضان العلم والعلماء فيعود إلى خصوصيّة في أرض قم كما كشفت عنها الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ـ كما سيأتي ـ إضافة إلى ما تتمتّع به هذه المدينة المقدسة من الأصالة والعراقة في ولاء أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّه كانت إحدى قلاع التشيع عبر القرون.
ويرجع الوجود الشيعي في هذه المدينة إلى الربع الأخير من القرن الهجري الأول يوم استوطنها الأشعريون فراراً من ظلم بني أميّة في الكوفة ونواحيها.
جاء في دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: وقصّة ذلك أنّه بعد أن قتل الحجّاج بن يوسف الثقفي في العراق، محمد بن سائب الأشعري، وكان عميداً لقبيلة الأشاعرة، أخذت النكبات (تنزل) تترى على هذه القبيلة من قبل الحجّاج وسائر عمّال الدولة الأموية، فاعتزم رؤساؤها ورجال الفكر فيها على ترك أرض العراق بأفراد قبيلتهم قاصدين ناحية أصفهان من إيران.
ولمّا كان من أكبر رؤساء هذه القبيلة الشقيقان عبد الله والأحوص ابنا سعد بن مالك الأشعري، وكانا في سجن الحجّاج الذي اضطر إلى إطلاق سراحهما تحت ظروف سياسة قاهرة، ملزماً إيّاهما البقاء في الكوفة.
ولمّا كان هذان الشقيقان يشعران بأنّ مصيرهما سيكون مصير بقيّة رجال الشيعة، فقد تركا الكوفة تحت جنح الظلام متنكرين، واتّجها نحو أصفهان يرافقهما شطر كبير من رجال قبيلتهما الأشاعرة، ونزلوا على ضفاف نهر قم.
وفي اليوم الثاني من نزولهما هذه الأرض شاهد بعض رجال قبيلة الأشاعرة أنّ سكان هذه المنطقة الأصليين يدخلون مواشيهم في قلاع عالية الجدران ويغلقون عليها أبواب القلاع ومنافذها.
ولما سألوهم عن سبب ذلك أجابوهم خوفاً من غزو عشائر الدّيلم التي تغزوهم كلّ سنة في مثل هذا الموسم فتنهب وتقتل، وقد وصلت هذه العشائر في غزوها الآن إلى بضعة فراسخ من هذه القرية.
وحينما سمع الأحوص ذلك نادى في رجال قبيلته بردّ غزو عشائر ديلم، وأنّ على رجل القبيلة الدفاع عن مواشيهم ونسائهم وأطفالهم الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ولا قلعة لهم يصونون بها أعراضهم وأموالهم، وحينما اقتربت عشائر الديلم من الأحوص وقبيلته بادرها الأشعريون بهجوم عنيف قضى على تلك العشائر وردّها على أعقابها بعد أن تركت عدداً كبيراً من القتلى والجرحى، واستطاع الأحوص بذلك إنقاذ قبيلته وردّ العادية عن المتحصّنين في القلعة من السكّان الأصليين.
أمّا عشائر الديلم فنكصوا على أعقابهم ولم يعودوا بعد ذلك إلى غزو هذه الناحية وقراها.
وقد اتصل رؤساء السكان الأصليين بكلّ من الشقيقين عبد الله والأحوص شاكرين لهما ولأفراد قبيلتهما صنيعهم، ومقدّمين لهم الهدايا، وملتمسين منهم عدم النزوح عن هذه الأرض والاستيطان فيها كمزارعين مستغلّين لها، مستفيدين من مراتعها، فتقبّل الشقيقان هذا الاقتراح واستوطنت قبيلتهما هذه الناحية التي عرفت فيما بعد بقم.
وبمرور الزمان التحق بقية رجال قبيلة الأشاعرة بهؤلاء مهاجرين من العراق، ومستوطنين هذه الناحية.
وهكذا تمّ سكن قبيلة الأشاعرة ضفاف نهر قم، وأخذوا ينشرون فيها التشيع.
وقد تم ذلك كلّه خلال عشر سنوات بدأت سنة 73هـ وانتهت سنة 83هـ.
ثم تفرّق بعض أفخاذ هذه القبيلة في المناطق المتاخمة لقم ككاشان، وآوه، وساوه، والقرى الممتدة بين قم وأصفهان.
وقد دلّت الروايات على أنه كان لطلحة بن الأحوص دور هام في تمصير مدينة قم بعد أن استوطنها رجال قبيلته، وإنّه أول من شرع ببناء العمارة فيها بالآجر بعد الإسلام.
إن مدينة قم التي يعود الفضل لتأسيسها على شكل مدينة شيعية عامرة بمكان قصبة صغيرة لبني سعد الأشعري وخاصّة لابن عبد الله بن سعد الأشعري ابن عم طلحة المذكور، الذي كان من أجلّة فضلاء الشيعة في الكوفة ثم انتقل إليها مع أبيه.
إن هذه المدينة أخذت بعد سنة 83هـ تتسع، وينتشر فيها العمران، وتشاد على أرضها المساجد، والمدارس الدينيّة، والمعاهد العلميّة، وقبور الأولياء والملوك والعظماء والأمراء والعلماء، وأصبحت تدريجاً من المدن الإسلامية الشيعية المقدّسة، وخاصة بعد دفن فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) المعروفة (معصومة قم) فيها.(1)
وقد نصّ الحموي في معجمه على أن مدينة قم شيعية إماميّة خالصة فقال: وكان متقدّم هؤلاء الأخوة عبد الله بن سعد، وكان له ولد قد ربّي بالكوفة فانتقل منها إلى قم، وكان إمامياً فهو الذي نقل التشيع إلى أهلها فلا يوجد بها سنّي قط.
ثم نقل حكاية لطيفة تدلّ على صدق تشيّع أهل هذه المدينة فراجع.(2)
النماذج الخيّرة في العلم والعمل
هذا، وقد نبغ من أحفاد الأحوص أفذاذ من الرجال حملوا العلم والمعرفة والأدب والتقوى والفضيلة، وكان لهم دور عظيم في حفظ التشيّع ونشره والدفاع عنه، وكانت لهم صِلات وثيقة بأئمة أهل البيت (عليهم السلام) ولبعضهم منزلة خاصّة عندهم (عليه السلام)، وقد حملوا كنوزاً ثمينة من العلوم والمعارف أخذوها عن الأئمة (عليهم السلام)، وسعوا في طلبها حتى أصبح لهم في قم شأناً عظيماً، وقصدهم طلاّب الحديث، وصنفوا الكتب الكثيرة وسارت بعلومهم الركبان، ولا يبعد أن يكونوا هم ونظائرهم المعنيّين بما روي عن الأئمة (عليهم السلام): لولا القمّيون لضاع الدين.(3)
وكان من أشهرهم:
عمران بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي وأخوه عيسى بن عبد الله، وهما من أجلاء أهل قم، ومن أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وأحبائه، فقد كان يحبهما كثيراً، وكلّما قدما المدينة سأل عنهما وعن حالهما وتفقدهما، وسأل عن حال أقربائهما.(4)
روى الكشي بسنده عن حمّاد الناب، قال: كنّا عند أبي عبد الله (عليه السلام) ونحن جماعة، إذ دخل عليه عمران بن عبد الله القمي، فسأله وبرّه وبشّه، فلمّا أن قام قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من هذا الذي بررت به هذا البرّ؟ فقال: من أهل البيت النجباء ـ يعني أهل قم ـ ما أرادهم جبار من الجبابرة إلا قصمه الله.(5)
وروى بسنده عن أبان بن عثمان، قال: دخل عمران بن عبد الله القمي على أبي عبد الله (عليه السلام) فقرّبه أبو عبد الله، فقال له: كيف أنت؟ وكيف ولدك؟ وكيف أهلك؟ وكيف بنو عمّك؟ وكيف أهل بيتك؟ ثم حدّثه مليّاً، فلمّا خرج قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): من هذا؟ قال: هذا نجيب قوم النجباء، ما نصب لهم جبّار إلا قصمه الله.(6)
وفي رواية أن الإمام (عليه السلام) دعا له وقال وهو قابض على يده: أسال الله أن يصلّي على محمد وآل محمد وأن يظلّك وعترتك يوم لا ظلّ إلا ظلّه.(7)
ولعمران ابن يسمّى المرزبان من أصحاب الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وروي عنه أنّه قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): أسألك عن أهم الأمور إليّ أمن شيعتك أنا؟ فقال: نعم. قال: قلت: اسمي مكتوب عندك؟ قال: نعم.(8)
وروى الكشي بسنده عن أبي محمد أخي يونس بن يعقوب، قال: كنت بالمدينة فاستقبلني جعفر بن محمد (عليهما السلام) في بعض أزقّتها، قال: قال: اذهب يا يونس فإنّ بالباب رجلاً منّا أهل البيت، قال: فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبد الله القمي جالس، قال: فقلت له: من أنت؟ فقال له: أنا رجل من أهل قم، قال: فلم يكن بأسرع من أن أقبل أبو عبد الله (عليه السلام)، قال: فدخل الدار، ثم التفت إلينا فقال: ادخلا، ثم قال: يا يونس بن يعقوب أحسبك أنكرت قولي لك إنّ عيسى بن عبد الله منّا أهل البيت، قال: قلت: أي والله جعلت فداك، لأنّ عيسى بن عبد الله رجل من أهل قم، فقال: يا يونس، عيسى بن عبد الله هو منّا حي وهو منّا ميّت.(9)
وروى أيضاً بسنده عن يونس بن يعقوب، قال: دخل عيسى بن عبد الله القمي على أبي عبد الله (عليه السلام) فأوصاه بأشياء، ثم ودّعه وخرج عنه، فقال لخادمه: ادعه، فانصرف إليه فأوصاه بأشياء، ثم ودّعه وخرج عنه، فقال لخادمه: ادعه فانصرف إليه فأوصاه بأشياء، ثم قال له: يا عيسى بن عبد الله إن الله عزّ وجلّ يقول: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ) وإنّك منّا أهل البيت، فإذا كانت الشمس من هاهنا من العصر فصلّ ست ركعات، قال: ثم ودّعه، وقبّل ما بين عيني عيسى فانصرف، قال يونس بن يعقوب: فما تركت السّت ركعات منذ سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ذلك لعيسى بن عبد الله.(10)
ومنهم: زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمّي الذي كان جليلاً عظيم الشأن والمنزلة، وقد أرجع الإمام الرضا (عليه السلام) بعض أصحابه إليه لأخذ معالم الدين منه.
روى الكشي بسنده عن محمد بن حمزة بن اليسع عن زكريا بن آدم، قال: قلت للرضا (عليه السلام): إنّي أريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء فهيم، فقال: لا تفعل، فإنّ أهل بيتك يدفع عنهم بك، كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن الكاظم (عليه السلام).(11)
وروى بسنده عن علي بن المسيب، قال: قلت للرضا (عليه السلام): شقّتي بعيدة، ولست أصل إليك في كل وقت، فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقل: من زكريا بن آدم القمّي المأمون على الدين والدنيا، قال علي بن المسيب: فلمّا انصرفت قدمت على زكريا بن آدم فسألته عمّ احتجت إليه.(12)
وروى الكشي بسنده عن زكريا بن آدم أنّه قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) من أول الليل في حدثان موت أبي جرير، فسألني عنه وترحّم عليه، ولم يزل يحدّثني وأحدّثه حتى طلع الفجر، فقام فصلّى الفجر.(13)
وقال العلامة: وحجّ الرضا (عليه السلام) سنة من المدينة وكان زكريا بن آدم زميله إلى مكة.(14)
ولمّا توفي زكريا بن آدم بعث الإمام (عليه السلام) بكتاب ضمّنه دعاءه له والثناء عليه.
روى الكشي بسنده عن محمد بن إسحاق والحسن بن محمد، قالا:
خرجنا بعد وفاة زكريا بن آدم بثلاثة أشهر نحو الحجّ، فتلقّانا كتابه (عليه السلام) في بعض الطريق، فإذا فيه: ذكرت ما جرى من قضاء الله في الرجل المتوفّى رحمه الله يوم ولد ويوم قبض ويوم يبعث حيّاً، فقد عاش أيام حياته عارفاً بالحق، قائلاً به، صابراً محتسباً للحقّ، قائماً بما يحبّه الله ورسوله، ومضى رحمه الله غير ناكث ولا مبدّل، فجزاه الله أجر نيّته وأعطاه خير أمنيته..(15)
ومنهم: أحمد بن محمد بن عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص بن السائب بن مالك بن عامر الأشعري.. شيخ قم ووجيهها وفقيهها غير مدافع، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقى السلطان بها، ولقي أبا الحسن الرضا (عليه السلام) وله كتاب.(16)
ومنهم: أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري وكان من خواصّ الإمام العسكري (عليه السلام) ورأى صاحب الزمان، وهو شيخ القميين ووافدهم.(17)
روى الشيخ الصدوق في كمال الدين حديثاً مبسوطاً وجاء في آخره: إنّه قال للإمام العسكري (عليه السلام): .. سألتك بالله وبحرمة جدك إلا شرّفتني بخرقة أجعلها كفنا.
قال الراوي: فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهماً، فقال: خذها ولا تنفق على نفسك غيرها، فإنّك لن تعدم ما سألت، وإنّ الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملاً، قال سعد: (راوي الحديث): فلمّا انصرفنا من حضرة مولانا من حلوان ـ المعروف اليوم بـ(پل زهاب) ـ على ثلاثة فراسخ حمّ أحمد بن إسحاق وثارت به علّة صعبة أيس من حياته فيها، فلمّا وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطناً بها، ثم قال: تفرقوا عنّي هذه الليلة واتركوني وحدي، فانصرفنا عنه، ورجع كلّ واحد منّا إلى مرقده.
قال سعد: فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم (خادم مولانا أبي محمد عليه السلام) وهو يقول: أحسن الله بالخير عزاكم، وجبر بالمحبوب رزيّتكم، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه، فقوموا لدفنه، فإنّه من أكرمكم محلاّ عند سيّدكم، ثم غاب عن أعيننا، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتى قضينا حقّه وفرغنا من أمره رحمه الله.(18)
ومنهم: سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي الأشعري أبو القاسم، شيخ هذه الطائفة، وفقيهها ووجيهها.(19)
ومنهم غيرهم وهم كثير.
وأمّا من برز من غير الأشعريين في العلم والتقوى والفضيلة فمن العسير جداً إحصاؤهم، فإن هذه المدينة أشبه شيء بمدرسة كبرى تخرّج منها رجال العلم والإيمان، وأصبحوا منائر هدى ورشاد، وفي طليعتهم الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي، ووالده علي بن الحسين، ومحمد بن الحسن بن الوليد، ومحمد بن الحسن القمي، ومحمد بن الحسن الصفّار، وعلي بن إبراهيم ووالده إبراهيم بن هاشم، وغيرهم كثير ممّن كانوا من أجلاء هذه الطائفة وعظمائها وقد تكفّلت كتب الرجال ببيان أحوالهم ومختلف شؤونهم .
المصادر :
1- دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: ج3، ص230
2- معجم البلدان: ج4، ص541
3- بحار الأنوار: ج60، ص217
4- منتهى الآمال: ج2، ص273
5- رجال الكشي: ج2، ص624
6- رجال الكشي: ج2، ص624-625
7- رجال الكشي: ج2، ص623-624
8- رجال الكشي: ج2، ص794
9- رجال الكشي: ج2، ص624
10- رجال الكشي: ج2، ص625
11- رجال الكشي: ج2، ص857-858
12- رجال الكشي: ج2، ص 858
13- رجال الكشي: ج2، ص 873
14- الخلاصة (رجال العلامة)، ص75
15- رجال الكشي: ج2، ص 858
16- رجال الكشي: ج؟؟ ص 217
17- الخلاصة، ص15
18- كمال الدين وتمام النعمة: ج2، ص464 ومنتهى الآمال: ج2، ص685-686
19- رجال النجاشي: ج1، ص401


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

التفسير الموضوعي عند الشيعة
هل الدنيا مظاهر . . أم!
المرأة والدنيا في نهج البلاغة (دراسة أدبية) – ...
أصول الدين عند الشيعة
ما هی العلاقة بین الایمان و العمل الصالح؟
التجديد وأسرار الحياة الزوجية
كلامه عليه السلام في النساء – الثاني
تطوّر علم التفسير
الأشياء وأضدادها
الصلع عند الرجال، ما هي الاسباب

 
user comment