عربي
Friday 3rd of May 2024
0
نفر 0

عيد الغدير الأغر

عيد الغدير الأغر

عيد الغدير الأغر

 

تاريخ يوم الغدير:

18 ذو الحجّة 10 هـ.

 

غدير خُم:

هو واد بين مكّة والمدينة، قريب من الجحفة، وهو مفترق طرق للمدنيين والمصريين والعراقيين.

 

نزول آية البلاغ:

بعد أن أكمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخر حجَّة حجَّها ـ حجّة الوداع ـ رجع إلى المدينة المنوّرة، فلمّا وصل إلى وادي غدير خُم، هبط عليه الأمين جبرائيل (عليه السلام)، حاملاً له آية البلاغ: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَم تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (1).

فهي تنذر النبي (صلى الله عليه وآله) بأنّه إن لم ينفِّذ إرادة الله تعالى ذهبت أتعابه، وضاعت جهوده، وتبدَّد ما لاقاه من العناء في سبيل هذا الدين.

فانبرى (صلى الله عليه وآله) بعزم ثابت وإرادة صلبة إلى تنفيذ إرادة الله تعالى، فوضع أعباء المسير وحطَّ رحاله في رمضاء الهجير، وأمر القوافل أن تفعل مثل ذلك.

وكان الوقت قاسياً في حرارته، حتّى كان الرجل يضع طرف ردائه تحت قدميه ليتَّقي به من الحرّ (2).

 

خطبة النبي (صلى الله عليه وآله):

أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) باجتماع الناس، فصلَّى بهم، وبعد ما انتهى من الصلاة، أمر أن توضع حدائج الإبل لتكون له منبراً، ففعلوا له ذلك، فاعتلى عليها.

وكان عدد الحاضرين ـ فيما يقول المؤرّخون ـ مائة ألف، أو يزيدون على ذلك، وأقبلوا بقلوبهم نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليسمعوا خطابه، فأعلن (صلى الله عليه وآله) ما لاقاه من العناء والجهد في سبيل هدايتهم، وإنقاذهم من الحياة الجاهلية إلى الحياة الكريمة، التي جاء بها الإسلام.

ثمّ قال (صلى الله عليه وآله): (أمّا بعد: أيّها الناس، قد نبّأني اللطيف الخبير: أنّه لم يعمّر نبيّ إلاّ مثل نصف عمر الذي قبله، وإنّي أُوشك أن أُدعى فأُجيب، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون)؟ قالوا: نشهد أنّك بلّغت ونصحت وجاهدت، فجزاك الله خيراً.

قال (صلى الله عليه وآله): (ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقّ وناره حقّ، وأنّ الموت حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور)؟ قالوا: بلى، نشهد بذلك، فقال: (اللهم اشهد).

ثمّ قال: (فانظروا كيف تخلِّفوني في الثقلين)؟ فنادى مناد: ما الثقلان يا رسول الله؟

قال (صلى الله عليه وآله): (الثقل الأكبر كتابُ الله، طَرفٌ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ، وَطرفٌ بِأَيديكُم، فَتَمَسَّكُوا به لا تَضلُّوا، والآخر الأصغر عِترَتي، وإنَّ اللَّطيفَ الخَبيرَ نَبَّأَنِي أنَّهُمَا لن يَفتِرقا حَتّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوض، فَسَألتُ ذلك لَهما رَبِّي، فلا تُقَدِّمُوهُمَا فَتهلَكُوا، ولا تُقَصِّرُوا عَنهُمَا فَتَهلَكُوا) (3).

 

الإعلان عن ولاية الإمام علي (عليه السلام):

ثمّ أخذ (صلى الله عليه وآله) بيد الإمام علي (عليه السلام) ليفرض ولايته على الناس جميعاً، حتّى بان بياض إبطيهما، فنظر إليهما القوم.

ثمّ رفع (صلى الله عليه وآله) صوته قائلاً: (يَا أَيُّهَا النَّاس، مَنْ أولَى النَّاس بِالمؤمنين مِن أَنفُسِهم)؟ فأجابوه جميعاً: اللهُ ورسولُه أعلم.

فقال (صلى الله عليه وآله): (إنَّ الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولَى بهم من أنفسِهِم، فَمن كنتُ مَولاه فَعَلِيٌّ مَولاهُ).

قال ذلك ثلاث مرّات أو أربع، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله): (اللَّهُمَّ وَالِ مَن وَالاَهُ وَعَادِ مَن عَادَاهُ، وَأَحِبَّ مَن أَحبَّهُ، وَأبغضْ مَن أبغَضَهُ، وانصُرْ مَن نَصَرَه، واخْذُل مَن خَذَلَهُ، وَأَدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيثُ دَار، أَلا فَلْيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغَائِبَ) (4).

 

البيعة للإمام علي (عليه السلام):

ثمّ جلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خيمة تخصّ به، وأمر علياً (عليه السلام) أن يجلس في خيمة أُخرى، وأمر (صلى الله عليه وآله) الناس، بأن يهنّئوا علياً في خيمته، فأقبل المسلمون يبايعون الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة، ويهَنِّئونه بإِمرة المسلمين.

ولمّا فرغ الناس عن التهنئة له (عليه السلام)، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أُمّهات المؤمنين أن يسرن إليه ويهنئنه، ففعلن ذلك.

 

مقولة عمر للإمام علي (عليه السلام):

وردت عدّة مقولات لعمر بن الخطّاب، لمّا هنّأ الإمام علي (عليه السلام) بولايته، منها:

1ـ قال: هنيئاً لك يا بن أبي طالب، أصبحت اليوم ولي كل مؤمن (5).

2ـ قال: بخ بخ لك يا أبا الحسن، لقد أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة (6).

3ـ قال: طوبى لك يا علي، أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (7).

4ـ قال: هنيئاً لك، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (8).

 

نزول آية الإكمال:

بعد إبلاغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس بولاية علي (عليه السلام)، نزلت هذه الآية الكريمة: (اليَومُ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعمَـتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً ) (9).

فقد كمل الدين بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، وتمَّت نعمة الله على المسلمين بسموِّ أحكام دينهم، وسموِّ قيادتهم التي تحَقِّق آمالهم في بلوغ الحياة الكريمة.

وقد خطا النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك الخطوة الأخيرة في صيانة أُمَّته من الفتن والزيغ.

 

شعر حسّان في المناسبة:

قال حسّان بن ثابت: إئذن لي يا رسول الله أن أقول في علي أبياتاً تسمعهنّ، فقال (صلى الله عليه وآله): (قل على بركة الله)، فقال حَسَّان:

يُنَادِيهُمُ يوم الغَدير نَبِيُّهُم ** نَجْم وأَسمِعْ بِالرَّسُولِ مُنَادِياً

فَقالَ فَمنْ مَولاكُمُ وَنَبِيُّكم ** فَقَالوا وَلَم يُبدُوا هُنَاك التَّعَامِيَا

إِلَهَكَ مَولانَا وَأنتَ نَبِيُّنَا ** وَلَم تَلْقَ مِنَّا فِي الوِلايَةِ عَاصِياً

فَقالَ لَهُ: قُمْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّنِي ** رَضيتُكَ مِن بَعدِي إِمَاماً وَهَادياً

فَمَنْ كنتُ مَولاهُ فَهذا وَلِيُّه ** فَكُونُوا لَهُ أَتْبَاعُ صِدقٍ مُوالِياً

هُناكَ دَعا: اللَّهُمَّ وَالِ وَلِيَّهُ ** وَكُنْ لِلَّذِي عَادَى عَلِيّاً مُعَادِياً (10).

فقال له (صلى الله عليه وآله): (لا تزال يا حسّان مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك) (11).

 

استحباب صوم يوم الغدير:

وردت روايات تدل على استحباب صوم يوم الغدير، نذكر منها:

1ـ عن الحسن بن راشد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟

قال: (نعم يا حسن، أعظمهما وأشرفهما)، قلت: وأي يوم هو؟ قال: (يوم نصب أمير المؤمنين (عليه السلام) علماً للناس)، قلت: جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟

قال: (تصوم يا حسن؟ وتكثر الصلاة على محمّد وآله، وتبرأ إلى الله ممّن ظلمهم، فإنّ الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء اليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتّخذ عيداً)، قال: قلت: فما لمن صامه؟ قال: (صيام ستين شهراً...) (12).

2ـ عن أبي هارون عمّار بن حريز العبدي قال: دخلت على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، فوجدته صائماً، فقال لي: (هذا يوم عظيم، عظم الله حرمته على المؤمنين، وأكمل لهم فيه الدين، وتمّم عليهم النعمة، وجدّد لهم ما أخذ عليهم من العهد والميثاق)، فقيل له: ما ثواب صوم هذا اليوم؟

قال (عليه السلام): (إنّه يوم عيد وفرح وسرور، ويوم صوم شكراً لله، وإنّ صومه يعدل ستين شهراً من أشهر الحرم) (13).

3ـ عن علي بن الحسين العبدي قال: سمعت الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: (صيام يوم غدير خُمّ يعدل عند الله في كلّ عام مائة حجّة، ومائة عمرة مبرورات متقبّلات، وهو عيد الله الأكبر) (14).

ــــــــــــــ

1ـ المائدة: 67.

2ـ أُنظر: حياة الإمام الحسين 1/198.

3ـ أُنظر: الغدير 1/10.

4ـ أُنظر: الأمالي للشيخ الطوسي: 255، السنن الكبرى 5/136، كنز العمّال 13/158، تاريخ مدينة دمشق 42/210، السيرة الحلبية 3/336.

5ـ تاريخ مدينة دمشق 42/220، البداية والنهاية 7/386، ذخائر العقبى: 67، كنز العمّال 13/134، تفسير الثعلبي 4/92.

6ـ بحار الأنوار 37/251.

7ـ الملل والنحل 1/163.

8ـ المصنّف لابن أبي شيبة 7/503، كنز العمّال 13/134، تفسير الثعلبي 4/92، تاريخ مدينة دمشق 42/221.

9ـ المائدة: 3.

10ـ نظم درر السمطين: 113، مناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه: 121.

11ـ الإرشاد 1/177.

12ـ ثواب الأعمال: 74.

13ـ مصباح المتهجّد: 737.

14ـ وسائل الشيعة 10/442.

بقلم : محمد أمين نجف

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا
الإمام الكاظم عليه السلام و القيادة السياسيّة
علي الأكبر (ع) يجسد الكرم والشجاعة
زينب الكبري
أحاديث حول السيدة فاطمة المعصومة
في ذكري الأربعين:القيم العالية لانتفاضة الحسين ...
سیرة الامام المنتظر (عجل الله فرجه)
مدح الارتباط بالأئمة المعصومين (ع)
الرسالة بين الامام والنصير
العلاقة بين أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) وأئمّة ...

 
user comment