عربي
Wednesday 24th of July 2024
0
نفر 0

العراق قاعدة التشيع والموالي .

العراق قاعدة التشيع والموالي .

كـان الـعراق مركزا لتنامي الرؤية الشيعية منذ عصر الامام علي ـ عليه السلام و كان يعدمن افضل المراكز التي تمثل السيادة الاسلامية خلال اكثر من اربع سنين و تربى الناس عقيديا و سياسيا في ظـل تـوجـيـهـات الامام ـ عليه السلام ـ المتواصلة التي جمعت اضمامة منها في نهج البلاغة و هذا الوضع , الذي ارسى دعائم الفكر الشيعي , مهد الارضية لتنامي التشيع في المجتمع يضاف الى ذلك , ان الـحـيـاة الاسـلامـيـة والنموذجية للامام اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ ضاعفت شعبيته بين الناس والـتـجـربة الملموسة التي شهدهاالناس في حرب الناكثين , والقاسطين , والمارقين حددت الهوية العقيدية للشيعة بشكل اصبح التشيع يحتل موقعه في مقابل الافكار والمواقف العثمانية والخارجية .
فـي ضـؤ ذلـك , و بعامة , فان انصار الامام ـ عليه السلام ـ هم الذين كانوا يتكتلون في مقابل الافكار والعقائد العثمانية و الخارجية فكان عنوان التشيع يطلق عليهم تلقائيايضاف الى ذلك , ان تعليمات الامام الـواسـعـة الـتـي يـزخـر بـهـا نهج البلاغة حول اهل البيت ـعليهم السلام , و عرض اهل البيت ـ عـلـيـهم السلام ـ بوصفهم محور المجتمع الاسلامي و قوامه , و كذلك مؤاخذات الامام الصريحة الـواضحة على اسلوب ادارة المجتمع , كل ذلك وطد قاعدة الامامة و هذا هو اهم باعث على تعزيز التشيع العقيدي في الكوفة و حري بالذكر ان بين انصار الامام ـ عليه السلام ـ اشخاصا كانوا يميلون الـى بـعـض الـخـلـفـا الـسـابـقـيـن , و مـا احـيـا بـيعة الغدير في رحبة مسجد الكوفة من قبل امـيـرالمؤمنين ـعليه السلام ـ الا توجه يصب في هذا المسار و هذه كلها بواعث على اتساع دائرة التشيع في العراق , و ان كانت قد ضاقت فيما بعد حتى اضحى الشيعة اقلية تعيش في الكوفة .
و كـان العراق , لا سيما الكوفة , يحسب لها حساب خاص بين امصار العالم الاسلامي و حواضره , اذ كـانـت قاعدة الفتوحات التي خاضها المسلمون في شرق الارض و لذلك توافد عليها و على البصرة كثير من الصحابة منذ الايام الاولى للفتوحات في العراق و بلادفارس و تم تمصير هاتين المدينتين بـيـن عـامي 17 و 19 ه , و كان سكان الكوفة الاوائل من المهاجرين المسلمين , ثم من سائر قبائل العرب فيما بعد.
و بلغت اهميتها ان عمر كان يسميها: ((سيد الامصار)) و ((جمجمة العرب
((241)) )).
كـمـا ان امـيـرالـمـؤمـنـيـن ـ عـلـيـه الـسـلام ـكـان يـخـاطـبـهـا ((بـكـنـز الايمان ))و ((جمجمة الاسلام
((242)) ))و كذلك كان يعتبرها ((قبة الاسلام ((243)) )).
و هـذا كله يدل على ان العراق كان يحظى باهمية كبيرة للاسلام حتى قبل حكومة اميرالمؤمنين ـ عليه السلام .
و ازدادت اهـمـيتها عندما هاجر اليها الامام ـ عليه السلام ـ عام 36 ه , و اتخذها عاصمة لخلافته بخاصة ان سبعين صحابيا هاجروا اليها
((244)) , و ان عددا كبيرا من الانصار الذين كانوا من اهم اتـباع الامام ـ عليه السلام ـ استوطنوا فيها و هكذا اتسعت المدينة تبعا لاتساع القاعدة الشعبية التي كـانـت تـدعـم الامـام ـ عـلـيـه الـسـلام و كـان ـ عـلـيـه الـسلام ـ يقول فيها: ((تربة تحبنا و نحبها ((245)) )).
و فـي ضـؤ مـا مـر بـنا, فان خلافة اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ كان لها الدور الاكبر في تمهيد الارضـيـة لـلتشيع في الكوفة و كان بين اصحاب الامام ـ عليه السلام ـ من يستوعب الخط العقيدي والـسـياسي للتشيع , ويعيه وعيا تاما, حتى انهم لم يستعدوا للتنازل عن حب الامام و ولائه قط, ولو كـلـفـهـم ذلـك الـصـعـود عـلـى اعواد المشانق او اخراج السنتهم من اقفائهم و نذكر من هؤلا: رشيدالهجري , و ميثم التمار, و كميل بن زياد.
و كـان دعـم التشيع متواصلا بعد استشهاد اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ على امتدادالاشهر الستة التي حكم فيها الامام الحسن ـ عليه السلام
((246)) و صحيح ان الكوفيين قد سئموا بسبب خوض الـحـروب الـمـتـكررة , بيد ا نهم بايعوا الحسن ـ عليه السلام و عند ماطرحت قضية الحرب مع الـشاميين من جديد, كان كثير من الكوفيين لم يرغب في الحرب , و رضوا من الامام ـ عليه السلام ـ عدم الاشتباك مع معاوية , بينما لم يكن ذلك ممكنا قط و لذلك اعتزل الامام الخلافة .
فـهـب عـدد مـن شـيـعـة الامـام يـؤاخـذونـه عـلـى اعـتزاله الخلافة , و خاطبوه بقولهم : يا مـذل الـمـؤمـنـيـن
((247)) فـقـال لـهـم : خـشـيـت ان تجتث الشيعة , و يزول ذكر اهل البيت ـعـلـيـهم السلام ((248)) والحقيقة ان الامام وجد نفسه وحيدا في الميدان , و لم يامل في تحقيق الـنـصـر على معاوية نظرا لقلة شيعته المخلصين , و اطمان ان الحرب لا تعني الا القضا التام على الـشـيعة و امامهم و حينئذ لا يترك معاوية لهم اثرا بما عرف عنه من مكائددينية و سياسية و هذا الموقف الذي اتخذه الامام اسفر عن بقا نسبة ملحوظة من اهل الكوفة على تشيعهم , حتى ان عبداللّه بـن مطيع والي ابن الزبير عندما اراد ان يسير فيهم بسيرة عمر و عثمان , قالوا له : بل بسيرة علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ((249)) .
و في ضؤ ما نقله الحنبلي فان عدي بن ثابت الذي مات سنة 116 ه و هو((شيعي مفرط)) على لسان ابـن مـعـيـن , و ((رافـضـي غال )) على حد تعبير الدارقطني , كان قاضي الشيعة و امام مسجدهم في الكوفة
((250)) و هذا معلم من معالم تبلور خطهم يومذاك وفي الوقت نفسه فان هذه الشريحة مـن الـشـيعة التي كان منها خمسون رجلا يعرفون عليا ـعليه السلام ـ حق معرفته و حق معرفته امـامته ((251)) كما في الاثر عن الامام الباقر ـعليه السلام ـ واصلت نشاطها التنظيمي , و كانت تـطالب الحسين ـ عليه السلام ـ ان يتصدى لقيادة الامة على الرغم مما كانت تعانيه من عجز وضعف بيد ان الحسين ـ عليه السلام ـ لم يستجب لهم ((252)) فواصلوا معارضتهم لبني امية و لم يدخروا وسـعـا فـي ذلـك و آيـة مـعـارضـتهم ان الحجاج قتل منهم مائة الف كانوا يشهدون جميعهم بكفر يزيد ((253)) .
و ضـرب احـد الـشـيـعـة اربـعمائة سوط من قبل الحجاج على ان يشتم عليا ـ عليه السلام ـفلم يفعل
((254)) و اشخص حجر بن عدي و صحبه الابرار الى الشام لمعارضتهم الوالي الاموي في الكوفة , ثم قتلوا في ((مرج عذرا)) لعدم براتهم من اميرالمؤمنين ـعليه السلام ((255)) .
و نظرا الى مكانة حجر في المجتمع الكوفي , فقد كان لاستشهاده وقع في تعزيز موقع التشيع هناك نـوعـا ما مما الجا زياد بن ابيه الى قمع هذا التحرك بابشع الاساليب , بيد ان جذوته كانت تتقد تحت الـرمـاد فـي تلك المدينة و قد تجسد ذلك في حركة التوابين ,و بعدها بفترة حركة زيد بن علي و دعم المجتمع الكوفي اياه .
و كتب هشام بن عبدالملك عن هذا المجتمع قائلا : ((اما بعد, فقد عرفت حال اهل الكوفة في حبهم اهل البيت و وضعهم اياهم في غير مواضعهم , لافتراضهم على انفسهم طاعتهم
((256)) )) لقد كان تـشـيـع الـمـجـتـمع الكوفي تشيعا علويا حقا و لذلك لم يخدع بمكرالعباسيين كما خدع المجتمع الـخـراسـانـي و حينما اقام السفاح فيها فترة , طلب منه المنصور ان يتركها لان فيها شيعة آل ابي طالب ((257)) .
و عـندما عد الخوارزمي الراي كوفيا, والاعتزال بصريا, و الخط انباريا, والحساب سواديا, فانه عـد الـتـشـيع عراقيا
((258)) و قد اشرنا من قبل و قلنا ان هذا التشيع كان في اكثرالاحيان و بالنسبة الى كثير من الناس سياسيا, كما نقل الخوانساري عن كتب العامة ان ((عامة اهل الكوفة كان عـمـلـهم في عصر الامام الصادق ـ عليه السلام ـ على فتاوى ابي حنيفة , و سفيان الثوري , و رجل آخر ((259)) )) و مع ذلك يقدمون احيانا عليا على الشيخين و يبغضون عثمان , في حين ان كثيرا من الشيعة المعتقدين بامامة اهل البيت كانوافي الكوفة , حتى ان الصادق ـ عليه السلام ـ كان يقول : ان اللّه عرض ولايتنا على اهل الامصار, فلم يقبلها الا اهل الكوفة ((260)) .
و فـي غـضـون هذه الظروف والملابسات , كان الموالي يعيشون على مسرح الحوادث و قد ازداد عـددهـم بعد جلبهم الى العراق طائعين او كارهين , حتى اصبحوايشكلون نسبة كبيرة من المجتمع الكوفي و عند ما نشبت حرب صفين كانوا الى جانب اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ
((261)) و تعاظم دورهـم في النشاطات السياسية بعد ذلك ,فتوجهت الانظار اليهم لكفاتهم و معرفتهم بالامور و كان وجـودهـم في العراق الى جانب الشيعة من قبيلتي همدان ((262)) , و ربيعة ((263)) باعثا على تـغـلـغـل التشيع في نفوسهم بخاصة , ان الارضية كانت مساعدة على مثل هذا التغلغل بسبب الامتهان الذي كانوا يلقونه من الامويين , و قد مر بنا ذكره .
من هذا المنطلق , ينبغي ان نقول : ان من الضروري ان نتلمس البواعث الاولى على ركون الموالي الى الـتشيع في ثلاث نقاط هي : الاولى : العلاقات المقطوعة بين الحكام والموالي الثانية : موقف الشيعة المضاد للامويين الثالثة : التقارب الجغرافي بين الشيعة والموالي .
فـهـذه الـعـوامل السياسية و الجغرافية ساعدت على تمهيد الارضية بين شريحة من الموالي لدعم الـتشيع و ثمة عوامل اخرى سنعرضها في سياق البحث و من الثابت ـ على اي حال ـ ان اول من آمن بالتشيع في الكوفة هم اشخاص من شتى القبائل العربية , ثم تبعهم الموالي .
و عـنـد مـا اسـتشهد الامام الحسين ـ عليه السلام ـ و اصحابه الابرار على يد الكوفيين في واقعة الطف , فان شريحة من الشيعة كانت قد تقاعست عن نصرته بسبب مضايقات ابن زياد, و تقصيرها في ادا الـواجـب , و نـظـرتـهـا الـضـيـقـة , فـنـدم افـرادهـا عـلـى ما فرطوا في جنب الحسين ـ عـلـيه السلام
((264)) ثم عزموا على الثورة ضد الامويين و عبيداللّه بن زياد,و سموا انفسهم : التوابين و ما كانت مبادرتهم هذه الا لتخلفهم عن ركب كربلا,و شعورهم بضرورة التدارك و قالوا : ((ان ظهرنا رددنا هذا الامر الى اهل بيت نبينا ((265)) )).
بيد ان مبادرتهم كانت تفتقر الى تخطيط خاص و من المؤسف ا نهم لم يقوموا الا بتبديد الطاقات التي كان من الممكن ان تشكل رصيدا لحركة شيعية منظمة
((266)) .
والـمهم هنا ان قادة التوابين كلهم كانوا من العرب , وهم : سليمان بن صرد الخزاعي ,و المسيب بن نـجـبة الفزاري , و عبداللّه بن سعد بن نفيل الازدي , و عبداللّه بن وال التميمي ,و رفاعة بن شداد الـبـجـلـي و كـان الاول من صحابة النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـو اميرالمؤمنين ـ عليه السلام اما الباقون فكانوامن خاصة اصحاب اميرالمؤمنين ـعليه السلام
((267)) .
يـقول فلهاوزن : اجتمع اربعة آلاف شخص من التوابين في النخيلة و فيهم عرب من جميع القبائل و كثير من القرى و ليس فيهم شخص واحد من الموالي
((268)) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قبول الخلافة
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 2
أقوال علماء السنة في المذهب الشيعي
الثورة الحسينية اسبابها ومخططاتها القسم الاول
الكمالات المحمدية تصنيف مبتكر في الإعجاز الخلقي
صور التقية في كتب العامة
غزوة بدر تكسر شوكة الكفر والشرك
ما المقصود بليلة الهرير؟
يوم عاشوراء في اللغة والتاريخ والحديث
الشيعة في ألبانيا

 
user comment