عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

الملهوف على قَتلى الطفوف

الملهوف على قَتلى الطفوف مقدمة ألّف الناس خلال الأجيال مئاتِ الكتب حول مقتل سيّد الشهداء الإمام المظلوم الحسين بن عليّ عليهما السلام، باسم (المقتل) أو باسمٍ آخر. و (المقتل) كتاب يحكي قصةَ اليوم العاشورئي العظيم الذي حلّق فوق الأزمنة.. وأمتدّ ليحكي للأجيال كلّها قصةَ الحق المظلوم، والطهر المذبوح، والمعنى الإلهيّ المتفرِّد الذي استباح أهلُ الأرض حرمته وهتكوا أستاره.. فكان أن تضاعَفَت أسراره وتوالدت أنواره، وبقي خالداً سامياً متألّقاً لا يَرقى اليه الطير، وينحدر عنه السيل
الملهوف على قَتلى الطفوف



الملهوف على قَتلى الطفوف

مقدمة
ألّف الناس خلال الأجيال مئاتِ الكتب حول مقتل سيّد الشهداء الإمام المظلوم الحسين بن عليّ عليهما السلام، باسم (المقتل) أو باسمٍ آخر.
و (المقتل) كتاب يحكي قصةَ اليوم العاشورئي العظيم الذي حلّق فوق الأزمنة.. وأمتدّ ليحكي للأجيال كلّها قصةَ الحق المظلوم، والطهر المذبوح، والمعنى الإلهيّ المتفرِّد الذي استباح أهلُ الأرض حرمته وهتكوا أستاره.. فكان أن تضاعَفَت أسراره وتوالدت أنواره، وبقي خالداً سامياً متألّقاً لا يَرقى اليه الطير، وينحدر عنه السيل.
ومِن كتب (المَقاتِل) المتميّزة التي تُعَدّ مرجعاً يُوثَق به: ما ألّفه السيّد الطاهر النقيّ: علىّ بن طاووس الحسني (ت 664 هـ)، وأسماه (الملهوف ـ أو اللهوف ـ على قَتلى الطفوف).
وهذا الكتاب الذي نقدّمه الأن للأصدقاء.. إنّما يقوم بدَور المذكِّر والمنِّور في الوقت نفسه، يجد فيه قارئُه خطوةً صالحة يرقى منها الى مدارج عالية أُخرى من آفاق سيّد الشهداء التي لاتتناهى.
هو ذا نحن مع قصّة (مقتل الحسين عليه صلوات الله).. كما يرويها السيّد ابن طاووس رضوان الله عليه:

بسم الله الرحمن الرحيم

أولياء الله وشوق اللقاء
الحمد لله المتجلّي لعباده من أُفق الألباب، المجلّي عن مراده بمنطق السنّة والكتاب، الّذي نزّه أولياءه عن دار الغرور، وسما بهم إلى أنوار السرور.
ولم يفعل ذلك محاباةً (1) لهم على الخلائق، ولا إلجاءً لهم إلى جميل الطرائق. بل عرف منهم قبولاً للألطاف، واستحقاقاً لمحاسن الأوصاف، فلم يرض لهم التعلّق بحبال الإهمال، بل وفّقهم للتخلّق بكمال الأعمال.
حتّى عزفت (2) نفوسهم عمّن سواه، وعرفت أرواحهم شرف رضاه، فصرفوا أعناق قلوبهم إلى ظلّه، وعطفوا آمالهم نحو كرمه وفضله.
فترى لديهم فرحة المصدّق بدار بقائه، وتنظر عليهم مِسحة المشفق من أخطار لقائه.
ولا تزال أشواقهم متضاعفة إلى ما قرّب من مراده، وأريحيّتهم (3) مترادفة نحو إصداره وإيراده، وأسماعهم مصغية إلى استماع أسراره، وقلوبهم مستبشرة بحلاوة تذكاره.
فحيّاهم منه بقدر ذلك التصديق، وحباهم من لدنه حباء البَرّ الشفيق.
فما أصغر عندهم كلّ ما شغل عن جلاله، وما أتركهم لكلّ ما باعد من وصاله، حتّى أنّهم ليتمتّعون بأُنس ذلك الكرم والكمال، ويكسوهم أبداً حلل المهابة والجلال.
فإذا عرفوا أنّ حياتهم مانعة عن متابعة مرامه، وبقاءهم حائلٌ بينهم وبين إكرامه، خلعوا أثواب البقاء، وقرعوا أبواب اللقاء، وتلذّذوا في طلب ذلك النجاح، ببذل النفوس والأرواح، وعرضوها لخطر السيوف والرماح.
وإلى ذلك التشريف الموصوف سَمَتْ نفوس أهل الطفوف، حتّى تنافسوا في التقّدم إلى الحتوف، وأصبحوا نهب الرماح والسيوف.
فما أحقّهم بوصف السيّد المرتضى علم الهدى (4) رضوان الله عليه، وقد مدح مَن أشرنا إليه فقال:

لهم جسوم على الرمضاء مهملةٌ
          

وأنفسٌ فـي جوار الله يُقـريها

كـأنّ قـاصدها بالضـرّ نافعها
          

وأنّ قـاتلها بالسـيف محييـها

الفوادح التي لحقت بأهل البيت
ولولا امتثال أمر السنّة والكتاب، في لبس شعار الجزع والمصاب، لأجل ما طُمس من أعلام الهداية، وأُسّس من أركان الغواية، وتأسفاً على ما فاتنا من تلك السعادة، وتلهّفاً على أمثال تلك الشهادة، وإلاّ كنّا قد لبسنا لتلك النعمة الكبرى أثواب المسرّة والبشرى.
وحيث أنّ في الجزع رضىً لسلطان المعاد، وغرضاً لأبرار العباد، فها نحن قد لبسنا سربال الجزوع، وأنسنا بإرسال الدموع، وقلنا للعيون: جودي بتواتر البكاء، وللقلوب: جدّي جدَّ ثواكل النساء.
فإنّ ودائع الرسول الرؤوف، أُضيعت يوم الطفوف، ورسوم وصيّته بحرمه وأبنائه، طمست بأيدي أُمّته وأعدائه.
فيالله من تلك الفوادح المقرحة للقلوب، والجوائح المصرّحة (5) بالكروب، والمصائب المصغّرة كلّ بلوى، والنوائب المفرّقة شمل التقوى، والسهام الّتي أراقت دم الرسالة، والأيدي الّتي ساقت سبيَّ الجلالة، والرزيّة الّتي نكّست رؤوس الأبدال، والبليّة الّتي سلبت نفوس خير الآل، والشماتة التي ركست (6) أُسود الرجال، والفجيعة التي بلغ رزؤها إلى جبرئيل، والفظيعة الّتي عظمت على الربّ الجليل!
وكيف لا يكون كذلك وقد أصبح لحم رسول الله مجرّداً على الرمال، ودمه الشريف مسفوكاً بسيوف الضُّلاّل، ووجوه بناته مبذول لعين السائق والشامت، وسلبهنّ بمنظر من الناطق والصامت، وتلك الأبدان المعظّمة عارية من الثياب، والأجساد المكرّمة جاثية على التراب ؟!!

مصائبٌ بدّدت شمـل النبيّ ففي
          

قلب الـهدى أسهـمٌ يطفن بالتلفِ

وناعيـاتٌ إذا مـا ملّ ذو ولـهٍ
          

سَرتْ عليه بنار الحزن والأسفِ

مصائب العترة الهادية
فياليت لفاطمة وأبيها عيناً تنظر إلى بناتها وبنيها: ما بين مسلوب، وجريح، ومسحوب، وذبيح، وبنات النبوّة: مشقّقات الجيوب، ومفجوعات بفقد المحبوب، وناشرات للشعور، وبارزات من الخدور، ولاطمات للخدود، وعادمات للجدود، ومبديات للنياحة والعويل، وفاقدات للمحامي والكفيل.
فيها أهل البصائر من الأنام، ويا ذوي النواظر والأفهام، حدّثوا نفوسكم بمصائب هاتيك العترة، ونُوحوا بالله لتلك الوحدة والكثرة، وساعدوهم بموالاة الوجد والعبرة، وتأسّفوا على فوات تلك النصرة.
فإنّ نفوس أولئك الأقوام، ودائع سلطان الأنام، وثمرة فؤاد الرسول، وقرّة عين الزهراء البتول، ومَن كان يرشف بفمه الشريف ثناياهم، ويفضّل على أُمّته أُمّهم وأباهم.

إن كنتَ في شكٍّ فسل عن حالهم
          

سننَ الـرسول ومُحكم التنـزيلِ

فهناك أعدل شاهدٍ لذوي الحِجى
          

وبيان فضلـهمُ علـى التفصـيلِ

ووصـيّةٌ سبقت لأحمدَ فيـهـم
          

جاءت إلـيه على يدَي جبـريلِ

وكيف طابت النفوس مع تداني الأزمان، بمقابلة إحسان جدّهم بالكفران، وتكدير عيشه بتعذيب ثمرة فؤاده، وتصغير قدره بإراقة دماء أولاده ؟!
وأين موضع القبول لوصاياه بعترته وآله ؟ وما الجواب عند لقائه وسؤاله ؟ وقد هدم القوم ما بناه! ونادى الإسلام واكرباه!
فيالله من قلبٍ لا يتصدّع لتذكار تلك الأُمور! ويا عجباه من غفلة أهل الدهور! وما عذر أهل الإسلام والإيمان في إضاعة أقسام الأحزان!
ألم يعلموا أنّ محمداً موتورٌ وجيع ؟ وحبيبه مقهورٌ صريعٌ ؟ والملائكة يعزّونه على جليل مصابه ؟ والأنبياء يشاركونه في أحزانه وأوصابه ؟
فيا أهل الوفاء لخاتم الأنبياء، علامَ لا تواسونه في البكاء ؟!
 

ثواب البكاء على الحسين عليه السلام
بالله عليك أيّها المحب لولد الزهراء، نُحْ معها على المنبوذين بالعراء، وَجُدْ ويحك بالدموع السجام، وَابْكِ على ملوك الإسلام، لعلّك تحوز ثواب المُواسي لهم في المصاب، وتفوز بالسعادة يوم الحساب.
فقد روي عن مولانا الباقر عليه السّلام أنه قال: «كان زين العابدين عليه السّلام يقول: أيّما مؤمن ذرفت (7) عيناه لقتال الحسين عليه السّلام حتّى تسيل على خده بوّأه الله بها في الجنّة غرفاً يسكنها أحقاباً (8)، وأيّما مؤمن ذرفت عيناه حتّى تسيل على خدّه فيما مسّنا من الأذى من عدوّنا في الدنيا بوّأه الله منزل صدقٍ، وأيّما مؤمن مسّه أذىً فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه من سخط النار يوم القيامة».
وروي عن مولانا الصادق عليه السّلام أنّه قال: «مَن ذُكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذبابة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زَبَد البحر».
وروي أيضاً عن آل الرسول عليهم السّلام أنّهم قالوا: «مَن بكى وأبكى فينا مائة فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى خمسين فله الجنّة، ومن بكى وأبكى ثلاثين فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى عشرين فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى عشرة فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى واحداً فله الجنّة، ومَن تباكى فله الجنّة».
 

الباعث على تأليف الكتاب
قال عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس الحسيني ـ جامع هذا الكتاب ـ: إنّ من أجلّ البواعث لنا على سلوك هذا الكتاب أنّني لمّا جمعتُ كتاب: مصباح الزائر وجناح المسافر
(9)، ورأيته قد احتوى على أقطار محاسن الزيارات ومختار أعمال تلك الأوقات، فحامله مستغنٍ عن نقل مصباح لذلك الوقت الشريف، أو حمل مزارٍ كبير أو لطيفٍ.
أحببتُ أيضاً أن يكون حامله مستغنياً عن نقل مقتلٍ في زيارة عاشوراء إلى مشهد الحسين صلوات الله عليه.
فوضعتُ هذا الكتاب ليضمّ إليه، وقد جمعت هاهنا ما يصلح لضيق وقت الزوّار، وعدلتُ عن الإطناب والإكثار، وفيه غنية لفتح أبواب الأشجان، وبغية لنجح أرباب الإيمان، فإنّنا وضعنا في أجساد معناه روح ما يليق بمعناه.
وقد ترجمته بكتاب: الملهوف على قتلى الطفوف، ووضعته على ثلاثة مسالك، مستعيناً بالرؤوف المالك.
 

* * *

المسَلَكُ الأَوَّلُ
في الأُمُور المُتقدمة على القتال
كان مولد الحسين عليه السّلام لخمس ليالٍ خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.
وقيل: اليوم الثالث منه.
وقيل: في أواخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة.
وروي غير ذلك.
 

رؤيا أمّ الفضل
قالت (10) أُمّ الفضل (11) زوجة العباس (12) رضوان الله عنهما: رأيتُ في منامي قبل مولده كأنّ قطعةً من لحم رسول الله صلّى الله عليه وآله قُطعت فوُضعت في حِجري، فعبّرتُ ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال «خيراً رأيتِ ، إن صدقَتْ رؤياك فإن فاطمة ستلد غلاماً فأدفعه إليك لترضعيه».
قالت: فجرى الأمر على ذلك.
فجئت به يوماً، فوضعته في حجره، فبال، فقطَرتْ من بوله قطرةٌ على ثوب النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقرصته، فبكى، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «مهلاً يا أُمّ الفضل! فهذا ثوبي يُغسل، وقد أوجعتِ ابني».
قالت: فتركته في حجره، وقمتُ لأتيه بماء، فجئت، فوجدته صلوات الله عليه وآله يبكي.
فقلت: مِمّ بكاؤك يا رسول الله ؟
فقال: «إنّ جبرئيل عليه السّلام أتاني، فأخبرني أنّ أُمّتي تقتل ولدي هذا، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة».
 

ملائكة السماء تعزّي النبي صلى الله عليه وآله
قال رواة الحديث: فلمّا أتت على الحسين عليه السّلام من مولده سنة كاملة، هبط على رسول الله صلّى الله عليه وآله اثنا عشر ملكاً: أحدهم على صورة الأسد، والثاني على صورة الثور، والثالث على صورة التنين (13)، والرابع على صورة ولد آدم، والثمانية الباقون على صور شتّى، محمرّة وجوههم باكية عيونهم، قد نشروا أجنحتهم، وهم يقولون: يا محمّد! سينزل بولدك الحسين بن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل، وسيُعطى مثل أجر هابيل، ويُحمل على قاتله مثل وزر قابيل.
ولم يبق في السموات ملَك إلاّ ونزل إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله، كلٌّ يقرأه السّلام، ويعزّيه في الحسين عليه السّلام، ويخبره بثواب ما يُعطى، ويَعرض عليه تربته، والنبيّ صلّى الله عليه وآله يقول: «اللّهمّ اخذل من خذله، واقتل من قتله، ولا تمتّعه بما طلبه».
 

جبرئيل يُخبر بواقعة كربلاء
قال: فلمّا أتى على الحسين عليه السّلام سنتان من مولده خرج النبيّ صلّى الله عليه وآله في سفرٍ له، فوقف في بعض الطريق، فاسترجع ودمعت عيناه.
فسُئل عن ذلك، فقال: «هذا جبرئيل يخبرني عن أرضٍ بشطّ الفرات يقال لها كربلاء (14)، يُقتل بها ولدي الحسين بن فاطمة».
فقيل له: مَن يقتله يا رسول الله ؟
فقال: «رجل اسمه يزيد، وكأنّي أنظر إلى مصرعه ومدفنه».
ثمّ رجع من سفره ذلك مغموماً، فصعد المنبر فخطب ووعظ، والحسن والحسين عليهما السّلام بين يديه.
فلمّا فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن واليسرى على رأس الحسين، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال: «اللّهمّ إنّ محمداً عبدك ورسولك، وهذان أطائب عترتي وخيار ذرّيتي وأُرومتي(15) ومَن أُخلّفهما في أُمّتي، وقد أخبرني جبرئيل عليه السّلام أنّ ولدي هذا مقتول مخذول، اللّهمّ فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء، اللّهمّ ولا تبارك في قاتله وخاذله».
قال: فضجّ الناس في المسجد بالبكاء والنحيب.
فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «أتبكون ولا تنصرونه ؟!».
ثمّ رجع صلوات الله عليه وهو متغيّر اللون محمرّ الوجه، فخطب خطبةً أُخرى موجزة وعيناه تهملان دموعاً، قال:
«أيّها الناس، إنّي قد خلّفتُ فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي وأُرومتي ومزاج مائي وثمرتي، وانّهما لن يفترقا حتّى يردا علَيّ الحوض، ألا وانّي أنتظرهما، وانّي لا أسألكم في ذلك إلاّ ما أمرني ربّي أن أسألكم المودّة في القربى، فانظروا ألاّ تلقوني غداً على الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم وقتلتموهم.
 

الرايات الثلاث
ألا وإنّه سترد عليّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الأُمّة:
راية سوداء مظلمة قد فزعت لها الملائكة، فتقف عليّ، فأقول: مَن أنتم ؟
فينسون ذكري ويقولون: نحن أهل التوحيد من العرب.
فأقول لهم: أنا أحمد نبيّ العرب والعجم.
فيقولون: نحن من أُمّتك يا أحمد.
فأقول لهم: كيف خلّفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي ؟
فيقولون: أمّا الكتاب فضيّعناه، وأمّا عترتك فحرصنا على أن نبيدهم عن جديد الأرض.
فأُولّي وجهي عنهم، فيصدرون ظماءً عطاشاً مسودّةً وجوههم.
ثمّ ترد عليّ رايةٌ أُخرى أشدّ سواداً من الأُولى، فأقول لهم: كيف خلّفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر: كتاب ربّي، وعترتي ؟
فيقولون: أما الأكبر فخالفنا، وأمّا الأصغر فخذلناهم ومزّقناهم كلّ ممزَّق. فأقول: إليكم عنّي، فيصدرون ظماءً عطاشاً مسودّة وجوههم.
ثمّ ترد عليّ راية أُخرى تلمع نوراً، فأقول لهم: مَن أنتم ؟
فيقولون: نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى، نحن أُمّة محمّد صلّى الله عليه وآله، ونحن بقيّة أهل الحق، حملنا كتاب ربّنا فأحللنا حلاله وحرّمنا حرامه، وأحببنا ذرّيّة نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله، فنصرناهم في كلّ ما نصرنا منه أنفسنا، وقاتلنا معهم مَن ناواهم.
فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيّكم محمّد، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم. ثمّ أسقيهم من حوضي، فيصدرون مرويّين مستبشرين، ثمّ يدخلون الجنّة خالدين فيها أبد الآبدين. قال: وكان الناس يتعاودون ذكر قتل الحسين عليه السّلام ويستعظمونه ويرتقبون قدومه.
 

يزيد يأمر بأخذ البيعة قسراً
فلمّا توفي معاوية بن أبي سفيان (16) ـ وذلك في رجب سنة ستّين من الهجرة ـ كتب يزيد بن معاوية (17) إلى الوليد بن عتبة (18) ـ وكان أميراً بالمدينة ـ (19) يأمره بأخذ البيعة له على أهلها وخاصّةً على الحسين بن عليّ عليهما السّلام، ويقول له: إن أبى عليك فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه.
فأحضر الوليد مروان بن الحكم (20) واستشاره في أمر الحسين عليه السّلام.
فقال: إنّه لا يقبل، ولو كنتُ مكانك لضربتُ عنقه.
فقال الوليد: ليتني لم أكُ شيئاً مذكوراً.
ثمّ بعث إلى الحسين عليه السّلام، فجاءه في ثلاثين رجلاً من أهل بيته ومواليه، فنعى الوليد إليه معاوية، وعرض عليه البيعة ليزيد.
فقال: «أيها الأمير، إن البيعة لا تكون سرّاً، ولكن إذا دعوتَ الناس غداً فادعنا معهم».
فقال مروان: لا تقبل أيّها الأمير عذره، ومتّى لم يبايع فاضرب عنقه.
فغضب الحسين عليه السّلام ثم قال: «ويلي عليك يابن الزرقاء، أنت تأمر بضرب عنقي! كذبتَ والله ولؤمت».
ثمّ أقبل على الوليد فقال: «أيّها الأمير! إنّا أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلَف الملائكة، وبنا فتح الله وبنا ختم الله، ويزيد رجلٌ فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحرّمة معلنٌ بالفسق ليس له هذه المنزلة، ومثْلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصحبون وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة».
ثمّ خرج عليه السّلام، فقال مروان للوليد: عصيتني.
فقال: ويحك يا مروان، إنك أشرت عليّ بذهاب ديني ودنياي، والله ما أُحبّ أنّ مُلك الدنيا بأسرها لي وأنّني قتلتُ حسيناً، والله ما أظنّ أحداً يلقى الله بدم الحسين إلاّ وهو خفيف الميزان، لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكّيه وله عذابٌ أليم.
قال: وأصبح الحسين عليه السّلام، فخرج من منزله يستمع الأخبار، فلقيه مروان، فقال: يا أبا عبدالله، إنّي لك ناصحٌ، فأطعني ترشد.
فقال الحسين عليه السّلام: «وما ذاك، قل حتّى أسمع».
فقال مروان: إنّي آمرك ببيعة يزيد أمير المؤمنين، فإنّه خيرٌ لك في دينك ودنياك.
فقال الحسين عليه السّلام: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السّلام، إذ قد بُليَت الأُمّة براعٍ مثل يزيد، ولقد سمعتُ جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان».
وطال الحديث بينه وبين مروان حتّى انصرف مروان وهو غضبان (21).
 

حركة الإمام الحسين نحو مكّة
فلمّا كان الغداة توجّه الحسين عليه السّلام إلى مكّة (22) لثلاث مضين من شعبان سنة ستّين.
فأقام بها باقي شعبان وشهر رمضان وشوال وذي القعدة.
قال: وجال عبدالله بن العباس رضي الله عنه (23) وعبدالله بن الزبير (24)، فأشارا عليه بالإمساك.
فقال لهما: «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد أمرني بأمرٍ، وأنا ماضٍ فيه».
قال: فخرج ابن عباس وهو يقول: واحسيناه!
ثمّ جاءه عبدالله بن عمر (25)، فأشار عليه بصلح أهل الضلال، وحذّره من القتل والقتال.
فقال له: «يا أبا عبدالرحمن، أما علمتَ أنّ من هوان الدنيا على الله تعالى أن رأس يحيى بن زكريا أُهدي إلى بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل، أما علمت أنّ بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيّاً ثمّ يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئاً، فلم يعجل الله عليهم، بل أمهلهم وأخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر، إتّق الله يا أبا عبدالرحمن ولا تَدَعنّ نصرتي».
 

مراسلة أهل الكوفة للحسين عليه السلام
قال: وسمع أهل الكوفة (26) بوصول الحسين عليه السّلام إلى مكّة وامتناعه من البيعة ليزيد، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صُرَد الخزاعي (27)، فلمّا تكاملوا قام فيهم خطيباً. وقال في آخر خطبته:
يا معشر الشيعة، إنّكم قد علمتم بأنّ معاوية قد هلك وصار إلى ربّه وقدِم على عمله، وقد قعد في موضعه ابنه يزيد، وهذا الحسين بن عليّ عليهما السّلام قد خالفه وصار إلى مكّة هارباً من طواغيت آل أبي سفيان، وأنتم شيعته وشيعة أبيه من قبله، وقد احتاج إلى نصرتكم اليوم، فإن كنتم تعلمون أنّكم ناصروه ومجاهدو عدوّه فاكتبوا إليه، وإن خفتم الوهن والفشل فلا تغرّوا الرجل من نفسه. قال: فكتبوا إليه:
 

بسم الله الرحمن الرحيم

«إلى الحسين بن عليّ أمير المؤمنين عليهما السّلام، من سليمان بن صرد الخزاعي والمسيّب بن نجبة(28) ورفاعة بن شدّاد (29) وحبيب بن مظاهر (30) وعبدالله بن وائل
(31) وسائر شيعته من المؤمنين.
سلام الله عليك. أما بعد، فالحمد لله الّذي قصم عدوّك وعدوّ أبيك من قبل، الجبّار العنيد الغشوم الظلموم الّذي ابتزّ (32) هذه الأُمّة أمرَها، وغصبها فَيأها، وتأمّر عليها بغير رضىً منها، ثمّ قتل خيارها واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وعتاتها، فبعداً له كما بعُدت ثمود.
ثمّ أنّه ليس علينا إمامٌ غيرك، فأقبلْ لعلّ الله يجمعنا بك على الحقّ، والنعمان بن بشير (33) في قصر الإمارة، ولسنا نجتمع معه في جمعة ولا جماعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو بلغنا أنّك قد أقبلت أخرجناه حتّى يلحق بالشام (34). والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته يابن رسول الله وعلى أبيك من قبل، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم».
ثمّ سرّحوا الكتاب، ولبثوا يومين آخرين وأنفذوا جماعة معهم نحو مئة وخمسين صحيفة من الرجل والإثنين والثلاثة والأبعة، يسألونه القدوم عليهم.
وهو مع ذلك يتأنّى فلا يجيبهم.
فورد عليه في يوم واحدٍ ستمئة كتاب، وتواترت الكتب حتّى اجتمع عنده منها في نُوب
(35) متفرّقة إثنا عشر ألف كتاب.
ثمّ قدم عليه هاني بن هاني السبيعي (36) وسعيد بن عبدالله الحنفي (37) بهذا
الكتاب، وهو آخر ما ورد على الحسين عليه السّلام من أهل الكوفة، وفيه:

بسم الله الرحمن الرحيم

«إلى الحسين بن عليّ أمير المؤمنين عليهما السّلام. من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام.
أمّا بعد، فانّ الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك، فالعجلَ العجل يابن رسول الله، فقد أخضرّ الجناب
(38)، وأينعت الثمار، وأعشبت الأرض وأورقت الأشجار، فاقدم علينا إذا شئت، فإنّما تقْدم على جُندٍ مجنّدة لك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وعلى أبيك من قبلك».
 

سفير الحسين عليه السلام: مسلم بن عقيل
فقال الحسين عليه السّلام لهاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي: «خبّراني مَن اجتمع على هذا الكتاب الّذي ورد عليّ معكما ؟».
فقالا: يا بن رسول الله! شبث بن ربعي (39)، وحجّار بن أبجر (40)، ويزيد بن الحارث، ويزيد بن رويم (41) و (42)، وعروة بن قيس (43)، وعمرو بن الحجّاج (44)، ومحمد بن عُمير بن عطارد(45).
قال: فعندها قام الحسين عليه السّلام، فصلّى ركعتين بين الركن والمقام، وسأل الله الخيَرة في ذلك.
ثمّ دعا بمسلم بن عقيل (46) وأطْلعه على الحال، وكتب معه جواب كتبهم يعِدهم بالوصول إليهم ويقول لهم ما معناه: «قد نفذتُ إليكم ابنَ عمّي مسلم بن عقيل ليعرّفني ما أنتم عليه من الرأي».
فسار مسلم بالكتاب حتّى دخل إلى الكوفة، فلمّا وقفوا على كتابه كثر استبشارهم بإتيانه إليهم، ثمّ أنزلوه في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي (47)، وصارت الشيعة تختلف إليه.
فلمّا اجتمع إليه منهم جماعة قرأ عليهم كتاب الحسين عليه السّلام وهم يبكون، حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً.
وكتب عبدالله بن مسلم الباهلي وعمارة بن الوليد وعمر بن سعد (48) إلى يزيد يخبرونه بأمر مسلم بن عقيل، ويشيرون عليه بصرف النعمان بن بشير وولاية غيره.
فكتب يزيد إلى عبيدالله بن زياد (49) ـ وكان والياً على البصرة (50) ـ بأنّه قد ولاّه الكوفة وضمّها إليها، ويعرّفه أمر مسلم بن عقيل وأمر الحسين عليه السّلام، ويشدّد عليه في تحصيل مسلم وقتله. فتأهّب عبيدالله للمسير إلى الكوفة.
 

رسالة الحسين عليه السلام لأهل البصرة
وكان الحسين عليه السّلام قد كتب إلى جماعة من أشراف البصرة كتاباً مع مولى له اسمه سليمان ويكنّى أبا رزين (51) يدعوهم فيه إلى نصرته ولزوم طاعته، منهم يزيد بن مسعود النهشلي (52)والمنذر بن الجارود العبدي (53).
فجمع يزيد بن مسعود بني تميم وبني حنظلة وبني سعد، فلمّا حضروا قال: يا بني تميم، كيف ترون موضعي منكم وحسَبي فيكم ؟
فقالوا: بخٍّ بخٍّ، أنتَ والله فقرة الظهر، ورأس الفخر، حللتَ في الشرف وسطاً، وتقدّمت فيه فرطاً.
قال: فإنّي قد جمعتكم لأمرٍ أُريد أن أُشاوركم فيه وأستعين بكم عليه.
فقالوا: والله إنا نمنحك النصيحة ونجهد لك الرأي، فقل نسمع.
فقال: إنّ معاوية قد مات، فأهونْ به واللهِ هالكاً ومفقوداً! ألا وإنّه قد انكسر باب الجور والإثم، وتضعضعت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعةً عقد بها أمراً وظنّ أنّه قد أحكمه، وهيهات والّذي أراد! اجتهد والله ففشل، وشاور فخُذل. وقد قام ابنه يزيد ـ شارب الخمور، ورأس الفجور ـ يدّعي الخلافة على المسلمين ويتأمّر عليهم بغير رضىً منهم، مع قصر حِلم وقلّة علم، لا يعرف من الحقّ موطئ قدمه. فأُقسم بالله قسماً مبروراً لَجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين.
وهذا الحسين بن عليّ، ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، ذو الشرف الأصيل، والرأي الأثيل، له فضلٌ لا يوصف وعلمٌ لا ينزف، وهو أولى بهذا الأمر، لسابقته وسنّه وقدمه وقرابته، يعطف على الصغير ويحنو على الكبير، فأكرمْ به راعي رعية وإمام قوم! وجبت لله به الحجّة وبلغت به الموعظة.
فلا تعشوا عن نور الحق ولا تسكّعوا في وهدة الباطل، فقد كان صخر بن قيس (54) قد انخذل بكم يوم الجمل، فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله ونصرته، والله لا يقصّر أحدٌ عن نصرته إلاّ أورثه الله الذلَّ في ولْده والقلّة في عشيرته.
وها أنا قد لبست للحرب لامتها وأدرعتُ لها بدرعها، مَن لم يُقتل يمت، ومَن يهرب لم يفت، فأحسنُوا ـ رحمكم الله ـ ردّ الجواب.
 

موقف الشيعة في البصرة
فتكلّمت بنو حنظلة، فقالوا: يا أبا خالد، نحن نبلُ كنانتك، وفرسان عشيرتك، إن رميتَ بنا أصبتَ، وإن غزوتَ بنا فتحتَ، لا تخوض والله غمرةً إلاّ خضناها، ولا تلقى والله شدّةٍ إلاّ لقيناها، ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا، فانهض لما شئتَ.
وتكلّمت بنو سعد بن زيد، فقالوا: يا أبا خالد! إنّ أبغض الأشياء إلينا خلافك والخروج عن رأيك، وقد كان صخر بن قيس أمرَنا بترك القتال فحمدنا أمرنا وبقي عزّنا فينا، فأمهلْنا نراجع المشورة ونأتك برأينا.
وتكلّمت بنو عامر بن تميم فقالوا: يا أبا خالد! نحن بنو أبيك وحلفاؤك، لا نرضى إن غضبتَ، ولا نقطن إن ظعنتَ، والأمر إليك، فادعنا نُجِبْك ومُرنا نُطعْك، والأمر إليك إذا شئتَ.
فقال: والله يا بني سعد، لئن فعلتموها لا يرفع الله عنكم السيف أبداً، ولا يزال سيفكم فيكم.

جواب يزيد من مسعود لرسالة الحسين عليه السلام
ثمّ كتب إلى الحسين عليه السّلام:
 

بسم الله الرحمن الرحيم

أمّا بعد، فقد وصل إليّ كتابك، وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظّي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك، وأنّ الله لم يُخلِ الأرض من عاملٍ عليها بخير ودليل على سبيل النجاة، وأنتم حجّة الله على خلقه ووديعته في أرضه، تفرّعتم من زيتونة أحمديّة هو أصلها وأنتم فرعها، فأقدمَ سعدتَ بأسعد طائر، فقد ذللّتُ لك أعناق بني تميم وتركتهم أشدّ تتابعاً لك من الإبل الظماء يوم خِمسها لورود الماء، وقد ذلّلت لك رقاب بني سعد وغسلتُ لك درن صدورها بماء سحابة مزن حتّى استهلّ برقها فلمع.

فلمّا قرأ الحسين عليه السّلام الكتاب قال: «آمنك الله يوم الخوف، وأعزك وأرواك يوم العطش الأكبر».
فلمّا تجهّز المشار إليه للخروج إلى الحسين عليه السّلام بلغه قتله قبل أن يسير، فجزع من انقطاعه عنه.
وأمّا المنذر بن الجارود، فإنه جاء بالكتاب والرسول إلى عبيدالله بن زياد، لأنّ المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيساً من عبيدالله بن زياد، وكانت بحرية بنت المنذر زوجة لعبيدالله، فأخذ عبيدالله الرسول فصلبه، ثمّ صعد المنبر فخطب وتوعّد أهل البصرة على الخلاف وإثارة الأرجاف.
ثمّ بات تلك الليلة، فلمّا أصبح استناب عليهم أخاه عثمان بن زياد (55)، وأسرع هو إلى قصد الكوفة.
 

دخول ابن زياد الكوفة
فلمّا قاربها نزل حتّى أمسى، ثمّ دخلها ليلاً، فظنّ أهلها أنّه الحسين عليه السّلام، فتباشروا بقدومه ودنوا منه، فلمّا عرفوا أنّه ابن زياد تفرّقوا عنه، فدخل قصر الامارة وبات ليلته إلى الغداة، ثمّ خرج وصعد المنبر وخطبهم وتوعّدهم على معصية السلطان ووعدهم مع الطاعة بالإحسان.
فلمّا سمع مسلم بن عقيل بذلك خاف على نفسه من الاشتهار، فخرج من دار المختار وقصد دار هاني بن عروة (56)، فآواه وكثر اختلاف الشيعة إليه، وكان عبيدالله بن زياد قد وضع المراصد عليه.
فلمّا علم أنّه في دار هاني دعا محمد بن الأشعث (57) وأسماء بن خارجة (58) وعمرو بن الحجاج وقال: ما يمنع هاني بن عروة من إتياننا ؟
فقالوا: ما ندري، وقد قيل: إنّه يشتكي.
فقال: قد بلغني ذلك، وبلغني أنّه قد برئ وأنّه يجلس على باب داره، ولو أعلم أنه شاكٍ لعُدته، فالقوه ومروه أن لا يدع ما يجب عليه من حقّنا، فإنّي لا أحبّ أن يفسد عندي مثله، لأنّه من أشراف العرب.
 

مكر ابن زياد بهاني بن عروة
فأتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة على بابه، فقالوا: ما يمنعك من لقاء الأمير؛ فإنّه قد ذكرك وقال: لو أعلم أنّه شاكٍ لعُدته.
فقال لهم: الشكوى تمنعني.
فقالوا له: إنّه قد بلغه أنّك تجلس على باب دارك كل عشيّة، وقد استبطاك، والإبطاء والجفاء لا يحتمله السلطان من مثلك، لأنّك سيّدٌ في قومك، ونحن نقسم عليك إلاّ ما ركبتَ معنا إليه. فدعا بثيابه فلبسها وفرسه فركبها، حتّى إذا دنا من القصر كأنّ نفسه قد أحسّت ببعض الّذي كان، فقال لحسان بن أسماء بن خارجة: يابن أخي، إنّي والله من هذا الرجل لخائف، فما ترى؟
فقال: والله يا عمّ ما أتخوّف عليك شيئاً، فلا تجعل على نفسك سبيلاً. ولم يك حسّان يعلم في أيّ شيء بعث عبيدالله بن زياد. فجاء هاني والقوم معه حتّى دخلوا جميعاً على عبيدالله، فلمّا رأى هانياً قال: أتتك بخائن (59) رِجلاه، ثمّ التفتَ إلى شريح القاضي (60) ـ وكان جالساً عنده ـ وأشار إلى هاني وأنشد بيت عمرو بن معدي كرب الزَّبيدي (61):

أُريد حيـاته ويريـد قتـلي
          

عذيرك من خليلك من مرادِ

فقال له هاني: وما ذاك أيّها الأمير ؟
فقال له: إيهاً يا هاني، ما هذه الأُمور الّتي تُربصُ في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين ؟ جئتَ بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعتَ له السلاح والرجال في الدور حولك وظننتَ أنّ ذلك يخفى عليّ.
فقال: ما فعلتُ.
فقال ابن زياد: بلى قد فعلتَ.
فقال: ما فعلتُ أصلح الله الأمير.
فقال ابن زياد: علَيّ بمعقل (62) مولاي ـ وكان معقل عَيْنَهُ على أخبارهم، وقد عرف كثيراً من أسرارهم ـ فجاء معقل حتّى وقف بين يديه.
 

اعتقال هاني
فلمّا رآها هاني عرف أنّه كان عيناً عليه، فقال: أصلح الله الأمير، والله ما بعثتُ إلى مسلم ولا دعوته، ولكن جاءني مستجيراً، فاستحييتُ من ردّه ودخلني من ذلك ذمام فآويته، فأمّا إذ قد علمتَ فخلّ سبيلي حتّى أرجع إليه وآمره بالخروج من داري إلى حيث شاء من الأرض، لأخرج بذلك من ذمامه وجواره.
فقال له ابن زياد: والله لا تفارقني أبداً حتّى تأتيني به.
فقال: لا والله، لاأجيئك به أبداً. أجيئك بضيفي حتّى تقتله ؟!
قال: والله لتأتينّي به.
فقال: والله لا آتيك به.
فلمّا كثر الكلام بينهما، قام مسلم بن عمرو الباهلي فقال: أصلح الله الأمير، أخلني وإيّاه حتّى أُكلّمه. فقام فخلا به ناحية ـ وهما بحيث يراهما ابن زياد ويسمع كلامهما ـ إذ رفعا أصواتهما.
فقال له مسلم: يا هاني! أُنشدك الله أن لا تقتل نفسك وتُدخل البلاء على عشيرتك، فوالله إني لأنفس بك عن القتل، إنّ هذا الرجل ابن عم القوم وليسوا بقاتليه ولا ضارّيه، فادفعه إليه، فإنّه ليس عليك بذلك مَخْزاة ولا منقصة، وإنّما تدفعه إلى السلطان.
فقال هاني: والله إنّ عليّ في ذلك الخزي والعار، أنا أدفع جاري وضيفي ورسول ابن رسول الله إلى عدوّه وأنا صحيح الساعدين وكثير الأعوان! والله لو لم أكن إلاّ رجلاً ليس لي ناصر لم أدفعه حتّى أموت دونه.
فأخذ يناشده، وهو يقول: والله لا أدفعه.
فسمع ابن زياد ذلك، فقال: أدنوه منّي. فأُدني منه، فقال: والله لتأتيني به أو لأضربنّ عنقك.
فقال هاني: إذن والله تكثر البارقة حول دارك.
فقال ابن زياد: والهفاه عليك! أبالبارقة تخوّفني ؟! ـ وهاني يظنّ أن عشيرته يسمعونه ـ ثمّ قال: أدنوه منّي. فأُدني منه، فاستعرض وجهه بالقضيب، فلم يزل يضرب أنفه وجبينه وخدّه حتّى كسر أنفه وسيل الدماء على ثيابه ونثر لحم خدّه وجبينه على لحيته وانكسر القضيب.
فضرب هاني يده إلى قائم سيف شرطيّ، فجذبه ذلك الرجل، فصاح ابن زياد: خذوه. فجرّوه حتّى ألقوه في بيتٍ من بيوت القصر واغلقوا عليه بابه، وقال: اجعلوا عليه حرساً، ففُعل ذلك به.
 

اعتراض أسماء بن خارجة
فقام أسماء بن خارجة إلى عبيدالله بن زياد ـ وقيل: إنّ القائم حسّان بن أسماء ـ فقال: أرسل غدرٍ سائر اليوم، أيّها الأمير أمرتنا أن نجيئك بالرجل، حتّى إذا جئناك به هشمتَ وجهه وسيّلت دماءه على لحيته وزعمتَ أنّك تقتله.
فغضب ابن زياد من كلامه وقال: وأنت هاهنا! وأمر به فضُرب حتّى ترك وقُيّد وحبس في ناحية من القصر.
فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، إلى نفسي أنعاك يا هاني.
قال الراوي: وبلغ عمرو بن الحجاج أنّ هانياً قد قُتل ـ وكانت رويحة ابنة عمرو هذا تحت هاني بن عروة ـ فأقبل عمرو في مذحج كافّة حتّى أحاط بالقصر ونادى: أنا عمرو بن الحجاج وهذه فرسان مذحج ووجوهها لم تخلع طاعة ولم تفارق جماعة، وقد بلغَنا أن صاحبنا هانياً قد قُتل.
فعلم عبيدلله باجمتماعهم وكلامهم، فأمر شريحاً القاضي أن يدخل على هاني فيشاهده ويخبر قومه بسلامته من القتل، ففعل ذلك وأخبرهم، فرضوا بقوله وانصرفوا.
قال: وبلغ الخبر إلى مسلم بن عقيل، فخرج بمن بايعه إلى حرب عبيدالله، فتحصّن منه بقصر الامارة، واقتتل أصحابه وأصحاب مسلم.
وجعل أصحاب عبيدالله الّذين معه في القصر يتشرّفون منه ويحذّرون أصحاب مسلم ويتوعّدونهم بجنود الشام، فلم يزالوا كذلك حتّى جاء الليل.
 

تفرّق أصحاب مسلم
فجعل أصحاب مسلم يتفرّقون عنه، ويقول بعضهم لبعض: ما نصنع بتعجيل الفتنة ؟! وينبغي أن نقعد في منازلنا وندع هؤلاء القوم حتّى يصلح الله ذات بينهم.
فلم يبق معه سوى عشر أنفس، ودخل مسلم المسجد ليصلّي المغرب، فتفرّق العشرة عنه.
فلمّا رأى ذلك خرج وحيداً في سكك الكوفة، حتّى وقف على باب امرأة يقال لها طوعة (63)، فطلب منها ماءً فسقته، ثمّ استجارها فأجارته، فعلم به ولدها، فوشى الخبرَ إلى عبيدالله بن زياد، فأحضر محمد بن الأشعث وضمّ إليه جماعة وأنفذه لإحضار مسلم.
فلمّا بلغوا دار المرأة وسمع مسلم وقع حوافر الخيل، لبس درعه وركب فرسه وجعل يحارب أصحاب عبيدالله.
ولمّا قتل مسلم منهم جماعة نادى إليه محمد بن الأشعث: يا مسلم لك الأمان.
فقال له مسلم: وأيّ أمان للغدرة الفجرة ؟! ثمّ أقبل يقاتلهم ويرتجز بأبيات حمران بن مالك الخثعمي(64) يوم القرن حيث يقول:

أقسـمت لا أُقتـل إلاّ حرّا
          

وإن رأيت الموت شيئاً نُكرا

أكـره أن أُخدع أو أُغـرّا
          

أو أخلط البارد سخناً مُـرّا

كلّ امرئٍ يومـاً يلاقي شرّا
          

أضربكم ولا أخـاف ضرّا

فقالوا له: إنّك لا تُخدع ولا تُغرّ. فلم يلتفت إلى ذلك، وتكاثروا عليه بعد أن أُثخن بالجراح، فطعنه رجل من خلفه، فخرّ إلى الأرض، فأُخذ أسيراً.
 

مصرع مسلم بن عقيل
فلمّا أُدخل على عبيدالله بن زياد لم يسلّم عليه، فقال له الحرسيّ: سلّم على الأمير.
فقال له: اسكت ويحك! والله ما هو لي بأمير.
فقال ابن زياد: لا عليك سلّمت أم لم تسلّم، فإنك مقتول.
فقال له مسلم: إن قتلتني فلقد قَتَلَ مَن هو شرٌّ منك مَن هو خيرٌ مني، وبعد فإنّك لا تدع سوء القتْلة وقبح المُثلة وخبث السريرة ولؤم الغلبة، لا أحد أولى بها منك.
فقال له ابن زياد: يا عاقّ يا شاقّ، خرجتَ على إمامك وشققتَ عصى المسلمين، وألقحت الفتنة بينهم.
فقال له مسلم: كذبت يابن زياد، إنّما شقّ عصى المسلمين معاوية وابنه يزيد، وأمّا الفتنة فإنّما ألقحها أنت وأبوك زياد بن عبيد عبد بني علاج من ثقيف (65)، وأنا أرجو أن يرزقني الله الشهادة على يدَي أشرّ البريّة.
فقال ابن زياد: منّتكَ نفسك أمراً، حال الله دونه ولم يرك له أهلاً وجعله لأهله.
فقال مسلم: ومَن أهله يابن مرجانة ؟
فقال: أهله يزيد بن معاوية!
فقال مسلم: الحمد لله، رضينا بالله حكماً بيننا وبينكم.
فقال ابن زياد: أتظنّ أنّ لك من الأمر شيئاً.
فقال مسلم: والله ما هو الظنّ، ولكنّه اليقين.
فقال ابن زياد: أخبرني يا مسلم لمَ أتيتَ هذا البلد وأمرهم ملتئمٌ،
فشتّت أمرهم بينهم وفرّقت كلمتهم ؟
فقال له مسلم: ما لهذا أتيتُ، ولكنّكم أظهرتم المنكر ودفنتم المعروف، وتأمّرتم على الناس بغير رضىً منهم وحملتموهم على غير ما أمركم به الله، وعملتم فيهم بأعمال كِسرى وقيصر، فأتيناهم لِنأمر فيهم بالمعروف وننهى عن المنكر وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنة، وكنّا أهل ذلك كما أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله.
فجعل ابن زياد لعنه الله يشتمه ويشتم عليّاً والحسن والحسين عليهم السّلام!
فقال له مسلم: أنت وأبوك أحقّ بالشتم، فاقض ما أنت قاض يا عدوّ الله.
فأمر ابن زياد بكير بن حمران (66) أن يصعد به إلى أعلى القصر فيقتله، فصعد به ـ وهو يسبّح الله تعالى ويستغفره ويصلّي على نبيّه صلّى الله عليه وآله ـ فضرب عنقه، ونزل وهو مذعورٌ.
فقال له ابن زياد: ما شأنك ؟
فقال: أيّها الأمير! رأيتُ ساعة قتله رجلاً أسود شنيء الوجه حِذاي عاضّاً على إصبعه ـ أو قالٍ شفتيه ـ ففزعت فزعاً لم أفزعه قطّ.
فقال ابن زياد: لعلّك دُهشت.
 

مصرع هاني
ثمّ أمر بهاني بن عروة، فأُخرج ليقتل، فجعل يقول: وامذحجاه وأين منّي مذحج! واعشيرتاه وأين منّي عشيرتي!
فقالوا له: يا هاني مدّ عنقك.
فقال: والله ما أنا بها سخيّ، وما كنتُ لأُعينكم على نفسي.
فضربه غلام لعبيد الله بن زياد يقال له رشيد (67) فقتله.
وفي قتل مسلم وهاني يقول عبدالله بن زبير الأسدي (68)، ويقال: إنه للفرزدق (69):

فإن كنتِ لا تدرين ما الموت فانظري
          

إلى هانـئٍ في السـوق وابـن عقيل

إلـى بطل قـد هَشّم السـيفُ وجهَهُ
          

وآخـر يهـوي مـن جدار قتـيـلِ

أصـابهـما جـور البِغـيّ فأصبحا
          

أحاديثَ مـن يسـعى بكـلّ سبيـلِ

ترى جسـداً قد غيّر المـوت لونـه
          

ونضـح دم قـد سـال كلَّ مسيـلِ

فتىً كـان أحيـى من فتـاة حَيِيّـةٍ
          

وأقـطع مـن ذي شفـرتين صقيلِ

أيـركب أسمـاء الـهمـاليج آمنـاً
          

وقـد طلبتـه مِـذحـجٌ بـذُحـولِ

تطوف حـوالَـيه مـراد وكلّـهـم
          

على أُهْبـة مـن سـائل ومسـولِ

فـإن أنتـمُ لـم تثـأروا بأخيـكـمُ
          

فكـونوا بغـايـا أُرضيَتْ بقـلـيلِ

قال الراوي: وكتب عبيدالله بن زياد بخبر مسلم وهاني إلى يزيد بن معاوية.
فأعاد عليه الجواب يشكره فيه على فعاله وسطوته، ويعرّفه أن قد بلغه توجّه الحسين عليه السّلام إلى جهته، ويأمره عند ذلك بالمؤاخذة والانتقام، والحبس على الظنون والأوهام.
 

إعلام الحسين عليه السلام بنبأ مسلم
وكان قد توجّه الحسين عليه السّلام من مكّة يوم الثلاثاء لثلاث مضين من ذي الحجّة، وقيل: لثمان مضين من ذي الحجّة (70) سنة ستين من الهجرة، قبل أن يُعلَم بقتل مسلم، لأنّه عليه السّلام خرج من مكة في اليوم الذي قُتل فيه مسلم رضوان الله عليه.
وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري الإمامي (71) في كتاب دلائل الإمامة (72) قال: حدثنا أبو محمد سفيان بن وكيع (73)، عن أبيه وكيع (74)، عن الأعمش (75) قال: قال لي أبو محمد الواقدي وزرارة ابن خَلَج (76): لقينا الحسين بن عليّ عليهما السّلام قبل أن يخرج (77) إلى العراق بثلاثة، فأخبرناه بضعف الناس بالكوفة، وأنّ قلوبهم معه وسيوفهم عليه.
فأومأ بيده نحو السماء، ففتحت أبواب السماء، فنزلت الملائكة عدداً لا يحصيهم إلاّ الله عزّوجلّ.
فقال عليه السّلام: «لولا تقارب الأشياء وحضور الأجل لقاتلتهم بهؤلاء، ولكنّي أعلم يقيناً أنّ هناك مصرعي وهناك مصارع أصحابي، لا ينجو منهم إلا ولدي عليّ».
 

خطبة الحسين عليه السلام عند خروجه إلى العراق
وروي أنّه عليه السّلام لمّا عزم على الخروج إلى العراق قام خطيباً، فقال: «الحمد لله ما شاء الله، ولا قوّة إلا بالله، وصلّى الله على رسوله وسلّم، خُطّ الموت على ولْد آدم مَخطَّ القلادة على جِيد الفتاة، وما أولهني إلى اشتياق أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف! وخير لي مصرعٌ أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطّعها ذئاب الفلوات بين النواويس (78) وكربلاء، فيملأن منّي أكراشاً جوفاً وأجربةً سُغباً، لا محيص عن يوم خُطّ بالقلم، رضى الله رضانا أهلَ البيت، نصبر على بلائه ويوفّينا أُجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله لحمته، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس، تَقرُّ بهم عينه وينجز بهم وعده، مَن كان باذلاً فينا مهجته وموطّناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا، فإنّي راحل مصبحاً إن شاء الله» (79).
 

تحذير ابن الحنفيّة
ورويت بالإسناد عن محمد بن داود القمي (80)، بالاسناد عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: جاء محمد بن الحنفية (81) إلى الحسين عليه السّلام في الليلة الّتي أراد الحسين الخروج في صبيحتها عن مكّة.
فقال له: يا أخي، إنّ أهل الكوفة مَن عرفتَ غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفتُ أن يكون حالك كحال مَن مضى، فإن رأيت أن تقيم فإنّك أعزّ مَن بالحرم وأمنعه.
فقال: «يا أخي! قد خفتُ أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم، فأكون الّذي يُستباح به حرمة هذا البيت».
فقال له ابن الحنفية: فان خفتَ ذلك فصر إلى اليمن (82) أو بعض نواحي البرّ، فإنّك أمنع الناس به، ولا يقدر عليك أحد.
فقال: «أنظر فيما قلت».
فلمّا كان السحر ارتحل الحسين عليه السّلام، فبلغ ذلك ابن الحنفية، فأتاه فأخذ زمام ناقته وقد ركبها فقال: يا أخي! ألم تعدني النظر فيما سألتك ؟!
قال: «بلى».
قال: فما حداك على الخروج عاجلاً ؟
فقال: «أتاني رسول الله صلّى الله عليه وآله بعدما فارقتك، فقال: يا حسين، أُخرج، فإنّ الله قد شاء أن يراك قتيلاً».
فقال محمد بن الحنفية: إنا لله وإنّا إليه راجعون، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال ؟
قال: فقال له: «قد قال لي: إنّ الله قد شاء أن يراهنّ سبايا»، وسلّم عليه ومضى (83).
 

بسم الله الرحمن الرحيم
من الحسين بن عليّ إلى بني هاشم. أما بعد، فإنه مَن لحق بي منكم استُشهد، ومَن تخلّف عني لم يبلغ الفتح، والسلام.

وذكر المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضي الله عنه في كتاب (مولد النبيّ صلّى الله عليه وآله ومولد الأوصياء صلوات الله عليهم)، بأسناده إلى أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام قال: لمّا سار أبو عبدالله الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما من مكّة ليدخل المدينة، لقيه أفواج من الملائكة المسوّمين والمردفين، في أيديهم الحراب على نجب من نجب الجنة، فسلّموا عليه وقالوا: يا حجّة الله على خلقه بعد جدّه وأبيه وأخيه، إنّ الله عزّوجلّ أمدّ جدّك رسول الله صلّى الله عليه وآله بنا في مواطن كثيرة، وإنّ الله أمّدك بنا.
فقال لهم: الموعد حفرتي وبقعتي الّتي أُستشهد فيها، وهي كربلاء، فإذا وردتها فأتوني.
فقالوا: يا حجة الله، إنّ الله أمرنا أن نسمع لك ونطيع، فهل تخشى من عدوّ يلقاك فنكون معك ؟
فقال: لا سبيل لهم عليّ ولا يلقوني بكريهة أو أصل إلى بقعتي.
وأتته أفواج من مؤمني الجن، فقالوا له: يا مولانا، نحن شيعتك وأنصارك فمرنا بما تشاء، فلو أمرتنا بقتل كلّ عدوّ لك وأنت بمكانك لكفيناك ذلك.
فجزاهم خيراً وقال لهم: أما قرأتم كتاب الله المنزل على جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله في قوله «قُل لو كُنتم في بيوتكم لَبرزَ الّذين كُتبَ عليهمُ القتلُ إلى مضاجعهم»، فإذا أقمتُ في مكاني فبمَ يُمتحن هذا الخلق المتعوس، وبماذا يُختبرون، ومَن ذا يكون ساكن حفرتي وقد اختارها الله تعالى لي يوم دحا الأرض، وجعلها معقلاً لشيعتنا ومحبينا، تُقبل أعمالهم وصلواتهم، ويُجاب دعاؤهم، وتسكن شيعتنا، فتكون لهم أماناً في الدنيا والآخرة ؟ ولكن تحضرون يوم السبت، وهو يوم عاشوراء ـ في غير هذه الرواية يوم الجمعة ـ الّذي في آخره أُقتل، ولا يبقى بعدي مطلوب من أهلي ونسبي وإخواني وأهل بيتي، ويُسار رأسي إلى يزيد بن معاوية لعنهما الله.
فقال الجن: نحن والله يا حبيب الله وابن حبيبه، لولا أنّ أمرك طاعة وأنّه لا يجوز لنا مخالفتك لخالفناك وقتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك.
فقال لهم عليه السّلام: ونحن والله أقدر عليهم منكم، ولكن ليهلك مَن هلك عن بيّنة ويحيى مَن حيّ عن بيّنة.

 

1 ـ المحاباة: العطاء بلا مَنٍّ ولا جزاء.
2 ـ عزفَت بمعنى: سَلَتْ
3 ـ الأريحيّ: الواسع الخلق النشيط إلى المعروف، وهو أيضاً: السخيّ الّذي يرتاح للندى، وراح لذلك الأمر رواحاً وأريحيّة ورياحةً: أشرق له وفرح به وأخذته له خفّة وأريحيّة.( لسان العرب 359:5، روح).
4 ـ أبو القاسم عليّ بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن إبراهيم بن الإمام الكاظم عليه السّلام، نقيب الطالبيّين، وأحد الأئمّة في علم الكلام والأدب والشعر. مولده ووفاته ببغداد، روى عن جماعة كالشيخ المفيد والحسين بن عليّ بن بابويه، وروى عنه جماعة كسلاّر وأبي الصلاح الحلبي والخطيب البغدادي والقاضي ابن قدامة. له عدّة كتب، منها: الشافي في الإمامة. تُوفي سنة 433هـ، وقيل: 436هـ. رياض العلماء 14:4، وفيات الأعيان 313:3، الكنى والألقاب 439:2، ميزان الاعتدال 223:2، لسان الميزان 223:4، جمهرة الأنساب 56، الأعلام 278:4.
5 ـ الجوائح جمع جائحة، وهي: الشدّة والنازلة العظيمة الّتي تجتاح المال، وتُستعمل مجازاً لكلّ شدّة.
6 ـ الركس: قلب الشيء وردّه مقلوباً.
7 ـ أي: صبّت دمعاً وسالت.
8 ـ جمع حُقُب بضمتين، أي: زماناً كثيراً، أحقاباً لا انقطاع لها، كلّما مضى حقب جاء بعده حقب آخر.
9 ـ هو أول تصانيفه، في عشرين فصلاً، أوله في مقدمات السفر وآدابه، والأخير في زيارة أولاد الأئمّة والمؤمنين، ونسخه شائعة.
10 ـ ولمّا وُلد هبط جبرئيل عليه السّلام ومعه ألف مَلك يهنّون النبيّ صلّى الله عليه وآله بولادته، وجاءت به فاطمة عليها السّلام إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله، فسرّ به وسمّاه حسيناً.
قال ابن عباس في الطبقات: أنبأنا عبدالله بن بكر بن حبيب السهمي، قال: أنبأنا حاتم بن صنعة، قالت...
11 ـ لبابة بنت الحارث الهلالية، الشهيرة بأم الفضل، زوجة العباس بن عبدالمطلب، ولدت من العباس سبعة، أسلمت بمكة بعد إسلام خديجة، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يزورها ويقيم في بيتها، توفيت نحو سنة 30 هـ. الإصابة ـ الترجمة رقم 942 و 1448، ذيل المذيل 84، الجمع بين رجال الصحيحين 612، الأعلام 239:5.
12 ـ العباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف، أبو الفضل، من أكابر قريش في الجاهلية والإسلام، كان محسناً لقومه سديد الرأي، كانت له سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه، عمي في آخر عمره، توفي بالمدينة سنة 32 هـ. صفة الصفوة 203:1، المحبر 63، ذيل المذيل 10، الأعلام 262:3.
13 ـ التِّنين: ضربٌ من الحيّات من أعظمها.
14 ـ كربلاء بالمدّ: الموضع الذي قُتل فيه الحسين عليه السّلام، في طرف البرية عند الكوفة.,
روي: أنه عليه السّلام اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين ألف درهم، وتصدّق بها عليهم، وشرط عليهم أن يرشدوا إلى قبره ويضيّفوا مَن زاره ثلاثة أيّام. معجم البلدان 249:4، مجمع البحرين 641:5 ـ 642.
15 ـ الأُرومة: الأصل.
16 ـ معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أُميّة بن عبدشمس بن عبدمناف، مؤسّس الدولة الأموية في الشام، ولد بمكة وأستسلم يوم فتحها. ولي قيادة جيش تحت إمرة أخيه في حكم أبي بكر، وصار والياً على الأردنّ في خلافة عمر، ثمّ ولاّه دمشق، وجاء عثمان فجمع له الديار الشامية كلّها وجعل ولاة أمصارها تابعين له. وبعد قتل عثمان وولاية عليّ عليه السّلام وجّه له لفوره بعزله، وعلم معاوية قبل وصول البريد، فنادى بثأر عثمان واتهم عليّاً بدمهِ ونشبت الحروب الطاحنة واستعمل معاوية الخديعة والمكر. مات معاوية في دمشق سنة 60، وكان عهد بالخلافة إلى ابنه يزيد. تاريخ ابن الأثير 2:4، تاريخ الطبري 180:6، البدء والتاريخ 5:6، الأعلام 261:7 ـ 262.
17 ـ يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي، ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام. ولد بالماطرون ونشأ في دمشق وولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة 60هـ، ولم يبايعه جماعة وعلى رأسهم الحسين عليه السّلام لفسقه وفجوره ولهوه ولعبه، خلع أهل المدينة طاعته سنة 63هـ، فأرسل إليهم مسلم بن عقبة وأمره أن يستبيحها ثلاثة أيّام وأن يبايع أهلها على أنّهم عبيد ليزيد، ففعل بها مسلم الأفاعيل القبيحة، وقتل فيها كثيراً من الصحابة والتابعين. مات يزيد سنة 64هـ. تاريخ الطبري حوادث سنة 64، تاريخ الخميس 300:2، تاريخ ابن الأثير 49:4، جمهرة الأنساب 103، الأعلام 189:8.
18 ـ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب الأموي، أمير من رجالات بني أُميّة، ولي المدينة سنة 57 هـ أيّام معاوية، ومات معاوية فكتب إليه يزيد أن يأخذ له البيعة، عزله يزيد سنة 60 هـ واستقدمه إليه، فكان من رجال مشورته بدمشق، ثمّ أعاده سنة 61 هـ وثورة عبدالله بن الزبير في إبانها بمكة، وظل في المدينة إلى أن توفي بالطاعون سنة 64 هـ، حج بالناس سنة 62 هـ. مرآة الجنان 140:1، نسب قريش 133 و 433، الأعلام 121:8.
19 ـ المدينة: مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله، وهي يثرب، مساحتها نصف مكة. وهي في حرّة سبخة الأرض، ولها نخيل كثيرة ومياه، والمسجد في نحو وسطها، وقبر النبي صلى الله عليه وآله في شرقيّ المسجد. وللمدينة أسماء كثيرة، منها: طيبة، ويثرب، والمباركة. معجم البلدان 82:5.
20 ـ مروان هو ابن الحكم بن أبي العاص بن أُميّة بن عبدشمس بن عبدمناف، أبو عبدالملك، حاكم أموي، أول مَن ملك من بني الحكَم بن أبي العاص، إليه ينسب بنو مروان، ودولتهم المروانية. ولد بمكة ونشأ بالطائف وسكن المدينة، جعله عثمان من خاصّته واتخذه كاتباً له، وبعد قتل عثمان خرج مروان مع عائشة إلى البصرة، وشهد صفين مع معاوية. ولي المدينة سنة في ولاية معاوية، أخرجه منها عبدالله بن الزبير فسكن الشام. ومات سنة 65 بالطاعون، وقيل قتلته زوجته أُم خالد. أُسد الغابة 348:4، تاريخ ابن الأثير 74:4، تاريخ الطبري 34:7، الأعلام 207:7.
21 ـ جاء بعد هذا الموضع كلام طويل ويمكن أن يكون من حاشية المؤلّف على الكتاب، وعلى أيّ حال فنحن ننقل الكلام بنصه:
يقول عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس مؤلّف هذا الكتاب: والّذي تحقّقناه أنّ الحسين عليه السّلام كان عالماً بما انتهت حاله إليه، وكان تكليفه ما اعتمد عليه.
أخبرني جماعة ـ وقد ذكرتُ أسماءهم في كتاب غياث سلطان الورى لسّكان الثرى ـ بإسنادهم إلى أبي جعفر محمد بن بابويه القمي فيما ذكر في أماليه، باسناده إلى المفضّل بن عمر، عن الصادق عليه السّلام، عن أبيه، عن جدّه عليهم السّلام:
أنّ الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام دخل يوماً على الحسن عليه السّلام، فلمّا نظر إليه بكى، فقال: ما يبكيك ؟ قال: أبكي لمِا يُصنع بك، فقال الحسن عليه السّلام: إنّ الّذي يؤتى إليّ سمٌّ يدسّ إليّ فأُقتل به، ولكن لا يومَ كيومك يا أبا عبدالله! يزدلف إليك ثلاثون ألف رجلٍ يدّعون أنّهم من أُمّة جدّنا محمّد صلّى الله عليه وآله، وينتحلون الإسلام، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك، فعندها يحلّ الله ببني أُميّة اللعنة، وتمطر السماء دماً ورماداً، ويبكي عليك كل شيء حتّى الوحوش والحيتان في البحار.
وحدّثني جماعة منهم مَن أشرتُ إليه، بإسنادهم إلى عمر النسّابة رضوان الله عليه فيما ذكره في آخر كتاب (الشافي) في النسب، بإسناده إلى جدّه محمد بن عمر قال: سمعت أبي عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يحدّث أخوالي آل عقيل، قال:لمّا امتنع أخي الحسين عليه السّلام عن البيعة ليزيد بالمدينة، دخلتُ عليه فوجدته خالياً، فقلتُ له: جعلت فداك يا أبا عبدالله! حدّثني أخوكَ أبو محمد الحسن، عن أبيه عليهما السّلام.. ثمّ سبقتني الدمعة وعلا شهيقي، فضّمني إليه وقال: حدّثك أنّي مقتول ؟ فقلتُ: حوشيت يابن رسول الله، فقال: سألتك بحقّ أبيك، بقتلي خبّرك ؟ فقلت: نعم، فلولا ناولت وبايعت.
فقال: حدّثني أبي: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله أخبره بقتله وقتلي، وأن تربتي تكون بقرب تربته، فتظنّ أنّك علمتَ ما لم أعلمه، وإنّه لا أُعطي الدنيّة من نفسي أبداً، ولتلقينّ فاطمة أباها شاكية ما لقيت ذرّيتها من أُمّته، ولا يحل الجنّة أحدٌ آذاها في ذرّيتها.أقول أنا: ولعلّ بعض مَن لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة يعتقد أنّ الله لا يتعبّد بمثل هذه الحالة، أما سمع في القرآن الصادق المقال أنّه تعبد قوماً بقتل أنفسهم، فقال تعالى: «فتُوبوا إلى بارئِكم فاقتلوا أنفسَكم ذلكم خيرٌ لكم عند بارئكم».
ولعلّه يعتقد أنّ معنى قوله تعالى: «ولا تلقُوا بأيديكم إلى التهلُكة» أنه هو القتل، وليس الأمر كذلك، وإنّما التعبّد به من أبلغ درجات السعادة.
ولقد ذكر صاحب المقتل المروي عن مولانا الصادق عليه السّلام في تفسير هذه الآية ما يليق بالعقل:
فروى عن أسلم قال: غزونا نهاوند ـ وقال غيرها ـ واصطفّينا والعدوّ صفّين لم أرَ أطول منهما ولا أعرض، والروم قد ألصقوا ظهورهم بحائط مدينتهم، فحمل رجلٌ منّا على العدوّ، فقال الناس: لا إله إلاّ الله، ألقى نفسه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب الأنصاري: إنّما تؤوّلون هذه الآية على أن حمل هذا الرجل يلتمس الشهادة، وليس كذلك، إنّما نزلت هذه الآية فينا، لأنّا كنا قد اشتغلنا بنصرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وتركنا أهالينا وأموالنا أن نقيم فيها ونصلح ما فسد منها، فقد ضاعت بتشاغلنا عنها، فأنزل الله إنكالاً لِما وقع في نفوسنا من التخلّف عن نصرة رسول الله صلّى الله عليه وآله لإصلاح أموالنا: «ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلّكة»، معناه: إنّ تخلّفتم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وأقمتم في بيوتكم ألقيتُم بأيديكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم، وذلك ردّ علينا فيما قلنا وعزمنا عليه من الإقامة، وتحريضٌ لنا على الغزو، وما أُنزلت هذه الآية في رجلٍ حمل العدوّ ويحرّض أصحابه أن يفعلوا كفعله أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء ثواب الآخرة.
22 ـ ولها أسماء أُخر كثيرة، منها: أُمّ القرى، والنساسة، وأم رحم، وهي بيت الله الحرام.
والمكّ: النقض والهلاك، وسُمّي البلد الحرام مكة لأنها تنقض الذنوب وتنفيها، أو تمك مَن قصدها بالظلم، أي تهلكه. معجم البلدان 181:5 ـ 188، مجمع البحرين 289:5.
23 ـ عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب القرشي الهاشمي، أبو العباس، حبر الأمّة، صحابي جليل. ولد بمكة ونشأ في بدء عصر النبوة، لازم رسول الله صلّى الله عليه وآله وروى عنه، وشهد مع عليّ عليه السّلام الجمل وصفين. كُفّ بصره في آخر عمره، فسكن الطائف وتوفي بها سنة 68 هـ.
24 ـ أبو بكر عبدالله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، بُويع له بالخلافة سنة 64 هـ عقيب موت يزيد بن معاوية، فحكم مصر والحجاز واليمن وخراسان والعراق وأكثر الشام، وجعل قاعدة ملكه المدينة. كانت له مع الأمويّين وقائع هائلة، سار لمحاربته الحجاج الثقفي في أيّام عبدالملك بن مروان، فانتقل إلى مكة وعسكر الحجّاج في الطائف، ونشبت بينهما حروب انتهت بمتقل ابن الزبير في مكة بعد أن خذله أصحابه وذلك سنة 73 هـ، مدة خلافته 9 سنين. تاريخ ابن الأثير 135:4، تاريخ الطبري 202:7، فوات الوفيات 210:1، تاريخ الخميس 301:2، الأعلام 87:4.
25 ـ عبدالله بن عمر بن الخطاب العدَوي، أبو عبدالرحمن، كُفّ بصره في آخر حياته، وهو آخر من توفي بمكة من الصحابة. مولده ووفاته بمكة، سنة وفاته مختلف فيه. الإصابة ـ الترجمة رقم 4825، طبقات ابن سعد 105:4 ـ 138، تهذيب الأسماء 278:1، الأعلام 108:4.
26 ـ الكوفة بالضمّ: المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق، قيل: سمّيت الكوفة لاستدارتها. معجم البلدان 322:4.
27 ـ أبو مطرّف سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون عبدالعزّى بن منقذ السلولي الخزاعي، صحابي، من الزعماء القادة. شهد الجمل وصفين مع عليّ عليه السّلام. سكن الكوفة، ترأس التوّابين، استُشهد بعين الوردة، قتله يزيد بن الحصين.
الإصابة ـ الترجمة رقم 3450، تاريخ الإسلام 17:3، الأعلام 127:3.
28 ـ وهو المسيّب بن نجبة بن ربيعة بن رياح الفَزاري، تابعي، كان رأس قومه.شهد القادسية وفتوح العراق، كان مع عليّ عليه السّلام في مشاهده. سكن الكوفة، ثار مع التوّابين في طلب دم الحسين عليه السّلام، استُشهد مع سليمان بن الصرد بالعراق سنة 65 هـ، وكان شجاعاً بطلاً متعبّداً ناسكاً. الكامل في التاريخ 68:4 ـ 71، الإصابة ـ الترجمة رقم 8424، الأعلام 225:7 ـ 226.
29 ـ رفاعة بن شدّاد البجلي، قارئ، من الشجعان المقدّمين، من أهل الكوفة، من شيعة عليّ عليه السّلام، قتل سنة 66 هـ. الكامل في التاريخ حوادث سنة 66 هـ، الأعلام 29:3.
30 ـ حبيب بن مظاهر ـ أو مظهَّر أو مطهّر ـ بن رئاب بن الأشتر بن حجوان الأسدي الكندي ثمّ الفقعسي. تابعي، من القوّاد الشجعان، نزل الكوفة، صحب عليّاً عليه السّلام في حروبه كلّها، وكان من شرطة الخميس، ثمّ كان على ميسرة الحسين يوم كربلاء وعمره خمس وسبعون سنة. بذل محاولة لاستقدام أنصار من بني أسد فحال الجيش الأموي دون وصولهم إلى معسكر الحسين عليه السّلام. كان معظّماً عند الحسين، وكان شخصيّة بارزة في مجتمع الكوفة، ولمّا استشهد قال الحسين عليه السّلام: احتسب نفسي وحماة أصحابي. قتله بديل بن صريم الغفقاني. تاريخ الطبري 352:5 ـ 440، رجال الشيخ 72، تسمية مَن قتل مع الحسين 152، لسان الميزان 173:2، الكامل في التاريخ حوادث سنة 61 هـ، الأعلام 166:2، أنصار الحسين 81 ـ 82.
31 ـ الظاهر أنّ الصحيح اسمه: عبدالله بن وال التميمي، كما جاء اسمه في أصحاب أمير المؤمنين في رجال الشيخ 55، وجاء اسمه بعد اسم قنبر مندمجاً معه، وهو اشتباه، وفي مخطوطة رجال الشيخ جاء اسمه قبل اسم قنبر بعدّة أسماء، وورد اسمه في شرح النهج 132:3، وعدّة أماكن أخرى.
32 ـ أي: اغتصب.
33 ـ النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري، أبو عبدالله، أمير شاعر، من أهل المدينة. وجّهته نائلة ـ زوجة عثمان ـ بقميص عثمان إلى معاوية، فنزل الشام وشهد صفين مع معاوية، وولي القضاء بدمشق، وولي بعده اليمن لمعاوية، ثمّ استعمله على الكوفة، وعزل عنها وصارت له ولاية حمص، واستمر فيها إلى أن مات يزيد، فبايع النعمان لابن الزبير، وتمرّد أهل حمص، فخرج هارباً، فأتبعه خالد بن خليّ الكلاعي فقتله سنة 65 هـ. جمهرة الأنساب 345، أسد الغابة 22:5، الإصابة ـ الترجمة رقم 8730، الأعلام 36:8.
34 ـ بالهمزة، ويجوز أن لا يهمز، فيكون جمع شامة، سمّيت بذلك لكثرة قراها وتداني بعضها من بعض فشبّهت بالشامات، حدّها من الفرات إلى العريش المتاخم للديار المصرية، وعرضها من جَبَلَيْ طي من نحو القبلة إلى بحر الروم، وبها من أُمّهات المدن حلب ومنبج وحماة وحمص ودمشق والبيت المقدس والمعرة وفي الساحل أنطاكية وطرابلس... معجم البلدان 311:3 ـ 315.
35 ـ أي: فُرص متفرقة.
36 ـ هانئ بن هانئ الهمْداني الكوفي، روى عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وعنه أبو إسحاق السبيعي. تهذيب التهذيب 22:11 ـ 23. ولم ينعته كلّ من ترجمه بالسبيعي، والسبيعي بطن من بطون همْدان.
37 ـ ذُكر في أكثر المصادر وفي الزيارة باسم سعد، وهو من بني حنيفة بن لجيم من بكر بن وائل، وهو أحد الرسل الّذين حملوا رسائل الكوفيّين إلى الحسين عليه السّلام، من أعظم الثوّار تحمّساً. تاريخ الطبري 419:5 و 353، مقتل الحسين للخوارزمي 195:1 و 20:2، المناقب 103:4، البحار 21:45 و 26 و 70، تسمية مَن قتل مع الحسين 154، أنصار الحسين 90 ـ 91.
38 ـ الجَناب: الفِناء، وما قرب من محلّة القوم.
39 ـ شبث بن ربعي التميمي اليربوعي أبو عبدالقدّوس، شيخ مضر وأهل الكوفة في أيامه، أدرك عصر النبوّة، ولحق بسجاح المتنبّئة، ثمّ عاد إلى الإسلام. ثار على عثمان، قاتل الحسينَ عليه السّلام بعد أن كتب إليه يدعوه إلى المجيء، مات بالكوفة نحو سنة 70 هـ.
وقيل: إنّها لمّا قُبض على شبث قال له إبراهيم بن مالك الأشتر: أصدقني، ما عملت يوم الطف ؟ قال: ضربت وجهه الشريف بالسيف!! فقال له: ويلك يا ملعون! ما خفت من الله تعالى ولا من جدّه رسول الله ؟! ثمّ جعل يشرّح أفخاذه حتّى مات. الإصابة ـ الترجمة رقم 3950، تهذيب التهذيب 303:4، ميزان الاعتدال 440:1، الأعلام 154:3.
40 ـ حجّار ـ ككَتّان وككتاب ـ بن أبجر الكوفي، يقال فيه: يروي عن أمير المؤمنين، روى عنه السمّاك بن حرب. الرجال في تاج العروس 25:2.
41 ـ كذا في النسخ، والظاهر وقوع خلل في العبارة، والصحيح: ويزيد بن الحارث بن رويم، لا: ويزيد بن الحارث ويزيد بن رويم.
42 ـ هو: يزيد بن الحارث بن رويم الشيباني، أدرك عصر النبوة، وأسلم على يد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، وشهد اليمامة، ونزل البصرة. قتل في الري سنة 68 هـ.
وفي بعض المصادر: يزيد بن رويم الشيباني، وهذه النسبة إلى جدّه، والمصادر متفقة على أنه يزيد بن الحارث بن رويم. الكامل 111:4، الإصابة ـ الترجمة رقم 9398، تهذيب التهذيب 163:8، جمهرة الأنساب 305، العلام 180:8 ـ 181.
43 ـ ظاهراً الصحيح: عزرة بن قيس، راجع: تاريخ الطبري 353:5، أنساب الأشراف 158:3.
44 ـ وفي إرشاد المفيد ص 38: عمرو بن الحجّاج الزَّبيدي.
45 ـ محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي الدارمي، من أهل الكوفة، له مع الحجاج وغيره من أُمرائها أخبار. كان أحد أُمراء الجند في صفّين مع عليّ عليه السّلام. توفي نحو سنة 85 هـ. المحبر 154 و 338و 339، لسان الميزان 330:5، الأعلام 319:6.
46 ـ مسلم هو ابن عقيل بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، تابعي من ذوي الرأي والعلم والشجاعة، أمّه أم ولد اشتراها عقيل من الشام. وجّه به الإمام الحسين إلى الكوفة ليأخذ له البيعة على أهلها، فخرج من مكة في منتصف شهر رمضان سنة 60 هـ، ودخل الكوفة في اليوم السادس من شهر شوّال، وهو أول مَن استشهد من أصحاب الحسين عليه السّلام. مقاتل الطالبيّين 80، الطبقات الكبرى 29:4، تسمية مَن قتل مع الحسين 151، الكامل في التاريخ 8:4 ـ 15، الأخبار الطوال 233، تاريخ الكوفة 59، الأعلام 222:7، أنصار الحسين 124، ضياء العينين 13 ـ 29.
47 ـ المختار هو ابن أبي عبيدة ابن مسعود الثقفي أبو إسحاق، من زعماء الثائرين على بني أُميّة، من أهل الطائف. انتقل إلى المدينة مع أبيه، وبقي المختار في المدينة منقطعاً إلى بني هاشم. تزوج عبدالله بن عمر بن الخطاب أخت المختار صفية، وكان المختار مع عليّ عليه السّلام بالعراق، وسكن البصرة بعد عليّ عليه السّلام. قبض عليه عبيدالله بن زياد في البصرة وحبسه ونفاه بشفاعة ابن عمر إلى الطائف. ذهب إلى الكوفة بعد موت يزيد لأخذ الثأر من قتَلة الحسين، واستولى على الكوفة والموصل وتتّبع قتلة الحسين عليه السّلام. قتله مصعب بن الزبير بعد حرب بينهما سنة 67 هـ.
الإصابة ـ الترجمة رقم 8547، الفرق بين الفرق 31 ـ 37، الكامل في التاريخ 82:4 ـ 108، تاريخ الطبري 146:7، الأعلام 192:7.
48 ـ عمر بن سعد بن أبي وقّاص الزهري المدني، سيّره عبيد الله بن زياد على أربعة آلاف لقتال الديلم، وكتب له عهده على الري، ثمّ لمّا علم ابن زياد بمسير الحسين عليه السّلام من مكّة متجهاً إلى الكوفة كتب إلى عمر بن سعد أن يعود بمن معه، فعاد، فولاّه قتال الحسين عليه السّلام، فاستعفاه فهدّده وذكّره ولاية الري، فأطاع. بعث المختار من قتل عمر بن سعد حين قيامه فقُتل. الطبقات 125:5، الكامل في التاريخ 21:4، الأعلام 47:5.
49 ـ عبيدالله بن زياد بن أبيه، ولد بالبصرة، وكان مع والده لمّا مات بالعراق، قصد الشام فولاّه عمّه معاوية خراسان سنة 53 هـ وبقي فيها سنتين، ونقله معاوية إلى البصرة أميراً عليها سنة 55، وأقرّه يزيد على إمارته سنة 60 هـ. وكانت فاجعة الطف في أيامه وعلى يده. وبعد هلاك يزيد بايع أهل البصرة لعبيد الله، ثمّ لم يلبثوا أن وثبوا عليه، فهرب متخبّئاً إلى الشام، ثمّ عاد يريد العراق، فلحق به إبراهيم الأشتر فاقتتلا وتفرق أصحاب عبيدالله فقتله ابن الاشتر في خازر من أرض الموصل. ويُدعى عبيدالله بابن مرجانة، وهي أمّه كانت معروفة بالفسق والفجور. تاريخ الطبري 166:6 و 18:7 و 144، الأعلام 193:4.
50 ـ البصرة بلدة إسلامية بُنيت في حكم عمر في السنة 18 من الهجرة، سمّيت بذلك لأنّ البصرة هي الحجارة الرخوة، وهي كذلك فسمّيت بها، والبصرتان: البصرة والكوفة. مجمع البحرين 225:3 ـ 226.
51 ـ كان مولى للحسين عليه السلام، أرسله إلى أهل البصرة، وسلّمه أحد من أُرسل إليهم من زعماء البصرة إلى عبيدالله فقتله، وذكر بعض المؤرخين أنه استشهد مع الحسين عليه السّلام، والظاهر أنه وقع خلط بين هذا وبين سليمان آخر استشهد مع الحسين عليه السّلام. تاريخ الطبري 357:5 ـ 358، مقتل الخوارزمي 199:1، بحار الأنوار 337:44 ـ 340، أنصار الحسين 74، ضياء العينين 39 ـ 40.
52 ـ لم يُذكر.
53 ـ المنذر بن الجارود بن عمرو بن خنيس العبدي، ولد في عهد النبيّ وشهد الجمل مع عليّ عليه السّلام وولاّه عليّ عليه السلام إمرة اصطخَر، ثمّ بلغه عنه ما ساءه فكتب إليه كتاباً وعزله. ولاه عبيدالله بن زياد ثغر الهند سنة 61 هـ، فمات فيها آخر سنة 61 هـ. الإصابة ـ الترجمة رقم 8336، جمهرة الأنساب 279، الأغاني 117:11، الأعلام 292:7.
54 ـ يعرف بالأحنف، والأحنف لقب له لحنفٍ كان في رجله، واختلفوا في اسمه، فقيل: صخر، وقيل: الضحاك. ولد في البصرة، وأدرك النبيَّ صلى الله عليه وآله ولم يره. اعتزل يوم الجمل، توفي في الكوفة. الطبقات 66:7، جمهرة الأنساب 206، تاريخ الأسلام 129:3، الأعلام 276:1 ـ 277.
55 ـ لم نعثر على مَن ترجم له.
56 ـ هاني بن عروة الغطيفي المرادي، من مِذحج، أحد سادات الكوفة وأشرافها، أدرك النبيّ وصحبه، وكان من أصحاب وخواص أمير المؤمنين، شارك في حروب الجمل وصفين والنهروان. من أركان حركة حُجر بن عدي الكندي ضدّ زياد بن أبيه. قتله عبيدالله بن زياد في اليوم الثامن من ذي الحجّة سنة 60 هـ وبعث برأسه مع رأس مسلم إلى يزيد.
تسمية مَن قُتل مع الحسين 156، الكامل 10:4 ـ 15، المحبر 480، النقائض 246، التارج 359:3، رغبة الآمل 86:2، جمهرة الأنساب 382، الأعلام 68:8، أنصار الحسين 124 ـ 125، ضياء العينين 30 ـ 38.
57 ـ محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، أبو القاسم، من أصحاب مصعب بن الزبير، قتل سنة 67 هـ. الإصابة ـ الترجمة رقم 8504، الأعلام 39:6.
58 ـ أسماء بن خارجة بن حصين الفزاري، تابعي، من رجال الطبقة الأولى من أهل الكوفة، توفي سنة 66 هـ. فوات الوفيات 11:1، تاريخ الإسلام 372:2، النجوم الزاهرة 179:1، الأعلام 305:1.
59 ـ كذا في النسخ، والظاهر أن الصحيح: حائن، وهو حان حينه وهلاكه، راجع مجمع الأمثال للميداني.
60 ـ شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، أبو أُميّة. توفي سنة 78 هـ، أصله من اليمن، ولي قضاء الكوفة في زمن عمر وعثمان وعليّ ومعاوية، واستعفى في أيّام الحجاج فأعفاه سنة 77هـ. الطبقات 90:6 ـ 100، وفيات الأعيان 224:1، حلية الأولياء 132:4، الأعلام 161:3.
61 ـ عمرو بن معدي كرب بن ربيعة بن عبدالله الزبيدي، فارس اليمن وصاحب الغارات المذكورة، وفد على المدينة سنة 9 هـ في عشرة من بني زبيد فأسلم وأسلموا. يُكنى أبا ثور. توفي على مقربة من الري سنة 21 هـ، وقيل: قتل عطشاً يوم القادسية. الاصابة ـ الترجمة رقم 5972، الطبقات 383:5، خزانة الأدب 425:1 ـ 426، الأعلام 86:5.
62 ـ هو ملعون خبيث.
63 ـ كانت أم ولد للأشعث بن قيس الكندي، وقد كان لها ابن من غيره يقال له بلال بن أسيد، أعتقها أسيد الحضرمي. الكامل في التاريخ 31:4، وراجع أعلام النساء المؤمنات 363 ـ 364 وما ذكر فيه من مصادر ترجمتها.
64 ـ لم نعثر على مَن ترجم له.
65 ـ قال السيد الخوئي: زياد بن عبيد... هذا هو زياد بن أبيه، وأمّه سميّة المعروفة، وقصّة إلحاقه بأبي سفيان مشهورة، ونغله عبيدالله قاتل الحسين عليه السّلام.
وليت شعري كيف عدّ العلامة وابن داود هذا اللعين ابن اللعين أبا اللعين في القسم الأول من كتابيهما، وكأنهما لم يلتفتا إلى أن زياد بن عبيد هو زياد المعروف بأمّه، والله العالم. معجم رجال الحديث 309:7.
66 ـ في كتاب مستدركات علم الرجال 50:2 بكر بن حمران الأحمري، خبيث معلوم، قاتل مسلم بن عقيل.
67 ـ لم يُذكر، وهو خبيث معلوم.
68 ـ عبدالله بن الزبير بن الأعشى واسمه قيس بن بجرة بن قيس بن منقذ بن طريف بن عمرو بن قعين الأسدي.
69 ـ الفرزدق هو: همّام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، شاعر من النبلاء من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة، كان شريفاً في قومه، وكان أبوه من الأجواد الأشراف، وكذلك جدّه. توفي في بادية البصرة سنة 110هـ وقد قارب المائة من عمره.
70 ـ وقيل يوم الأربعاء لثمان مضين من ذي الحجة.
71 ـ قال الشيخ آقا بزرگ الطهراني في الذريعة 241:8 أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي المازندراني، المتأخر عن محمد بن جرير الطبري الكبير، والمعاصر للشيخ الطوسي المتوفى سنة 460هـ والنجاشي المتوفى سنة 450 هـ، والشاهد على ذلك أمور...
72 ـ دلائل الإمامة أو دلائل الأئمّة، ألّفه بعد 411هـ، قال الشيخ الطهراني: وأول من نقل عن هذا الكتاب هو السيّد عليّ بن طاووس...، وقد ذكرنا أنّ مكتبة ابن طاووس كانت تشتمل في عام 605 هـ على 1500 مجلد، ومنها نسخة تامة من هذا الكتاب، حيث ينقل من أوائله وأواسطه وأواخره متفرقة في تصانيفه، وكان قد ذكر فيها اسم المؤلف، ولم تصل هذه النسخة إلى المتأخرين عنه إلاّ ناقصةً. الذريعة 244:8.
73 ـ في مستدركات علم الرجال 95:4 سفيان بن وكيع، أبو محمد، لم يذكروه. روى محمد بن الفرات الدهان عنه عن أبيه عن الأعمش، وروى محمد بن جرير الطبري عنه عن أبيه عن الأعمش، وروى عنه في دلائل الطبري كثيراً في أبواب المعجزات.
74 ـ وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان، حافظ للحديث، كان محدث العراق في عصره. ولد بالكوفة، وتوفي بفيد راجعاً من الحج سنة 197هـ، وقيل: 199هـ، وقيل: غير ذلك. تذكرة الحفاظ 282:1، حلية الأولياء 368:8، ميزان الإعتدال 270:3، تاريخ بغداد 466:13، الأعلام 117:8.
75 ـ سليمان بن مهران الأسدي معروف بالولاء، تابعي، أصله من بلاد الري، ومنشأه ووفاته بالكوفة، يروي نحو 1300 حديثاً، توفي سنة 148هـ. الطبقات 238:6، الوفيات 213:1، تاريخ بغداد 3:9، الأعلام 135:3.
76 ـ ذكر في مستدركات علم الرجال 425:3 زرارة بن خلج وزرارة بن صالح وعدّهما شخصين، وقال عن ابن خلج: لم يذكروه، وهو من أصحاب الحسين عليه السّلام، رأى معجزته وإخباره إياه بشهادته وشهادة أصحابه. وقال عن ابن صالح: تشرّف بلقاء الحسين قبل خروجه إلى العراق بثلاثة أيّام، وروى عنه. والظاهر أنهما اسمان لشخص واحد، والله العالم.
77 ـ العراقان: الكوفة والبصرة، ويسمى العراق السواد، لسواده والنخيل والأشجار، وحدّ السواد: من حديثة بالموصل طولاً إلى عبادان، ومن العذيب بالقادسية إلى حلوان عرضاً، وأمّا العراق في العرف فطوله يقصر عن طول السواد.
78 ـ كانت مقبرة عامة للنصارى قبل الفتح الإسلامي، وتقع في أراضي ناحية الحسينية قرب نينوى. تراث كربلاء 19.
79 ـ روى معمّر بن المثنى في مقتل الحسين عليه السّلام، فقال ما هذا لفظه: فلمّا كان يوم التروية قدم عمر بن سعد بن أبي وقّاص إلى مكّة في جندٍ كثيف، قد أمره يزيد أن يناجز الحسين القتال إن هو ناجزه أو يقاتله إن قدر عليه، فخرج الحسين عليه السّلام يوم التروية.
80 ـ هو محمد بن أحمد بن داود بن علي، شيخ الطائفة أبو الحسن القمي، توفّي سنة 368هـ، صاحب كتاب المزار، من أجلاء مشايخ المفيد، ويروي عنه أيضاً الحسين بن عبيدالله بن الغضائري. طبقات القرن الرابع 236.
81 ـ أبو القاسم محمد الأكبر بن عليّ بن أبي طالب، والحنفية لقب أُمّه خولة بنت جعفر، كان كثير العلم والورع شديد القوة، وحديث منازعته في الإمامة مع عليّ بن الحسين عليه السّلام وإذعانه بإمامته بعد شهادة الحجَر لعليّ بن الحسين عليه السّلام بالإمامة مشهور، بل في بعضها: وقوعه على قدمي الإمام السجاد عليه السّلام. توفي سنة 80هـ، وقيل: 81هـ. تنقيح المقال 115:3، وفيات الأعيان 91:5، الطبقات 91:5.
82 ـ بالتحريك، وهي بين عمان إبلى نجران ثم يلتوي على بحر العرب إلى عَدَن.
معجم البلدان 447:5.
83 ـ وذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: ذكرنا خروج الحسين عليه السّلام وتخلّف ابن الحنفية عنه، فقال أبو عبدالله عليه السّلام: يا حمزة، إنّي سأُحدّثك بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا:
إنّ الحسين عليه السّلام لمّا فصل متوجّهاً، أمر بقرطاس وكتب:


source : alhassanain
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مواعظه (ع)
من كلام السيد القائد الخامنئي (دام ظلّه) في ذكرى ...
كرامات الإمام الحسين ( عليه السلام ) بعد مقتله من ...
الإمام الحسين والقرآن الكريم
قصيدة تلقى قبل اذان الصبح في حضرة الامام الحسين ...
اصحاب الامام الحسين عليه السلام يوم الطف
زيارة الناحية المقدسة
شعر الإمام الحسين ( عليه السلام )
مِن فضائل زیارة الحسین علیه السلام
صفات الإمام الحسين ( عليه السلام ) الجسمية وهيبته

 
user comment