عربي
Monday 22nd of July 2024
0
نفر 0

أنيابُ الثعلب دالة على شره

أنيابُ الثعلب دالة على شره

أحدُ الثَعالبِ كان يعيشُ في غابة ، وكان هذا الثعلبُ كثيرَ الاعتزازِ بمكرِه ، ومُقتنِعاً أن مكرَهُ قادرٌ على أن يُحقِّقَ له ما يُريد .

وفي يومٍ من الأيام جاعَ الثعلب ، ولم يَعثر على ما يأكُلُه على الرغم مِن بحثِه الطويل ، فاستَلقى تحت أغصانِ شجرةٍ حزيناً يَحلُم بدجاجةٍ أو أرنب .

وبعد لحظات حَطَّ غُرابٌ على غُصنِ الشجرة ونَظَر إلى أسفَل ، فرأى الثعلبَ باديَ الحزن ، فأشفَق عليه وسأله : ما بِك ؟

فلم يُجِب الثعلب ، بل رفعَ رأسَهُ وتأمّلَ الغُرابَ بنَظَراتٍ مُتفحِّصة ، فبَدا له طَعاماً شهيّاً ، وقال لنفسِه : لَحمُ الغُرابِ مُرٌّ كَريه ، ولكنّه أفضَلُ مِن الموت جُوعاً .

ثمّ خاطبَ الغرابَ بصوتٍ حاوَلَ أن يَجعلَهُ مُرتَعشاً ضعيفاً : آه يا صديقي الغراب ، أنا حزين لأنّي مريض .

وسَعَلَ الثعلب سُعالاً مُصطَنعاً ، ثمّ تابَعَ الكلامَ مُتسائلاً : هل صحيحٌ ما سَمِعتُهُ عنكَ يا صديقي الغراب ؟

فقال الغراب بِفُضول : ماذا سَمِعتَ ؟

قال الثعلب : سمعتُ أنك خَيرُ طبيبٍ في الغابةِ كلِّها .

قال الغرابُ بفَخر : ما سَمِعتَهُ ليس بعيداً عن الحقيقة ، أنا فِعلاً طبيبٌ قدير ، وأُقدِّمُ خِبرتي لمن يحتاجُ إليها .

قال الثعلب : إذَن ماذا تَنتظِر ؟! هيّا اترُكِ الغُصنَ وتَعالَ افحَصني .

ففكّرَ الغرابُ لحظات ، ثمّ قال للثعلب : أنت بالتأكيدِ تَجهلُ مِهنةَ الطب ، ففَحصُ المريضَ يَتمُّ على مرحلتَين .

في المرحلةِ الأولى أفحَصُ المريضَ وأنا بعيدٌ عنه ، فإذا لم أتمكّن مِن معرفةِ مرضهِ ألجأ عندئذٍ إلى المرحلةِ الثانية ، فأقترِبُ من المريضِ وأفحَصُهُ فَحصاً دقيقاً .

فقال الثعلب : هَيّا افحَصني كما تشاء .

فقال الغراب : افتَح فمَك .

فأطاعَ الثعلبُ وفتحَ فمَه ، فبَدَت أنيابُه لامِعةً حادّةً مُخيفةً جَعَلت الغرابَ يَرتَجفُ ، ولكنّه ضَحِكَ ضِحكةً مَرِحة ، فسألَهُ الثعلبُ بلهجةٍ لا تَخلو مِن لومٍ واستِنكار : لماذا تَضحك ؟! أليَس من القَسوَةِ أن تَهزَأ بمريضٍ مِسكينٍ مِثلي يُعاني الأوجاع ؟!

فقال الغراب : لقد ضَحِكتُ لأنني تَذكّرتُ نَصيحةَ جَدّي .

فقالَ الثعلبُ بتعجّب : وما هي نصيحة جَدِّك ؟!

قال الغراب : نصيحةُ جَدّي تُحَذِّرُ من الاقتِراب مِن مريضٍ له أنيابٌ كأنيابِك .

قال الثعلبُ مُتَصنِّعاً الغضبَ والاحتجاج : عَيبٌ عليك ، أتشُكُّ فيَّ ؟! هذه إهانةٌ لا أقبَلُها ، وأنا مُستعدٌّ لأنْ أُقسِم .. ، فقاطَعَهُ الغرابُ قائلاً : لا داعي إلى الكلام ، فأنيابُكَ تكلَّمت ، وأنا قد صَدَّقتُ ما قالَته .

وطارَ الغرابُ بعيداً تاركاً الثعلبَ جائعاً ، ناقِماً على أنيابهِ التي فَضَحَت ما يَعتزِمُ أن يَفعَله .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المرأة نصف المجتمع
وأن تصوموا خير لكم
الاستنساخ البشري
الكنز
كیف یفكر المسلمون فی الزمن الحاضر
قصة مريم في القرآن
هاشميات الكميت بن زيد الأسدي ثورة ورسالة
إصدار العدد الخامس من المجلة الفصلية ...
لمساعدة المتزوجين في التفاهم- قصة عقلين
حنانة خلفي.. نجمة ايرانية حافظة للقرآن أضاءت سماء ...

 
user comment