عندما يقيم الشاب والشابة زواجاً قانونياً، يراعيان فيه جميع القوانين والمقررات، لا نجد إضطراباً بسيطاً في ضمير الرجل والمرأة ولا يشعران في باطنهما بوحشة أو خوف من الله أو الناس. يمارسان إتصالهما بفكر هادئ وروح مطمئنة. وفي مثل هذه الظروف تنعقد النطفة بصورة طبيعية مائة في المائة. هذا مضافاً إلى أن المرأة في أيام الحمل ليست غير مضطربة فحسب، بل إنها فرحة في ضميرها ومستبشرة بالحمل. لأنها تعلم أن ذلك القران الخير قد أنتج ثماره، وما هي إلا أيام قلائل حتى يزين حجرها مولود سعيد، وعشرات أو مئات النساء والرجال سيأتون للتهنئة بولادته مستصحبين معهم باقات الزهور والهدايا الكثيرة!!
لقد جلب ارتياح بال الأبوين وحالتهما الطبيعية من جهة التأثير في البناء البدني والروحي للطفل إنتباه العلماء في العصر الحديث
إرتياح البال
لقد جلب ارتياح بال الأبوين وحالتهما الطبيعية من جهة التأثير في البناء البدني والروحي للطفل إنتباه العلماء في العصر الحديث. ولم يفت الأئمة عليهم السلام هذا الأمر. بل أكدوا على أثر الاطمئنان النفسي وارتياح الضمير عند الأبوين في إيجاد الطفل. يقول الامام الحسن العسكري عليه السلام في موضوع الشبه بين الطفل وأبويه أو عدمه: "فإن الرجل إذا أتى أهله بقلب ساكن وعروق هادئة، وبدن غير مضطرب، استكنت تلك النطفة في الرحم، فخرج الرجل يشبه أباه وأمه"1.
النطفة الطبيعية
إذا كان قلب الأبوين حين انعقاد النطفة منتظماً، وجريان الدم طبيعياً، والبدن خالياً من الاضطراب، فالطفل يكون شبيهاً لأبويه حسب القاعدة. إن أصح الحالات الطبيعية للطفل هو أن يشبه أبويه. وأصح الحالات الطبيعية للأبوين هو الكفيل بظهور ذلك الشبه الطبيعي.
والنتيجة التي نستنتجها من هذا البحث، هي: أن الرجل والمرأة اللذين يقيمان علاقة زوجية طاهرة مع مراعاة القوانين الدينية لا يحسان باضطراب وهلع حين الاتصال الجنسي، فالنطفة التي توجد منهما في تلك الحالة، وفقدان الاضطراب إلى حين الولادة يضمن نشوء إنسان طبيعي خال من الانحراف الفطري والخلقي.
أما الشاب والشابة اللذان يتصلان بغير زواج قانوني، فمما لا شك فيه أن حالتهما ليست هادئة وطبيعية مائة في المائة، وإذا كانا يهتمان بالتعاليم الدينية ويخافان من إنفضاح الأمر أمام أبويهما فان الاضطراب سيتضاعف أما إذا لم يكونا مرتبطين بالتعاليم الدينية فإن الخوف من الفضيحة أمام المجتمع كاف في إيجاد حالة من الهلع والاضطراب في الطرفين.
وإذا لم تنعقد نطفة من هذا الاتصال اللامشروع، ولم يستقر جنين في رحم المرأة، فإن الطرفين قد ارتكبا بذلك ذنباً في السر. أما إذا حملت المرأة من ذلك الاتصال فإن إفشاء السر بين الناس وانفضاح أمرهما سيعمل على ازدياد إضطرابها.
الاضطراب أيام الحمل
إن الفتاة التي تقدم على الزنا خفية عن أبويها، بمجرد شعورها بالحمل تضطرب أشد الاضطراب، وتنتابها رعشة تسري إلى فرائصها. ذلك لأن انتفاخ بطنها في أقرب وقت سيفضح سرها، ولذلك فانها تقضي لياليها بالأرق وتعيش أيامها غارقة في التفكير، والدموع السائلة والندم المتواصل... وما أكثر أولئك اللاتي أدى بهن الأمر إلى الانتحار والتخلص من هذه الحياة أو تحمل المشاق العظيمة في سبيل إجهاض الجنين اللاقانوني... الأمر الذي يجر معه الأمراض والآلام الشديدة.
أما إذا لم تقدم هذه المرأة على الانتحار، ولم تقم بإجهاض الجنين، وبعد انقضاء أيام الحمل تولد الطفل، هل تتصورون بأن هذا الطفل يمكن أن يكون سالماً وطبيعياً؟ فمضافاً إلى أن الاضطراب كان مستولياً على الأبوين حين انعقاد النطفة، ولم تنشأ النطفة الأولى لهذا الطفل بصورة طبيعية، فإن كابوس الاضطراب والقلق كان مسيطراً على المرأة طيلة تسعة أشهر (أيام الحمل) فهناك الغصص والآلام والهموم التي حولت تلك المرأة إلى مخلوقة ضعيفة عليلة... ولا يخفى أن الطفل كان شريكاً مع أمه في تلك الآلام والمحن.
إن الفرق بين الاتصال المشروع واللامشروع بين الرجل والمرأة مثل الفرق بين النقل القانوني والتهريب، وبين السفر إلى الخارج مع الجواز وبدونه
ان التجارب العلمية الدقيقة أثبتت نقطتين مهمتين:
الأولى: أن المرأة إذا أصيبت في أيام الحمل بخوف شديد وانتابتها رعدة من جراء خوفها تظهر بقع على جسم الطفل.
والثانية: أن الاضطرابات العصبية للأم في أيام الحمل تؤدي إلى تولد الطفل عصبياً... فإذا كانت حادثة مخيفة بسيطة أو حالة عصبية في وقت قصير تخلف أثراً سيئاً في الطفل، فالقلق الذي يستمر تسعة أشهر لا بد وأن يكون أثره أعظم!!.
النقل القانوني والتهريب
إن الفرق بين الاتصال المشروع واللامشروع بين الرجل والمرأة مثل الفرق بين النقل القانوني والتهريب، وبين السفر إلى الخارج مع الجواز وبدونه... فالمسافر عن كل من الطريقين يحتمل أن يعبر الحدود ويدخل الدولة الأخرى، ولكن مع فارق مهم هو أن حامل الجواز الذي يدخل الدولة الأجنبية بواسطة سمة الدخول يمتاز باطمئنان وارتياح بال، يتنقل كيف يشاء ويتصل بمن يشاء، من دون أن يحس في باطنه قلقاً أو اضطراباً. ولكن المسافر الذي لا يحمل جوازاً يرى نفسه معرضاً للخطر في كل لحظة، فهو قلق مضطرب، حركاته غير متزنة يصحبها إرتباك وتلفت إلى اليمين والشمال، وحذر من مراقبة الأفراد له. إذا قابل فرداً ظن أنه يراقبه وسيرفع تقريراً عنه إلى الحكومة وما أسرع أن يلقى القبض عليه... وهكذا فهو يمتقع لونه مقابل سؤال بسيط، وترتعد فرائصه ويفقد توازنه.
كل هذه الاضطرابات والحالات غير الاعتيادية التي تنتابه، لأجل أن هذا المسافر قد دخل دولة أجنبية بدون جواز أو سمة دخول. إن العقد وإجراء الصيغة في الزواج بمثابة الجواز والسمة للسفر إلى الخارج2.
-----------------------------------------------------------------------
المصادر:
1- بحار الأنوار ج 14-379.
2- الطفل بين الوراثة والتربية
source : tebyan