الإمام الحسن عليه السّلام ريحانة رسول الله
همسة واعية
المؤمن ـ أيّها الأصدقاء ـ مَن كان رسول الله صلّى الله عليه وآله أحبَّ إليه من فسه وأهله.. ومن دواعي الحبّ المشاركة الوجدانيّة والقلبيّة لمن نُحبّ في الأفراح والأتراح. وقد قَرّت عَينا النبيّ صلّى الله عليه وآله في النصف من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث من الهجرة النبوية المباركة.. بالوليد الطاهر، والسيّد السبط المجتبى الحسن الزكيّ عليه السّلام، وكذا قرّت عيون أبوَيه: فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين عليّ عليهما السّلام. من هنا يشارك كلُّ مؤمنٍ أهلَ البيت عليهم السّلام بهذه الفرحة، ويتجدّد لدى المسلمين سرورُهم بهذه المناسبة العطرة، وتُستثمر في التعرّف على أحد أصحاب الكساء عليهم السّلام.
انبعاث النور
• يقول شمس الدين بن طولون مؤرّخ دمشق في كتابه؛ الأئمّة الاثنا عشر: الحسن بن عليّ بن أبي طالب.. القرشيّ الهاشميّ المدنيّ، أبو محمّد، سِبط رسول الله صلّى الله عليه وآله وريحانته، وابن فاطمة بنت رسول الله سيّدة نساء العالمين رضي الله عنها وعنه.
وُلد في نصف رمضان سنة ثلاثٍ من الهجرة، وكان رضي الله عنه شبيهاً بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، سمّاه النبيُّ وعَقَّ عنه يومَ سابِعه، وهو خامس أهل الكساء.
• وروى محبّ الدين الطبريّ في ذخائر العقبى قائلاً: عن أسماء بنت عُمَيس قالت: أقبلتُ فاطمةَ عليها السّلام بالحسن عليه السّلام.. فجاء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا أسماء هَلُمّي ابني. قالت أسماء: فدفعتُه إليه في خِرقة صفراء، فألقاها عنه قائلاً:ألَم أعهَد إليكُنّ ألاّ تَلفُّوا مولوداً بخِرقةٍ صفراء ؟! فلَفَفتُه بخرقة بيضاء، فأخذه وأذّن في أُذُنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثمّ قال لعليٍّ عليه السّلام: أيَّ شيءٍ سَمّيتَ ابني ؟ قال: ما كنتُ لأسبِقَكَ بذلك، قال: ولا أنا سابقٍ ربّي.
فهبط جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يُقرئك السّلام ويقول لك: عليٌّ منك بمنزلة هارون من موسى لكنْ لا نبيَّ بعدك، فسَمِّ ابنَك هذا باسم وَلَد هارون، فقال: وما كانَ اسمُ ابنِ هارونَ يا جبرئيل ؟ قال: شبّر، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنّ لساني عربيّ، فقال: سمِّهِ الحَسَن. ففعل.
• وفي أُسد الغابة يتحدّث ابنُ الأثير عن حياة الإمام الحسن عليه السّلام فيقول: قال أبو محمّد العسكريّ: سمّاه النبيُّ صلّى الله عليه وآله الحس، ولم يكن يُعرَف هذا الاسم في الجاهلية. ورُوي عن ابن الأعرابيّ عن المفُضَّل قال: إنّ الله حَجَب اسمَ الحسن والحسين عليهما السّلام حتّى سمّى بهما النبيُّ صلّى الله عليه وآله ابنَيهِ: الحسنَ والحسين عليهما السّلام.
بهجة قلب المصطفى صلّى الله عليه وآله
يعرّف الله تعالى نبيَّه صلّى الله عليه وآله فيقول: لَقَدْ جاءَكُم رسولٌ مِن أنفُسِكم عَزيزٌ علَيه ما عَنِتُّم حَريصٌ علَيكُم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم (1) إذ هو صلّى الله عليه وآله أطيبُ الناس وأشفَقُهم، إلاّ أنّه لم يكن يُحابي أحداً لِهَوىً أو تعصّبٍ، حاشاه، فإذا أحبّ أحبَّ في الله، وهو المعصوم صلّى الله عليه وآله في سلوكه وأعماله، وحتّى في عواطفه ومشاعره.. فإذا أثنى على شخص أفصحَ عن الحقيقة، وإذا أشفق على إنسان كان ذلك بحقّ.
وقد كان للنبيّ صلّى الله عليه وآله مع حفيده الحسن المجتبى عليه السّلام حنان خاص؛ لأنّه نظر إليه من خلال البصيرة النبويّة، فرآه خليفتَه بعد أبيه عليّ عليه السّلام، ورآه الإمام الحقّ والوصيَّ المعيَّن بأمر الله تعالى..
وكانت علاقة رسول الله صلّى الله عليه وآله بالحسن عليه السّلام تعطي صوراً عديدة، منها:
الأولى: تعلّقُه صلّى الله عليه وآله به تعلّق الأب بولده، إذ شاء الله تعالى أن يمتدّ نسلُ نَبيّه الخاتَم من طريق ابنته فاطمة عليها السّلام وابن عمّه الإمام عليّ عليه السّلام. فيكون الحسن المجتبى عليه السّلام سبطَ النبيّ وحفيده، وولدَه الشرعيّ والروحيّ معاً؛ وهو خليفته فيما بعد.. فالعلاقة ـ من هنا ـ تصبح أسمى ما تكون:
•• في حِلية الأولياء يكتب أبونعيم: عن عبدالله بن عمر بن الخطّاب، قال: كنّا جُلوساً عند رسول الله إذ مرّ به الحسن والحسين وهما صَبيّان، فقال: هاتِ ابنَيَّ أُعَوِّذهما بما عَوّذ به إبراهيمُ ابنَيهِ إسماعيلَ وإسحاق. فقال: أُعيذُكُما بكلماتِ الله التامّة، مِن كلّ