فيما يتصل ببواكير التأليف في القراءات لابدّ من الإشارة إلي موقع العالم الإمامي أبان بن تَغلِب البكري ( ت 141 هـ ) الذي كان من تلاميذ
الإمام الصادق عليه السّلام. وقد عُرف أبان بكونه صاحب قراءة مختارة ( ينظر: رجال النجاشي 11. غاية النهاية لابن الجزري 4:1 ).
وحين تبلوَر التأليف في القراءات السبع عند مطلع القرن الرابع الهجري.. عمد ابنُ الحجّام ( من علماء الإمامية ) إلي تأليف كتابين في القراءة، أحدهما اسمه: « قراءة
أهل البيت عليهم السّلام »، والآخر: « قراءة أمير المؤمنين عليه السّلام »( الفهرست للطوسي 149 ـ 150 ). وفي هذه الحِقبة نفسها أورد محمد بن بحر الرهني في كتابه « مقدمات في علم القرآن » بحوثاً عن القراءات واختلاف المصاحف ( لاحظ مثلاً: سعد السعود 279 ـ 281 ).
ونلتقي فيما بعد بشخصيات أخري من مثل ابن خالَوَيه ( ت 370 هـ ) وأبي العلاء الهمداني ( ت 569 هـ ).. اللذين كان لهما موقع خاص في علم القراءات، إلاّ أنّ ارتباطهما بمذهب الإماميّة لم يكن موضع اتفاق .
وعلي أيّ حال.. فانّ تاريخ الحركة العلمية القرآنية لدي الإماميّة يكشف عن أن هذه الحركة ـ بعد التحولات التي طرأت علي مدرسة ( الحِلّة ) ـ قد دلّت علي مزيد من العناية بالمؤلفات المختصة بالقراءات في العالم الإسلامي. ومن هنا نقرأ في إجازات علماء الإماميّة أسماء لكتب القراءات المشهورة، مثل: « التيسير » لأبي عمرو الداني، و« التلخيص » لأبي معشر الطبري ( لاحظ مثلاً: الاجازة الكبيرة للعلاّمة الحلّي 129. الإجازة لابن أبي الرضا ـ ضمن كتاب بحار الأنوار 162:104 ـ 165 ).