قال الله تعالى: ? أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ?(الفرقان:43).
ان في الضمير الانساني قوة تسمى بالوجدان الأخلاقي. وفي الموارد التي يرتكب الانسان جريمة يقع فريسة اللوم والتقريع من تلك القوة الباطنية. إن الوجدان الأخلاقي من القوة والقدرة بحيث أنه لا يترك المجرم ونفسه حتى في عالم النوم. يستعرض أمام عينه جرائمه بصورة الرؤيا، وبذلك يلومه عليها...
إن قوة الوجدان الأخلاقي وإدراك قبح الاجرام هو الذي يحور صورة الحلم ولا يسمح بأن يظهر المجرم على صورته الواقعية من جهة ويجعل المجرم من جهة أخرى يشاهد جرائمه في الرؤيا برعب وقلق وأن الانقياد لأوامر الوجدان الأخلاقي وإطاعة مقرراته وظيفة حتمية لكل انسان... فإن مخالفته تتضمن مصائب ومآسي لا تجبر.
هناك قوتان في طريق إرضاء الميول أو ضبطها وعدم الاستجابة لها في باطن كل انسان: احداهما ايجابية، والأخرى سلبية. أما القوة الايجابية فهدفها جلب اللذائذ وإرضاء الغرائز فقط، وتميل إلى إشباع جميع الميول الطبيعية وتحقيق جميع الرغبات بدون قيد اوشرط . هذه القوة لا تفهم الخير والشر، أو الصالح والفاسد، إنها تنادي باللذة فقط وليس لها هدف غير ذلك. و لقد عبر القرآن الكريم عن هذه القوة الباطنية بـ ( النَّفْسَ الأَمَّارَةٌ )... حيث يقول عز من قائل: ? إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ?(يوسف:53).
وأما القوة السلبية في باطن الانسان، فهي تتمثل في القوة التي تمنع الانسان في جلب اللذائذ عن ارتكاب الجرائم والوقوع في الدنس، وتلطف من حدة الميول، وتلجم النفس الأمارة الشموس، إنها تسمح بإرضاء الغرائز والاستجابة للميول بالمقدار الذي لا يتصادم مع المقررات العقلية والعرفية والشرعية، أما ما عدا ذلك فانها لا تسمح به. ولقد عبر القرآن الكريم عن هذه القوة المعدلة للميول بـ(النَّفْسِ اللَّوَّامَة)...
حيث يقول تعالى: ? لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ?(القيامة:1ـ2).