تاريخ امتداد التشيع في الري .
يـمـكـن ان تـشـكل دراسة التغييرات التي تطرا على الوضع الديني لمدينة ما جز من دراسة عامة للتطورات الدينية الكبيرة , كما يتسنى لها ان تقدم عونا مناسبا في تبيين اسبابها و نتائجها.
و من الجدير ذكره ان التغيير الديني قد يكون مفاجئا و منبعثا عن وضع قسري و عوامل خارجية , و قد يكون تدريجيا و ناتجا عن اسباب داخلية و لكل منهما طبيعته الخاصة , و ينبغي دراسة كل واحد منهما على حده .
و كان التطور الديني في مدينة الري تطورا تدريجيا امتد سبعة قرون بدا بالنزعة الناصبية (نصب الـعـدا لاهل البيت ـ عليهم السلام ـ) و ختم بالتشيع الامامي و ان الاهتمام بالمقارنة الجوهرية بين الـنـظـرتـين , و كذلك الاخذ بعين الاعتبار ان هذا التطور كان منبثقاعن ظروف داخلية و اسباب طـبـيعية , كل اولئك يمكن ان يمثل تجربة قيمة في دراسة التطورات الدينية و قد لمسنا في تاريخ ايـران و غيرها من الاقطار الاسلامية نزوعا من المذهب السني الى المذهب الشيعي او بالعكس , و ذلك النزوع كان بفعل ظروف قسرية على سبيل المثال كان الناس في مدينة حلب من الشيعة و مازالت مـعـالـم الـتشيع بادية فيها, بيد ان الضغوط التي مارستها الحكومة الايوبية ثم العثمانية قد ادت الى افـول شـمس التشيع في هذه المدينة , و لم يبق فيها الا آثار ضئيلة منه علما بان اهالي بعض المناطق الاخـرى قـد تشددوا في هذا المجال , و اصروا على مذهبهم تحديا منهم لتلك الضغوط و من هؤلا اهالي جنوب لبنان و ان مثل هذه التجارب تقل قيمتها بالنسبة الى التطور الديني في الري , ذلك ان هذا الـتـطـور ـ كـمـا مر بنا ـ كان تطورا تدريجيا و داخليا بدامن نقطة ((النصب )) و انتهى بنقطة ((الـتـشيع )) و من الطريف ان الضغوط الكثيرة التي مارسهاالغزنويون والسلاجقة ضد شيعتها لم تقف عقبة في طريق نمو التشيع الامامي فيها.
و نستعرض في هذا الفصل المسيرة الدينية التحولية للري , و امتداد التشيع فيها,و اسبابه , و كذلك نتحدث عن جانب من الجهود الثقافية لشيعتها.