عربي
Thursday 9th of May 2024
0
نفر 0

حقوق وعقوق

حقوق وعقوق
ذوي الحقوق كثيرون ، ولكن اكبر الحقوق واعظمها واولاها حق الله سبحانه وتعالى ، ورسوله عليه وآله الصلاه والسلام ، واولياءه عليهم صلوات ربّ الارباب ، لأن اعظم النعم واكبرها من هؤلاء ، فالله تعالى حدّث عن نعمه و لاحرج ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ـ ابراهيم ـ ٣٤ )
وأما الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكم قاسى المحن واحتمل المصائب والأذى في سبيل هداية وسعادة البشر ، حتى قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما اوذي نبي مثل ما اوذيت. وأما الأولياء أئمة الخلق وهداة الحق المصطفين المنتجبين صلوات الله عليهم اجمعين ، فسل عنهم التأريخ والعلم والانسانية لترى اياديهم على كل ذي وجود من يومهم الى آخر الدنيا ، بل وحتى في الآخرة ونعيمها ، فاز من تمسّك بهم ونجى ، وخسر من تركهم وهوى ، اللهم احينا حياتهم وامتنا مماتهم ، واحشرنا معهم بحقّهم عليك وحقك عليهم آمين آمين يا رب العالمين.
١ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حق علي على المسلمين كحق الوالد على ولده ...
٢ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ايضاً : انا وعلي ابوا هذه الأمة ... (1)
٣ ـ علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن درست بن أبي منصور ، عن أبي الحسن موسى على آبائه وأبنائه وعليه افضل التحيات والبركات من الله تعالى ، قال : سأل رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله البررة الكرام ؟. ما حق الوالد على ولده ؟ قال صلوات الله المتعال عليه وأله الطاهرين : لا يسمّيه باسمه ، ولا يمشى بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسّب له ... (2)
٤ ـ عدة من اصحابنا ، عن احمد بن محمد بن خالد ، عن أبنه عن عبد الله بن بخر ، عن عبد الله بن مكان ، عنم رواه عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام ، قال : قال ـ وأنا عنده ـ لعبد الواحد الأنصاري في برّ الوالدين في قول الله عز وجلّ : ( وبالوالدين احسانا ) ـ فظننّا أنها الآية التي في بني اسرائيل ( وقضى ربك أن لا تعبدوا الاّ اياه « وبالوالدين احسانا » ) فلما كان بعد سألته ؟.
فقال : هي التي في لقمان ( ووصيّنا الانسان بوالديه « حسنا » ان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) فقال : ان ذلك أعظم « من » أن يأمر بصلتهما وحقّهما على كل حال ( وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم ) ؟. فقال : لا بل يأمر بصلتهما وان جاهداه على الشرك ماذا وحقّهما الاّ عظما ... (3)

اعالة الاولاد

ان موضوع الاعالة موضوع مهّم جدّا ، وقد درسه وتدارسه علماء الاقتصاد من زمن غير قريب ، ولهم فيه الكلام الطويل من نفض وابرام ، ودفع ودخل ، فمنهم من اوجب النفقة ـ اي اعالة الاولاد ـ وهو ما وافق الاحكام الإسلامية ، وطبعاً بحدود حّددها الشرع الشريف ـ راجع كتاب النكاح في الفقه ـ ، وفهم من لا يوجبها ، بل يشكّلها ويعرفها بشكل لا طائل بحته مهما بحثنا ونبحث.
وانا اذ أسلمنا وجهنا لله تعالى ، ما لنا وأقوال المخلوق له جل وعلا في امور قد شرّع لها نهجا قويما مستقيما ، كما قد أعضينا عن التفلسف فيما وجب علينا تعبدا.
١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن احمد الوليد رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدثنا محمّد بن عيسى بن عبيد عن زكريا المؤمن ، رفعه الى ابي عبد الله الصلاة والسلام قال : من عال ابنتين او اختين او عمتين او خالتين حجبتاه من النار.. (4)

النفقة على الوالد

من الواضع المهمّه في الشرع المقدّس ، هو موضوع النفقه ، وهذا الموضوع الذي قد اقلق أدفعه المفكرين العصرييّن ، فانهم كلما يحاولون أن يجعلوا النفقه كلّ على عاتقه ، ويقننوا بهذا الصدد قانونا يرون العيب والنقص باوزان في يرمون اليه ، فان أيّ كفه يرجحونها بتقى الأخرى موجوحه ، ويبان الخلل في دستورهم ، فلا مفّر الاّ الى المشرّع الخالق ، ولا مناص الاّ الالتجاء الى ما سنّه هو جلّت عظمته فلن تجد لسنة الله تبديلا ، ولن تجد لسنته الله تحويلا.
١ ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي‌الله‌عنه قالا : حدّثنا محمد بن يحيى العطار ، واحمد بن ادريس جميعا عن محمد بن احمد ، عن موسى بن عمر ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن حريز عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام ، قال ( حريز ) قلت من الذي أجبر عليه وتلزمني نفقته : قال عليه‌السلام : الوالدين ، الولد ، والزوجة ... (5)
٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن رضي‌الله‌عنه ، قال :حدثنا محمّد بن يحيى العطار ، عن محمد بن احمد ، عن أبي اسحاق ابراهيم بن هاشم عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي ، عن عدة من اصحابنا يرفعونه الى أبي عبد الله عليه التحيّات الزاكيات من الله ، أنه قال عليه‌السلام : خمسة لا يعطون من الزكوة ، الولد. والوالدين. والمرأة. والمملوك. لأنّه يجبر « الرجل » على النفقه عليهم ... (6)
٣ ـ يسئلونك ماذا ينفقون قل ما انفقتم من خير فللوالدين و الاقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل ، وما تفعلوا من خير فان الله به عليم ( البقرة ـ ٢١٥ ).

الدعاء

لكل شيء ـ مهما صغر أو كبر ـ أثر ، والآثار تتعلق بالدنيا والآخرة ، ومما روئي منه اعجب الآثار هو الدعاء ، فقد جرّب أن بعض الأدعية تشقّ طريقها الى الاستجابة كالسيف الصارم ، كيف لايكون كذلك والدعاء من البعض اقرب الى هدف الاستجابه.
١ ـ حفظ عنهم عليهم‌السلام : أن ستة لا تحجب لهم عن الله تعالى دعوة : منهم الوالد البار لولده ، والولد الصالح لوالده ... (7)
٢ ـ حدثنا ابو الحسين محمّد بن علي بن الشاة ، قال : حدثنا ابو حامد احمد بن الحسين ، قال : حدثنا ابو يزيد احمد بن خالد الخالدي ، عن محمد بن احمد بن صالح التميمي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثني انس بن محمد ابو مالك ، عن ابيه عن جعفر بن محمد ، عن ابيه ، عن جدّه ، عن علي بن ابي طالب عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال :
في وصيته له ، يا علي اربعة لا تردّ لهم امام عادل ، ووالد لولده ، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب. والمظلوم يقول الله جل جلاله وعزتي وجلالي لانتصرنّ لك ، ولو بعد حين ..(8)
٣ ـ عن « الجعفريات » قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اياكم ودعوة الوالد ! فانها ترفع السحاب حتى ينظر الله اليها ، فيقول : الىّ حتى استجيب له ، فايّاكم و دعوه الوالد فانها احد من السيف .(9)
٤ ـ عن « الجعفريات » عن الراوندي بسند طويل ، عن سلمة بن وردان ، قالت : سمعت أنس بن مالك يقول : ارتقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر درجة ، فقال : آمين. ثم ارتقى الدرجة الثانية ، فقال : آمين. ثم ارتقى الدرجة الثالثة ، فقال : آمين. ثم استوى فجلس. فقال اصحابه على ما أمّنت يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال : أتاني جبرائيل فقال : رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك ، فقلت آمين. فقال : رغم أنف امرئ ادرك ابويه فلم يدخل الجنّة فقلت آمين. فقال : رغم انف امرئ ادرك شهر رمضان فلم يغفر له فقلت آمين ... (10)
٥ ـ قال سيد الانام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاث دعوات لا ترد أ ـ دعوة الوالد لولده. ب ـ ودعوة الصائم. ج ـ ودعوة المسافر ... غوالي الدرر ، حرف الثاء ، ص ٣٠.
٦ ـ قال ايضا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعاء الوالد لولده كدعاء النبي لأمته ... المصدر السابق ، حرف الدال ص ٦٠.
٧ ـ « وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا » ... ( بني اسرائيل ـ ٢٤ ).
٨ ـ قال صاحب مجمع البيان : معناه أدع لهما بالمغفرة والرحمة في حياتهما وبعد مماتهما جزاء لتربيتهما ايّاك في صباك ، وهذا ان كانا مؤمنين ، وفي دلالة أنّ دعاء الولد لوالده الميّت مسموع والاّ لم يكن للامر به معنى ... ج ٦ ، ص٤١٠ ، ذيل آيه ( وقل رب ) من سوره بني اسرائيل.
٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ين عيسى ، عن معمّر بن خلاّد ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه وعلى آبائه وأبنائه الصلاة والسلام والتحيات والبركات الى يوم الدين ، آمين ، ادعو لوالديّ اذا كانا لا يعرفان الحق ؟. قال عليه‌السلام أدع لهما ، وتصدّق عنهما ، وان كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : ان الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق ... الكافي ج ٢ ، ص ١٢٧ ، باب البر ، الحديث ٨.

حقوق الوالدين

هل يمكن لعبد يؤدي حقوق الله كما هو حقّه ؟ كلاّ ثمّ كلاّ. ولمّا كان حق الوالدين مشتق من حق الله تبارك وتقدّس كيف يمكن اداءه ! وبغض النظرعن اداء الحق كلّه ، يظن أن لا يمكن اداء قسط ضئيل منه ، فالويل كل الويل للذين لا يسعون في اداء هذا الحق العظيم.
١ ـ قال الصادق عليه وعلى آبائه وأبنائه الصلوة والسلام : برّ الوالدين من حسن معرفة العبد بالله ، اذ لا عبادة اسرع بلوغا لصاحبها الى رضا الله من برّ الوالدين المؤمنين لوجه الله تعالى ، لأن حق الوالدين مشتق من حق الله تعالى ، اذا كانا على منهاج الدين والسنه ، ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله تعالى الى طاعتهما « معصيته خ ل » ومن اليقين الى الشك ، ومن الزهد الى الدنيا ، ولا يدعو أنهّ الى خلاف ذلك ، فاذا كانا كذلك ـ أي يدعوان الى خلاف طاعة الله تعالى ـ فمعصيتهما طاعتهما معصية ، قال الله تعالى وتقدّس : ( وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتّبع سبيل من أناب اليّ ثم اليّ مرجعكم ) ( لقمان : ١٥ ). (11)
٢ ـ وأما في باب المصاحبة « العشرة خ ل » فقاربهما وارفق بهما واحتمل اذا هما بحق « بنحو خ ل » ما احتملا عنك في حال صغرك ، ولا تظيّق عليهما فيما قد وسّع الله عليك من المأكول والملبوس ولا تحوّل وجهك « بوجهك خ ل » عنهما ، ولا ترفع صوتك فوق صوتهما ، فان تعظيمهما من أمر الله ، وقل لهما باحسن القول ، والطف بهما فان الله لا يضيع اجر المحسنين.
٣ ـ قال رسول الانسانية صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ! رضا الله من رضا الوالدين ... غوالي الدرر ، حرف الياء ص ١٧٢.
٤ ـ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ! سخط الله في سخط الوالدين ... نفس المصدر.

حق الولد على الوالد

كما أن للوالد حق على الولد ، كذلك للولد حق على الوالد ، ولو أن كلاهما عرف حق صاحبه وأدّاه لازداد خيرهما وذهب عنهما ما يسوئهما ، ولشملتها رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وما المطلوب سواها.
١ ـ ثم من حق الولد على الوالد ما قاله أحد الحكماء : اعلم أن لولدك عليك سبعة حقوق : تتخيّر أمة ، واسمه ، وظئره ( المرضعة ) ، وتعلّمه كتاب الله عز وجلّ ، والخط ، والحساب ، والسباحة ... معدن الجواهر ، باب ما جاء في سبعة ، ص ٦١.
٢ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ... (12)

الفريضة

من الفرائض ما لا مانع من مبادلتها بغيرها ، مثل خصال كفّارة الصوم مثلا. فالمكلّف ان عجز عن صوم شهرين متتابعين ، له أن يبدّلها بالعتق او الاطعام. ومنها ما لا مجال لتبديلها مع بقاء عنوانها الأولى كما أن للفرائض درجات وأحجام ، فمنها ما تكن صغيرة ومنها ما تكن اكبر ، ومن كبرائها برّ الوالدين التى لا تتبدل بغيرها من البرّ و الحسنات.
١ ـ من كلمات مولانا امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أنه قال بر الوالدين اكبر فريضة جاء في كتاب درر الكلم.
٢ ـ وقال تعالى : ( وبالوالدين احسانا ) ... النساء آية ٣٦ ... والبقرة آيه ٨٣ .. والأنعام آية ١٥١. والاسراء آية ٢٣.
٣ ـ قال شيخنا العلامة المجلسي « ره » في ج ١٦ ص ١٤ من ( بحار الانوار ) نقلا عن الكافي مسندا عن على بن ابراهيم وابن محبوب وأبي ولاد الحنّاط رضي‌الله‌عنه أنه قال : سألت ابا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل ( وبالوالدين احسانا ) ما هذا الاحسان ؟ فقال عليه‌السلام : الاحسان ، ان تحسن صحبتهما وأن لا تكلّفهما أن يسألانك شيئا مما يحتاجان اليه ، وان كانا مستغنين عنه ، اليس يقول الله تعالى ( لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبّون ... ) (13)
المصادر :
1- غوالي الدرر ، حرف الحاء ، ص ٤٩.
2- الكافي ، ج ٢ ، ص ١٢٧ ، باب البر ، الحديث ٥.
3- الكافي ج ٢ ، ص ١٢٧ ، باب البر ، الحديث ٦.
4- الخصال ص٣٠ ، باب الاثنين ، الحديث ١٤.
5- الخصال ، باب الاربعة ، ص ٢٠١ ، الحديث ١٠٩.
6- الخصال ، باب الخمسة ، ص ٢٣٤ ، الحديث ٤٥.
7- معدن الجواهر ، باب ما جاء في ستة ، ص ٥٥.
8- الخصال ، باب الاربعة ، ص ١٥٧ ، الحديث ٤.
9- ذرايع البيان ، ص ١٩٩ ، تكملة.
10- ذرايع البيان ، ص ٢٠٠ ، تكمله.
11- جاء في كتاب مصباح الشريعة ، الباب الثاني والسبعون ، ص ٤٨.
12- غوالي الدرر ، حرف الحاء ، ص ٤٩.
13- ذرايع البيان ، الآفة الثامنة ، ص ١٧٢.

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قنوت الإمام الحسين بن علي ع
قاعدة إتباع عموم الفكرة
هل يمكن تعريف القرآن؟
صور حديثة لوادي الغدير
المنزلة العالية
الأسس التي تضمنها قوله تعالى (آمنا به، كلُّ من ...
فلسفة الحج عند الامام
أصحاب اليمين هم الشيعة
الإيرانيون وبداية التمهيد للمهدي عليه السلام
المبرّرات الأخرى لخروجه (عليه السلام)

 
user comment