قا ل أميرالمؤمنين عليه السلام : «تعلموا العلم ، فإن تعليمه حسنة،وطلبه عبادة، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لايعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأنه علم الحلال والحرام ، وسبيل منازل الجنة، والأنيس في الوحشة،والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء،والسلاح على الأعداء، والزينة عند الأخلاء، يرفع به أقواماً فيجعلهم للخير قادةوأئمة، وتقتص آثارهم ،و يُقتدى بفعالهم ، ويُنتهى إلى رأيهم ، ترغب الملائكة فيخُلَّتِهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، ويستغفرلهم كل رطب ويا بس ، لأن العلم حياةالقلوب ، ومصابيح الأبصارمن الظلم ، وقوة الأبدان من الضعف ، ويبالغ به العباد منازل الأخيار، والدرجات العلى، وبه توصل الأرحام ، ويعرف الحلالَ من الحرام ،وهو إمام العمل والعمل تابعه ،يلهمه اللّه تعالى أنفس السعداء ويحرمه الأشقياء».
وقال عليه السلام : «الكلمة من الحكمة، يسمع بها الرجل فيقولها أو يعمل بها، خيرمن عبادة سنة».
وقال عليه السلام : «تعلموا العلم ، وتعلموا للعلم السكينة والوقار والحلم ، ولاتكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم ».
وقال عليه السلام : «شكرالعالم على علمه أن يبذله لمستحقه ».
وقال عليه السلام : «لاراحة في عيش ، إلا لعالم ناطق ، أو مستمع واع » .
وقال عليه السلام : «اغد عالماً، أو متعلماً، ولا تكن الثالث فتهلك ».
وقال عليه السلام : «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ، رضاً بمايصنع».
وقال عليه السلام : «لوأن حملة العلم حملوه بحقه ، لأحبهم اللّه وملائكته وأهل طاعته من خلقه ، ولكن حملوه لطلب الدنيا، فمقتهم اللّه ، وهانوا على الناس » .
وقال عليه السلام : «العلوم أربعة : الفقه للأديان ، والطب للأبدان ، والنجوم لمعرفة الأزمان ، والنحو للسان » .
وقال محمد بن علي الباقرعليه السلام : «عالم ينتفع بعلمه ، أفضل من سبعين ألف عابد» .
وقال عليه السلام : «من أفتى الناس بغيرعلم ولا هدى، لعنته ملائكة السماء، وملائكة الرحمهّ ، وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه » .
وقال الصادق عليه السلام : «تفقهوا في دين اللّه ولاتكونوا أعراباً، فإنه من لم يتفقه في دين اللّه ، لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة، ولم يزك له عمل ».
وقال عليه السلام : «العامل على غيربصيرة، كالسائرعلى غير الطريق ، ولايزيده سرعة السيرإلاً بعداً».
وقيل (له عليه السلام ): أيحسن بالشيخ أن يتعلم ؟ فقال : «إذا كانت الجهالة تقبح منه ، (حسن منه التعلم ) »(1).
وقال الصادق علبه السلام : «تعلموا العلم ، وأثبتوه ، واحكموه بالدرس ، وإنلم تفعلوا ذلك يَدرس ».
وقال عليه السلام لخيثمة : «أبلغ موالينا السلام ، واوصهم بتقوى الله والعمل الصالح ، وأن يعود صحيحهم مريضهم ، وليعد غنيهم على فقيرهم ، وليحضر حيهم جنازة ميتهم ، وأن يتآلفوا في البيوت ، ويتذاكروا علم الدين ، ففي ذلك حياة أمرنا،رحم اللّه من أحيا أمرنا.
واعلمهم - يا خيثمة - أنا لانغني عنهم من الله شيئاً، إلاّ بالعمل الصالح،و أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والإجتهاد، وأن أشد الناس عذاباً يوم القيامة، من وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره ».
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام ، أوصى ولده الحسن ، فقال : «يا بني ،احرزحظك من الأدب وفرغ له قلبك ، فإنه أعظم من أن تخالطه دنس ، واعلم أنكإن أعوزت غنيت به ، وإن اغتربت كان لك الصاحب الذي لاوحشة معه ، الأدب هولقاح العقل ، وذكاء القلب ، وزينة اللسان ، ودليل الرجل على مكارم الأخلاق ، وماالإنسان لولا الأدب إلا بهيمة مهملة، للّه درّ الأدب ! إنه يسود غير السيد، فاطلبه واكسبه تكتسب القدروالمال ، من طلبه صال به ، ومن تركه صيل عليه ، يلزمه اللّه السعداء، ويحرمه الأشقياء، والدنيا طوران : فمنهما لك ، ومنهما عليك ، فما كان منهما لك أتاك على ضعفك ، وما كان منهما عليك لم تدفعه بقوتك ».
وقال عليه السلام : « قيمة كل امرىء ما يحسن ، والناس أبناء ما يحسنون ».
وقال عليه السلام : «المرء مخبوء تحت لسانه ».
وقال عليه السلام : «العلم وراثة مستفادة، ورأس العلم الرفق ، وآفته الخرق ، والجاهل صغير وإن كان شيخاً ، والعالم كبير وإن كان حدثاً ، والأدب يغني عن الحسب ، ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالهيبة والوقار، والعلم مع الصغركالنقش في الحجر، وزلّة العالم كانكسار السفينة تغرق وتغرق ، والآداب تلقيح الأفهام ومفتاح الأذهان » .
وقال : «وتحزم ، فإذا استوضحت فاعزم ، ولوسكت من لا يعلم سقط الإختلاف ، ومن جالس العلماء وقّر، ومن خالط الأنذال حقّر، لاتحتقرن عبداَ اتاه اللّه الحكمة والعلم ، فإن اللّه تعالى لم يحقّره حيث اتاه إيّاه ، والمودة أَشبك الأنساب ، لاتسترذلنّ حسب ذي العلم فإن اللّه تعالى لم يحقره حيث اتاه أشرف الأحساب ، ولا كنزأنفع من العالم ، ولا قرح سوء شرّ من الجهل ، والعلم خير من المال ، لأن العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والعلم يزكوعلى الانفاق ، والمال(تنقصه النفقة) ، والعلم حاكم ، والمال محكوم عليه ، فعليكم بطلب العلم ، فإن طلبه فريضة، وهو صلة بين الإخوان ، ودال على المروّة، وتحفة في المجالس ، صاحب في السفر، واُنس في الغربة، ومن عرف الحكمة لم يصبرعن الازدياد منها، والشريف من شرَّفه علمه ، والرفيع من رفعته الطاعة، والعزيزمن أعزته التقوى»(2).
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه واله : «لا قول إلاّ بعمل ، ولا قول ولاعمل إلاّبنيّة، ولا قول وعمل ونية إلاّ بإصابة السنة».
وما نقلته من نهج البلاغة تصنيف السيد الرضي الموسوي رضي اللّه عنه .
قال : كميل بن زياد: أخذ بيدي أميرالمؤمنين عليه السلام فأخرجني إلى الجبانة، فلما أصحرتنفس الصُّعَداء، ثم قال :«يا كميل ، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفظ عني ما أقول لك ،الناس ثلاثة: عالم رباني ، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنورالعلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق .
يا كميل ، العلم خيرمن المال ، العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكوعلى الانفاق ، وصنيع المال يزول بزواله .
يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به ، ويكسب صاحبه الطاعة في حال حياته ، وحسن الأحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكم ، والمال محكوم عليه ، هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة .
ها! إن هاهنا علماً جمّاً، لوأصيب له حملة- وأشارإلى صدره – بلى أصيب له لقناً غيرمأمون عليه ، مستعملاً الة ألدين للدنيا، ومستظهراً بنعم اللّه على عباده ، وبحججه على أوليائه ، أو منقادأَ لحملة الحق ، لابصيرة له في أحنائه (3)،ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة،ألا لا ذا ولا ذاك ! أومنهوماً باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرماً بالجمع والإدّخار، ليسا من رعاة الدين في شيء ،أقرب شيء
شبهاً بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه .
اللهم بلى، لاتخلوالأرض من حجة قائم للّه بحجته ، إمّا ظاهراً مشهوراً، أو.خائفاً مغموراً كي لاتبطل حجج اللّه وبيّناته ، وكم ذا وأين اولئك !؟ اولئك - واللّه- الأقلّون عدداً، والأعظمون [عندالله ] قدراً، يحفظ الله حججه وبيّناته بهم حتى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة،وباشر روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى ، اُولئك خلفاء اللّهفي أرضه ، والدعاة إلى دينه سراً وجهرا ، آه آه ! شوقاً إلى رؤيتهم »(4)
وقال أيضا لكميل بن زياد: «تبذل ولا تشهر، ووار شخصك ولا تذكر،وتعلّم واعمل ، واسكت تسلم ، تسرّ الأبرار، وتغيض الفجار فلا عليك إذا علّمك اللهمعالم دينه ، ألاّ تعرف الناس ولا يعرفوك ».
**وبعد فقد جمع اللّه - جل جلاله - معاني ماقلناه وزيادة في كتابه العزيز،بقوله سبحانه : (هل يستوى الذين يعلمون والذين لايعلمون )(5) .
وفي قوله تعالى:(انّما يخشى اللهّ من عباده العلماءُ)(6).
وفي قوله : ( كونوا ربانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون )(7).
وفي قوله : (شهد الله أنه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم) (8) فقرن شهادته بشهادتهم وشهادة ملائكته ، وهذا يدل على عظيم منزلتهم ، ورفيع مكانتهم ، وعلودرجتهم .
وقال سبحانه : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )(9) .
وقال سبحانه وتعالى، حكاية عن يوسف عليه السلام : (ذلكما مما علمني ربي)(10).
وقال : (ففهمناها سليمان)(11).
وقال تعالى : (وعلّم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين)(12) فرفعه عليهم بفضيلة العلم ، وأسجدهم له .
وقال سبحانه : (قال الذي عنده علم من الكتاب)(13).
وقال تعالى : (كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)(14) فيكل ذلك يستشهد أهل العلم ، لايشيرإلا اليهم ، ولايعتد إلا بهم ، وكفى بذلك فضيلةوفضلاً بالعلم وأهله .
ولقد أحسن الخليل بن أحمد - رحمه اللّه - في قوله لولده : يا بني ، تعلّم العلم ، فإنه يقوّمك ويسددك صغيراً ويقدمك ويسودك كبيراً .
وقال الصادق عليه السلام لأصحابه : «احسنوا النظرفيما لايسعكم جهله ،وانصحوا لأنفسكم أ فيما لأيسعكم جهله ، ومعرفة مالا عذر لكم في تركه ، فإن للدينأركاناً لاينفع من جهلها شدة اجتهاده في ظاهرعبادته ، ولايضرمن عرفها فدان بهاحسن اقتصاده» .
وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : «العاقل يعمل بالدرايات ، والجاهل يعمل بالروايات » .
وقال عليه السلام : « كونوا درّائين ، ولا تكونوا روّائين» .
وقال عليه السلا م: «همة العاقل الدراية، وهمة الجاهل الرواية» .
ولقد صدق - صلى اللّه عليه - فإن الدراية هي العلم القطعي الذي تبرأ به الذمة على اليقين به ، وصاحب الرواية على خطر، لإقدامه على أمر لم يعرف صحةالدليل على العمل به أو الترك له ، ومن هاهنا امتنع كثيرمن أصحابنا- رحمهم اللّه -عن العمل بالخبرالواحد، المتجرّد من قرينة تعضده .
وقد أشارمولانا الصادق عليه السلام إلى العمل على اليقين، والحث علىالعلم ، المقطوع به في المعارف الدينية، عقيب ذكره المعارف العقلية، بقوله عليهالسلام : «وجدت علم الناس في أربع : أحدها : أن تعرف ربك ، والثاني : ان تعرفما أراد منك ، والثالث: أن تعرف ما صنع بك ، والرابع : أن تعرف ما يخرجك من دينك»(15).
المصادر :
1- كنزالفوأئد : 239 - 240 ، من : وقال أمير المؤمنبن (ع): «تعلموا العلم ، فإن تعليمه . . . » .
2- كنز الفوائد: 147، من : وقال عليه السلام : «قيمة كل امرىء ما يحسن . . .».
3- الجبَانة : الصحراء، وتسمى بها المقابر، لأنها تكون في الصحراء .. . والجبّان : الصحراء أيضاً .«مجمع البحرين - جبن - 6 : 224».
4- أحنائه : معاطفه ومطاويه . (الصحاح - حنا - 6: 1 232).
5- نهج البلاغة 3: 186 / 147 .
6- الزمر 39 : 9 .4 - فاطر 35 : 28 .
7- آل عمران 3 : 79.
8- آل عمران 3 : 18 .
9- النحل 16: 43، الأنبياء 21 : 7.
10- يوسف 12 : 37 .
11- الأنبياء 21 : 79 .
12- البقرة 2 : 31.
13- النمل 27 : 40 .
14- الرعد 13 : 43 .
15- كنزالفوائد : 99 .