لقد روى المسلمون على اختلاف طوائفهم أحاديث كثيرة جداً عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تبلغ المئات وربما الألوف حول المهدي من أهل البيت عجل الله تعالى فرجه ، وأحواله ، وعلامات ظهوره ، وما يجري في أيامه.
وقد روي عن الأئمة الأطهار من أهل البيت ( عليهم السلام ) الشيء الكثير والكثير جداً من ذلك أيضاً.
ويكفي أن نذكر : أنه قد ادّعى الكثيرون المهدية لأنفسهم في حياة الصحابة والتابعين ، ثم من بعدهم ، ولم ينكر عليهم أحد ، ولا ناقشهم أي من الناس في أصل الاعتقاد بالمهدية.
وإنما انصب النقاش حول تطبيق هذا اللقب على هذا الشخص أو ذاك ، بل إن بعض من ادّعى هذا الأمر قد بايعته الأمة بمختلف فئاتها في معظم الأقطار والأمصار ، ولم يمتنع عن بيعته سوى الإمام الصادق ( عليه السلام ) وشيعته (1).
بل إن المعتزلة الذين أفرطوا في الاعتماد على العقل وقياس أحكام الشريعة وتعاليمها عليه ، لم يصدر منهم آية بادرة في نطاق الاعتراض أو التشكيك في هذا الأمر الخطير والهام. كما أن الحكام الذين يرون : أن هذا الاعتقاد إنما يعني إدانة لهم ، واعتبارهم غاصبين لمواقع ليست لهم ، لم يستطيعوا أن يثيروا أية شبهة حول هذا الأمر ، فاضطروا إلى التسليم به ، والتعامل معه على أنه أمر قطعي وثابت ، كما كان الحال بالنسبة للمنصور الذي حاول الالتفاف على الموضوع بتسمية ولده بالمهدي.
لكنّه لم يفلح كما هو معروف ومشهور (2).
________________________________________
1 ـ راجع كتابنا : الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام ص 82 و 83 ودراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 ص 47 / 56.
2 ـ راجع كتابنا : الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام ص 82 و 83 ودراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 ص 47 / 56.