امتداد التشيع بالري ايام البويهيين .
ان الـحـد الادنـى فـي هـذا الموضوع هو ان البويهيين كانوا حسنة من حسنات ظهورالعلويين في طـبـرسـتـان بـنحو غير مباشر, و ان كنا لا نجد معلما على تشيع خاص في حياتهم السياسية قبل حكومتهم غير ما نقرا من ا نهم نهضوا في كل مكان من طبرستان و كانت هذه المنطقة شيعية .
و كـان عـمـاد الدولة مؤسس الحكومة البويهية و اخواه من اهالي الديلم و نشاوا في وسط اسلامي شـيـعـي كان حصيلة جهود العلويين في تلك المناطق و قضوا فترة من عمرهم في خدمة ما كان بن كـاكي , ثم انضووا تحت لوا مرداويج مؤسس حكومة آل زيارو نصب مرداويج عماد الدولة حاكما على كرج ((798)) و عندما وصل الحسن الى الري ,ندم مرداويج على توليته الري , بيد ا نه كان قد وصل كرج قبل القيام باي عمل فسيطر على كرج و اتخذ اجراات معينة لقمع بعض المتمردين من ((الـخـرم دينية )) الذين كانوا هناك و كانت كرج قبل ذلك تحت سيطرة ابي دلف و اسرته و هذا الرجل كان محباللعلويين ((799)) .
و توجه عماد الدولة من كرج الى اصفهان , ثم تحرك منها الى شيراز بعد احتلال مؤقت لها, و اقام في مدينة ارجان ثم اخضع شيراز لسيطرته و ظل فيها و مضى اخوه الاصغرمعز الدولة الى بغداد, و جـعـل حـكـومـتها طوع عنانه اما اخوه الاخر ركن الدولة فقد انبرى الى توطيد اركان الحكومة البويهية في ايران .
و استطاع ركن الدولة (م 366) ان يحتفظ بايران للبويهيين وسط الطامحين الكثيرين الى حكومتها و اتـخذ من اصفهان , ثم من الري قاعدة لحكومته برهة من الزمان و كانت الري في ايام البويهيين من اهـم مـراكـز اقتدارهم السياسي , كما كانت من الحواضر الثقافية المهمة في ايران و جا بعد ركن الـدولـة نـجله مؤيد الدولة , ثم تلاه اخوه فخر الدولة الذي مسك زمام الحكومة البويهية في ايران بـفضل الصاحب بن عباد الشيعي و مات الصاحب سنة 385 ه ثم مات فخر الدولة بعده سنة 387 ه فـخـلـفـه ابـنه و لما كان صغير السن ,تسلمت امه سيده خاتون زمام الامور عدد سنين و كان ولده مـجدالدولة حاكما على الري حتى سنة 421 ه التي اخرج فيها السلطان محمود الغزنوي الري من قبضة البويهيين .
و هـكـذا كانت الحكومة البويهية التي امتدت ثمانين سنة في الري باعثا على بث التشيع في المدينة بـقـوة نـظـرا الى الميول الشيعية للبويهيين و وزرائهم ((800)) كما كانت الاوضاع في المناطق الاخرى الخاضعة لسيطرتهم على هذه الشاكلة .
و كان الصاحب بن عباد الوزير العالم والمقتدر للبويهيين شديد الحب لاهل بيت النبوة و قد خصص مـا ينيف على نصف اشعاره في مدح اهل البيت ـ عليهم السلام ((801)) و غيرالجو الديني للري من خـلال اقـصا مناوئي اهل البيت ـ عليهم السلام ـ و تقريب الشيعة والمعتزلة و تحدث المقدسي عن حنابلة الري في القرن الرابع ((802)) , بيد ا ننا لم نجدلهم اثرا بعد ذلك , و هم الذين كانوا من اشد اهـل السنة تطرفا في تعاملهم مع الشيعة , و لم يبق في الري من اهل السنة غير الشافعية والحنفية و ثمة اختلاف يحوم حول مذهب البويهيين , فهل كانوا امامية او زيدية ؟ بيد ان الثابت هو وجود الميول الشيعية القوية عندهم , الا ان دخولهم في السياسة ولد نوعا من التسامح لديهم .
و مـن آثـار الشيعة في العصر البويهي وجود المكتبات والمدارس الكثيرة التي دمر قسم منها على يدالسلطان محمود الغزنوي الذي كان يتسم بتعصب خاص في تسننه و جبريته وعلى الرغم من هذا, فان التشيع لم يضعف في الري قط كما سترون .
و من معالم التشيع في الري ايام البويهيين نضج طبقة من علما الشيعة و ادبائها الذين كان لهم دور في الـحكومة , كما كانت لهم قدرة ملحوظة في تاليف الكتب العلمية و من هؤلا: ابو سعد الابي الذي كان وزيـرا لـمـجـد الـدولـة البويهي مدة و توفي سنة 421 ه و كان من طلاب الشيخ الصدوق عليه الـرحـمـة , و احـد الـوزرا الامـامـيـيـن فـي الـحـكومة البويهيية واهم اثر له هو كتابه القيم : نـثـرالـدر ((803)) الـذي طبع اخيرا بمصر في ستة اجزا و يدل هذاالكتاب على عمق العقيدة الـشـيعية لهذا الوزير, و تسامحه في الوقت نفسه كما ينبئ عن ادبه و مطالعته الواسعة و لعل كتابه اول كـتـاب رتب الفهرس الموضوعي للايات القرآنية ,وهو ابتكار مهم للغاية في موضوعه و ذكر المؤلف ائمة الشيعة واحدا تلو الاخر, و نقل عن كل منهم عددا من الروايات والذكريات ((804)) و ا لـف كـتـابـا فـي تـاريـخ الـري ايضا كان في متناول ايدي الناس بعده بقرون , اما اليوم فلا اثر له ((805)) .