عربي
Sunday 19th of May 2024
0
نفر 0

تاثير المقاربة علی الجنين

تاثير المقاربة علی الجنين

قال تعالى : (قَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ) (١) قيل : المراد بالتقديم طلب الولد الصالح والسعي في حصوله (٢). أي اطلبوا المرأة التقية الصالحة لتلد لكم أولاداً صالحين.
فقد روي : وانظر في أي نصاب تضع ولدك فان العرق دساس (٣).
والمرأة وعاء ينبغي أن يتلطف الرجل ويدقق في اختياره ؛ لئلا تضيع أتعابه وتذهب ذريته أدراج الرياح.
قال الله تعالى : (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ) (٤) ...
وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم وخضراء الدمن (٥).
لينالوا سعادة الدارين وخير الدنيا والدين ، ويستفيدوا أولاداً صالحين باعتبارهم ثمار عمر الزوجين ، والسرّ في خلودهما وبقاء نسلهما ، وامتدادها الطبيعي في النشأتين.
بيد أنّ الناس لربما أعرضو عن تعاليم أئمة المؤمنين ، وأقدموا على ما يريدون من منطلق الجهل لا الدين ، فيتسامحون في أمر الزواج ويتساهلون ، فينطلقون ـ في قضايا الزواج ـ بدوافع الشهوة ، وينظرون إلى الجمال والمال ، ويغفلون عن بقاء النسل ، وامتداد الآباء في الأبناء ، وتقديم الأولاد الصالحين للمجتمع البشري ليكونوا لهم ذخراً في العالمين.
فلو أنّ فلاحاً أراد أن يزرع الشعير لبذل جهده ، وأنفذ ما في وسعه في تطهير الأرض وإعدادها ، واختيار البذرة وطريقة بذرها وسقيها ورعايتها ؛ كي تعطيه النتيجة المطلوبة ، وتحقق له الغاية المرغوبة ، ولكن ـ وللاسف الشديد ـ قد يغفل الانسان بالكامل عن الظروف التي يريد أن ينثر فيها بذور الانسان الذي جعله الله العلة الغائية للموجودات ، وخلق من أجله الكون والمخلوقات ، والمرأة حرث كما سماها القرآن حيث قال تعالى :
(نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
فالمرأة حرث الرجل ومزرعته ، ينثر فيها بذر الانسانية ، فلا ينبغي له التهاون في أمرها : غير أنّ من المؤسف أن تجد من لا يهتم بطهارة المحل ، وقد يقيض الله له امرأة عفيفة طاهرة فينصرف عنها الرجل ـ والعياذ بالله ـ ويتورط بالارجاس والخبائث وتسريح النظر في غير ما أحل الله.
تأثير الظروف على الجنين :
وقد لا يهتم بالظروف التي ينثر فيها بذره من زمان أو مكان أو غيرها ، والحال أنّ كل هذه الظروف لها أثر فعال على النطفة ونشؤها وحياة المتولد منها.
فلربما كان الجماع في بعض الأوقات ينتج نطفة يتولد منها شقي يبغض الدين وأهله ، كما لو جامع أهله وهي حائض ، فقد ورد أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال عن ابن ملجم (قاتله) : إنّ أمه حملت به وهي حائض.
ولربما أدى الجماع في بعض الأوقات إلى خروج الولد ناقصاً ، أو سيء الخلق ، أو شقي ، أو قاسي القلب ، كما لو جامع أهله ليلة عيد الأضحى أو ليلة النصف من شعبان.
ولربما كان الجماع في بعض الأوقات أو الحالات سبباً لخروج الولد أعمى القلب بخيل اليد ، كما لو جامع أهله وهي حامل وهو على غير وضوء.
فقد ورد عنهم عليهم‌السلام : «إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلّا وأنت على وضوء فانه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد ..».
لأنّ نطفة المؤمن محترمة ، فلا ينبغي له أن يقارب زوجته إلا بعد الطهارة ، تماماً كما ينبغي له الوضوء إذا أراد دخول المسجد و «المؤمن أعظم حرمة من الكعبة» (6).
وروي عنهم عليهم‌السلام : لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وتلألوئها إلّا أن ترخي ستراً فيستركما ، فانه إن قضي بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت.
ولا تجامع أهلك على سقوف البنيان ، فانه إن قضي بينكما ولد يكون منافقاً مرائياً مبتدعاً (7).
ولكي نختم كلامنا هنا بالمسك نذكر درراً من كلمات المولى زين العابدين وسيد الساجدين الامام علي بن الحسين عليه‌السلام في حقوق الزوجة.
حق الزوجة :
قال عليه‌السلام : وأما حق الزوجة : فان تعلم أنّ الله ـ عزّ وجل ـ جعلها لك سكناً وأنساً ، فتعلم أنّ ذلك نعمة من الله ـ عزّ وجل ـ عليك فتكرمها وترفق بها ـ وإن كان حقك عليها أوجب ، فان لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك ، وتطعمها وتكسوها ، واذا جهلت عفوت عنها (8).
قانون الوراثة
لقد نص قانون الوراثة في الاسلام على أنّ ما يقدمه الرجل من خير وفضيلة طلباً لرضا الله ـ تعالى ـ يعود عليه وعلى ولده وذريته.
روى في البحار عن تفسير العياشي عن الصادق عليه‌السلام : إنّ الله ليفلح بفلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله ، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله ، ثم ذكر الغلامين فقال : (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) ألم تر أنّ الله شكر صلاح أبويهما لهما (9).
وفي الارشاد للديلمي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله يحفظ الرجل في ولده وولد ولده ودويرات حوله.
قال : وجاء في تأويل قوله تعالى (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) إنّه كان بينهما وبين أبيهما الصالح سبعة أجداد وقيل : سبعين جداً (10).
وقد قدّم أبو طالب عليه‌السلام كلّ خدمة ، وضحى بكلّ شيء من أجل رعاية يتيم أخيه عبد الله وحفظه والقيام بشؤونه ، وكان بذلك أكفأ من نفذ وصية عبد المطلب في حفيده ، فعوّضه الله عن تلك التضحية ولداً فذاً فريداً عقمت عن مثله النساء كأمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، فانك لا ولم ولن تجد له نداً قط. فقد آمن بالنبي ورسالته وهو في العاشرة من عمره ، فنال وسام «أول من آمن» ، وشارك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل مواقفه وأيامه ومصائبه ومحنه ، وكان عضده وحامل رايته وسيفه الذي أقام به أسس رسالته ، وشيّد بيده أركان دينه ، ولم يتخلف عنه في موقف مهما كان صغيراً أو كبيراً.
فدخل معه الشعب وتحمل ما تحمل معه هناك من مضايقات ومصاعب ، وختم جهاده في مكة بعد ثلاثة عشر عاماً بالفداء ليلة المبيت حيث فدى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسه وشراها الباري منه بأغلى ثمن ، وأنزل فيه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة.
ثم هاجر معه إلى المدينة فكان هناك السبّاق إلى المكرمات والمضحي الأول الذي ذبّ الكرب عن وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان المقدام الذي اقتحم غمار الموت في كلّ حروب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وغزواته من أجل ترسيخ دعائم الدين الحنيف.
وبعد ذلك كلّه دعا الله مخلصاً أن يؤتيه ولداً شجاعاً وفياً ينصر ابن بنت نبيه كما نصر هو بنفسه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتاه الله «العباس بن علي عليه‌السلام». فكان ناصراً ومعيناً لأبي عبد الله الحسين عليه‌السلام.
المصادر :
1- البقرة : ٢٢٣.
2- بحار الأنوار ٧٨ / ٧٤ باب ٤.
3- شرح نهج البلاغة ١٢ / ١١٦.
4- البقرة : ٢٢٣.
5- وسائل الشيعة ٢٠ / ٤٨ ح ٢٥٠٠١ باب ١٤.
6- الخصال ١ / ٢٧ باب المؤمن أعظم حرمة من الكعبة ح ٩٥ وما بعده ، مشكاة الأنوار : ٨٣ الفصل الرابع ١٩٣ في آداب المعاشرة.
7- الفقيه ٣ / ٥٥٣ باب النوادر ، وسائل الشيعة ٢٠ / ٢٥٢ ، بحار الأنوار ١٠٠ / ٢٨٢ باب ٨ آداب الجماع وفضله ، الاختصاص : ١٣٤ أحاديث وصايا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام ، أمالي الصدوق : ٥٦٩ المجلس ٨٤ ، مكارم الأخلاق : ٢١١ الفصل الرابع في آداب الزفاف.
8- الفقيه ٢ / ٦٢١ باب الحقوق ح ٣٢١٤ ، وسائل الشيعة ١٥ / ١٧٢ باب ٣ ح ٢٠٢٢٦ ، أمالي الصدوق : ٣١٨ المجلس ٥٩ ح ١ ، الخصال ٢ / ٥٦٧ الحقوق الخمسون ح ١ ، مكارم الأخلاق : ٤١٩ الفصل الأول في ذكر الحقوق (لزين العابدين عليه‌السلام.
9- بحار الأنوار ١٣ / ٣١٢ باب ١٠ ح ٤٩ عن تفسير العياشي ٢ / ٣٣٧.
10- الارشاد (للديلمي) ١ / ١٤٣.

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

من معاجز أمير المؤمنين عليه السّلام
سيرة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصحابة وتحريم متعة الحج
العتبتان الحسينية والعباسية تستعدان لإقامة ...
لماذا فرض الله صيام 30 يوما على الامه؟؟
المعايير البلاغية عند الامام الصادق(عليه السلام)
لماذا لابدّ من صب اللعن على أعداء الإمام الحسين ...
في قلع الأصنام عن الكعبة
أسماء بنت عميس
البكاء على أهل البيت‏

 
user comment