روي: أنه مر فضال بن الحسن بن فضال الكوفي بأبي حنيفة وهو في جمع كثير، يملي عليهم شيئا من فقهه وحديثه. فقال - لصاحب كان معه -: والله لا أبرح حتى أخجل أبا حنيفة.
فقال صاحبه الذي كان معه: إن أبا حنيفة ممن قد علت حاله، وظهرت حجته.
قال: صه! هل رأيت حجة ضال علت علي حجة مؤمن؟! ثم دنا منه فسلم عليه، فرد ورد القوم السلام بأجمعهم.
فقال: يا أبا حنيفة أن أخا لي يقول: أن خير الناس بعد رسول الله علي بن أبي طالب عليه السلام، وأنا أقول أبو بكر خير الناس وبعده عمر. فما تقول أنت رحمك الله؟
فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: كفى بمكانهما من رسول الله صلى الله عليه وآله كرما وفخرا، أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره، فأي حجة تريد أوضح من هذا؟
فقال له فضال: إني قد قلت ذلك لأخي فقال: والله لئن كان الموضع لرسول الله صلى الله عليه وآله دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما حق فيه، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله صلى الله عليه وآله لقد أساءا وما أحسنا، إذ رجعا في هبتهما، ونسيا عهدهما. فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال له: لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في حق عايشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما.
فقال له فضال: قد قلت له ذلك فقال: أنت تعلم أن النبي مات عن تسع نساء، ونظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك، وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة بنته تمنع الميراث؟!
فقال أبو حنيفة: يا قوم نحوه عني فإنه رافضي خبيث.
______________________
احتجاج الطبرسي : ج 2 ص 149
بحارالانوار : ج 10 ص