كتب الشيخ عبدالله الشبراوي الشافعي في ( الإتحاف بحبّ الأشراف:50 ـ ط مصر ): ومن كلام زين العابدين عليّ بن الحسين رضي الله عنهما:
يا رُبَّ جوهرِ عِلمٍ لو أبوحُ بـهِ لَقِيلَ لي: أنت مِمّن يَعبُد الوَثَنـا
ولاَ ستَحلّ رجالٌ مسلمون دمي يَرَون أقبحَ مـا يأتونـه حَسَنـا
إنّي لأكتمُ مِن علمـي جواهـرَهُ كي لا يرى الحقَّ ذو جهلٍ فيفتَتِنا
وقد تقدّم في هـذا أبـو حَسَـنٍ إلى الحسين، ووصّى قَبلَه حَسَنا
( روى الأبيات أيضاً: الميبدي اليزدي في: شرح ديوان أمير المؤمنين عليه السلام:15 ـ من المخطوطة، والآلوسي البغدادي في: غرائب الاغتراب:70، وعبدالوهّاب المصري في: لطائف المنن 89:2 ـ ط مصر، والشيخ سليمان القندوزي الحنفي في: ينابيع المودّة لذوي القربى 76:1 / ح 13 ـ الباب الثالث، ط دار الأسوة ـ قمّ المقدّسة، ثمّ قال: وقال أيضاً: « نحن أبواب الله، ونحن الصراط المستقيم، ونحن عَيبةُ علمه وتراجمه وحيه، ونحن أركان توحيده وموضع سرّه ».
• وفي باب كراماته كتب أبو نُعَيم الأصبهاني في ( حلية الأولياء 135:3 ـ ط السعادة بمصر ): عن ابن شهاب الزُّهري قال: شهدتُ عليَّ بن الحسين يوم حمَلَه عبدالملك بن مروان من المدينة إلى الشام فأثقله حديداً، ووكّل به حُفّاظاً في عِدّةٍ وجمع، فاستأذنتُهم في التسليم عليه والتوديع له فأذِنوا لي، فدخلتُ عليه وهو في قُبّةٍ والأقيادُ في رِجلَيه والغلُّ في يديه، فبكيتُ وقلت: وددتُ أنّي مكانَك وأنت سالم، فقال: « يا زُهريّ، أتظنّ أنّ هذا ممّا ترى علَيّ وفي عنقي يَكربُني، أما لو شئتُ ما كان، فإنّه وإن بلغ منك وبأمثالك لَيُذكّرني عذابَ الله ». ثمّ أخرج يديه من الغلّ ورجلَيه من القيد، ثمّ قال: « يا زهري، لا جُزتُ معهم على ذا منزلتين من المدينة ».
قال الزهري: فما لَبِثنا إلاّ أربعَ ليالٍ حتّى قَدِم الموكَّلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه! فكنتُ فيمَن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنّا لَنراه متبوعاً، إنّه لَنازلٌ ونحن حوله لا ننام نرصده، إذ أصبَحْنا فما وجدنا بين محمله إلاّ حديدة.
قال الزهري: فَقَدِمتُ بعد ذلك على عبدالملك بن مروان فسألني عن عليّ بن الحسين، فأخبرتُه، فقال لي: إنّه قد جاءني في يوم فقَدَه الأعوان فدَخَل علَيّ فقال ( أي عليّ بن الحسين ): « ما أنا وأنت ؟! »، فقلتُ: أقِمْ عندي، فقال: « لا أُحبّ »، ثمّ خرج، فَوَ اللهِ لقد امتلأ ثوبي منه خِيفة! قال الزهري: فقلت: يا أمير المؤمنين! ليس عليّ بن الحسين حيث تظن، إنّه مشغول بنفسه.. ( روى هذا الخبر أيضاً: ابن الأثير الجزري في: المختار في مناقب الأخيار:26 ـ من نسخة المكتبة الظاهريّة بدمشق، وابن طلحة الشافعي في: مطالب السؤول:78 ـ ط طهران، والگنجي الشافعي في: كفاية الطالب:299 ـ ط الغري، ومحمّد خواجه پارسا البخاري في: فصل الخطاب ـ على ما نقله القندوزي في: ينابيع المودّة:378 ـ إسلامبول، والحمزاوي في: مشارق الأنوار:120 ـ ط مصر، وابن الصبّان المصري المالكي في: إسعاف الراغبين ـ المطبوع بهامش: نور الأبصار:240 ـ ط العثمانيّة بمصر، والنبهاني في: جامع كرامات الأولياء 310:2 ـ ط الحلبي بمصر، وابن حجر المكّي الشافعي في: الصواعق المحرقة:119 ـ ط البابي بحلب.. وغيرهم ).
• وممّا قيل في شأن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام:
ـ القندوزي الحنفي: أمّا عليّ بن الحسين، فالناس على اختلاف مذاهبهم مجتمعون على فضله، ولا يشكّ أحدٌ في تقديمه وإمامته. ( ينابيع المودّة:153 ـ ط إسلامبول ).
ـ أبو نُعيم الأصبهاني: عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله تعالى عنهم، زَينُ العابدين، ومنار المتّقين، كان عابداً وفيّاً، وجواداً حفيّاً. ( حلية الأولياء 133:3 ـ ط السعادة بمصر ).
ـ وفيه أيضاً عل الصفحة:141، قال الزهري: لم أرَ هاشميّاً أفضلَ مِن عليّ بن الحسين. روى ذلك عدد كبير من علماء أهل السنّة في مشاهير مؤلّفاتهم، منهم: الذهبي في ( تاريخ الإسلام 35:4 )، وابن تيمية في ( منهاج السنّة 144:4 )، وابن الصبّاغ المالكي في ( الفصول المهمّة:158 )، والمناوي الشافعي في ( الكواكب الدريّة 139:1 )، والشبلنجي في ( نور الأبصار:188 )، وابن خلّكان في ( وفيات الأعيان 347:1 )، وسبط ابن الجوزي في ( تذكرة خواصّ الأمّة:340 )، والذهبي في ( تذكرة الحفّاظ 75:1 )، وغيرهم. فيما كتب الشيخ أبو عبدالله محمّد بن أحمد الحنبلي ـ ت 756 هـ ـ في ( الصارم المنكي في الردّ على السبكي:99 ـ ط مطبعة الإمام ): فهذا عليّ بن الحسين زين العابدين، وهو مِن أجلّ التابعين عِلماً ودِيناً، حتّى قال الزهري: ما رأيت هاشمياً مثله.
ـ وقال أبو حازم: ما رأيتُ هاشمياً أفضلَ من عليّ بن الحسين. ( تذكرة الحفّاظ للذهبي 75:1 ـ ط حيدرآباد، وفيه أيضاً: ـ قال الزهري: ما رأيتُ أفقهَ مِن عليّ بن الحسين ).
ـ وعن يحيى بن سعيد: سمعتُ عليَّ بن الحسين، وكان أفضلَ هاشميٍّ أدركتُه. ( تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني 305:7 ـ ط حيدرآباد ).
ـ وقال رجلٌ لسعيد بن المسيّب: ما رأيتُ أحداً أورعَ من فلان، فسأله سعيد: هل رأيتَ عليَّ ابن الحسين ؟ قال: لا، فقال سعيد: ما رأيتُ أحداً أورعَ منه. ( تذكرة خواصّ الأمّة لسبط ابن الجوزي:340 ـ ط الغري، تاريخ الإسلام للذهبي 35:5، الكواكب الدريّة للمناوي 139:1 ـ ط الأزهريّة بمصر، مطالب السؤول لابن طلحة:79.. وغيرها ).
ـ قال ابن وهب: عن مالك: لم يكن في أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله مِثلُ عليّ بن الحسين. ( تهذيب التهذيب للعسقلاني 305:7 ـ ط حيدرآباد ).
ـ وسأل فتىً قرشيٌّ سعيد بن المسيب ـ وقد طلع عليّ بن الحسين ـ: مَن هذا يا أبا محمّد، فأجابه سعيد: هذا سيّدُ العابدين عليّ بن الحسين. ( المستدرك على الصحيحين للحافظ الحاكم النيسابوري الشافعي 108:3 ـ ط حيدرآباد الدكن ).
ـ وعرّف به الشيخ مصطفى رشدي ابن الشيخ إسماعيل الدمشقي ـ ت 1309 هـ ـ في كتابه ( الروضة النديذيّة:12 ـ ط الخيريّة بمصر ) فقال: أبو محمّد زين العابدين، ويُلقَّب بـ « السجّاد » لكثر عبادته، كان إماماً، وفضلُه لا يُنكَر، وهماماً، مناقبه وكراماته جَلّت أن تُعدَّ أو تُحصى.
ـ وكتب ابن سعد في ( الطبقات الكبرى 216:5 ـ ط بيروت ): قالوا: ـ وكان عليّ بن الحسين ثقةً مأموناً، كثير الحديث عالياً رفيعاً وَرِعاً.
ـ وعمر بن عبدالعزيز، مع أنّه مِن بني أميّة وقد توارث عن سَلَفه غصبَ الخلافة النبويّة من أهل البيت عليهم السلام، سأل يوماً وقد قام من عنده عليّ بن الحسين: مَن أشرفُ الناس ؟ فقيل له ( أي قال له حاشيته المتملّقون، وبنو أميّة فيهم ): أنتم، لكمُ الشرف في الجاهلية، والخلافة في الإسلام، فقال: كلاّ، أشرف الناس هذا القائم مِن عندي؛ فإنّ أشرف الناس مَن أحبَّ كلُّ إنسان أن يكون منه، ولا يُحبّ أن يكونَ مِن أحد. ( محاضرات الأدبا للراغب الأصبهاني 344:1 ـ مكتبة الحياة في بيروت ).
ـ أمّا الفرزدق، فكانت له تلك القصيدة الميمنيّة الشامخة صكّ بها مسمع الأموي الحاقد هشام ابن عبدالملك. كتب أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني المالكي المذهب في ( زُهرُ الآداب ـ المطبوع بهامش: العقد الفريد لابن عبدربّه ج 1 ص 69 ـ ط مصر ): حجّ هشام بن عبدالملك ( أو الوليد أخوه ) فطاف بالبيت، وأراد استلام الحجر فلم يَقْدر، فنُصِب له منبر فجلس عليه، فبينا هو كذلك إذ أقبل عليّ بن الحسين بن أبي طالبٍ رضي الله عنهم في إزارٍ ورداء، وكان أحسَنَ الناس وجهاً، وأعطرَهم رائحةً، وأكثرهم خشوعاً، وبين عينيه سجّادة كأنّها ركبة عنز، فطاف بالبيت، وأتى ليستلم الحجر فتنحّى له الناس هيبةً وإجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً، فقال رجلٌ من أهل الشام: مَن هذا الذي أكرمه الناسُ هذا الإكرام، وأعظموه هذا الإعظام ؟! فقال هشام: لا أعرف. لئلاّ يَعظُمَ في صدور أهل الشام، فقال الفرزدق ـ وكان حاضراً ـ:
هـذا ابـنُ خيـرِ عـبـادِ اللهِ كلِّـهِـمُ هـذا التقـيُّ النقـيُّ الطاهـرُ العَـلَـمُ
هذا الـذي تَعـرِفُ البطحـاءُ وَطْأَتَـهُ والبيـتُ يعرفُـه والـحِـلُّ والـحَـرَمُ
إذا رأتـه قـريـشٌ قــال قائلُـهـا: إلـى مكـارمِ هـذا ينتـهـي الـكـرمُ
يكـادُ يُمسِـكُـه عِـرفـانَ راحـتِـهِ ركـنُ الحطيـمِ إذا مـا جـاء يستلـمُ
فـي كفِّـهِ خَيـزُرانٌ ريحُـه عَـبِـقٌ فـي كـفِّ أروعَ فـي عِرنينـهِ شَمَـمُ
يُغضي حياءً ويُغضـى مِـن مَهاربتِـهِ فـمـا يُكـلَّـم إلاّ حـيـن يبـتـسـمُ
مشتقّـةٌ مِــن رســولِ اللهِ نبعـتُـهُ طابـت عناصـرُه والخِيـمُ والشِّـيَـمُ
يُنمى إلى ذروةِ العـزِّ التـي قَصُـرتْ عـن نَيلِهـا عـربُ الإسـلام والعجـمُ
يَنجابُ نورُ الهـدى عـن نـورِ غُرّتِـهِ كالشمس يَنجابُ عـن إشراقِهـا القُشُـمُ
حمّـالُ أثقـالِ أقــوامٍ إذا اقتـرحـوا حُلْـوُ الشمائـلِ تحلـو عنـده نـعـمُ
هـذا ابـنُ فاطمـةٍ إن كنـتَ جاهلَـهُ بِـجَـدِّه أنبـيـاءُ اللهِ قــد خُتِـمُـوا
اللهُ فـضّـلَـهُ قِـدْمــاً وشـرّفَــهُ جـرى بـذاك لـه فـي لوحِـهِ القلـمُ
مَـن جَـدُّه دانَ فضـلُ الأنبيـاءِ لــهُ وفضـلُ أمّتـهِ دانـت لــه الأُمــمُ
عـمَّ البريّـةَ بالإحـسـانِ فانقَشَـعَـت عنهـا الغَياهـبُ والإمـلاقُ والظُّـلَـمُ
كِلْتـا يَدَيـه غـيـاثٌ عَــمّ نفعُهـمـا تُستوكَـفـانِ ولا يَعرُوهـمـا الـعَـدَمُ
سَهْـلُ الخليقـةِ لا تُخشـى بــوادرُهُ تَزينُـه الإثنتـان: الحِـلـمُ والـكـرمُ
لا يُخلـفُ الوعـدَ ميـمـونٌ بغُـرّتِـهِ رَحْـبُ الفِنـاءِ أريـبٌ حيـن يعتـزمُ
مـا قـال: لا، قـطُّ إلاّ فـي تَشهُّـدِهِ، لـولا التشـهّـدُ كـانـت لاؤُه نَـعَـمُ
مِـن معشـرٍ حُبُّهـم دِيـنٌ، وبُغضُهُـمُ كُفـرٌ، وقربُهـمُ مَنـجـىً ومُعتـصَـمُ
يُستَدْفَـعُ السـوءُ والبـلـوى بِحُبِّـهـمُ ويُستـرَبُّ بـه الإحـسـانُ والنِّـعَـمُ
مُـقـدَّمٌ بـعـدَ ذِكــر اللهِ ذِكـرُهـمُ فـي كـلِّ بَـدْءٍ ومختـومٌ بـهِ الكَلِـمُ
إن عُـدّ أهـلُ التُّقـى كانـوا أئمّتَهـم أو قيل: مَن خيرُ أهلِ الأرضِ ؟ قيل: هُمُ
لا يستطيـع جــوادٌ بُـعـدَ غايتِـهِـم ولا يُدانيـهُـمُ قــومٌ وإن كَـرُمُــوا
هـمُ الغيـوثُ إذ مـا أزمـةٌ أزِمَِــتْ والأُسْدُ أُسْدُ الشَّـرى والبـأسُ مُحتـدِمُ
يأبـى لهـم أن يَحِـلَّ الـذمُّ ساحتَهـم خيـمٌ كريـمٌ وأيـدٍ بالـنـدى هِـضَـمُ
لا ينقض العسـرُ بسطـاً مِـن أكفِّهِـمُ سيّـانَ ذلـك إن أثْـرَوا وإن عَـدِمـوا
أيُّ الخلائـق ليسـت فــي رقابِـهِـمُ لأوّلـيّـةِ هــذا أو لـــه نِـعَــمُ
مَـن يَعـرفِ اللهَ يعـرفْ أوّلـيّـةَ ذا فالدِّيـنُ مِـن بيـتِ هـذا نالـه الأُمـمُ
وليـس قولُـك: مَـن هـذا ؟ بضائـرِهِ العُربُ تَعـرِف مَـن أنكـرتَ والعَجَـمُ
( روى هذا الخبر عدّةٌ من أعلام أهل السنّة ومحدّثيهم ومؤرّخيهم، منهم: ابن الأثير الجزري في: المختار في مناقب الأخيار:29 ـ نسخة المكتبة الظاهريّة في دمشق، وباكثير الحضرمي في: وسيلة المآل:216 ـ نسخة المكتبة الظاهرية، والبيهقي في: المحاسن والمساوي:212 ـ ط بيروت، والطبراني في: المعجم الكبير:143 ـ من المخطوطة، والهيثمي الشافعي في: مجمع الزوائد 200:9 ـ ط مكتبة القدسي في القاهرة، وابن حجر المكّي الشافعي في: الصواعق المحرقة:198 ـ ط الميمنيّة بمصر، وابن الصبّاغ المالكي في: الفصول المهمّة:189 ـ ط الغري، وابن كثير في: البداية والنهاية 208:8 ـ ط القاهرة، والحموي في: ثمرات الأوراق 20:2 ـ ط القاهرة، والقرماني في: أخبار الدول وآثار الأُول:109 ـ ط بغداد، وسبط ابن الجوزي في: تذكرة خواصّ الأمّة:338 ـ ط الغري، والگنجي الشافعي في: كفاية الطالب:303ـ ط الغري، والسبكي الشافعي في: طبقات الشافعية الكبرى 153:1 ـ ط القاهرة، وابن نباته المصري في: شرح العيون ـ المطبوع بهامش: الغيث المسجَّم 163:2، واليافعي في: مرآة الجنان 239:1 ـ ط حيدرآباد، والزمخشري في: الفائق 219:1 ـ ط القاهرة، والزرقاني في: شرح المواهب اللدنيّة 297:4 ـ ط الأزهريّة بمصر، وابن طلحة الشافعي في: مطالب السَّؤول:79 ـ ط طهران، والراغب الأصبهاني في: محاضرات الأدباء 299:1 ـ مكتبة الحياة في بيروت، وغيرهم، منهم: توفيق أبو علم في كتابه: أهل البيت عليهم السلام:427 ـ ط القاهرة، وأورد في القصيدة هذا البيت:
هذا سليلُ حسيـنٍ وابـنُ فاطمـةٍ بنتِ الرسولِ الذي انجابت به الظُّلَمُ