الشيعية في الري من خلال مرآة كتاب النقض .
الاحياء يـحـتوي كتاب نقض على اغنى المعلومات عن الوضع الديني لمدينة الري , بل يحتوي على معلومات فـذة فـريـدة فـي هذا الحقل و نقلنا منه سابقا مطالب في معرفة بعض الشخصيات الشيعية , و كذلك الممارسات الثقافية للشيعة بالري .
و نعرض فيما ياتي معلومات عن الاحياء الشيعية هناك , و هي مقتبسة من الكتاب المذكور, و من كتاب فـضايح الروافض الذي نقضه عبدالجليل ((930)) و من الطبيعي ان هذه المعلومات تتعلق بمنتصف القرن السادس الهجري .
تحدث مؤلف الفضائح في العبارة الاتية عن حيين شيعيين مهمين بالري , و كذلك عن بعض الحواضر الـشيعية , فقال : و اعلم ان مذهب المدينة ينبغي ان لا يعتنق , لا كما في قم ,و قاشان , و سبزوار, و نيسابور و من احيا الري : مصلحگاه , و زاد مهران , و اهلهمارافضة و ينبغي ان يعتنق مذهب الحق , و لا يـتـبـع الـهـوى , كـما في الري التي يغلب عليهاالرفض و كان ذلك افضل , حتى لو كان عددهم كثيرا ((931)) .
و نـجـد فـي هذا الكلام ان المؤلف اقر تلويحا ان معظم اهل الري كانوا على المذهب الشيعي و في كلام آخر, تحدث عبدالجليل عن الاحيا والحواضر الشيعية بالتفصيل ,فقال :.
هـل تـعـلـم من كان جند آل المرتضى عليه السلام ؟ والسادة في زاد مهران , و اهل المرؤة و الفتوة في مصلحگاه , والمؤمنون المعتقدون في در رشقان , و الـديـلـميون في آبه , و الوزرا في قاشان , و عرب قم و علماؤها, و سادات قزوين و شيعتها, و رجـال ورامين و رؤساؤها و مصلحوها, والقائمون ليلهم في نرمين و سروهه , و مؤمنو خوابه , و مـلوك ساري و قادة الجيش فيها, و بواسل ارم , و عرفا سبزوار, و شجعان نيسابور و مجاهدوها, و اكـابر جرجان , و عظما دهستان ,و مؤمنو جربايقان ((932)) , و امنا استرآباد و ليسوا حفنة مـن اهـل الـغـدر والـمكر, سودالاقفا, اجلاف جفاة , امويو الطبع , مروانيواللون , خوارج الشكل , مـجبرو الاعتقاد,مشبهو الدعوى , كلاعبي الميسر في دركنده ((933)) , و سواسي بالان كران , و جفاة باطان ,و حقرا شهرستان , و مجوس قزوين , و اجلاف همدان , و قرعان آمل و طبرستان و حـمـيرمزدقان , و رعاة الحمير في ساوة , و مشبهة اصفهان , و ثيران آذربايجان , و كسالى ابهر, ودناة زنجان ـ فهؤلا هم و ليسوا كاولئك ((934)) .
و نـلـحـظ قـبـل هـذاالـكـلام ان صاحب الفضائح قد شط كثيرا في حق الشيعة فقابله عبدالجليل بالمثل ((935)) .
و تـحـدث عـبدالجليل مرارا عن الاحيا الشيعية بالري و يمكن استخراجها من فهرس الاماكن في كـتاب نقض و من هذه الاحيا: حي زعفران جاي و اورد الاستاذ كريمان التوضيحات المتعلقة بهذه الاماكن ((936)) .
ان اهـم مـنـطـقـة شـيعية من مناطق الري هي مصلحگاه والدليل على ذلك شعر نقله الراوندي في راحـة الـصـدور و نـقـرا في هذاالشعر ان المنطقة المذكورة قد ذمت الى جانب المناطق الشيعية الاخرى كقم , و كاشان , و آبه , و طبرش و فراهان ((937)) .
و استطاع الاستاذ كريمان ان يفرز المناطق السنية (الحنفية والشافعية ) من المناطق الشيعية بالري اسـتهدا بمعلومات عبدالجليل , و اعتمادا على تنقيبه من اجل تعيين الحدود الجغرافية لكل منطقة من هذه المناطق .
و في ضؤ ما نقله ياقوت في ذيل عنوان الري في بداية القرن السابع , فان المدينة كانت مقسمة ثلاثة اقسام ((938)) : قسم للحنفية , و قسم للشافعية , و ثالث للشيعة و هذاالقسم الذي يقطنه الشيعة هو ابـنـيـة الـري الـقديمة , و اماالاحيا السنية فهي احيا الري الجديدة بعد فتحها على يد الامويين , ثم الـعباسيين و ازدهرت الاحيا الشيعية في العصرالبويهي و جددت عمارتها و يستشف من المعلومات الـمـرتـبـطـة بـهذه الاحيا, و وجودمرقد السيد عبدالعظيم , والسيد حمزة , والسيد عبداللّه ان الري القديمة كانت مقرا للشيعة .
و نص الاستاذ كريمان على ان ((قسما من المساحة الغربية , و جميع المنطقة الجنوبية ,و قسما من الـمـنـطـقـة الجنوبية الشرقية بالري ((939)) )) كانت تعود للشيعة و هي بمجموعهااكبر من القسمين الاخرين مجتمعين و هكذا كانت الاحيا الشيعية بالري خلال القرن السادس كالاتي :.
قـسـم من غرب باطان , دررشقان , درغايش , در مصلحگاه , دروازه آهنين , دروازه جاروب بندان , ديـريـنـه قبه , قسم من شمال روده و جنوبها, زادمهران , زعفران جاى ,فخرآباد, قسم من شرق فيلسان , كلاهدوزان , حي اصفهانيان , حي فيروزه , ناهك او ناهق , مشهد اميرالمؤمنين , سرداب .
و اما الاحيا السنية فهي : قسم من شرق باطان , پالان گران , جيلاباد, در شهرستان ,دركنده , مركز روده او قـطـب روده , رويـان , سـاربانان , سراى ايالت , سيزين , مهدي آباد,نصرآباد(قبل تعمير فخرالدولة و استبدال فخر آباد بها((940))). مدارس الشيعة بالري .
نـظـرا الـى كثرة علما الشيعة بالري , اذ ذكر منتجب الدين في فهرسته عددا كبيرا منهم ,و اشار الـرازي الـى حضور اربعمائة متكلم و فقيه منهم في احدى المدارس ((941)) , يمكن الحدس ان مـدارس كـثـيرة كانت تحت تصرف الشيعة و من حسن الحظ ان المعلومات التي عرضها عبدالجليل الـقـزويني الرازي حول مدارس الري قيمة للغاية , و يمكن ان ترسم لنامخططا عن النطاق الثقافي للشيعة في الري جيدا.
قال مؤلف الفضائح : ((و لم يسمح لهم (للشيعة ) ان يبنوا مدرسة و خانقاه في عهدالسلطان ملكشاه , و السلطان محمد قدس اللّه روحهما)) و اجاب عبد الجليل عن هذاالكلام , و ذكر معلومات تدل على الوئام الذي كان قائما بين الشيعة والسلاجقة , و ننقل فيما ياتي ما قاله نصا: اما جواب هذه الكلمة التي حـتـمـت علي الدفاع من وجوه , فاقول :لا ادري الى اي منطقة اشير, و لو انشغلت بتعديد مدارس الـسادات في بلاد خراسان ,و حدود مازندران , و حواضر الشام كحلب و حران , و امصار العراق [عـراق الـعـجـم ] كـقم ,و كاشان , و آبه , اذ كانت فيها مدارس عديدة , و ذكرت زمانها و اوقافها الـكـثيرة , لتطلب ذلك مني طومارات من الكتب , بيد اني ساشير الى مدينة الري التي ولد و نشا فيها هذاالقائل دفعا للشبهة :.
اولا: الـمـدرسة الكبيرة للسيد تاج الدين محمد كيسكي ((942)) رحمة اللّه عليه بكلاهدوزان اذ اعتنى بها مبارك شرفي , و كانت قائمة تسعين سنة تقريبا و فيها يختم القرآن و تقام صلاة الجماعة خـمـس مـرات فـي الـيـوم , و يعقد مجلس وعظ مرتين او مرة واحدة في الاسبوع و كانت محلا للمناظرة و نزول المصلحين الذين يجاورون اهل العلم والزهد والسادات والفقها الغربا الوافدين و الـمـقـيـمـين فيها و هي معمورة و مشهورة الم تكن هذه المدرسة في عهد طغرل الكبير سقاه اللّه [رحمته ] ؟ و هناك مدرسة شمس الاسلام حسكابابويه الذي كان شيخ هذه الطائفة و هي قريبة من مركز الولاية و كانت تقام فيها صلاة الجماعة و تلاوة القرآن , و تعليمه للصغار, و مجلس الوعظ, و الافـتـا والـتقوى عليها ظاهرة الم تكن هذه المدرسة قائمة في ايام حكومة ذينك السلطانين الذين اشاراليهما الخواجه ؟.
و مـن هـذه الـمدارس : مدرسة بين هاتين المدرستين , تعود لسادات كيسكي , و يقال لها:خانقاه زنان [زنـان اي : الـنـسا] و كان المصلحون يقيمون فيها, افلم تكن هذه المدرسة ماثلة في عصر السلطان محمد نوراللّه قبره ؟.
و مـنـها: مدرسة في دروازه آهنين , و هي منسوبة الى السيد الزاهد بلفتوح او ليس هذه المدرسة موجودة في عهد السلطان ملكشاه ؟.
و مـنـهـا : مـدرسـة الفقيه علي جاسبي ((943)) بحي اصفهانيان , و هي التي امر الخواجه اميرك بـانـشائها و لم تعهد مدرسة في طائفة من الطوائف قد تكلف لها كهذه المدرسة التي كانت للسادات و كان يعقد فيها مجلس وعظ, و ختم للقرآن , كما كانت تقام فيها صلاة الجماعة افلم تكن هذه المدرسة فـي عـهـد الـسلطان السعيد ملكشاه ؟ و في تلك الفترة كان امير الجيش ساوتكين ((944)) يشيد الجامع الجديد لاصحاب الحديث الذين لم يكن لهم مسجد جمعة بالري .
و مـنها : مدرسة الخواجه عبدالجبار المفيد ((945)) و كان فيها اربعمائة فقيه و متكلم يدرسون الـشـريـعة افلم تكن في عصر ملكشاه المبارك و بركياروق رحمة اللّه عليهما ؟و هي معروفة و مشهورة الان بتدريس العلوم , و اقامة صلاة الجماعة , و ختم القرآن ,و نزول اهل الصلاح , و الفقها فيها و كل ذلك ببركات شرف الدين مرتضى مقدم السادات والشيعة و منها: مدرسة كوي فيروز افلم تـؤسس هذه المدارس في عصر السلطانين المذكورين ؟ الم يشيد خانقاه امير اقبالي في عهد كريم غياثي , و كذلك خانقاه علي عثمان الذي كان ماوى للسادات العلما الزهاد المتدينين ؟ و كانت تقام فيه صـلاة الـجـمـاعـة , و خـتـم الـقـرآن بنحو متواتر و مترادف افلم يكن ذلك في عصر السلطان ملكشاه ؟وهو لا يزال معمورا و مشهورا.
و ثمة مدرسة هي مدرسة الخواجه الامام رشيد الرازي في دروازه جاروب بندان و كان صاحب هذه الـمـدرسة علا مة دهره , و قرا عليه ما ينيف على مائتي عالم اصول الدين , واصول الفقه , و علم الشريعة افلم تكن في عهد السلطان السعيد محمد رحمة اللّه عليه ؟و هي مازالت معمورة و ماهولة , و يدرس فيها العلم , و يختم القرآن يوميا و هي ماوى للمصلحين والفقها, و فيها مكتبة مزينة بانواع الزينة .
و كـانـت هناك مدرسة هي مدرسة الشيخ حيدر مكي في درمصلحگاه , افلم تشيد في عصر السلطان محمد رحمة اللّه عليه ((946)) ؟ و ذكر عبدالجليل بعد حديثه عن هذه المدارس قائلا : ((و في الري عدد من المدارس المعمورة عدا ما تطرقنا اليه و يلحظ فيهاذكر الخير, و القرآن , والصلاة , والـطاعة اما ما نقل في عهد ذينك السلطانين [السلجوقيين ], و اشار اليه الخواجه [مؤلف الفضائح ] فـي كتابه ((ان الشيعة لم يجراوا على بناالمدارس )) فنقول : ان مساجد سادات الشيعة و منابرهم الكبيرة والصغيرة لا تحصى , ويطول الكتاب بذكرها ((947)) )).
ان النقطة اللافتة للنظر في كلام عبدالجليل هي تحيزه للحكومة السلجوقية و قد حاول المؤلف ان يـعـكس العلاقات بين الشيعة والسلاجقة على انها حسنة و هذاالموضوع صحيح الى حدما, بيد ان تـشدد بعض الحكام السلاجقة ينبغي ان لا يغفل عنه ايضا و هذه الملاحظة يقرها عبدالجليل نفسه , الا انه اراد من وحي المصلحة ان يصورالعلاقات المذكورة باحسن مما كانت عليه في حقيقتها.