مناظرة الشيخ المفيد ( ره ) مع الرماني
يُروى : أنه حضر لاول مرة درس أستاذه علي بن عيسى الرماني ، فقام رجل من البصرة وسأل الرماني عن خبر الغدير والغار. فقال له الرماني : إن حديث الغار دراية ، وخبر الغدير رواية ، والرواية لا توجب ما توجبه الدراية ، فسكت البصري ولم يكن عنده شيء. فلما خف المجلس تقدم المفيد إلى الرماني ، ولم يكن يعرفه قبل هذا ، وسأله عمن قاتل الامام العادل. فقال الرماني : إنه كافر (2) ، ثم استدرك ، فقال : إنه فاسق. فقال المفيد : ما تقول في علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ويوم الجمل وطلحة والزبير ؟ فقال الرماني : إنهما تابا. فقال : أما خبر الجمل فدراية ، وخبر التوبة فرواية ، فأفحم الرماني ، ولم يأت بشيء ، غير أنه قال له : كنت حاضرا عند سؤال البصري ؟ قال : نعم. ثم دخل الرماني المنزل ، وجاء النبلاء برقعة مختومة ، وقال له : أوصلها إلى من اتصلت به ، وهو أبو عبد الله البصري المعروف « بجعل » فلما وقف عليها جعل يبتسم ، وسأل المفيد عما جرى بينهما فأعاد عليه القصة ، فقال : إنه كتب إلي بذلك وقد لقبك بالمفيد (3).
____________
(1) هو : أبو الحسن علي بن عيسى الرّمّاني من شيوخ المعتزلة البارزين ولد سنة 296 ، عُدّ من مشـايخ الشيـخ المفيـد ( ره ) ،
كـان مـن أهل المعرفة ، مفننا في علوم كثيرة ، من الفقه والقرآن ، والنحو واللغة والكلام على مذهب المعتزلة ، قال عنه الذهبي : وكان يتشيع ويقول عليٌ أفضل الصحابة ، وأصله من سر من راى ، مات ببغداد سنة 384. انظر ترجمته في : تاريخ بغداد ج12 ص16 ـ 17 ترجمة رقم : 6377 ، سير أعلام النبلا للذهبي ج16 ص533 ـ 534 ، لسان الميزان ج4 ص248.
(2) وقد وردت أحاديث كثيرة في من قاتل عليا عليه السلام منها : عن أبي ذر الغفاري قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر وقد حارب الله
ورسوله ، ومن شك في عليّ فهو كافر. المناقب لابن المغازلي ص46 ح68. وروي عنه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : من قاتل عليا على الخلافة فاقتلوه كائنا من كان. ينابيع المودة للقندوزي ص181.
(3) مجموعة الشيخ ورام ص 456 وج2 ص302 ط طهران ، منتهى المقال ص292.