عيسى عليه السلام يبشّر بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبالمهدي عليه السلام
وردت في إنجيل يوحنّا عدّة بشارات للسيّد المسيح عليه السلام بمجيء خاتم الأنبياء: محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وخاتم الأوصياء: المهديّ عليه السلام، حيث قال لحواريّيه حين اجتمعوا حوله لسماع آخر وصاياه (.. لكنّي أقول لكم الحقّ، إنّه خيرٌ لكم أن أنطَلِق، لأنّه إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط... ومتى جاء ذاك يُبكّت العالَم على خطيئة، وعلى برّ، وعلى دينونة؛ أمّا على خطيئة فلأنّهم لا يؤمنون بي، وأمّا على برّ فلأنّي ذاهبٌ إلى أبي ولا تَروَنني أيضاً، وأمّا على دَينونة فلأنّ رئيس هذا العالم قد دِينَ. إنّ لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأمّا متى جاء ذاك روح الحقّ فهو يُرشدكم إلى جميع الحقّ، لأنّه لا يتكلّم من نفسه، بل كلّ ما يسمع يتكلّم به ويُخبركم بأمورٍ آتية، ذاك يمجّدني لأنّه يأخذ ممّا لي ويُخبركم).(36)
وكلمة (فارقليط) أو (بارقليط) تقابل في العربيّة محمّد وأحمد. وتشير عبارة ( متّى ما جاء ذاك روح الحقّ ) إلى أنّ روح الحقّ لم يأتِ بعدُ في زمن عيسى عليه السلام، كما تشير عبارة (فهو يُرشدكم إلى جميع الحقّ ) إلى أنّ رسالة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وسلّم ستكون الرسالة الكاملة (اليومَ أكمَلتُ لكم دِينَكُم)(37)..، (ما فَرَّطْنا في الكتابِ مِن شيء).(38)
ونلاحظ أن عيسى عليه السلام يقول لحواريّيه (وأنا أطلب من الأب فيُعطيكم فارقليطاً آخر)(39)، فمن هو يا ترى هذا الفارقليط الآخر الذي يُبشّر به عيسى بعد الفارقليط الأول عليه السلام ؟
إنّ العبارة الكاملة في إنجيل يوحنّا تقول (وأنا أطلب من الأب فيُعطيكم فارقليطاً آخر يمكث معكم إلى الأبد)، وإذا تذكّرنا أنّ اسم الإمام المهدي عليه السلام هو اسم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وأنّ عبارة (يمكث معكم إلى الأبد) ـ أي إلى يوم القيامة ـ يمكن فهمها إذا فسّرنا اصطلاح (الفارقليط) بمحمّد بن الحسن العسكريّ عليه السلام المهدي المنتظر، الذي هو فارقليط آخر (أي محمّد آخر)، والذي سيمكث مع الناس إلى يوم القيامة.
وإذا لاحظنا الروايات المتكاثرة الواردة في نزول عيسى عليه السلام وصلاته خلف الإمام المهدي عليه السلام، ومساعدته له في إنجاز مهمّته الكبيرة، فإنّنا سنُدرك ـ على نحوٍ أفضل ـ البشارات التي ذكرها عيسى عليه السلام لحواريّيه.
ونلاحظ بشارة أخرى وردت في إنجيل يوحنّا، يقول فيها عيسى عليه السلام لتلاميذه: (روح الحقّ (أي الفارقليط) الذي لا يستطيع العالَم أن يقبله؛ لأنّه لا يراه ولا يعرفه، وأمّا أنتم فتعرفونه لأنّه ماكثٌ معكم ويكون فيكم).(40)
تشير هذه العبارة بوضوح إلى الإمام المهدي عليه السلام، الذي لا يستطيع العالَم أن يقبله لأنّه لا يراه ولا يعرفه. أمّا أتباع عيسى فيعرفونه؛ لأنهّم سيُشاهدون نبيّهم عيسى يقتدي به في صلاته، ويُعينه في مهمّته. قال تعالى(وإنْ مِن أهلِ الكتابِ إلاّ لَيؤمِنَنّ به قبْلَ مَوتِه ويومَ القيامةِ يكونُ علَيهم شهيد) (41)، وقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنَه قال:
(إنّ عيسى عليه السلام ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهل مِلّة يهودي ولا غيره، إلاّ آمَنوا به قبل موتهم، ويصلّي عيسى عليه السلام خلف المهدي عليه السلام ).(42)
وعلى أساس هذه البشارات حدّثنا التاريخ أنّ النجاشي ملك الحبشة ـ وقد كان نصرانيّاً ـ قال عندما تسلّم رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلّم التي يدعوه فيها إلى الإسلام: (أشهدُ بالله أنّه نَفْس النبيّ الذي ينتظره أهلُ الكتاب )، وحدّثنا التاريخ عن المُقَوقِس حاكم مصر بموقف مماثل.(43)
ولا ريب أنّ مَن يصدّق بالبشارة بمجيء النبيّ محمّد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، لابدّ أن يصدّق بالبشارة بظهور وصيّه الإمام المهدي عليه السلام: (الفارقليط الآخر) الذي لا يستطيع العالَم ـ في مدّة غَيبته ـ أن يقبله لأنّه لا يراه، والذي سيمكث إلى الأبد.
ونُشير في الخاتمة إلى أنّ عدم الإيمان بالمهدي عليه السلام قد نُسب في البشارة إلى العالَم، أي إلى عامّة الناس، أمّا المؤمنون العارفون فقد وصفتهم الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام بأنّهم قد صارت الغيبةُ عندهم بمنزلة المُشاهَدَة، وهؤلاء هم الأقلُّون عدداً الذين كان أمير المؤمنين عليّ عليه السلام يتأوّه شوقاً إلى رؤيتهم.
مَن صرّح بتواتر أحاديث المهدي عليه السلام
صرّح علماء المسلمين من أهل الدراية وذوي الاختصاص بعلوم الحديث بتواتر أحاديث المهدي عليه السلام الواردة في كتب أهل السنة، من هؤلاء العلماء:
1 ـ البربهاري شيخ الحنابلة في عصره (ت 329 هـ).(44)
2 ـ محمّد بن الحسين الآبري الشافعي (ت 363 هـ).(45)
3 ـ القرطبي المالكي (ت 671 هـ).(46)
4 ـ الحافظ جمال الدين المِزّي (ت 742 هـ).(47)
5 ـ ابن القيّم (ت 751 هـ).(48)
6 ـ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ).(49)
7 ـ شمس الدين السَّخاوي (ت 902 هـ).(50)
8 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ).(51)
9 ـ ابن حجر الهيثمي (ت 974 هـ).(52)
01 ـ المتقي الهندي (ت 975 هـ).(53)
11 ـ محمد رسول البرزنچي (ت 1103 هـ).(54)
21 ـ الشيخ السفاريني الحنبلي (ت 1188 هـ).(55)
31 ـ الشيخ محمّد علي الصبّان (ت 1206 هـ).(56)
41 ـ الشوكاني (ت 1250 هـ).(57)
51 ـ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت 1291 هـ).(58)
61 ـ أحمد زيني دحلان مفتي الشافعيّة (ت 1304 هـ).(59)
71 ـ محمد صدّيق القنوجي البخاري (ت 1307 هـ).(60)
وسوى هؤلاء كثير، وقد تتبّعهم بعض الباحثين ابتداءً من القرن الثالث الهجري إلى وقتنا الحاضر.(61)
من صرح بأحاديث المهدي عليه السلام
صرّح بصحّة أحاديث المهدي عليه السلام طائفة من أعلام أهل السنّة، منهم:
1 ـ الحافظ الترمذي صاحب الصحيح (ت 297 هـ).(62)
2 ـ الحافظ أبو جعفر العقيلي (ت 322 هـ).(63)
3 ـ الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك (ت 405 هـ).(64)
4 ـ البيهقيّ صاحب السنن الكبرى (ت 458 هـ).(65)
5 ـ الفرّاء البغوي، صاحب مصابيح السنّة (ت 510 هـ).(66)
6 ـ ابن الأثير الجزري، صاحب النهاية (ت 606 هـ).(67)
7 ـ القرطبي المالكي (ت 671 هـ).(68)
8 ـ ابن تيمية (ت 728 هـ).(69)
9 ـ الحافظ شمس الدين الذهبي (ت 748 هـ).(70)
10 ـ الحافظ الكنجي الشافعي (ت 658 هـ).(71)
11 ـ الحافظ ابن القيم (ت 751 هـ).(72)
21 ـ الحافظ ابن كثير الدمشقي (ت 774 هـ).(73)
31 ـ نور الدين الهيثمي (ت 807 هـ).(74)
41 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ).(75)
51 ـ ناصر الدين الألباني، (من المعاصرين).(76)