8 - كتاب عبد اللَّه بن أبجر.
قال النجاشي: عبد اللَّه بن سعيد بن حيان بن أبجر الكناني، أبو عمر الطبيب. شيخ من أصحابنا، ثقة، و بنو أبجر بيت بالكوفة أطباء، وأخوه عبد الملك بن سعيد ثقة، عمّر إلى سنة أربعين و مائتين. له كتاب الديات، رواه عن آبائه، وعرضه على الرضاعليه السلام، والكتاب يعرف بين أصحابنا بكتاب عبد اللَّه بن أبجر 3 . وحذّر أئمة أهل البيت عليهم السلام أصحابهم من دسّ الغلاة والكذابين والوضاعين في الحديث، وأنكروا كتبهم وشخّصوا أخبارهم التي عرضت عليهم، مؤكّدين على عدم قبول ما خالف القرآن والسنة. عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن: أنّ بعض أصحابنا سأله
1) الفهرست:108/459
2) رجال ابن داود:151/1200
3) رجال النجاشي: 217/565
وأنا حاضر، فقال له: يا أبا محمد، ما أشدّك في الحديث، وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا! فما الذي يحملك على ردّ الأحاديث ؟ فقال: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثاً إلاّ ما وافق القرآن والسنّة، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدّمة، فان المغيرة بن سعيد لعنه اللَّه دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي، فاتقوا اللَّه ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبيناصلى الله عليه وآله، فانا إذا حدثنا قلنا: قال اللَّه عزوجل، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفرعليه السلام ووجدت أصحاب أبي عبد اللَّه عليه السلام متوافرين، فسمعت منهم وأخذت كتبهم، فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضاعليه السلام، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد اللَّه عليه السلام، وقال لي: إنّ أبا الخطاب كذب على أبي عبد اللَّه عليه السلام، لعن اللَّه أبا الخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الأحاديث الى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد اللَّه عليه السلام، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فانا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنّا عن اللَّه وعن رسوله نحدّث، ولا نقول: قال فلان وفلان، فيتناقض كلامنا، إنّ كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصدّق لكلام آخرنا، فإذا أتاكم من يحدّثكم بخلاف ذلك فردّوه عليه وقولوا: أنت أعلم وما جئت به، فان مع كلّ قول منا حقيقة، وعليه نور، فما لاحقيقة معه ولانور عليه فذلك من قول الشيطان 1 .
ثانياً - التفسير
لا ريب أنَّ أهل البيت المعصومين عليهم السلام هم الأقدر على إدراك مضامين كتاب اللَّه تعالى وفهم دقائقه وأبعاد معانيه، وتصاريف أغراضه ومراميه،قال
1) رجال الكشي: 224/401
تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وَإلَى أُولِى الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ) 1 . يييي وقال أمير المؤمنين عليه السلام: واللَّه ما نزلت آية إلَّا وقد علمت فيما نزلت، وأين نزلت، وعلى من نزلت، إنَّ ربّي وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً طلقاً سؤولاً 2 . {/H} يييي وقال عليه السلام: ما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار، ولا سماء ولا أرض، ولا دنيا ولا آخرة، ولا جنّة ولا نار، ولا سهل ولا جبل، ولا ضياء ولا ظلمة، إلَّا أقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتها بيدي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصّها وعامّها، وأين نزلت، وفيم نزلت إلى يوم القيامة 3 . {/H} يييي وعن أبي عبداللَّه عليه السلام: إنّا أهل بيت لم يزل اللَّه يبعث منّا من يعلم كتابه من أوّله إلى آخره 4 . {/H} ومنهجهم في تفسير القرآن يقوم على أساس نبذ كلّ مايسي ء الى عقيدة التوحيد والنبوة والمعاد، ولا يليق بساحة الكتاب وجلال معانيه، من عقائد منحرفة وآراء مضلّلة كالتشبيه والتجسيم والتعطيل والجبر والتفويض وغيرها، والوقوف بوجه التفسير الذي يستند الى الرأي الخالي من الحجة القاطعة والبرهان الساطع، وعلى أساس هذا الاتجاه من الوعي فسّروا آيات القرآن، وفيما يلي بعض النماذج من تفسيرهم عليهم السلام الذي يدخل ضمن إطار التصحيح.
1 - في تفسير آيات الصفات.
عن المشرقي حمزة بن المرتفع، عن بعض أصحابنا، قال: كنت في مجلس أبي
1) النساء 4: 83
2) كنز العمال 13: 128/36404
3) تحف العقول: 196
4) مختصر بصائر الدرجات: 59
جعفرعليه السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له: جعلت فداك، قول اللَّه تبارك وتعالى : (ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى) 1 ما ذلك الغضب؟ يييي فقال أبوجعفرعليه السلام: هو العقاب، يا عمرو إنه من زعم أن اللَّه قد زال من شي إلى شي فقد وصفه صفة مخلوق، وإنّ اللَّه تعالى لا يستفزّه شي فيغيره 2 . {/H} وعن الحارث بن المغيرة النصري قال: سئل أبو عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه تبارك وتعالى: (كل شي هالك إلا وجهه) 3 فقال: ما يقولون فيه ؟ قلت: يقولون: يهلك كل شي إلا وجه اللَّه. فقال: سبحان اللَّه! لقد قالوا قولاً عظيماً، إنّما عنى بذلك وجه اللَّه الذي يؤتى منه 4 . وعن عبداللَّه بن قيس، عن أبي الحسن الرّضاعليه السلام، قال: سمعته يقول: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) 5 فقلت له: يدان هكذا؟- وأشرت بيدي إلى يديه -. فقال: لا، لو كان هكذا لكان مخلوقاً 6 .
2 - في تفسير آيات الأحكام.
عن أبي الربيع الشامي، قال: سئل أبو عبداللَّه عليه السلام عن قول اللَّه تعالى: (وَللَّهِ ِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) 7 فقال: ما يقول الناس؟ فقيل له: الزاد والراحلة. قال: فقال أبو عبداللَّه عليه السلام: سئل أبو جعفرعليه السلام عن هذا؟ فقال: لقد هلك الناس
1) طه: 20/81
2) الكافي 1:110/5
3) القصص: 28/88
4) الكافي 1:143/1
5) المائدة 5: 64
6) التوحيد: 168/2
7) آل عمران: 3/43
إذاً، لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت به عياله، ويستغني به عن الناس، ينطلق إليهم فيسألهم إياه، ويحجّ به، لقد هلكوا إذاً. فقيل له: فما السبيل؟ قال: فقال: السعة في المال، إذا كان يحجّ ببعضٍ ويُبقي بعضاً يقوت به عِياله، أليس اللَّه قد فرض الزكاة، فلم يجعلها إلاَّ على من يملك مائتي درهم 1 ؟ وعن الحلبي، قال: سألته عليه السلام عن قول اللَّه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَوةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) 2 . قال: ... يعني سكر النوم، يقول: وبكم نعاس يمنعكم أن تعلموا ما تقولون في ركوعكم وسجودكم وتكبيركم، وليس كما يصف كثيرٌ من الناس، يزعمون أنّ المؤمنين يسكرون من الشراب، والمؤمن لا يشرب مُسكراً ولا يسكر 3 . وعن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قلت له: أرأيت قول اللَّه عز وجل: (لا يحل لك النساء من بعد) 4 فقال: إنما لم يحل له النساء التي حرم اللَّه عليه في هذه الآية (حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم) 5 في هذه الآية كلها، ولو كان الأمر كما يقولون لكان قد أحلّ لكم ما لم يحلّ له هو، لأنّ أحدكم يستبدل كلما أراد، ولكن ليس الأمر كما يقولون: أحاديث آل محمدصلى الله عليه وآله خلاف أحاديث الناس، إنّ اللَّه عز وجل أحلّ لنبيه صلى الله عليه وآله أن ينكح من النساء ما أراد إلا ما حرم عليه في سورة النساء، في هذه الآية 6 .
1) تفسير العياشي 1: 331/ 752،الكافي 4: 267/3، علل الشرائع: 453/3
2) النساء: 4/43
3) تفسير العياشي 1:399، بحار الأنوار 84: 231/4
4) الأحزاب: 33/52
5) النساء: 4/23
6) الكافي 5: 391/
3 - في الآيات النازلة في أهل البيت
عن إسماعيل ابن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول لأبي جعفر الأحول وأنا أسمع:...ما يقول أهل البصرة في هذه الآية: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) 1 قلت: جعلت فداك، إنهم يقولون: إنها لاقارب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. فقال: كذبوا إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت؛ في علي وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساءعليهم السلام 2 . وعن زيد الشحام قال: دخل قتادة على أبي جعفرعليه السلام فقال: يا قتادة، أنت فقيه أهل البصرة ؟ قال: هكذا يزعمون. فقال أبو جعفر عليه السلام: بلغني أنك تفسّر القرآن ؟ فقال له قتادة: نعم. فقال له أبو جعفرعليه السلام: بعلم تفسّره أم بجهل؟ قال: لا، بعلم. يييي فقال له أبو جعفرعليه السلام: فإن كنت تفسّره بعلم فأنت أنت، وأنا أسألك ؟ قال قتادة: سل. قال: أخبرني عن قول اللَّه عز وجل في سبأ: (وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياماً آمنين) 3 فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت، كان آمناً حتى يرجع إلى أهله. {/H} يييي فقال أبو جعفرعليه السلام: نشدتك اللَّه يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال، يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب
1) الشورى: 42/23
2) الكافي 8: 93/66، وروى السيوطي وغيره في تفسير هذه الآية بالاسناد إلى ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية {Q} (قُل لا أسألُكُم عَليه أجراً إلّا المودَّةَ في القُربى ) {/Q} قالوا: يارسول اللَّه، من قرابتك هؤلاء الذين وجّبت علينا مودتهم؟ قال صلى الله عليه وآله: علي وفاطمة وولداهما.الدر المنثور / السيوطي 6: 7، وروي الحديث - أيضاً - في: فضائل الصحابة / أحمد بن حنبل 2: 669 / 1141. والمستدرك على الصحيحين 3: 172. وشواهد التنزيل 2: 130. والصواعق المحرقة: 170. وتفسير الرازي 27: 166. والكشاف / الزمخشري 4: 219
3) سبأ: 34/18
79 - المعجم الكبير، للطبراني (ت 360ه.) - دار إحياء التراث العربي - بيروت. 80 - مقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي (ت 568ه.) - مكتبة المفيد - قم. 81 - الملهوف، لابن طاوُس (664 ه.) - دار الاسوة، الطبعة (1) - 1414ه.. 82 - مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب المازندراني (ت 588ه.) - المطبعة العلمية - قم. 83 - مناقب أمير المؤمنين عليه السلام، للخوارزمي، المتوفّى سنة 568 ه.، مكتبة نينوى الحديثة، طهران. 84 - منال الطالب في شرح طوال الغرائب، لابن الأثير الجزري (ت 606ه.) - دمشق - الطبعة (1). 85 - من لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق (ت 381ه.) - دار الكتب الإسلاميّة - طهران - الطبعة (5) 1390ه.. 86 - نهج البلاغة، بتحقيق صبحي صالح - دار الهجرة - قم. وبتحقيق محمد عبده - المكتبة التجارية الكبرى - مصر. 87 - الهاشميات، للكميت بن زيد الأسدي - مؤسسة الأعلمي - بيروت. 88 - وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، للحرّ العاملي (ت 1104ه.) - مؤسسة آل البيت: - قم - 1409ه.. 89 - وفيات الأعيان، لابن خلّكان (ت 681 ه.) - منشورات الشريف الرضي - قم - الطبعة (1) - 1364 ه.. ش. 90 - وقعة صفين، لابن مزاحم، المتوفّى سنة (212ه.) - المؤسسة العربية القاهرة - الطبعة الثانية - 1382 ه..