الاسم الزهي
«زينب».. وهو اختيار من الله تبارك شأنه. قيل: هو اسم لشجر حَسَن المنظر طيّب الرائحة، وقيل: أصلُه زينُ أب، حُذف الألف لكثرة الاستعمال.
كُنيتاها
الاُولى: اُمّ الحسن، والثانية: اُمّ كلثوم.. لذا يُقال لها: زينب الكبرى؛ للتفريق بينها وبين مَن سُمّيت باسمها من أخواتها وكُنيّت بكنيتها «اُمّ كلثوم».
ألقابها السامقة
العالِمة، الفاضِلة، الكاملة.. عابِدةُ آل عليّ، عَقيلة بني هاشم، عقيلة الطالبيّين ـ والعقيلة هي المرأة الكريمة على قومها، العزيزة في بيتها.
وتُلقّب أيضاً بـ : المَوثَّقة، والعارفة.. وكذا بـ «الصِّدّيقة الصغرى»؛ تفريقاً بينها وبين اُمّها الزهراء «الصدّيقة الكبرى» صلوات الله عليها.
ولادتها البهيجة
هي أوّل بنت مباركة وُلِدت لأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء عليهما السّلام.. وذلك في اليوم الخامس من الشهر الخامس (جمادى الأولى)، من السنة الخامسة لهجرة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم. وكأنّ هذا التاريخ يريد الإشارة إلى أنّ هذه المرأة الطاهرة ستعيش في أكناف الخمسة الأطياب من أهل الكساء صلوات الله عليهم، وستمضي أُختاً وفيّة مخلصة للإمام أبي عبدالله الحسين خامس آل العباء سلام الله عليهم.
وكان مولدها في مهبط الوحي، في بيت أذِنَ اللهُ أن يُرفع ويُذكر فيه اسمُه.. في المدينة. فنشأت في حجُور زاكية ثلاثة: حِجر سيّد الأنبياء، وحِجر سيّد الأوصياء، وحِجر سيّدة النساء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
النسب الأزكى
هو أسمى الأنساب وأطهرها وأشرفها: الجدّ حبيب الله المصطفى محمّد صلّى الله عليه وآله، وجدّها الآخر: شيخ الأباطح وناصر الإسلام ومؤيّد رسوله أبو طالب عليه السّلام. والأب: أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين، ونَفْس أشرف الأنبياء والمرسلين، عليّ سلام الله عليه. والأُمّ: سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخِرين، فاطمة الزهراء عليها سلام ربّنا.
ثمّ يمتّد النسب إلى خيرة بني هاشم، متّصلاً متواصلاً بمَن كان على دين الحنيفيّة مِلّة إبراهيم الخليل عليه السّلام، ومَن خاطب الله تعالى نبيَّه تزكيةً وتشريفاً لهم حيث قال: وتَوكَّلْ علَى العَزيزِ الرَّحيم * الذي يَراكَ حِينَ تَقومُ * وتَقلُّبَكَ في الساجِدين (1).
أمّا جدّتها لأبيها فهي السيّدة الزكيّة فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمَناف.. زوجة أبي طالب عليه السّلام. وجدّتها لاُمّها هي اُمّ المؤمنين، وأشرف نساء رسول ربّ العالمين: خديجة بنت خُوَيلد بن أسَد بن عبد العُزى بن قُصيّ بن كلاب. وكلتاهما من بني هاشم.
الإخوة والأخوات
1. الإمام الحسن المجتبى سيّد شباب أهل الجنّة عليه السّلام.
2. الإمام الحسين السِّبط سيّد الشهداء وريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله.
3. العبّاس قمر بني هاشم عليه السّلام.
4. محمّد بن الحَنَفيّة.
5. عبدالله وجعفر وعثمان أبناء اُمّ البنين فاطمة بنت حِزام رضوان الله عليها.. وهم إخوة العبّاس سلام الله عليه.
6. محمّد الأوسط.
7. محمّد الأصغر.
8. عمر الأطرَف.
9. يحيى.
10. عَون.
11. عُبَيدالله.
12. المُحسِن الذي اُسقط جنيناً لستّة أشهر.
13. زينب الصغرى المكنّاة بـ «اُمّ كلثوم».
14. رُقيّة.
15. اُمّ الحسن.
16. رَملة.
17. جُمانة.
18. مَيمونة.
19. خديجة.
20. فاطمة.
21. أُم الكِرام.
22. نَفيسة.
23. أُمّ سَلَمة.
24. أُمامة.
25. أُمّ هاني.
26. رُقيّة بنت اُمّ حَبيب التَّغلِبيّة.
ومنهم من يضيف: عَمْراً، وعبدالله الأصغر، وعمرانَ، وعبدالرحمن، ورَملة الكبرى.
زوجها
ابن عمّها، عبدُالله بن جعفر الطيّار الشهيد بن أبي طالب. وهو ممّن صَحِب النبيَّ صلّى الله عليه وآله، ولازمَ أميرَ المؤمنين عمّه عليه السّلام كما لازم الحسنَ والحسينَ عليهما السّلام، وأخذ العلم الكثير عنهم. وقد عُرِف بالجود والسخاء، والعفّة والخُلُق الرفيع.
وكان الزواج المبارك مقصوداً هادفاً، فقد روي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله حين نظر إلى أولاد أمير المؤمنين عليه السّلام وأولاد جعفر بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليه قال: بَناتُنا لِبَنينا، وبَنُونا لِبناتِنا. وحين تشرّف عبدالله بن جعفر بالزواج من العقيلة المكرّمة زينب عليها السّلام كان مُخبَراً ومُجيزاً أن ترحل زوجته مع أخيها الإمام الحسين عليه السّلام إلى كربلاء.
أولادها
1. محمّد بن عبدالله.
2. أبو الحسن عليّ، المعروف بـ «عليّ الزَّينبيّ».. وذريّة زينب عليها السّلام من هذا الولد.
3. عَون، وقد استُشهد يوم عاشوراء في كربلاء، في نصرة خاله الإمام الحسين عليه السّلام ، ويُعرف بـ «عون الأكبر».
4. عبّاس.
5. أُمّ كلثوم.
6. عبدالله، وهو آخر أولادها.
7. رُقيّة.
قيل: وجعفر. كما قيل: أولادها خمسة: عليّ وعون ومحمّد وعبّاس وأمّ كلثوم.
الحكّام المعاصرون
شهدت السيدة زينب عليها السلام حكم رسول الله صلى الله عليه وآله في المدينة المنوّرة، وحكم أبيها أميرالمؤمنين عليه السلام في الكوفة (35 ـ40 هـ).. كما عاصرت أيام الحكّام التالية أسماؤهم:
1. أبو بكر بن أبي قحافة ( 11 ـ 13 هجريّة ).
2. عمر بن الخطّاب ( 13 ـ 23 هجريّة ).
3. عثمان بن عفّان ( 23 ـ 35 هجريّة).
4. معاوية بن أبي سفيان ( 35 ـ 60 هجريّة).
5. يزيد بن معاوية ( 60 ـ 64 هجريّة ).
أهم الوقائع في حياتها
جُلُّها فجائع أهل البيت عليهم السّلام، وأحداث الإسلام المريرة، حيث شهدت حالة الانكفاء والانقلاب على وصايا رسول الله صلّى الله عليه وآله. وعاشت محنة وفاة جدها النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم. ثمّ كان ما كان.. من شهادة أمّها الصدّيقة الزهراء سلام الله عليها، ودفع أبيها الوصيّ عن مقامه الإلهيّ في قيادة المسلمين حتّى أصبح جليس داره، فإذا دُعي للخلافة الظاهرة قامت في وجهه الفتن، فاضطُرّ إلى دفعها في: الجمل وصفّين والنَّهروان، وما هدأ مناوئوه حتّى غَدروا به في بيت الله، عند محراب السجود لله جلّ وعلا.
وبعد شهادة أبيها أمير المؤمنين عليه السّلام ـ وما كان أشدَّها وأفجعَها عليها! ـ قامت فتن معاوية الذي فضح نفسه بعد عقد الصلح، فعاشت العقيلة زينب عليها السّلام تلك الأحداث العصيبة حتّى كانت المصيبة بشهادة أخيها السِّبط المجتبى أبي محمّد الحسن سلام الله عليه. وما هي إلاّ سنوات وهي ترافق أخاها الإمام الحسين عليه السّلام في ظروفه الصعبة.. حتّى تسنّم يزيد زمام الحكم، فرأى سيّد شباب الجنّة أن يواجه الظلم والانحراف؛ حفاظاً على قيم الإسلام ومبادئه من أن تُشوّه ثمّ تُمحى.
وكانت الرحلة القدسيّة إلى كربلاء الطفّ، لتقف زينب الكبرى عليها السّلام على المشاهد الرهيبة.. فكان منها القلب الصبور، واللسان الشكور، رغم تعاظم المصائب والكروب عليها، وتزاحم النوائب أمام عينيها، فتجرّعت غُصَصَ الآلام والمآسي، وتحمّلت الرزايا العجيبة وهي تنظر إلى أشلاء الضحايا المقدسة مجزرين على صعيد كربلاء، وترى مصارع إخوتها وأبنائها وبني عمومتها، وذويها، وأصحاب أهل بيتها.
ثمّ كان ما كان، من السَّبي والأسر، والسفر المرير في حالٍ من الإعياء والجوع وشماتة الأعداء ومواجهة قتلة أهلها. هذا.. وزينب العقيلة بنت أمير المؤمنين عليه السّلام، تلك العارفة العالمة غير المعلَّمة، والفهِمة غير المفهَّمة.. تعيش المحن التي هجمت على الرسالة وعلى آل الرسول، وتشاهد كيف يكون غصب الحقوق الإلهيّة ثمّ هتك الحُرم القدسيّة، فيُقتل أولياء الله الأعاظم، ويسعى المتسلّطون على رقاب المسلمين فساداً وعبثاً وظلماً وتحريفاً لمبادئ الدين الحنيف.
وهذه المرارات.. كلّ واحدة منها كفيلة بأن تقضي على المرء.. لولا صبرها الذي أعجب ملائكة السماء، ولولا أن قدّر الله تعالى أن تعيش أخطر الوقائع في حياة الرسالة وأهل بيت الرسول صلّى الله عليه وآله، وتقف إلى جنب أخيها سيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين صلوات الله عليه، فهي الأليق بعد المعصوم أن تواصل نهضته الشريفة، وأن تنقل تلك الواقعة الرهيبة إلى امتداد التاريخ وانبثاق الأجيال.
وفاتها
لعلّ أوضح سبب لوفاة العقيلة المكرمة زينب عليها السّلام هو تلك الأرزاء العجيبة، والنوائب المذهلة التي أورثت غصصاً لم تنقطع وعبرات اعتصرت قلبها الشريف. وكان غريباً وعجيباً أن تعيش بعد فاجعة الطفّ العظمى، فتلك معجزة واضحة، إلاّ أنّها لم تبقَ بعدها طويلاً، فما مضت سنة ونصف حتّى أوشك الرحيل: أوّله عن مدينة جدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله؛ إذ اُبعدت عنها بأمرٍ من يزيد بعد سِعاية من واليه على المدينة. وآخره عن هذه الحياة؛ لتلتحق بالرفيق الأعلى وبجدها المصطفى واُمّها البتول وأبيها المرتضى وإخوتها الشهداء إذ شاطرتهم الشهادة، بل وفاقتْها في صبرها وتحمّلها ورضاها بقضاء ربّها تبارك وتعالى.
ثمّ قضت نحبها في الشام، حيث مَنفاها، وذلك يوم الأحد الخامس عشر من شهر رجب سنة 62 من الهجرة النبوية الشريفة. فدُفنت في ضواحي دمشق في قبر يناسب جلالها وعظمتها، وشُيّد لها مشهد مهيب يتوافد عليه المسلمون من أقطار الدنيا، يتبرّكون به وينالون الشرف والكرامة بالامتثال عنده، ويشهدون مفاخر المعجزات والبشارات والبركات.
وكان من إكرام الله تعالى لهذه العلويّة الطاهرة أن شُيّد لها مشاهد أخرى، في البقيع (بقيع الغرقد)، وفي مصر، فضلاً عن دمشق في المنطقة المعروفة اليوم بـ «الزينبيّة».. وهي حيّ السيّدة زينب سلام الله عليها، الذي أصبح عامراً ببركتها، فغدا حيّاً مغموراً بدُور الذِّكر والعبادة، والمراسم والشعائر الإسلاميّة.
1 ـ سورة الشعراء / 217 ـ 219.